الوقت- مؤخرا، دعت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان أصدرته عبر منصة تلغرام، الصحفيين ووكالات الأنباء العالمية إلى تكثيف حضورها في قطاع غزة، بهدف معاينة الدمار الهائل الناتج عن الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجاء في البيان دعوة للصحفيين للاطلاع على حجم الدمار ومعالم الإبادة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الأطفال والمدنيين العزل، فضلاً عن الأثر الوخيم الذي خلفته الحرب على كل البنى التحتية في القطاع، وأشار البيان إلى اكتشاف عشرات الجثث تحت الأنقاض في منطقة الصبرة وغيرها من مناطق مدينة غزة، التي أكدت حجم الدمار الهائل الناتج عن الحرب الإسرائيلية، وأُبرزت معاناة الجامعة الإسلامية، والتي تُعد من بين أهم المؤسسات العلمية، كرمز للوحشية التي تعرض لها شعب غزة في حملة إبادة، حيث كان الهدف منها دفع السكان إلى الهجرة قسرًا من خلال القتل والتدمير المتعمّد لجميع مرافق الحياة والبنى التحتية.
دعوة لفضح الكيان
في سياق هذا الموضوع، دعت الحركة إلى تصعيد الفعاليات الجماهيرية في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، اعتراضًا على العدوان وتأكيدًا لحقه في الحرية والاستقلال، وأكدت الحركة على ضرورة تواصل الفعاليات والمسيرات في جميع المدن والعواصم خلال الأيام القادمة، للتنديد بجرائم الاحتلال والمطالبة بتجريمها وإيقافها، مع التأكيد على أهمية تشكيل رأي عام عالمي داعم لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير مصيره، وكانت المقاومة الفلسطينية قد أطلقت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي هجومًا على مستوطنات غلاف غزة، أسفر عن مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي وإصابة أكثر من 5 آلاف، بالإضافة إلى أسر نحو 239.
من ناحية ثانية، شنت "إسرائيل" حربًا مدمرة على القطاع، خلفت دمارًا هائلا في البنية التحتية، وأسفرت عن قتل عشرات الآلاف من الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية، وفي حين يحظى الكيان الصهيوني بدعم عديد من الحكومات وجزء كبير من وسائل الإعلام المختلفة، وحتى دعم عمالقة التكنولوجيا في العالم في إزالة المحتوى المناهض ل"إسرائيل" والرقابة عليه وتقييده، ويرى البعض حقًا ل"إسرائيل" في ذلك، إلا أن هذا الكيان لم ينجح في جلب الرأي العام لدول العالم معه.
ووفقًا لدراسة أجراها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، فإن 95% من المسيرات التي نظمت بشأن الحرب الأخيرة كانت مؤيدة لفلسطين، بينما كانت 5% فقط مؤيدة للنظام الصهيوني، صور جرائم الكيان الصهيوني في قصف المناطق السكنية في غزة وقتل الأفراد، وخاصة مع عدد كبير من الأطفال، كانت مفجعة لدرجة أنها عطلت السيناريو الذي كان يُصوَّر فيه المستوطنون الصهاينة على أنهم مضطهدون، أظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي شاركها المستخدمون الفلسطينيون من غزة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الجانب الحقيقي ل"إسرائيل"، وجعلت جزءًا كبيرًا من شعوب العالم تتجه نحو دعم شعب غزة.
وبينما كان صحفيو وسائل الإعلام المختلفة يتواجدون في قطاع غزة وفلسطين المحتلة، نقلوا أخبار الحرب إلى وسائل إعلامهم، تألق صحفيو قناة الجزيرة بنشاطهم وفعاليتهم في توثيق جرائم الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني على مستوى العالم، وكان "وائل الدحدوح"، أحد صحفيي شبكة الجزيرة، من بين الأفراد الذين فقدوا أحباءهم في هجمات الكيان الصهيوني على قطاع غزة، ورغم هذا الفقد المؤلم، أكد في مقابلة مع قناة الأناضول التركية: "من الواضح أن نية "إسرائيل" هي استهداف المدنيين وذبح العائلات، هذا جزء من المأساويات التي تحدث للعائلات الفلسطينية كل يوم، بالتأكيد كان هذا ثمنًا مؤلمًا ومفجعًا، لكن الأهم من ذلك أن هذه الأحداث المريرة لا يمكنها إسكات صوتي"، وأضاف "سنواصل القيام بواجبنا تجاه الشعب الفلسطيني وحمل رسالته الإنسانية إلى العالم".
ووفقًا للجنة حماية الصحفيين، المنظمة التي تدافع عن حرية الصحافة ومقرها نيويورك، فإن أكثر من 30 صحفيًا وإعلاميًا قتلوا في الاشتباكات التي وقعت في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما يُذكر في التقرير أن 9 صحفيين آخرين ما زالوا مفقودين أو معتقلين، يواجه الصحفيون الأجانب الذين يغطون الحرب في غزة تحديات كبيرة في الحصول على المعلومات، وفقًا للمنظمات المراقبة لحرية الصحافة، إضافة إلى ذلك، قام صحفيون من مختلف وسائل الإعلام بتغطية الحرب في غزة وفقًا لسياساتهم الإعلامية، وظهرت أيضًا جهود صحفيين مستقلين أو مواطنين في نقل أخبار هجمات القوات الإسرائيلية وقصفها مباشرة ودون رقابة على الصفحات الافتراضية.
وكمصور فوتوغرافي ومنتج محتوى في شبكات التواصل الاجتماعي من غزة، يُظهر معتز وجوده في الميدان منذ بداية الصراع بين حماس والكيان الصهيوني، حيث ينقل أخبار الحرب عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، على مدى سنوات عمله، قدّم هذا الصحفي المستقل تكرارًا معاناة الشعب الفلسطيني والأضرار التي لحقت به خلال هجمات القوات الإسرائيلية على غزة في فترات مختلفة، ومع بداية المواجهات في 15 أكتوبر/تشرين الأول وقصف الكيان الصهيوني لمدينة غزة، قام معتز بنشر صور وفيديوهات للتفجيرات والأحداث التي نتجت عنها، بمن في ذلك الضحايا، عبر إنستغرام وتويتر وفيسبوك ولينكدإن وغيرها، بتوثيقه لهذه الأحداث، أظهر معتز الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني أمام الرأي العام العالمي.
الرأي العام العالمي في صف فلسطين
تظهر عدة مؤشرات على تصاعد الضغط العالمي في ظل التطورات الحالية، أحد هذه المؤشرات يتجلى في تنظيم مسيرات ووقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء العالم، حيث نظمت الشعوب مظاهرات واحتجاجات لدعم الشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال، وقد قامت وسائل الإعلام بمتابعة مستمرة للأحداث المتسارعة في فلسطين، لفتت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إلى تزايد الغضب بين الشباب تجاه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذين ينتقدون دعم الولايات المتحدة غير المشروط ل"إسرائيل" في حربها على قطاع غزة، والتي تستهدف الأهالي بعنوان حماس، بينما أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية إلى أن واشنطن تجد نفسها في موقف صعب بسبب دعمها المستمر ل"إسرائيل".
والمؤشر الثاني يظهر في ارتفاع عدد الشهداء والجرحى في قطاع غزة، الذين يسقطون نتيجة استخدام العديد من الأسلحة، بما في ذلك تلك التي تعد محظورة دوليًا، ما يشكل انتهاكًا للقوانين الدولية والإنسانية، المؤشر الثالث يتعلق بمواقف الدول والقادة العالميين، حيث يتحدث رؤساء الدول عن العدوان على غزة بأنه "حرب إبادة"، وتقطع بعض الدول علاقاتها مع الاحتلال وتسحب سفراءها، إضافة إلى دعوة شخصيات سياسية ومنظمات لمحاكمة الكيان "الإسرائيلي"، ورفضهم لحقه في الدفاع عن النفس، المؤشر الرابع يتعلق بالجوانب الاقتصادية، حيث يشير تقرير من "فاينانشال تايمز" إلى تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يعاني من تدهور كبير، مع تراجع شركاته على حافة الانهيار، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية وفقدان الثقة في الاقتصاد.
والمؤشر الخامس يظهر في حركات اليهود في أنحاء العالم الذين انتقدوا سياسات اليمين المتطرف وشاركوا في مسيرات احتجاجية قوية، ومظاهرات تمت أمام تمثال الحرية في الولايات المتحدة، حيث رفضوا أن تُرتبط هذه الحرب بأسمائهم، وهو ما يشكل ضغطًا على صناع القرار، أما المؤشر السادس يظهر في حملات المقاطعة الاقتصادية التي تمثل مقاومة سلبية عبر مقاطعة المنتجات، وتُعتبر سلاحًا قويًا في مواجهة الشركات والمؤسسات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي، ولها تأثير كبير وخاصة فيما يتعلق بحركة "بي دي إس" العالمية.
والمؤشر السابع يمكن مشاهدته في حركات عوائل الأسرى الفلسطينيين الذين يحتجزون لدى المقاومة، حيث قاموا بممارسة ضغط على صانعي القرار الإسرائيليين نتيجة القلق من انتهاء الحرب دون أن يتمكنوا من استرجاع أفراد عائلاتهم المعتقلين أو حمايتهم من القتل كما حدث مع حوالي 60 أسيرًا تم الإعلان عن مقتلهم في غارات الكيان الإسرائيلي، والمؤشر الثامن يظهر في الملاعب الرياضية حيث تحولت إلى أماكن للنزال بين السرد الفلسطيني والإسرائيلي، وأصبحت هذه الفضاءات مكانًا للتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني على الرغم من الإجراءات والعقوبات التي تفرض في بعض الملاعب.
والمؤشر الأخير يتجلى في تأثير الأوضاع الحالية على الكتل الانتخابية، حيث أظهر استطلاع للرأي انخرطت فيه شركة إبسوس للأبحاث بالشراكة مع رويترز تراجع شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل الماضي، وأكد المسلمون في أمريكا أنهم لن يصوتوا لمصلحة بايدن، أما المؤشر العاشر يتجلى في مواقف الهيئات الدولية والحكومات، حيث قامت الحكومة الإسبانية بمنح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وسام "كارلوس الثالث" نظرًا لدوره في دعم حقوق المدنيين الفلسطينيين، وأشارت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، إلى أن ما يحدث لسكان قطاع غزة المحاصر يمكن وصفه بأنه "إبادة".