الوقت- تحول الصمت الغربي والعربي عن جرائم الإبادة الجماعية في غزة إلى غطاء لكيان الاحتلال لتنفيذ ما يحلو له بحق غزة وأهلها، فكانت مواقف بعض الحكام العرب في النأي بالنفس بمثابة رصاصة في ظهر فلسطين وأهلها.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو سرّ التخاذل العربي المهين في وجه الآلة الوحشية للكيان الصهيوني، وموقفهم مكتوفي الأيدي حيال ما يحدث اليوم من قتل وتدمير وإذلال لشعبنا العربي الفلسطيني الذي يُعاني الأمرّين من جرّاء ما يحدث في غزّة.
الموقف العربي المشين من نصرة أهل فلسطين
لعله ليس خفياً على أحد أن ارتباط معظم الأنظمة الحاكمة في الدول العربية بالقوى المهيمنة وخاصة الولايات المتحدة وحليفتها "إسرائيل" الأمر الذي حول الحكومات العربية لحكومات متخاذلة ولأن النظام العربي تفسخ وانتهى منذ 30 عاما، وبالتالي لا يمكن الحديث عن موقف عربي موحد.
وفي هذا السياق فإن أحد الأسباب التي جعلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي تستبيح الدماء الفلسطينية في غزة مرتبط بقناعتها إلى حد بعيد بعدم وجود رد فعل عربي مناسب للفعل الإسرائيلي.
وبسبب الشتات الذي تشهده الدول العربية اليوم فقد نشأت ثلاثة مواقف يقوم الموقف الأول على التماشي مع الموقف الإسرائيلي في إلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، موقف آخر يقوم على سياسة الضغط حيث تحاول الدول التي تتبنى هذا الموقف الضغط باتجاه تحقيق هدنة إنسانية، ومواقف أخرى خارج الخدمة ولا صوت لها إزاء ما يحدث في غزة.
على الرغم من أن المواقف الشعبية العربية قد أظهرت دعمها المطلق لفلسطين وأهلها لكن للأسف فهذه المواقف الشعبية لم تنعكس بشكل ملموس في قرارات حكوماتها وبالتالي تم اختصار تأثيرها على المقاطعة الاقتصادية الشعبية والمظاهرات المؤيدة لنضال الشعب الفلسطيني ومقاومته.
ويأتي التخاذل العربي في ظل امتلاك العرب ورقة ضاغطة لها تأثيرها الكبير يمكنها استخدامها للضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه وهي النفط العربي والمقاطعة الاقتصادية على مستويات حكومية لكن الأنظمة العربية فضلت المتاجرة بالقضية الفلسطينية، حتى أن جامعة الدول العربية قد فشلت في اعتبار الحصار المفروض على غزة، بما في ذلك استخدم كيان الاحتلال الإسرائيلي للتجويع كأسلوب حرب؛ جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ولم يتضمن قرارها المتخاذل الصادر في 11 أكتوبر موقفاً عربياً موحداً إزاء هذه الجرائم، وبالمثل لم تتخذ المجموعة العربية أي مبادرة سواء في مجلس حقوق الإنسان أو في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار أو توصية بوقف إطلاق النار أو فتح ممرات إغاثة إنسانية، أما السلطة الفلسطينية الحالية فقد تحولت تدريجيًا إلى ذراع أمني للاحتلال تفتقر لأي شرعية وتستخدم فقط من قبل الاحتلال من أجل تقييد الحقوق والحريات بالضفة الغربية.
وفي ظل الصمت العربي المخيف قالت حركة الجهاد في بيان صحفي: إن هذا الصمت المريب هو بمثابة ضوء أخضر للكيان المجرم للمضي في مخططاته المعلنة، وفي مقدمتها طرد شعبنا من أرضه، وفرض سيطرته على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وخصوصاً المسجد الأقصى المبارك.
نداء الإنسانية للعالم
في ظل تواصل جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة، وآخرها الجريمة الوحشية التي وقعت في مستشفى ناصر، وجه المكتب السياسي لأنصار الله في اليمن نداء الإنسانية للعالم أن يتحرك لوقف الإجرام الصهيوني، وقال مكتب أنصار الله في بيان صادر عنه: إن ما يلاقيه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة المحتلة من جرائم إبادة جماعية تعكس مستوى لا مثيل له في الحقد والإجرام اليهودي.
وأضاف إنه لولا الدعم الأمريكي والغربي والصمت العربي المخزي والعجز الأممي لما حدث الإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، وأكد البيان استمرار الشعب اليمني في موقفه المساند للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في غزة، وعبر المجلس عن أمله بتصعيد القوات المسلحة اليمنية عملياتها ضد الملاحة الصهيونية ومن يرتبط بها في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي.
وشدد البيان على أن الأمريكيين والبريطانين وكل من يدعم النظام الصهيوني لن يتمكن من وقف عمليات أنصار الله اليمنية لدعم غزة، وإن الطريقة الوحيدة التي تعود بالنفع على الجميع هي وقف التعدي على قطاع غزة وإنهاء حصاره ودخول الغذاء والدواء إلى هذه المنطقة.
الغرب مشغول بتجهيز شحنات الأسلحة
لم تكتف الدول الأوروبية وأمريكا بالصمت فقط حيال المذابح المريعة التي تقترفها قوات الاحتلال الصصهيوني في غزة، بل ذهب التواطؤ إلى أبعد مما هو فوق الخيال فمنذ اندلاع الأحداث الدامية في "إسرائيل" وفلسطين في الـ7 من أكتوبر الماضي، أدلى الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، بعدد من التصريحات السياسية غير المسؤولة ولتعزيز تلك الخطابات قاموا بإرسال العتاد والسلاح والذخيرة والجيوش والمساندة المباشرة لأبشع جرائم التطهير العرقي التي يمارسها الكيان الصهيوني الغاصب، فضلاً عن تحريك أكبر حاملة طائرات ترافقها مدمرات للتوجه إلى شواطئ فلسطين المحتلة بعد أن كانت متمركزة في أوكرانيا، ولم يكتفِ العدو بدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة، بل إنه لاقى الدعم من بريطانيا وأوروبا مجتمعة التي أعلنت وقوفها إلى جانبه.. وما شاهدناه في غزة يثير في النفس كثيراً من الاشمئزاز، وتأتيك أوروبا لتتحدث عن الحريات وحقوق الإنسان، فيما الإنسان الفلسطيني يباد ويقتل في غزة، ويسحق ويدمر منزله ويسوّى بالأرض، أي عدالة، وأي حقوق إنسان.
والأخطر، أن هذا الدعم غير المشروط لم يتراجع حتى بعد تصريحات علانية لقيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية تطالب بالتهجير القسري للمدنيين من غزة، وتتوعد بجرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، والذين وصفهم وزير الدفاع الإسرائيلي وآف غالانت أنهم «حيوانات بشرية»، هذا التخاذل الحكومي الدولي والعربي حتى عن إدانة هذه الخطابات التحريضية الحاضة على العنف والإبادة ونزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين، هو بمثابة ضوء أخضر لتواصل "إسرائيل" جرائمها بحق المدنيين في غزة والضفة، والتي تصل حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وفي هذا السياق، اعتبرت الجهاد أن العقوبات الهزيلة التي تفرضها الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على بعض الأفراد المستوطنين، والتغاضي عن الوزراء الذين يسلحون المستوطنين ويحرضونهم على ارتكاب الجرائم هي ذر للرماد في العيون؛ فوجود أي مستوطن فوق أي جزء من أرضنا ووطننا هو إرهاب واحتلال.