الوقت - تستعد روسيا لإجراء انتخابات رئاسية فيما دخلت الحرب في أوكرانيا عامها الثالث، وبلغت التوترات مع الغرب ذروتها.
فحسب إعلان مجلس الدوما الروسي في 17 مارس/آذار، فإن هذا البلد سيشهد إجراء انتخابات رئاسية، وفي هذه الجولة من الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى فلاديمير بوتين، سيتنافس ثلاثة مرشحين آخرين، أي "فلاديسلاف دافانكوف" نائب رئيس مجلس الدوما، مرشح الحزب الليبرالي "الشعب الجديد"، ليونيد سلوتسكي، عضو البرلمان والمرشح ورئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي، ونيكولاي خاريتونوف، عضو البرلمان ومرشح الحزب الشيوعي الروسي.
ومن الجدير بالذكر أثناء اختيار المرشحين للانتخابات، أن المرشحين الثلاثة الآخرين الذين سيتنافسون مع الرئيس الحالي على منصب الرئاسة، ليسوا ضد الحرب في أوكرانيا، ويدعمون سياسات الكرملين.
وفي هذا الصدد، وافقت المحكمة العليا في روسيا على قرار لجنة الانتخابات في هذا البلد برفض ترشيح بوريس ناديجدين، المنافس الوحيد لفلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية، وكان ناديجدين المرشح الرئاسي الوحيد الذي انتقد سياسات روسيا وبوتين نفسه في أوكرانيا، وفي الواقع، كان يعتبر المنافس الوحيد لبوتين.
وتعتقد لجنة الانتخابات الروسية أن بعض التوقيعات التي سجلها ناديجدين غير مقبولة، ونتيجةً لذلك رفضت ترشحه للانتخابات الرئاسية، کما رفضت المحكمة العليا في روسيا الطعون القانونية التي قدّمها، فيما يتعلق بقرارات لجنة الانتخابات في هذا البلد، وقبل ناديجدين، مُنعت السياسية المناهضة للحرب في أوكرانيا إيكاترينا دونتسوفا من التنافس مع بوتين في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 لأسباب مماثلة.
وسيحتفل بوتين البالغ من العمر 71 عاماً، والذي يشغل منصب الرئيس أو رئيس الوزراء في روسيا منذ عام 1999، بولايته الرئاسية الخامسة في انتخابات هذا العام، ليحمل الرقم القياسي لأطول ولاية رئاسية.
لقد فاز بوتين بالانتخابات الرئاسية لأربع فترات، ومن المرجح جداً أن يستمر في الإقامة في قصر الكرملين، وإذا فاز، كما هو متوقع، فسوف يظل على رأس الحکم في روسيا لمدة ست سنوات أخرى، بفضل الإصلاحات الدستورية التي تمد الفترات الرئاسية، وستكون هذه فترة ولايته الخامسة كرئيس، ونتيجةً لذلك يمكن إعادة انتخابه لولاية سادسة في عام 2030.
لكن من وجهة نظر الموالين للجمهورية الفيدرالية الروسية، فإن بوتين هو نخبة سياسية دون تفكك روسيا، كما أنه يقود القلة المليارديرات والانفصاليين الشيشان الخاضعين للحكومة الروسية.
ولأسباب مثل الاعتراف بمنطقتي "أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية" الانفصاليتين في جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم عام 2014، وضم أجزاء من أربع مناطق ناطقة بالروسية إلى أراضي روسيا، فإن أنصار بوتين يعتبرونه سبب توحيد الأراضي الروسية.
الهيكل السياسي والانتخابي في روسيا
روسيا دولة ديمقراطية اتحادية ذات شكل جمهوري من الحكم، والهيئة التشريعية في روسيا هي الجمعية الفيدرالية المكونة من مجلسين(مجلس الاتحاد ومجلس الدوما).
ويتكون مجلس الاتحاد من ممثلين عن كل مؤسسة اتحادية، ويتم انتخاب ممثلي مجلس الدوما لمدة 5 سنوات من قوائم الحزب، على أساس نسبة الأصوات التي يحصل عليها كل حزب في جميع أنحاء البلاد.
ويتم انتخاب الرئيس في هذا البلد مباشرةً عن طريق التصويت الشعبي، لولاية مدتها ست سنوات، ويحدد دستور البلاد حدودًا لفترة الرئاسة، ولا يسمح للرئيس بالبقاء في منصبه لأكثر من فترتين.
ومع ذلك، فإن هذا القيد الذي فرضه الدستور، منذ اعتماده عام 1993، تم تنقيحه إلى حد كبير من خلال تعديل 2020 للدستور الروسي، وأحد التغييرات التي تمت الموافقة عليها بعد أن وافق أكثر من 78 بالمئة من المواطنين الروس على تعديل الدستور، سيسمح لكل من بوتين وديمتري ميدفيديف بإعادة انتخابه رئيسًا، بغض النظر عن فتراتهما الرئاسية السابقة.
وحسب استطلاع أجرته "VTsIOM" في فبراير/شباط، فإن حوالي 79% من الشعب الروسي يعتزمون التصويت لمصلحة بوتين، ويحقّ لحوالي 112 مليون شخص في روسيا، الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر، التصويت، ويمكن لملايين المواطنين الروس الذين يعيشون في الخارج التصويت في السفارات والقنصليات أو عن طريق البريد، من ميناء بايكونور الفضائي في جنوب كازاخستان إلى كاليفورنيا في الولايات المتحدة.
ووفقاً لاستطلاع "FOM" الذي نشر في 5 مارس، فإن 61% على الأقل من الروس سيشاركون بالتأكيد في التصويت، ووفقاً للإحصاءات الرسمية، من المتوقع أن يكون هناك مستوى مناسباً من المشاركة الرسمية.
انتخابات أكثر تميزاً من ذي قبل
هناك سمات عديدة ميزت الانتخابات الرئاسية المقبلة في روسيا عن سابقاتها، على سبيل المثال، هذا هو التصويت الأول في تاريخ روسيا الذي يستمر ثلاثة أيام، بدلاً من يوم واحد.
وهذه أيضًا هي المرة الأولى التي يتمكن فيها الناخبون في 29 دائرة انتخابية من التصويت عبر الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك، سيشارك أيضًا في هذه الانتخابات شعب شبه جزيرة القرم وأربع مقاطعات، بما في ذلك لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريزهيا، التي انضمت إلى روسيا من خلال اتفاق واستفتاء في الـ 27 من سبتمبر 2022.
في هذه الأجزاء الأربعة، تم إجراء استفتاء لمدة خمسة أيام حول مسألة الضم إلى أراضي روسيا، وتقول الحكومة الروسية إن الأغلبية المطلقة من المشاركين (98%) صوتوا بنعم في الاستفتاء، وهذه المناطق يسكنها المواطنون الروس في أوكرانيا.
وينص الدستور الروسي على أنه إذا لم يفز أي من المرشحين بأكثر من نصف الأصوات، فسيتم إجراء إعادة الانتخاب بعد واحد وعشرين يومًا من الانتخابات التمهيدية، بحضور المرشحين الاثنين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات.
وتظهر نتائج الاستطلاعات أن بوتين سيتولى مقاليد الأمور في روسيا دون أي مشاكل، وستكون فترة ولايته التي تمتد لستة أعوام في الكرملين حاسمةً، حيث بلغت التوترات مع حلف شمال الأطلسي بشأن الأزمة الأوكرانية مستوى خطيراً، مع احتمال نشوب صراع بين الجانبين، اللذين يمتلكان أسلحةً نوويةً مدمرةً، وهو الأمر الذي اعترف به بوتين نفسه في خطابه يوم الأربعاء الماضي، وقال إن روسيا مستعدة لحرب نووية.
إن فوز بوتين مرةً أخرى من شأنه أن يبطل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وأوروبا، اللتان حاولتا إزاحة بوتين من السلطة من خلال خلق حالة من انعدام الأمن والسخط داخل روسيا.
لكن الروس أصبحوا يعتقدون أن بوتين هو الشخص الوحيد القادر على إنقاذ بلادهم من زوبعة الأحداث في البحر الهائج، وسيظهرون ثقتهم به مرةً أخرى في صناديق الاقتراع في انتخابات الأسبوع المقبل.