الوقت- جاء في تقرير صحيفة فورن بوليسي الأمريكية أن في 23 أكتوبر، تقريبًا في الوقت نفسه الذي كان العالم يعلم بأن حكومتي قطر ومصر نجحتا في إطلاق سراح امرأتين إسرائيليتين كانتا محتجزتين من قبل حماس، كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضيفًا على حساب كريستيانو رونالدو في إنستغرام.
التقى نجم كرة القدم البرتغالي بولي العهد في ندوة حول مستقبل الرياضات الإلكترونية، أي الألعاب الإلكترونية التنافسية، حيث أعلن السعوديون أنهم سيستضيفون كأس العالم للرياضات الإلكترونية لأول مرة.
أمور مهمة لأمريكا..
كان التناقض المدهش بين جهود قطر ومصر لتحرير الرهائن في غزة ولقاء المحادثة القصيرة بين رونالدو ومحمد بن سلمان في الرياض يشير إلى أن القيادة السعودية، على الرغم من أنها أخبرت أي شخص يستمع أن المملكة هي الدولة الأكثر أهمية وتأثيرا في الشرق الأوسط، لا تزال تحتاج إلى الكثير من العمل.
في الواقع، منذ بدء الحرب بين حماس و"إسرائيل" قبل نحو ثلاثة أسابيع، يتصرف "السعوديون الجدد" بالطريقة نفسها التي كان يتصرف بها "السعوديون القدامى"- هناك بعض الحركة في الرياض ولكن لا يوجد عمل فعلي، يبدو ذلك غريبا لأن محمد بن سلمان ومستشاروه قد سعوا- على الرغم من أخطائهم- إلى إحداث تغييرات مهمة وإيجابية داخل المملكة العربية السعودية.
فيما يتعلق بالسياسة الخارجية وإدارة الأزمات، يبدو السعوديون "عديمي الجدوى"، كما قال لي مسؤول سابقا في الحكومة الأمريكية الذي اكتفي بذكر منصبه دون الكشف عن اسمه نظرا لطبيعة المحادثة الخاصة بيننا الأسبوع الماضي.
يرجع ذلك إلى أن السعوديين في ورطة: فهم لا يزالون يعتمدون على الولايات المتحدة للحصول على الأمان- نفس البلد الذي يساعد في تسهيل الهجوم المدمر على قطاع غزة من جانب إسرائيل- وهي بلد يبدو أن ولي العهد كان على استعداد للتوصل إلى اتفاق معه قبل بضعة أسابيع، دون وعد بتحقيق الدولة الفلسطينية.
وسيلة واحدة للتعامل مع هذه المشكلات والتناقضات وهو أن تكون الحكومة السعودية لاعبا بناء ومؤثرا كما يدعي، وبدلا من ذلك، يشغل السعوديون أنفسهم بالبيانات والاجتماعات.
بضع ساعات فقط بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر على "إسرائيل"، والذي تلاه بسرعة ضربات انتقامية إسرائيلية على غزة، أصدرت وزارة الخارجية السعودية نداء لـ "وقف فوري لتصاعد التوتر بين الجانبين".
ومنذ ذلك الحين، أصدر السعوديون سلسلة من البيانات والإحاطات الصحفية عن مكالمات هاتفية واجتماعات متعددة الأطراف التي تحمل طابعا حادا ولكنها لا تساهم في استعادة الاستقرار الإقليمي.
على سبيل المثال، قبل لقاء محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في 15 أكتوبر، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا جزئيا جاء فيه أن الرياض "تؤكد رفضها القاطع لدعوات النزوح القسري للشعب الفلسطيني من غزة وتكرر استنكارها لاستمرار استهداف المدنيين العزل"، هذا موقف مبدئي. ومع ذلك، إذا كان السعوديون هم القوة الكبرى في المنطقة- كما يدعون- فلا يمكن لهم أن يجلسوا في الرياض ويقدمون مجرد اعتراضات قوية على الوضع المروع في غزة.
لكن لنكن عادلين، فعل السعوديون شيئا، في 18 أكتوبر، عقدوا اجتماعا للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، وتسعى منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 عضوا، للقيام بما يوحي اسمها: تعزيز التعاون بين الدول الأغلبية المسلمة في مجالات متعددة.
في كلمته في اجتماع اللجنة التنفيذية، الذي شمل إيران، أعرب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عن استنكاره لتقاعس المجتمع الدولي وتطبيق معايير مزدوجة في استجابته لعمليات "إسرائيل" العسكرية في غزة- وهو أمر مألوف في مثل هذه الاجتماعات.
كما أكد فيصل دعم السعودية لمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي يقودها ولي العهد السابق الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وتلتزم المبادرة العربية ودول المسلمين غير العرب بتحقيق علاقات طبيعية مع "إسرائيل" مقابل إقامة دولة فلسطينية.
تلك الخطة قد تكون قد فشلت منذ زمن، ومع ذلك، من خلال استدعائها، كان وزير الخارجية يسلط الضوء على واحدة من الفرص القليلة التي قدمتها السعودية على أرض الواقع في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية وتؤكد التزام الرياض بالعدالة للفلسطينيين.
ولكن على الرغم من كل الضجة الإعلامية، فإن الاجتماع كان أقل محاولة حقيقية من الرياض للدبلوماسية البناءة وأكثر تمرينا للعلاقات العامة يهدف إلى توفير بعض التغطية بعد أشهر من المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن اتفاقية تطبيع "إسرائيل" والسعودية.
كان هناك تطور مثير للاهتمام في النهج السعودي تجاه حرب "إسرائيل" وحماس، وفي اليوم السابق للاجتماع، ألقى الأمير تركي بن فيصل- رئيس جهاز المخابرات السعودي والسفير السعودي السابق في لندن وواشنطن- كلمة في معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس بمدينة هيوستن.
خلال خطابه، انتقد ليس فقط "إسرائيل" والغرب بسبب الدمار في غزة، ولكن أيضا حماس بسبب عملياتها القتالية في "إسرائيل"، وأعلن بشكل حازم أنه من غير المشروع وفقا للمعتقدات الإسلامية قتل الأطفال والنساء وكبار السن، وشدد على أنه لا يوجد "أبطال" في الصراع.
صحيح أن تركيا الآن مواطن خاص وليس مسؤولا حكوميا بعد الآن، ولكنه أيضا الشخص الذي يتحدث بما يريده أفراد العائلة المالكة السعودية ولكن لا يستطيعون قوله علنا.