الوقت- بات الإجرام الصهيوني يتفنن في أساليبه النازية الشنيعة فبعدما فشلت آلة الحرب والقتل الصهيونية في كسر صمود الشعب الفلسطيني لجأ الاحتلال الغاصب لأساليب جنونية تعبر عن الأمراض النفسية والتخبط الذي يعيشه جنوده وقياداته، فكان آخر فصوله استخدام الاحتلال أساليب الترهيب النفسي من خلال استخدامه لمسيرات من نوع “كوادكابتر” تطلق عبر مكبرات الصوت، صرخات أطفال صغار ونساء في المخيم الذي تشن عليه قوات الاحتلال حملة عسكرية منذ عدة أيام بهدف استدراج الناس لكمائن وقتلهم في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
شهادات تكشف الترهيب النفسي
وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان شهادات لسكان مخيم النصيرات للاجئين أفادوا من خلالها بأن المسيرات الإسرائيلية، تطلق صراخاً لأطفال صغار أو أصوات نساء يستنجدن لإنقاذهن، لاستدراج الناس وإعدام من تبقى منهم، حيث إن شخصاً خرج ليتفقد ما يحدث فتعرض للقنص من جيش الاحتلال، وأفادت الشهادات -التي وثقها المرصد- بأن هذا الأسلوب تضمن كذلك بث أصوات إطلاق نار، واشتباكات مسلحة، ودوي انفجارات، فضلا عن حركة آليات عسكرية، وفي أوقات أخرى بث أغان باللغتين العبرية والعربية، بغرض الترهيب النفسي لدى المدنيين الذين يعيشون في الظلام الدامس ليلا وصعوبة الاتصالات والتواصل مع العالم الخارجي.
ونقل فريق المرصد عن شاب (20 عاما) من سكان المخيم -طلب عدم ذكر اسمه- القول "كنا جالسين ليلا، فسمعنا أصوات فتيات ونساء يصرخن بعبارات مثل: تعالوا اسعفوني أنا مصابة، فخرجنا لنرى ماذا يحدث، ولم نجد أي نساء، لكن طائرة كوادكابتر أطلقت النار علينا بشكل مباشر".
ويضيف "فررت أنا إلى الداخل، وأصيب شخصان أمامي إصابات خطيرة في الرأس مباشرة، لم نستطع إسعافهما بسبب استمرار إطلاق النار، فاتصلنا بالإسعاف وجاء لنقلهما، هناك كثير من السكان ممن يسمعون هذه الأصوات ويتجاوبون معها بقصد المساعدة".
وأفادت امرأة في الستينيات من العمر بأنها سمعت أصوات رصاص كثيف تبع أصوات نساء يصرخن بأن أبناءهن مصابون ويطلبن المساعدة من السكان، وأضافت: "استمر هذا الصوت نحو 15 دقيقة، لكن لم يخرج أحد منا في البيت، لأنني عرفت أن تلك تسجيلات تبثها الطائرات، ولأن الوقت كان متأخرًا جدا".
ويستخدم جيش الاحتلال أنواعا عديدة من المسيرات في عدوانه المتواصل على قطاع غزة، ولا سيما طراز “كوادكابتر”، حيث يكون بعضها مزودا برشاشات نارية تطلق الرصاص على الفلسطنيين، ما أدى لاستشهاد الكثيرين منهم، أو يضع عليها قاذفات لقنابل الغاز، أو مكبرات صوت كتلك التي استخدمها في النصيرات.
فيما يتزامن الترهيب النفسي مع هجمات عسكرية عنيفة ينفذها الجيش الإسرائيلي، بالقصف المدفعي والجوي، وإطلاق النار بالأسلحة الرشاشة من الطيران المروحي والدبابات والمسيرات من نوع كوادكابتر، على نحو عشوائي وبشكل مكثف ومستمر في مناطق متفرقة من مخيم النصيرات خلفت عشرات القتلى والإصابات بين المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
الهمجية الصهيونية
اليوم مسيرات تبث أصوات صراخ أطفال ونساء والأمس أسرى عراة، الجرائم البريرية باتت تفضح الهمجية الصهيونية وتكشف للعالم بشاعة الاحتلال الصهيوني الذي تفوقت أساليبه على النازية، فمنذ بدأ العدوان الغاشم على غزة ذاق أهلها شتى أنواع الإجرام الصهيوني وكانت قد تفجرت موجات غض عارم في أنحاء العالم بعدما نشرت قوات الاحتلال الصيهيوني صوراً تظهر رجالاً فلسطينيين أجبروا على خلع ملابسهم والبقاء عراة في عملية اعتقال جماعي لمدنيين عزل انتقاماً من الفشل في أرض المعركة، وكان الرجال مدنيون عُزل قد ألقي القبض عليهم في مدرسة في غزة كانت تستخدم كملجأ من القصف الإسرائيلي المتواصل.
وهل ننسى تجاوز كيان الاحتلال لكل الخطوط الحمر في سابقة تاريخية خطيرة للغاية، وضربه عرض الحائط بكل النظام الدولي المتواطئ أصلًا، عندما تجرأت قوة صهيونية خاصة متنكرة بملابس الأطباء والنساء والشيوخ، على دخول مستشفى ابن سينا وسط جنين، وقتلت مريضًا واثنين من مرافقيه في جريمة إعدام مروعة، كما تتسللت قوة أخرى إلى مستشفى في وضح النهار متنكرة بزي مدني، وتستخدم بنادق كاتمة للصوت لاغتيال شبان ثلاثة، أحدهم يعاني من شلل نصفي وهم نائمون على أسرة المشفى، فهذه جريمة تفوق القتل مع سبق الإصرار والترصد، أو القتل العمد، هي باختصار اغتيال للإنسانية بعهودها ومواثيقها.
قتل ميداني
ناهيك عن جرائم الإعدام الميداني حيث وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عشرات حالات الإعدام الميداني التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، و كانت واحدة من أبشع صورها تلك الحادثة التي وثقها صحفيون ونشطاء من داخل غزة، جيث نشروا استغاثات وصلتهم حول وقائع الإعدام الميدانى، عن إلقاء قوات الاحتلال سيدة من الطابق الخامس ورميها بالرصاص، وتصفية أربعة أفراد من عائلة الخالدى، و13 من عائلة عنان، إضافة إلى إعدام العشرات في حى الشيخ رضوان.
هل نصمت هنا أم نكمل الحديث عن عمليات دهس الجرافات للنازحين المستلقين في باحات مستشفى الأندونيسي، ربما نحتاج المئات من الصفحات والآلاف من الكلمات لنتمكن من توثيق جزء صغير من جرائم الاحتلال الصهيوني وأساليبه الشيطانية في جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها بحق أبناء فلسطين في ظل صمت العالم المطبق.
ختام القول
عمليات القتل المتعمدة وغير القانونية والإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء، سواء بالتصفية المباشرة أو القنص وإطلاق النار التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين تنتهك حقهم في الحياة، وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، كما تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بوصفها جرائم قائمة بحد ذاتها، وتشكل ركنا من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال ضد سكان قطاع غزة للشهر السابع على التوالي. وتستدعي المساءلة والمحاسبة الدولية فورا للكيان الغاشم ولجميع الدول التي دعمته في جرائمه التي أدت لتدمير قطاع غزة وقتل وتشريد أبنائه على نحو غير مسبوق سواء من خلال إمداداه بالسلاح أو الدعم المادي أو السياسي.