الوقت- في ظل الرغبة الإسرائيليّة بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على بلادهم بالحكم العسكريّ الذي أثبت فشله معهم، هناك رد فعل حاد وشديد اللهجة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي على التصريحات الوقحة للسلطات الصهيونية بشأن تهجير أهل غزة، حيث أعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي، في رد فعل حاد على التصريحات الوقحة لوزير صهيوني فاشي حول تهجير أهل غزة، أن هذه التصريحات ليست أكثر من حلم ووهم، والمقاومة مستمرة في نضالها ضد الشر والمؤامرات التي أطلقها المحتلون، وهذا رد لاذع على تصريحات قيادات نظام الاحتلال حول الهجرة القسرية للشعب الفلسطيني في غزة، ومباحثات مسؤولي الحكومة الفاشية لنظام الاحتلال حول تهجير الشعب الفلسطيني وآخرها ادعاءات إيتمار بن غفير الوزير الفاشي وإرهابي الكيان الصهيوني حول تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة وبناء المستوطنات في هذه المنطقة، وهذه أحلام لن تذهب إلى أي مكان في ظل استقرار الأمة الفلسطينية ومقاومتها الباسلة التي سحقت أنف هذا العدو المهزوم في معركة طوفان الأقصى.
ضرورة معاقبة الكيان
لا شك أنه على المجتمع الدولي والأمم المتحدة التحرك لتفعيل الأدوات القانونية ضد هذه المواقف الفاشية للصهاينة، الأمر الذي يعتبر جريمة حرب كاملة، ومعاقبة قادة نظام الاحتلال على استمرارهم في جرائمهم بحق الشعب والأطفال والمدنيين العزل لمحاكمة فلسطين، حيث إن المقاومة تحبط كل المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني، وقد أصدرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ردا على التصريحات الوقحة للمسؤولين الصهاينة، ومن بينهم بن غفير، حول تهجير أهل غزة، معتبرة تصريحات رؤساء الحكومة النازية للكيان الصهيوني حول تهجير الشعب الفلسطيني في غزة يأتي في سياق جرائم الحرب المستمرة التي يرتكبها المحتلون.
من ناحية ثانية، إن الصمت أمام هذه التصرفات الوقحة للصهاينة يعني تشجيعهم الضمني على مواصلة جرائمهم التي تعرض الأمن القومي العربي برمته للخطر، وتهدد استقرار دول المنطقة بأكملها، وقد حملت حركة الجهاد الإسلامي الحكومة الأمريكية مسؤولية وقاحة وتحريض العدو الصهيوني على تنفيذ ما تسمى مؤامرة "الهجرة الطوعية" للشعب الفلسطيني في غزة، ولا شك أن المقاومة ستواصل النضال ضد حرب الإبادة والمؤامرة، فقضية تهجير الشعب الفلسطيني التي يشنها المحتلون أمام وعي الشعب الفلسطيني وشجاعة المقاومين ستهزم كل هذه المؤامرات.
وفي وقت سابق وفي تصريحات إبادية خطيرة، قال إيتمار بن غفير، الوزير الفاشي في حكومة بنيامين نتنياهو، في إشارة إلى الهجمات الشاملة التي يشنها نظام الاحتلال على قطاع غزة، إن هذه فرصة للتركيز على مشروع توطين الفلسطينيين وتشجيع سكان غزة على الهجرة إلى بلدان اخرى، وهذه التصريحات الوقحة التي أدلى بها بن غفير حول إعادة توطين سكان غزة ليست المرة الأولى التي يتحدث بها مسؤول صهيوني، كما أن إخلاء غزة من سكانها الرئيسيين، وهم الشعب الفلسطيني، هو هدف شرير يسعى إليه المحتلون، في ذهنهم منذ سنوات ومنذ بداية الاجتياح الحالي لغزة، أي منذ 7 أكتوبر، وقد حاولوا مرات عديدة تحقيق هذا الهدف في إطار مؤامرات مختلفة.
وفي الأسبوع الماضي وتأكيدا على همجية الاحتلال وإجرامة غير المسبوق، أكد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، على ضرورة "الهجرة الطوعية" لسكان غزة وإيجاد دول لاستقبال سكان غزة، ورافقت ادعاءات نتنياهو هذه رد فعل حاداً من فصائل المقاومة الفلسطينية، وأكدت حماس أن الشعب الفلسطيني لن يسمح أبدا للعدو بتنفيذ مخططات تآمرية تضر بالقضية الفلسطينية أو تنفر الشعب الفلسطيني من أراضيه ومقدساته، ومنذ فترة، أعلن العميد خيرت شكري، النائب السابق لجهاز الأبحاث الأمنية المصرية، من خلال فضح المخطط الشرير لأمريكا والكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، أن الكيان الإسرائيلي يبحث عن "وطن بديل" للشعب الفلسطيني، من أجل تدمير الدولة الفلسطينية من جذورها وتهجير الفلسطينيين "كشعب بلا أرض" في بلدان عربية مختلفة.
وإن 7 أكتوبر أشعل شرارة على أساسها سيتم تقديم صحراء سيناء والأردن كوطن بديل لشعب غزة والضفة الغربية، أو سيتعايش هؤلاء مع الداخل في مصر والأردن وأخيراً سيتم دمجهم في النسيج الديموغرافي لمصر والأردن، وهذا مشروع أمريكي إسرائيلي تدعمه دول أوروبية، ولا علاقة له بالوقت الحاضر؛ بل هناك تاريخ طويل في هذا المجال وقد باءت كل الجهود لتنفيذ هذا المشروع بالفشل وتم استئناف هذه الجهود من جديد، وما يحدث الآن في قطاع غزة هو إدخال أمريكا و"إسرائيل" لتنفيذ مشروع الوطن البديل مع تعايش الفلسطينيين مع دول عربية بعيدة عن غزة والضفة الغربية، لتكون غزة هي الطريق التالي لـ"إسرائيل" لتحقيق حلم (الخطة الشريرة) لتل أبيب أي من النيل إلى الفرات.
رغبة إسرائيلية باحتلال غزة
على الرغم من أن الولايات المتحدة تطالب على ما يبدو بتنفيذ قرار الأمم المتحدة الخاص بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود عام 1967، إلا أن واشنطن تعتبر في الواقع أحد شركاء "إسرائيل" في التدمير البطيء لفلسطين، ويعارض الرئيس الأمريكي جو بايدن احتلال الكيان الصهيوني لقطاع غزة منذ بداية حرب غزة، وطالب بتسليم هذا القطاع إلى السلطة الفلسطينية بعد الحرب، وهي مسألة لا تؤمن بها سلطات تل أبيب وإن العديد من مسؤولي النظام الصهيوني، منذ بداية حرب غزة، يتحدثون عن سيطرة تل أبيب الدائمة على هذا القطاع، أو أكدوا على ضرورة سيطرة "إسرائيل" الكاملة على هذا القطاع حتى القرار النهائي، يدور حول الظروف بعد الحرب في غزة.
وفي هذا الصدد، إن "إسرائيل" ستسيطر بشكل دائم على قطاع غزة لضمان أمنه، وتطالب ببناء المستوطنات الإسرائيلية في هذا القطاع على غرار ما تم بناؤه في الضفة الغربية، كما يعتقد إيتامار بن غفير، وزير الأمن الداخلي في النظام الصهيوني، أن الحرب في غزة مكنت من تشجيع السكان العرب في هذا القطاع على الهجرة واستئناف بناء المستوطنات في غزة، ويؤكد أوفير أكونيس، وزير العلوم والتكنولوجيا في النظام الصهيوني، كغيره من المسؤولين الصهاينة، فيما يتعلق بغزة لا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية بعد الحرب، ويجب على منظمات الحكم الذاتي ألا تعود إلى هذا الخط، نريد إنشاء قطاع أمني حول غزة.
ومن المهم التعامل مع القضية المعقدة والحساسة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بفهم دقيق، مع الاعتراف بوجهات النظر والسياق التاريخي للشعب الفلسطيني المظلوم تاريخيا، ويعود أصل الاحتلال إلى أواخر القرن التاسع عشر عندما ظهرت القومية اليهودية، المعروفة باسم الصهيونية، ردا على معاداة السامية في أوروبا، حيث أدى تشكيل كيان "إسرائيل" في عام 1948 إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين وتدمير بلادهم ونهبها، ما أدى إلى خلق صراع عميق الجذور ومتعدد الأوجه.
ومنذ ذلك اليوم، تتزايد الرغبة الإسرائيلية في تهجير الفلسطينيين، وتنبع من التزام طويل الأمد بإنشاء وصيانة دولة ذات أغلبية يهودية في فلسطين التاريخية، يؤكد هذا المنظور على عدم الارتباط الاحتلالي للكيان بالأرض والحاجة الفلسطينية إلى التخلص منه، ومن ناحية أخرى، إن بعض الإجراءات والسياسات، مثل بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، تساهم في تهجير الفلسطينيين وتهميشهم، كما أن توسيع المستوطنات يعيق إمكانية التوصل إلى حل الدولتين، ما يؤدي إلى تفاقم التوترات ويجعل من الصعب على الفلسطينيين إقامة دولة قابلة للحياة.
الخلاصة، إن الصراع الفلسطيني مع الاحتلال متجذر بعمق في عوامل تاريخية ودينية وجيوسياسية، وهناك تاريخ يوثق الإرهاب الإسرائيلي التهجيري بما ينصب حول الدوافع وراء التصرفات الإسرائيلية، ومن الأهمية بمكان الدخول في تعاون عالمي مفتوح لمعاقبة "إسرائيل" ومسؤولييها، وتعزيز فهم أفضل للتعقيدات التي ينطوي عليها الوجود الإسرائيلي في فلسطين، والعمل على التوصل إلى حل يحترم حقوق وتطلعات الفلسطينيين أصحاب هذه الأرض.