الوقت- فيما تغرق حكومة نتنياهو بالأزمات من كل حدب و صوب، فمن جهة لا يتمكن جيش الاحتلال من إحصاء عدد القتلى بين جنوده و يتجاهل المطالبات الدولية بوقف الحرب، و من جهة أخرى تتزايد ضغوط أسر الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس منذ قرابة 4 أشهر والخلافات الداخلية التي تهدد بقاء حكومته، بالإضافة للانهيار الاقتصادي الذي لم يشهده الكيان منذ قيامه على أرض فلسطين ، جاءت المصادقة على قرار ترميم مسبح نتنياهو لتعمق الخلافات داخل مكتبه و تفجر الوضع، في هذا السياق كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن المحاسب العام لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يرغب في الاستقالة من منصبه، في ظل قرار رئيس مكتبه بتجديد مسبح منزل نتنياهو الذي يشن حربا تكلف ملايين الدولارات على قطاع الغزة يوميا.
وكان أكثر من 40 من كبار مسؤولي الأمن القومي السابقين والعلماء المشهورين وقادة الأعمال البارزين في كيان الاحتلال الاسرائيلي قد وجهوا رسالة إلى الرئيس الإسرائيلي ورئيس البرلمان (الكنيست) يطالبون بإقالة رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من منصبه لأنه يشكل ما يقولون إنه "تهديد وجودي" للكيان.
تفاصيل ترميم المسبح
حسب موقع "واللا" الإسرائيلي، إن نتنياهو كان قدَّم طلبًا لإجراء أعمال صيانة وترميمات في "فيلا" العائلة الخاصة، قبل اندلاع الحرب، وإن المصادقة عليه جاءت خلال الأيام الماضية، رغم معارضة المحاسب الأول بمكتبه، الذي رأى أن الحديث يجري عن نفقات خاصة وغير ضرورية، وتسببت المصادقة على تخصيص موازنة لترميم وصيانة بركة السباحة في "فيلا قيسارية" في استقالة روعي بن بينشتي، المحاسب الأول بمكتب رئيس الوزراء، عقب خلافات حادة اندلعت بينه وبين يوسي شيلي، مدير المكتب، حول تمويل نفقات مقار رئيس الوزراء، سواء بالقدس أو "فيلا" العائلة في قيسارية، وعارض المحاسب الأول تمويل صيانة مضخة تنقل المياه إلى البركة، فيما قال داعمو نتنياهو: إن المحاسب الأول أراد الذهاب لأن "المنصبَ كبيرٌ عليه".
وقال مصدر مطلع في وزارة الخزانة للصحيفة: "هذه ليست المرة الأولى التي يتعارضون فيها حول نفقات السكن، وصلت الخلافات بينهم إلى وزارة المالية، حدث ذلك منذ أن أعطت لجنة المالية الكلمة الأخيرة لمدير المكتب فيما يتعلق بتمويل النفقات في مسكني نتنياهو".
وهاجم الإعلامي بن كاسبيت عائلة نتنياهو وكتب منشورا على حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) قائلا: "لا شيء سيزعزع هذه العائلة من عاداتها.. تم تمويل تجديد جميع القصور، وحمام سباحة، وتسريبات، وسيارات، وحراس أمن، وكأن ليس هناك حرب وهناك مهجرون ولاجئون ومختطفون هنا".
فيما اتهم زعيم المعارضة في دولة الاحتلال يائير لابيد حكومة نتنياهو بتدمير الاقتصاد بتحويل المليارات لمصالح حزبية، وانشغال رئيسها بترميم حوض السباحة في منزله، وقال لابيد في فيديو نشره عبر حسابه على منصة x: "هذه الحكومة تدمر الاقتصاد، خلال الحرب ارتفعت أسعار مئات المنتجات عشرات المرات، وأسعار السلع الأساسية ارتفعت بمقدار 25% فيما تحول الحكومة المليارات لمصالح حزبية و(رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو منشغل في خضم الحرب بترميم بركة منزله في قيسارية".
وحتى عام 2015، كانت النفقات في مقر إقامة رئيس الوزراء تشرف عليها لجنة ثلاثية، أعضاؤها مدير عام مكتب رئيس الوزراء والمستشار القانوني للوزارة، والمحاسب، ومنذ عام 2015 وحتى عام 2023، تمت تغطية النفقات وفقا لإجراءات المشاركة في نفقات رئيس الوزراء، والتي بموجبها يجب على الدولة أن تتحمل النفقات في المسكن الخاص فقط إذا كانت ضرورية للقيام بدور رئيس الوزراء، ومنذ حصول شيلي على صلاحية الموافقة على تمويل النفقات، حدثت احتكاكات بينه وبين المهنيين في مكتب رئيس الوزراء، وعلى رأسهم المحاسب روي بنفانيشتي "الذي طلب الرحيل، وسيتم تعيين بديل له قريبا" وفق الصحيفة، وبحلول الأول من مارس/آذار 2024، يجب على مكتب رئيس الوزراء أن يقدم إلى اللجنة المالية تفصيلا كاملا لنفقات المنازل الخاصة به.
فساد نتنياهو مقارنة مع رؤساء وزراء سابقين
كثيرا ما تعرض نتنياهو لانتقادات بسبب ما ينظر إليه على أنه إنفاق مفرط على أسلوب حياة مترف، و في هذا السياق، أفادت تقارير إسرائيلية رسمية، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنفق على منزله، حينما شغل المنصب من قبل، أضعاف إنفاق رئيسي الوزراء السابقين يائير لبيد ونفتالي بينيت مجتمعين خلال نفس المُدة، وحسب التقرير الصادر من مكتب رئاسة الوزراء، بناء على طلب حركة حريات المعلومات في "إسرائيل"، أنفق بينيت ولبيد أقل من مليون شيكل (نحو 285 ألف دولار) في عام واحد، بينما زادت نفقات نتنياهو على 4 ملايين شيكل (نحو 1.1 مليون دولار) خلال سنة واحدة، و تتحمل حكومة الاحتلال هذه النفقات.
وأفادت التقارير بأن بينيت الذي تولى رئاسة الوزراء في الفترة من يونيو 2021 وحتى يونيو 2022، اختار العمل من منزله، وأنفق حوالي 470 ألف شيكل على صيانة المنزل والطعام والأثاث، وتعرض بينيت حينها لانتقادات بسبب هذه النفقات، وأعلن أنه سيبدأ في دفع فاتورة طعام عائلته من جيبه الخاص.
أما لبيد الذي تولى بعده المنصب في الفترة من يوليو 2022 وحتى ديسمبر من العام نفسه، فلم يستخدم المقر الرسمي للإقامة في القدس، وإنما استخدم منزلاً آخر، ودفعت الدولة 28 ألف شيكل لنفقات الطعام والحضانة لأطفاله، ويشير التقرير إلى أن هذه الأرقام تظهر انخفاضاً كبيراً في نفقات منزل رئيس الوزراء مقارنة بالسنوات التي كان فيها نتنياهو رئيساً للوزراء.
ففي عام 2021، حين كان نتنياهو في المنصب حتى 10 يوليو، وأنفق مليوناً و430 ألف شيكل على الإقامة الرسمية في منزله بالقدس و239 ألف شيكل أخرى لتغطية نفقات إقامته الخاصة في مدينة قيسارية، وفي عام 2020، أنفق مكتب رئيس الوزراء مليوناً و577 ألف شيكل على المسكن الرسمي في القدس و276 ألفاً على منزله الخاص في قيسارية.
هذا ما دفع بنيامين نتنياهو للقيام بتعديلات يريد من خلالها تشديد القيود على المحكمة العليا لتفادي الملاحقة القضائية حيث تمنح التعديلات، الحكومة، سيطرة كاملة على تعيين قضاة المحكمة العليا، وتسمح للبرلمان بإلغاء كثير من أحكامها، وبعبارة أخرى يريد نتنياهو سلطة بلا رقيب، فهو يواجه تهما في 3 قضايا، أولها "قضية بيزك والا"، التي قدم خلالها مزايا لمالك شركة "بيزك" وموقع "والا" الإخباري، مقابل نشر تغطية إيجابية لأنشطته، والثانية القضية 2000 التي يواجه فيها اتهاماً بعرض المساعدة في تحسين توزيع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مقابل "تغطية إيجابية"، أما القضية الثالثة المعروفة بـ1000 فتتعلق بتلقي نتنياهو "سيجاراً ثميناً وهدايا تقدّر قيمتها بنحو 700 ألف شيكل إسرائيلي من رجال أعمال مقابل خدمات".
بذخ سارة نتنياهو
لطالما كانت نفقات زوجة نتنياهو وأبناؤه محل مواجهات و خلافات حادة بين أعضاء في الكنيست الإسرائيلي، من الائتلاف الحكومي والمعارضة فقد واجهت سارة نتنياهو منذ فترة طويلة اتهامات عن العيش الباذخ، ووجدت تقارير مراقب الدولة أنها حاولت مرارًا الحصول على تمويل لمسكن الزوجين الخاص، بما في ذلك حالة واحدة عندما اشترت أثاثًا، على ما يبدو لمقر الإقامة الرسمي في القدس، ثم نقلته إلى مقر إقامة عائلة نتنياهو الخاص في قيسارية، بينما تم نقل الأثاث القديم من قيسارية إلى مقر إقامته في القدس.
وكانت قد وجهت لعقيلة نتنياهو لائحة اتهام بقضايا متعلقة بالفساد و شملت لائحة الاتهام تضخيم حجم نفقات الوجبات، ضمن ملف بيت رئيس الوزراء، بالإضافة لتهمة الكذب حيث ادعت أنها كانت توصي وجبات “بالصينية“، وبدلا من ذلك فإنها أوصلت وجبات بقيمة عشرات الآلاف من الدولارات من أمهر الطبّاخين في كيان الاحتلال الاسرائيلي،و تهمة الحصول على منافع شخصية بالاحتيال في ظروف خطيرة، وتحويل مصاريف شخصية لمنزل رئيس الحكومة الخاص بشكل مخالف للأنظمة المتبعة، مثقلة بذلك كاهل الخزينة العامة.
فضائح نجل نتنياهو في ميامي
حسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن تكاليف حراسة يائير، نجل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، خلال إقامته في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأمريكية لمدة 7 أشهر، بلغت نحو مليون شيكل (275 ألف دولار) من الخزانة العامة، وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية "قامت بتمويل إقامة أفراد الأمن المرافقين ليائير نتانياهو (32 عاما) في ميامي، بحوالي مليون شيكل".
وكان نجل نتنياهو، خلاله وجوده في الولايات المتحدة، برفقة اثنين من حراس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، علما أنه كان يجري تغيير طاقم الحراسة كل أسبوعين أو 3 أسابيع، ويشمل مبلغ المليون شيكل، تكاليف الإقامة والطعام للحراس الشخصيين، وسيارة وسائق، بالإضافة إلى دفع أجرة حارس أمن محلي، لكنه لا يغطي تكلفة سفر الحراس من "إسرائيل" إلى ميامي والعودة لاحقا إلى البلاد، وتم تحويل الأموال من مكتب رئيس الوزراء إلى وزارة الخارجية والقنصلية الإسرائيلية في ميامي، والتي تحملت جزءا كبيرا من النفقات.
ختام القول
تؤكد الأحداث الدائرة وخصوصاً في ظل الحرب العدوانية على غزة و أهلها أن جل تفكير نتنياهو ليس بالحرب وتطوراتها و استعادة أسراه، بل يتركز فقط في كيفية التهرب من المسؤولية وإنقاذ نفسه و نهب فلسطين و خيراتها و هذا الأمر ليس بجديد بالنسبة لكيان قام بحد ذاته على نهب ثروات شعب و أرض و أمة بأكملها فمن المؤكد أن يكون رعاة هذا الكيان أناس فاسدون و لصوص..
