الوقت- یتهم مایکل فخری المقرر الخاص للأمم المتحدة المشرف علی حالات المجاعة والکارثة الإنسانیة في غزة، "إسرائیل" بتعمدها تجویع الفلسطینیین في هذا القطاع.
في ظل الإعلان عن وفاة أطفال في غزة بسبب الجوع والمجاعة الناجمة عن الحصار اللاإنساني على هذا القطاع، أثیرت موجة من ردود الفعل العالمية، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة إلى حدوث كارثة إذا لم يكن هناك حل دولي لإجبار النظام الصهيوني على إعلان إنهاء الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
وفي هذا الصدد، قال مايكل فخري، ممثل الأمم المتحدة الخاص، المعني بالوضع الغذائي في قطاع غزة، لصحيفة الغارديان: "لا يوجد سبب لتعمد عرقلة مرور المساعدات الإنسانية أو تدمير قوارب الصيد الصغيرة والمحاصیل الزراعية والحدائق في غزة"، لا یوجد تبریر لهذه الأعمال الإسرائیلیة سوی حرمان الناس من الحصول على الغذاء"، ومن الواضح أن حرمان الناس من الغذاء عمداً يعد جريمة حرب.
لقد أعلنت "إسرائيل" عن نيتها تدمير الشعب الفلسطيني كليا أو جزئيا لمجرد كونه فلسطينيا، في رأيي، كخبير في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أصبح هذا الوضع الآن بمثابة إبادة جماعية، حيث إن الحكومة الإسرائيلية ككل هي المسؤولة ويجب محاسبتها، وليس فقط الأفراد أو هذه المجموعة او تلك.
منذ بداية الحرب، قام النظام الصهيوني بمعاقبة سكان غزة بشكل جماعي، وكان الجزء الأكبر من هذه العقوبة هو قطع إمدادات الغذاء والمياه والوقود عنهم ومنذ ذلك الحين، تقوم القوات الإسرائيلية بتدمير مصادر إنتاج الغذاء المحلية في غزة بشكل منهجي ومن الواضح من التصريحات والإجراءات الرسمية لحكومتهم أن هدفهم هو إيذاء جميع السكان.
فخري هو أحد الخبراء الذين يؤكدون ما رأیناه منذ أشهر، أن سكان غزة يتم تجويعهم عمداً من قبل الحكومة الإسرائيلية.
كما ألقى الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود، كريستوفر لوكير، كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، موضحاً الظروف القاسية التي خلقتها الحملة الإسرائيلية والحصار وما جاء في کلمة الأمین العام لمنظمة اطباء بلا حدود "هذا الوضع هو ذروة الحرب التي تشنها إسرائيل ضد جميع سكان قطاع غزة العزل، لقد شن الإسرائیلیون حملة وحرب عشوائية وظالمة تشفیا وانتقاما من القطاع، وقام الإسرائیلیون بالقتل الجماعي لسکان غزة المحتلة، حرب بلا قواعد، حرب بأي ثمن"، إن القوانين والمبادئ التي نعتمد عليها بشكل جماعي لتقديم المساعدات الإنسانية قد تآكلت الآن إلى حد أنها أصبحت بلا معنى".
ويواصل لوكير وصف كيف تعرض موظفو منظمة أطباء بلا حدود ومرافقیها لهجمات متكررة من قبل القوات الإسرائيلية، ويقول: "إن القوات الإسرائيلية تهاجم قوافلنا، وتطلق النار وتهاجم مستشفياتنا، وتعتقل موظفينا، وتجرف سياراتنا".
للمرة الثانية، تم قصف أحد ملاجئ موظفينا "هذا النمط من الهجمات إما متعمد أو يظهر عدم كفاءة".
كما حذر رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط الأونروا فيليب لازاريني، الأسبوع الماضي من أن الولايات المتحدة وحكومات أخرى اتخذت قرارات بتجميد المساعدات، وقال لازاريني: "أخشى أننا على شفا كارثة تاريخية ذات عواقب وخيمة على السلام والأمن وحقوق الإنسان في المنطقة".
ومن المهم أن نتذكر أن الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى التي قررت وقف تمويل الأونروا، فعلت ذلك بناءً على مزاعم إسرائيلية لا أساس لها من الصحة بأن حفنة من موظفي الوكالة متورطون في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأکد أن جمیع سكان قطاع غزة یعانون من ظلم إسرائیلی مقیت وعداء شرس بسبب المخالفات المزعومة لعدد قليل منهم، ويخلص المقرر الخاص للأمم المتحدة فخري إلى أن الحكومات التي قطعت المساعدات المالية للأونروا متواطئة في التجويع المتعمد لشعب غزة.
عدم معاقبة تل أبيب على مخالفة حكم محكمة لاهاي
ويذكر لازاريني أن وقف الدعم المالي للأونروا، بناء على ادعاءات الكيان الصهيوني غير الموثقة، ليس له غرض سوى العقاب الجماعي لجميع الفلسطينيين، ويعتقد مراسل الأمم المتحدة أن الدول التي استعادت شريان الحياة هذا هي بلا شك متواطئة في تجويع الفلسطينيين.
وعلى الرغم من أمر محكمة العدل الدولية بأن تقوم "إسرائيل" بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وتفعيل الخدمات الأساسية، إلا أن منظمة العفو الدولية قالت هذا الأسبوع إن "إسرائيل لم تستجب ولم تمتثل لمطالب الأمم المتحدة ".
ووفقاً لتقریر منظمة العفو الدولية، تباطأ تدفق المساعدات المسموح بها في الأسابيع التي تلت حكم محكمة العدل الدولية.
إن الحكومة الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي لأنها على يقين من أنها لن تدفع أبدًا ثمنًا أو عقوبة حقيقية لفعل ذلك، وحتى الآن أعطتهم إدارة بايدن مسوغا للاستمرار بالتمادي في الظلم والعداء اللاإنساني، وبالإضافة إلى الجوع الشديد الناجم عن الحصار وتدمير إنتاج الغذاء، يعاني سكان غزة من انهيار نظام الرعاية الصحية، وتدهور الصحة العامة، والانتشار السريع للأمراض.
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز خلال عطلة نهاية الأسبوع: "قدر كبار علماء الأوبئة أن تصعيد الحرب في غزة يمكن أن يؤدي إلى وفاة 85 ألف فلسطيني في الأشهر الستة المقبلة بسبب الإصابات والأمراض ونقص الرعاية الطبية، وقد أصيب حوالي 30 ألف شخص بالفعل تم الإبلاغ عنها من قبل السلطات المحلية منذ أوائل أكتوبر،والأطفال هم من بين الأشخاص المتضررين من هذه الكوارث الطبيعية.
وفي مقال عن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، كتب المدير التنفيذي لليونيسف: "في الوقت الحالي نقدر أن ما لا يقل عن تسعين بالمئة من أطفال غزة دون سن الخامسة يعانون من واحد أو أكثر من الأمراض المعدية، وأن سبعین بالمئة أصيبوا بالإسهال في غزة في الأسبوعین الماضیین، ویؤکد المقال زيادة وقدرها 23 ضعفًا مقارنة ببداية عام 2022، والأطفال في غزة معرضون بشكل خاص لتفشي الأمراض لأنهم يعانون من سوء التغذية الحاد.
"لقد كان انتشار سوء التغذية في غزة سريعاً بشكل لا يصدق" وفي جزء آخر من مقابلته، قال فخري: "إن معدل سوء التغذية بين الأطفال الصغار مثير للدهشة أيضًا، وإن قصف الناس وقتلهم بشكل مباشر أمر وحشي، لكن هذا الجوع الذي يعاني منه الأطفال في غزة مؤلم وحقير.
ويعتقد فخري، أستاذ القانون في جامعة أوريغون: "أنه سیکون لهذه الحرب تأثير طويل المدى على السكان جسديًا ومعرفيًا ومعنويًا... كل شيء يظهر أن هذا كان مقصودًا.
الأطفال يتضورون جوعًا في غزة الآن، إنهم يعانون من الجوع والموت.. الأطفال الصغار هم الأكثر عرضة للخطر، وهناك تقارير عن أطفال صغار يموتون من الجوع، وكان من آخر الضحايا طفل رضيع يبلغ من العمر شهرين يدعى محمود فتوح ولن يكون الأخير.
وتحذر اليونيسف من أنه سيكون هناك قريباً "انفجار في وفيات الأطفال نتیجة الجوع الذي يمكن الوقاية منه بالمساعدات الغذائیة التي تمنع إسرائیل دخولها إلی قطاع غزة المحتل.
هذه هي النتيجة الرهيبة والمتوقعة للعقاب الجماعي لملايين الأشخاص، إذا لم تتوقف الحرب ولم يتم رفع الحصار، فإن الوضع سيستمر في التدهور، وإن الولايات المتحدة في وضع فريد لإنهاء الحرب لمنع وقوع كارثة أكبر، ولكن لسوء الحظ ترفض حكومتنا اتخاذ أي إجراء ضروري لمنع حدوث ذلك.