الوقت – من خلال طرح سؤال ساخر: "هل قيمة حياة البشر متساوية؟"، كتبت صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية: روسيا تحتل أوكرانيا بشكل غير قانوني، و"إسرائيل" تحتل فلسطين بشكل غير قانوني، وقد أدانت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً كلا الأمرين، وعلى هذا، فإن الغرب الذي يدعي الدفاع عن "النظام القائم على القانون"، لا بد وأن يدين كليهما، ولكن في الواقع الأمر ليس كذلك.
في إحدى الحالتين، تقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جانب الدولة المعتدى عليها، وفي الحالة الأخرى إلى جانب الدولة المعتدية.
منذ الأيام الأولى للحرب، فتحت القارة القديمة حدودها أمام المنفيين الأوكرانيين، وأوضح محرر بريطاني أن الأوكرانيين "مثلنا تمامًا"، لكن لا أحد يوفر المأوى لمئات الآلاف من المدنيين في غزة، وبعد عشرات الأيام من القصف الإسرائيلي، وافق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على مضض، على استقبال خمسين طفلاً فلسطينياً جريحاً "إذا كان ذلك (مفيداً وضرورياً)".
وردت واشنطن وبروكسل على الهجوم الروسي بفرض عقوبات صارمة على موسكو (حظر النفط، والقيود التجارية والمصرفية، وتجميد أصول الأوليغارشية، وحظر بث وسائل الإعلام الروسية في أوروبا، وما إلى ذلك)، وكانت هناك دعوات من جميع الجهات لمقاطعة الرياضيين والموسيقيين والمخرجين والكتاب الروس، وتم إلغاء المعارض والحفلات الموسيقية.
لكن حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات"، التي تأسست عام 2005، لم تتمكن قط من القيام بحملة فعالة ضد "إسرائيل"، وتُتهم باستمرار بمعاداة السامية، وهي مرفوضة في ألمانيا ومحظورة في حوالي 30 ولاية أمريكية، وفي فرنسا، تجري محاكمة ملف الحركة المذكورة، فيما حظرت كندا الإعلان عنها.
إن حالات عدم التماثل في التعامل مع هاتين الحربين، لا تعد ولا تحصى، فبينما يقوم الغرب بتزويد أوكرانيا بالسلاح، فإنه يبيع الأسلحة للمحتلين الإسرائيليين، في حين يهدد بالانتقام من أولئك الذين يدعمون الفلسطينيين عسكرياً.
کما وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن تدمير مستشفى ماريوبول بأنه "عار على العالم أجمع"، لكنه ظل صامتاً عندما دمرت "إسرائيل" ثلث مستشفيات غزة بالقصف والعقوبات، وأدان مذبحة بوتشا ووصفها بأنها "إبادة جماعية"، لكنه رفض دعم الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة، حيث قتل أكثر من 25 ألف شخص في أقل من ثلاثة أشهر.
يعتبر معظم المعلقين الغربيين، أن مقتل 1200 إسرائيلي على يد حماس، باعتبار أن عدد سكان "إسرائيل" يبلغ 8 ملايين نسمة، يعادل مقتل 50 ألف شخص في الولايات المتحدة التي يبلغ عدد سكانها 331 مليون نسمة، وهو ما يعادل 20 ضعفاً لعدد الأشخاص الذين قتلوا في سبتمبر/أيلول. 11.
وعليه، ففي فرنسا ما يعادل 10 آلاف قتيل، أي 100 ضعف عدد القتلى في العملية الإرهابية في قاعة باتاكلان.
إن مقتل أكثر من 25 ألف شخص في غزة، حيث يصل عدد السكان إلی 2 مليون و300 ألف نسمة، يعادل 580 ألف قتيل في فرنسا ونحو 2800 أمريكي، أي أكثر من إجمالي عدد الأشخاص الذين قتلوا في جميع الحروب الأمريكية، بما في ذلك الحروب الأهلية.
کما تم تهجير أكثر من 70% من سكان غزة، فلنكمل المقارنة، وهذا الرقم يعادل 50 مليون نازح في فرنسا، وما يقارب 200 مليون نازح في أمريكا....