الوقت - نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مذكرةً من بينيت جاء فيها: "بوصفي رئيساً للوزراء، اتخذت قراراً آخر بشأن إيران، وأمرت قوات الأمن بإلزام طهران بدفع ثمن قرارها بدعم الإرهاب، فبعد أن نفذت إيران ضربتين فاشلتين بطائرات دون طيار في فبراير 2022، دمرت إسرائيل قاعدةً للطائرات دون طيار على الأراضي الإيرانية، وفي مارس 2022 أيضًا، اغتيل قائد وحدة إرهابية إيرانية في طهران".
بعد تأكيد رئيس وزراء "إسرائيل" الأسبق القيام بعمليتين على الأراضي الإيرانية، هناك ردود فعل سلبية في الکيان الإسرائيلي ضد هذا الكشف، وكتب بينيت في هذا المقال أنه تم تدمير قاعدة للطائرات دون طيار في العملية الإسرائيلية داخل إيران.
وكان بينيت يشير إلى الهجوم على حامية في "ماهي دشت" بمحافظة كرمانشاه الإيرانية في فبراير 2022، وكتب بينيت أيضًا أنه في مارس 2022، "حاولت الوحدة الإرهابية الإيرانية قتل سياح إسرائيليين في تركيا وفشلت، وبعد ذلك بوقت قصير، قُتل قائد الوحدة في وسط طهران".
وحسب صحيفة هآرتس، فقد تم تقدير أن حسن صياد خدائي، وهو ضابط كبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، كان مسؤولاً عن التخطيط للهجمات الفاشلة على الإسرائيليين في تركيا، ووفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الوحدة 840 في فيلق القدس، مسؤولة عن تخطيط وتنفيذ الهجمات ضد الکيان الإسرائيلي والغرب في الخارج.
واجه مقال بينيت في صحيفة وول ستريت جورنال انتقادات في الکيان الإسرائيلي، وقال بعض المنتقدين إن رجل الدولة الكبير السابق كشف أكثر شؤون المخابرات الإسرائيلية سريةً، دون موافقة مكتب الرقابة العسكرية.
وكتب يعكوو كاتس، المحرر السابق لصحيفة جيروزاليم بوست، عن هذا الأمر: سألت الرقابة العسكرية اليوم عما إذا كانت هذه المنظمة قد وافقت على مقال نفتالي بينيت أم لا، وكان الجواب: لا!
وأضاف كاتس: إن كشف نفتالي بينيت يعدّ انتهاكًا لقوانين الرقابة وعملًا غير مسؤول، في لحظة إشكالية، هي حرب "إسرائيل" مع حماس وفي ذروة التوترات مع إيران، إن القيام بشيء كهذا في يوم عادي يمثل مشكلةً، والقيام بذلك أثناء الحرب وعندما تكون التوترات مع إيران في ذروتها، يظهر عدم المسؤولية.
وفي أعقاب هذه الاحتجاجات والانتقادات، اضطر بينيت إلى تقديم تفسير، واعترف أيضًا بأن "إسرائيل" تقع تحت حصار إيران وحلفائها، وقال: "على مدى 30 عاماً، وقعت "إسرائيل" في فخ الأخطبوط الإيراني، وإن استراتيجية إيران ذكية وبسيطة وهي نشر الأسلحة التي تحيط ب"إسرائيل" من كل جانب، وسفك دماء أبنائنا، وتتعبنا، دون أن تدفع أي ثمن تقريبًا".
وأضاف بينيت: "القضية والمشكلة ليست في کشف الإجراءات التي اتخذناها ضد إيران، والتي كانت معروفةً من قبل، بل المشكلة هي أن إيران، من خلال حماس وحزب الله، وحتى الحوثيين(حركة أنصار الله اليمنية في البحر الأحمر)، قامت بمضايقتنا وأسرتنا، منذ سنوات ونحن نرسل مقاتلينا للقتال في الشجاعية ضد حماس، وفي جباليا ضد الجهاد الإسلامي، وفي مارون الرأس ضد حزب الله، وحتى الحوثيين في اليمن يسمحون لأنفسهم بمهاجمة إسرائيل".
وتابع: "لقد شاركت في حرب لبنان الثانية (2006) في مواجهة أذرع إيران، وفقدت أصدقائي هناك، لقد كان الإيرانيون محصنين لعقود من الزمن، وظلت حكوماتنا تتحدث ولكنها لم تفعل شيئاً طوال العقد الماضي، ولن يتم أخذ ثمن مؤلم من إيران، يجب قطع رأس الأخطبوط، وسيؤدي ذلك إلى سقوط الحكومة الإيرانية".
وكتب أيضًا: "دعونا نكون واضحين، إيران تشن حربًا شاملةً ضد إسرائيل، إيران تضرب إسرائيل من كل جانب، إيران تحارب إسرائيل وتهاجم إسرائيل من كل حدب وصوب، وإسرائيل تتلقی الضربات. علاوةً على ذلك، ولأنها تشعر بالحصانة، فهي تتقدم دون كابح، حيث وصل التخصيب فيها بنسبة 60%، والآن أصبح الوضع على عتبة القنبلة الذرية، كرئيس للوزراء، حاولت تغيير ذلك، دعوت قادة الجيش والموساد والشاباك، وشرحت لهم أنني أريد تحويل التركيز إلى إيران نفسها للبدء في دفع الثمن، هذا ما فعلناه، ويجب أن تكون هذه استراتيجيتنا الأساسية".
يأتي تفاخر بينيت هذا بينما وصل إلى السلطة باستراتيجية "الموت بألف طعنة" المناهضة لإيران، لكن فشله أدى إلى سقوط حكومته خلال عام، وأصبح نتنياهو رئيساً للوزراء.
إن الأعمال التخريبية والإرهابية التي قامت بها حكومة بينيت، لم تقترب من أحلامه فحسب، بل كانت أيضًا بمثابة العام الأكثر تأزماً في تاريخ إنشاء الکيان الصهيوني في الأراضي المحتلة.
إن "الأزمة الوجودية" التي يواجهها الکيان الإسرائيلي، لا تقتصر على حكومة بينيت المتطرفة؛ بل هذا هو الوضع في حكومة نتنياهو أيضًا، وهو ما أدی إلى عملية "طوفان الأقصى" المذهلة، ويری أصدقاء الکيان الإسرائيلي وأعداؤها أن هذه العملية المعقدة، كانت بمثابة فشل استراتيجي لـ"إسرائيل".
في مقال وول ستريت جورنال، يحاول "بينيت" استعراض قدرة الموساد الاستخباراتية، وهو نفس ما أراد نتنياهو أن يفعله عبر الجيش الإسرائيلي باغتيال الشهيد السيد رضى موسوي في دمشق، لكن العجز الملحوظ الذي يعاني منه الجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات الإسرائيلية، ظهر من خلال العملية المعقدة التي قامت بها حماس (طوفان الأقصى) في قطاع غزة، حيث مني الکيان الإسرائيلي بأكبر هزيمة لا يمكن إصلاحها في تاريخه في طوفان الأقصى.
ولذلك، فإن الصهاينة يكافحون من أجل إحياء صورة ردعهم المكسورة، من خلال تنفيذ اغتيالات أو فضح اغتيالات سابقة؛ لأن الجبهة الداخلية في الکيان الإسرائيلي تعيش أعمق شعور بالفشل النفسي.
حيث إنه بعد مرور 84 يوماً على عملية طوفان الأقصى، ورغم شهرين من الجرائم العمياء، لم يتمكن الکيان الإسرائيلي من تحقيق أي هدف معلن في الهجوم المضاد. ولذلك، فهو مضطر إلى إبراز دور إيران، للتخفيف من العبء الثقيل للهزيمة أمام حماس.