الوقت- الأردن أحد الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، وتربط هذين البلدين علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية عميقة، وقد تعمقت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة من الناحيتين العسكرية والاقتصادية.
منذ تشكيله عام 1921 كمحمية بريطانية ومن ثم استقلاله عن نظام الحماية البريطاني عام 1946، كان الأردن إحدى دول المحور الغربي في المنطقة العربية، ووسعت هذه الدولة علاقاتها مع واشنطن خلال فترة الوجود والنفوذ الأمريكي المتزايد في الشرق الأوسط خلال ستينيات القرن الماضي، وكان المحرك الرئيسي لهذه العلاقات بالنسبة للبيت الأبيض هو موقع الأردن الإستراتيجي في شرق فلسطين المحتلة.
ورغم أن الأردن لم يكن لديه نفط مثل الدول الخليجية، إلا أنه بفضل وجوده على الضفة الشرقية لنهر الأردن في فترة ما بعد تشكيل الكيان الصهيوني، اكتسب أهمية كبيرة في المعادلات المتعلقة بالصراع الفلسطيني، ولذلك، ومن أجل ضمان أمن الكيان الصهيوني، عززت الولايات المتحدة أيضًا علاقاتها مع الأردن بطريقة خاصة.
وتوسعت علاقات الأردن مع الولايات المتحدة بسرعة أكبر خلال الفترة التي تولى فيها عبد الله بن الحسين السلطة، ولعب الأردن دورا باعتباره الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشام، وفي هذا الوقت، تم استغلال موقع الأردن كقاعدة عسكرية واستخباراتية للولايات المتحدة في خضم احتلال العراق، والحرب في سوريا، وما إلى ذلك، وتزايدت هذه الأهمية العسكرية في ظل تشكيل تحالف بحجة مواجهة "داعش"، وأضفت الولايات المتحدة طابعا رسميا على علاقاتها العسكرية مع الأردن بحجة تشكيل هذا التحالف.
قبل تشكيل هذا التحالف كانت هناك تقارير وأخبار عن وجود عسكري واستخباراتي أمريكي في الأردن للتأثير على سوريا والعراق وحتى لبنان، لكن مع مشروع تشكيل التحالف بحجة مواجهة "داعش"، تم إنشاء قواعد عسكرية في شمال الأردن (بالقرب من الحدود مع العراق وسوريا) بجدية، ومقابل وجودها العسكري في الأردن، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات سنوية بقيمة 1.2 مليار دولار لحكومة عمان، جزء منها (نحو 500 مليون دولار) مساعدات عسكرية.
والتزمت أمريكا بدفع المزيد من المساعدات الاقتصادية للأردن من خلال إبرام عقد مدته 5 سنوات في عام 2017، والذي تطلب قروضا من صندوق النقد الدولي بعد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بسبب تنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلي، وهي بداية الأزمة ووقعت في فخ ديون النظام المالي الغربي، ونتيجة لذلك، أصبح الاعتماد الاقتصادي للبلاد شديدا.
وأدى نفس الاعتماد المالي والاقتصادي للأردن إلى ضعف موقف البلاد في التفاعل مع الولايات المتحدة، ولم تجد واشنطن صعوبة في إقناع حكومة عمان بقبول الاتفاقية العسكرية لعام 2021، هذه الاتفاقية العسكرية التي أضفت الطابع الرسمي على وجود الجيش الأمريكي في القواعد العسكرية الأردنية في الزرقاء والمفرق، وبالإضافة إلى هذه البنود المتعلقة بالإعفاء من أي مراقبة وتفتيش جمركي، الحرية الكاملة للعمل في الأنشطة الاستخباراتية والعسكرية ما سمح للدول الحليفة بالدخول إلى هذه القاعدة وسلمت عمليا جزءا من سيادتها لأمريكا.
ولذلك، يمكن التوقع أنه بسبب اعتماد الأردن الكامل على المساعدات الاقتصادية الأمريكية، فإن واشنطن ليس لديها ولن يكون لديها أي قيود على الأنشطة العسكرية والاستخباراتية في الأردن، في هذا الإطار، يمكن أن نفهم لماذا عمل الأردن على التصدي في أجوائه ضد عملية الوعد الصادق.