الوقت- من خلال نشر تفاصيل مفاوضات باريس، أعلنت وسائل إعلام عربية أنه لا يوجد في هذه المفاوضات بند واضح لوقف إطلاق النار في غزة وانسحاب "إسرائيل" من هذه المنطقة، وبالتالي فإن المقاومة تطالب بآلية حقيقية ومضمونة لتنفيذ شروطها ولا تفقد بطاقة السجناء أبدًا، فبعد فشل المحاولات المتكررة لوقف حرب غزة في الفترة الأخيرة، اتفق المفاوضون الأمريكيون والصهاينة والمصريون والقطريون، في باريس، على إطار لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى، وبالتالي تبادل أسرى إسرائيليين آخرين مع المقاومة الفلسطينية، ويتعلق الجزء الرئيسي من هذه الخطة بتبادل الأسرى بين المقاومة والكيان الصهيوني، لكن المقاومة قالت للوسطاء إنه بعد إطلاق سراح الأسرى سيكثف الکیان الصهيوني وحشيته ضد غزة ولن يوقفه شيء، وخاصة أنه مع إطلاق سراح الأسرى الصهاينة ستنخفض الضغوط الداخلية على جيش وحكومة نظام الاحتلال التي تعاني أمام مستوطنيها قبل غيرهم من ضعف وفشل كبير.
ورقة مهمة لدى المقاومة
بشدّة، تؤكد مصادر مطلعة على سير هذه المفاوضات أن المقاومة الفلسطينية لا تعتبر نفسها مضطرة إلى خسارة إحدى أهم أوراقها، وهي ورقة الأسرى الإسرائيليين، دون التوصل إلى ضمانات حقيقية في مجال عدم استئناف الحرب، وكانت قيادات المقاومة الفلسطينية في حركتي حماس والجهاد الإسلامي قد أكدت مراراً وتكراراً على تمسك المقاومة بشروطها السابقة لوقف إطلاق النار وأهمها الوقف الدائم للحرب وتقديم ضمانات بعدم استئناف الصهاينة عدوانهم على غزة، وأكد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وزياد النخلة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، خلال حديثهما أن أي مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار يجب أن تؤدي إلى وقف كامل للعدوان على غزة، وانسحاب جيش الاحتلال من غزة، ورفع الحصار عن غزة وإعادة إعمار هذه المنطقة، ودخول كل المرافق الحيوية إلى غزة، والاتفاق الكامل على تبادل الأسرى.
وتتحدث معلومات حول المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، ما يدل على أن حماس تريد آلية حقيقية وعملية ومضمونة لتثبيت وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل للكيان الصهيوني من قطاع غزة، وبعد مرور أكثر من 120 يومًا على بدء حرب غزة، لا تزال خسائر الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في تزايد، وذلك في حين لم يحقق الصهاينة أيًا من أهدافهم المعلنة في الحرب، وهي إطلاق سراح الأسرى، ومحاولة تدمير المقاومة في غزة.
وفي هذا السياق، ترى الأوساط الصهيونية أنه من المستحيل القضاء على حماس، وتؤكد أن حماس هي التي تحدد مسار الحرب ويجب إيجاد حل سياسي لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، كما أن هناك ضغوطاً داخلية كبيرة على مجلس الوزراء والجيش الإسرائيلي في قضية الأسرى، ما يدفع هذا النظام إلى التفاوض في هذا المجال، كما أن المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي وإطلاق سراح الأسرى وإعادة إعمار غزة ووصول المساعدات ورفع الحصار عن هذه المنطقة مستمرة، وفي خطة باريس أيضاً تمت مناقشة آلية تبادل الأسرى بشكل واضح، لكن مسألة وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة لم تؤخذ بعين الاعتبار.
وبناء على ذلك، فإن تفاصيل قضية تبادل الأسرى التي تعتبر أهم اهتمامات الإسرائيليين، تمت مناقشتها بشكل واضح في اجتماع باريس، في حين تم تجاهل القضايا التي تهم المقاومة والقضايا المتعلقة بالوضع في غزة وتجاهلها، وهناك العديد من الشكوك حول هذا الموضوع، وتشير المعلومات إلى أنه لا يوجد في الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأطراف الأربعة المذكورة في باريس، أي بند يضمن وقف إطلاق النار بعد الموعد المحدد، أو تقديم ضمانات إقليمية ودولية لوقف دائم للحرب، كما لا يوجد أي ضمانة لوقف إطلاق النار بعد الموعد المحدد، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، بل إن تصريحات السلطات الصهيونية تظهر أنها تسعى إلى إنشاء منطقة عازلة.
ومنذ ذلك الحين لم يتم تقديم أي التزام واضح في خطة باريس لإعادة إعمار غزة وضمان أمن سكانها، لذا تشعر المقاومة بأن "إسرائيل" تنوي البقاء في غزة وتعقيد قضية إعادة إعمار هذه المنطقة لإحداث خلافات بين الطرفين، في حين تجري حماس مشاورات مع الفصائل الفلسطينية وحلفائها والأطراف والقوى الإقليمية في هذا الصدد، وحسب الوقائع المتوافرة، فمن المحتمل أن يعقد اجتماع لهذا الغرض في القاهرة خلال الأيام المقبلة، يشارك فيه ممثلو مختلف الدول، بما في ذلك قطر، وفي هذا اللقاء سيتم إجراء نقاش عميق وشامل ومن ثم سيتم نقل النتيجة إلى قيادة حماس وسترسل هذه الحركة ردها أيضاً.
آلية حقيقية وعملية
بالاستناد إلى الأحداث الصعبة التي مرت على غزة، تريد حماس آلية حقيقية وعملية ومضمونة لوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب "إسرائيل" من غزة، وإن المقاومة الفلسطينية لن تفقد أقوى ورقة تملكها، وهي ورقة الأسرى العسكريين الصهاينة، دون ضمان وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة والاتفاق على إعادة إعمار غزة ورفع الحصار عن غزة، وقال مسؤول في حماس، لم يذكر اسمه أو منصبه: "نحن في تشاور نهائي مع الفصائل الفلسطينية الأخرى لتحقيق مصالح الأمة الفلسطينية، بما في ذلك وقف الحرب، وإعادة إعمار قطاع غزة، وتحرير الأسرى الفلسطينيين".
وفي الوقت الذي لم تعلن فيه الحركة عن ردها على خطة اجتماع باريس لوقف إطلاق النار في غزة، يقوم الفلسطينيون في مشاورات نهائية مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، ولا شك أن حماس ستستجيب قريبا للمبادرة الفرنسية، مع نفي صحة الأخبار المنشورة حول رفض حماس لمقترحات وقف إطلاق النار، ومطالبة وسائل الإعلام بتوخي الحذر وعدم الوقوع في فخ الإعلام الإسرائيلي الذي هدفه إرباك الفلسطينيين.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام قليلة من إعلان علي بركة، رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس خارج فلسطين، شروط قبول الخطة الفرنسية لوقف إطلاق النار في غزة، وقوله إن المجتمع الدولي والدول العربية ستضمن تنفيذه لأنه أمر ضروري، مع الحديث أن العوامل المحددة لديهم [لتبادل الأسرى] هي وقف النزاع وتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة فتح معبر رفح والتزام الدول العربية والمجتمع الدولي بوقف إطلاق النار، وإعادة بناء قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على قاعدة أنهم كل أسراهم مقابل كل الأسرى الفلسطينيين.
في النهاية، عندما يصل إسماعيل هنية إلى مصر، سيكون معه رد كل الفصائل الفلسطينية [على خطة وقف إطلاق النار] وليس حركة حماس فقط، وما تم طرحه هو ثلاث مراحل للإفراج عن الأسرى، المرحلة الأولى منها وقف إطلاق النار لمدة 45 يوما للإفراج عن المدنيين والمرحلة الثانية للإفراج عن الجنود ولم تحدد مدتها، والمرحلة الثالثة لتبادل الأسرى وتبادل جثث القتلى من الجانبين، كما أن وقف إطلاق النار لأجل غير مسمى، وأشار مسؤولون في حماس مؤخرا بقولهم: "لقد سمعنا شفهياً أن مدة وقف إطلاق النار قد يتم تمديدها، لكننا نريد ضمانة الدول العربية والمجتمع الدولي لوقف الصراع، وضمانتنا الآن هي المقاومة"، وبالإضافة إلى مطالبهم المتعلقة بالضمانات، فإن مطلبهم الآخر هو إعادة إعمار غزة وانسحاب الکیان الصهيوني من هذا القطاع وتوفير السكن الفوري للمواطنين الفلسطينيين، وكلام هذا المسؤول في حماس يأتي بعد أن اعتبر مسؤول آخر في حماس في وقت سابق أن هذه المبادرة تشمل ثلاث مراحل دون ذكر التفاصيل.