الوقت- طالب المعلمون الإيرانيون، في رسالة، إلى نظرائهم الأحرار في العالم بإدانة جرائم الکیان الصهيوني في غزة، إلیکم تفاصیل الرسالة:
السيدات والسادة.. الزملاء المحترمون
كلنا نعلم أن غزة تشهد اليوم ظرفاً عصيباً.. أبناء غزة يتنفسون بصعوبة في أجواء غارقة بالدماء والنار .. آلاف الأطفال في أحضان أمهاتهم، وآلاف الأمهات المحتضنة لأطفالها، فارقوا الحياة مضرجون بدمائهم.. كما أن عشرات الآلاف من الأمهات والأطفال يعدّون اللحظات بانتظار أن يفاجئهم الموت دون سابق إنذار .. إن بهجة الأطفال واليافعين في غزة التي كانت ضحكاتهم تملأ فناء المدرسة ضجة وصخباً تحولت إلى صراخ وأنين على من يصارعون الموت تحت الأنقاض التي خلفها القصف الوحشي الهمجي للصهاينة.
السيدات والسادة المعلمون في أرجاء العالم في الوقت الذي نعمل جميعاً، في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأوروبا وفي أمريكا، انطلاقاً من رسالتنا، على تعليم وتربية تلامذتنا، ونتحدث إليهم عن الحياة والمرح والأمل، ونحرص على رسم ابتسامة الحياة على وجوههم؛ فإن المعلمين في غزة ـ طبعاً ـ أولئك الذين نجوا من حملات الموت الداهم، منشغلون بتكفين ودفن تلاميذهم، وما يؤسف له أن كل هذه المجازر تجري على مسمع ومرأى أنظار العالم، العالم الذي يفتقر إلى الأخلاق وإلى المبادئ والقيم الإنسانية.
إن غزة اليوم عبارة عن ميدان اختبار للبشرية والإنسان المعاصر؛ ميدان اختبار للساسة والحكّام والأقوياء والعلماء والفنانين، والأهم من كل ذلك المعلمين والعاملين في سلك التعليم، وللأسف إن مجموعة كبيرة من ساسة العالم يقفون في صف الفاشلين في هذا الاختبار، ذلك أن فئة من هؤلاء تقف مغمضة العينين وكاتمة السمع أمام كل هذه المجازر المروعة، وفئة أخرى تقف مبتسمة تبارك للآمرين والمنفذين لإجرام الكيان الصهيوني القاتل للأطفال .
لقد آن الأوان لأن نضطلع نحن المعلمين في أرجاء العالم، بدورنا الرسالي ، و العمل على تجسيد مبادئنا وقيمنا الإنسانية، وأن نبرهن للعالم ـ كما هو ديدننا ـ بأننا أوفياء لرسالتنا في الدفاع عن القيم الإنسانية وصونها.
الأخوات والأخوة
إننا مسؤولون إزاء القتل الجماعي والتطهير العرقي الذي يمارس اليوم في غزة، والأكثر من ذلك أننا مسؤولون إزاء الاستهانة بالقيم الإنسانية والكيل بمكيالين، حيث نرى معظم وسائل الإعلام العالمية التي يهيمن عليها المتغطرسون، تتناقل روايات مقلوبة، وتمارس تحريفاً معنوياً لأبشع الجرائم في التاريخ، ولهذا فإن مسؤوليتنا في تنوير الرأي العام العالمي واطلاعه على حقيقة ما يجري في غزة، مسؤولية مضاعفة، والأهم من ذلك أن مهمة تنوير عقول التلاميذ وجيل الشباب، تلقي على عاتقنا مسؤولية مضاعفة.
ذلك أن مفاهيم السلم والعدالة والتعايش السلمي على الصعيد العالمي، ارتبطت ارتباطاً وثيقاً في أذهان هذا الجيل بالوعي وإحقاق الحق والشجاعة النابعة من أعماق وجوده، وإن بوسعنا نحن الكادر التعليمي، أن نطلق صرختنا ـ برفقة تلامذتنا ـ لإدانة و استنكار هذه المجازر المروعة ، صرخة تفضح صمت المتخاذلين الأذلاء، وتورق نفوس حماة هذه الجرائم الوحشية الرهيبة.
الزملاء المحترمون
إن القوة الناعمة في أيدينا، وإن المسؤولية الإنسانية تحتم علينا استغلال قوة ونفوذ كلامنا كمعلمين، في لملمة الجراح والحد من المعاناة التي تشهدها غزة اليوم، وفي الغد غزات أخرى، ومحاولة إيقاظ ضمير الحكومات والساسة الغائب عن الوعي في بلداننا، وجعلهم أمام تحدي الأمر الواقع.
ولعل من المناسب هنا أن نلفت أنظار المعلمين الذين يؤمنون بشريعة موسى ـ عليه السلام ـ إلا أن الصهيونية تحاول، قبل غزة وإلى ما هو أبعد من غزة، استخدام العقيدة اليهودية بمثابة أداة للإساءة إلى أصول هذه الديانة التوحيدية القديمة، ولا شك أن مثل هذا يضاعف من المسؤولية الملقاة على عاتق المعلمين الذين يؤمنون بصدق الديانة اليهودية.
أخيراً نودّ التذكير بهذه الحقيقة وهي أن غزة باقية.. غزة سوف تتغلب على كل هذه المآسي والآلام، وستخرج منها منتصرة مرفوعة الرأس كما هو ديدنها على مرّ التاريخ.. إن صرخة غزة الخالدة اليوم أكثر حضوراً من أي وقت مضى، حيث إن غضب أبنائها تبوح به الوجوه المضرجة بالدم، والحناجر التي يخنقها الدخان، والأسنان التي تصطك غضباً لمظلومية أبنائها .. أجل، سوف تتجاوز غزة محنتها، ويبقى صمودها يؤرق أعداءها، مثلما فعلت هيروشيما وناكازاكي وحلبجه.
وفي هذه الأثناء ثمة حقيقة أخرى ماثلة أمامنا ألا وهي، أن وصمة العار سوف تبقى تلاحق الصهاينة وجميع حماتهم أيّاٌ كانوا، وإن المباني التي تهاوت على رؤوس أهالي غزة سوف تعود إليها الحياة، والنيران التي أضرمت في منازلهم سوف تخمد وتزول، غير أن سواد الوجوه الكريهة للصهيونية العالمية لن يزول ولن يمحى أبداً .
المعلمون في إيران