الوقت - في حين تتواصل هجمات الکيان الصهيوني على غزة، واستشهد خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ما يقرب من 7000 شخص وأصيب آلاف آخرون، تسارعت الاجتماعات الدولية بهدف إيجاد حل لإنهاء الهجمات الهمجية للکيان ومنع انتشار الحرب.
وفي هذا الصدد، انعقد الخميس الماضي الاجتماع الاستثنائي للجمعية العامة للأمم المتحدة لاستعراض التطورات في فلسطين بحضور ممثلين عن الدول الأعضاء، كما شاركت إيران في هذا الاجتماع على مستوى وزير الخارجية.
بعد تحذيرات السلطات الإيرانية المتكررة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة بوقف الحرب في غزة، هذه المرة أبلغ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي سافر إلى نيويورك، مرةً أخرى قادة تل أبيب وواشنطن بالمواقف الواضحة للجمهورية الإسلامية بشأن الصراع الفلسطيني.
وقال أمير عبد اللهيان يوم الخميس بعد وصوله إلى نيويورك: إن "أوضاع منطقة غرب آسيا، بالنظر إلى المذبحة والإبادة الجماعية التي تجري ضد السكان المدنيين في غزة، والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وعدد قليل من الدول الأوروبية بشكل أعمى ولكن شامل للکيان الصهيوني، وصل إلى حد إثارة القلق لدى جميع دول المنطقة، وهناك احتمال أن تخرج السيطرة عن أيدي جميع الأطراف".
ووجّه وزير الخارجية الإيراني، في كلمته أمام الجمعية العامة، خطاباً إلى دعاة الحرب الصهاينة ورجال الدولة الأمريكيين، وقال: "إننا لا نرحب بتوسيع نطاق الحرب في المنطقة، ولكن إذا استمرت الإبادة الجماعية في غزة، فلن تنجوا من هذه النار".
وأشار رئيس السلك الدبلوماسي الإيراني إلى الوضع في غزة، وأضاف: أمريكا وعدد من الدول الأوروبية تقف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، بغض النظر عن ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ما هي قرارات مجلس الأمن؟ ألم تصف هذه القرارات الشعب الفلسطيني بالإرهابيين ولم تضع في الاعتبار حقه في الدفاع عن النفس؟ هذه القرارات تدعم الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الکيان الصهيوني في غزة.
وشدد أمير عبد اللهيان على ضرورة وقف الإبادة الجماعية في غزة فوراً، وقال: غزة بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وتابع وزير الخارجية الإيراني: وفقاً للقوانين الدولية وقرارات الجمعية العامة، فإن الشعب الفلسطيني لديه حق مشروع في الكفاح ضد الاحتلال.
وأضاف: بالنسبة للقضية الفلسطينية، نحن ندعم فقط التنفيذ الكامل لحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، فأرض فلسطين ملك لسكانها الأصليين من مسلمين ومسيحيين ويهود، وتؤمن إيران بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وترى ضرورة إجراء استفتاء بين أبناء الشعب الفلسطيني لتحديد مصيرهم على النحو المسجل في الأمم المتحدة.
وصرح أمير عبد اللهيان: أن أساس الکيان الصهيوني يقوم على الخداع والاحتلال والجريمة، وقد شن أكثر من 20 حرباً في المنطقة حتى الآن، بل إنه هاجم دولاً ليست في جوار هذا الکيان. لقد ارتكب الکيان كل أنواع الجرائم، بما في ذلك الاعتداء والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وقد ارتكب هذه الجرائم مرات عديدة، ولا يلتزم بأي قوانين.
وواصل وزير الخارجية الإيراني حديثه، وأشار إلى دعم الغرب الواسع لتل أبيب، وقال: "أمريكا لا تشارك بشكل مباشر في هذه المعركة فقط من خلال الدعم المالي والسلاح والعمل العسكري المباشر والدعم السياسي الفعال، ولكنها تدير هذه الحرب بشكل مباشر أيضًا، وهذا يشکل مسؤوليةً دوليةً عليها".
وأضاف: "وإضافة إلى ذلك، فرغم أن أمريكا نفسها متورطة فعلياً ومباشرةً في ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، إلا أنها ليست في وضع يسمح لها بدعوة الآخرين إلى عدم شن الحرب وممارسة ضبط النفس، ولذلك، فإننا نحذر بشدة من العواقب التي لا يمكن السيطرة عليها للدعم المالي والعملياتي والسلاح غير المحدود الذي يقدمه البيت الأبيض لتل أبيب، والذي أدى إلى توسيع شدة القصف على المدنيين والنساء والأطفال في فلسطين في غزة والضفة الغربية".
وتابع: "أقول للأمريكيين من يبحث عن الحرب اليوم؟ إن الجريمة في غزة يجب أن تتوقف فوراً، حماس مستعدة لإطلاق سراح السجناء المدنيين، وعلى العالم أن يضغط على إسرائيل لإطلاق سراح 6000 فلسطيني".
لقد تم الإعلان عن عقد اجتماع استثنائي للجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد فشل مجلس الأمن خلال الأيام القليلة الماضية في اتخاذ قرار بشأن وقف الصراع بين الکيان الإسرائيلي وفصائل المقاومة في غزة وعملية إرسال المساعدات الإنسانية.
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرارات التي قدمتها روسيا والبرازيل، والتي تطالب بحماية المدنيين الفلسطينيين، حتى يتمكن الصهاينة من مواصلة قتل الأبرياء في غزة بمزيد من الحرية، ودون أي عقاب من المجتمع الدولي.
تحذير واضح لواشنطن
تضمنت تصريحات أمير عبد اللهيان النارية الموجهة إلى المسؤولين الأمريكيين، رسالةً مهمةً إلى مسؤولي البيت الأبيض مفادها بأن الجمهورية الإسلامية لن تتراجع عن دعم القضية الفلسطينية، وإذا استمر الغربيون في دعم وحشية الاحتلال، فإن قوى المقاومة لن تصمت ولن تقيم وزناً لمطالبات القادة الغربيين لمحور المقاومة بشأن ضبط النفس لمنع توسيع نطاق الحرب.
وقد طلبت إيران مراراً وتكراراً من أمريكا کبح جماح الکيان الإسرائيلي ووقف قتل الأبرياء في غزة، ومع ذلك، وعلى الرغم من مقتل المدنيين، فقد دعم الأمريكيون جرائم الصهاينة علنًا، بل سيرسلون مليارات الدولارات من المساعدات المالية والأسلحة إلى هذا الکيان.
تحذير أمير عبد اللهيان لأمريكا جاء رداً على التصريحات السخيفة للرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي زعم الأربعاء الماضي أنهم إذا استمروا في التحرك ضد الجنود الأمريكيين في المنطقة، فسترد أمريکا وعليهم أن يكونوا مستعدين، كما أرسلت الولايات المتحدة قوات وسفنًا جديدةً إلى المنطقة للدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي.
لكن تحذيرات وزير الخارجية الإيراني لواشنطن من قلب نيويورك، أظهرت أن الجمهورية الإسلامية لا تخشى التحذيرات الأمريكية، وقد أثبتت فصائل المقاومة من العراق واليمن إلى لبنان وسوريا في الأسابيع الماضية، أنه إذا أصدرت غرفة العمليات المشتركة لمحور المقاومة الأمر النهائي، فإن مواقع الکيان الصهيوني والولايات المتحدة في المنطقة لن تكون آمنةً من صواريخ المقاومة.
هناك مفهوم خاطئ شائع بين الأمريكيين مفاده بأنه يمكنهم الاستمرار في الهيمنة علی قرار الدول كما فعلوا على مدى العقود الثلاثة الماضية، ويجب على الآخرين أن يحذوا حذوهم، لكن التغيرات والتحولات التي طرأت على النظام الدولي خلال العامين الماضيين، أثبتت عكس ذلك.
الآن أيضًا، فإن تحذيرات طهران الواضحة والهجمات الصاروخية التي تشنها جماعات المقاومة على المواقع الأمريكية في المنطقة دون أي خوف من العواقب، كانت لتصحيح وجهة النظر الخاطئة للبيت الأبيض، والقول بأنه بالنسبة لمحور المقاومة، لا يوجد فرق بين نظام تل أبيب وحلفائه، وهم أيضاً متواطئون في قتل الفلسطينيين.
إن فتح جبهات مختلفة في العراق واليمن ولبنان وسوريا، هو الكابوس الأكبر للقادة الصهاينة والأمريكيين الذين يحاولون هذه الأيام منع فتح هذه الجبهات بتحذيرات جوفاء لحزب الله وإيران، لأنهم يعلمون جيداً أنه نظراً لقوة هذه الجماعات، فإنهم لا يستطيعون القتال على عدة جبهات في الوقت نفسه.
وكان أمير عبد اللهيان يخاطب مسؤولي البيت الأبيض بأن الجمهورية الإسلامية تعتبر الولايات المتحدة هي السبب الرئيسي لاستمرار الجرائم في غزة، والتي تركت، بدعم كامل لحليفتها، أيدي الصهاينة مفتوحةً لاستمرار الاحتلال والقتل.
لأنه لولا دعم واشنطن، بالنظر إلى موجة المعارضة العالمية، بما في ذلك الاحتجاجات واسعة النطاق في الدول الأوروبية وأمريكا التي تدين جرائم الکيان الإسرائيلي في غزة، لكان المتطرفون في تل أبيب قد اضطروا إلى التراجع.
كما حدث خلال كلمة مندوب الکيان الصهيوني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد غادر مندوبو العديد من الدول قاعة الجمعية دعماً لشعب غزة المظلوم، ما يدل على أن الصهاينة أصبحوا أكثر عزلةً على الساحة الدولية من أي وقت مضى.
ولذلك، فإن السبب الرئيسي الذي جعل المتطرفين الصهاينة أكثر جرأةً على ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، هو الزيارات المتكررة للمسؤولين الغربيين إلى الأراضي المحتلة والتستر على جرائم تل أبيب في غزة، والتي برروها بحق الصهاينة في الدفاع عن سيادتهم الزائفة.
تصريحات أمير عبد اللهيان الحادة، والتي كانت الموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية، كانت فصل الخطاب الموجه إلى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لوقف الحرب في غزة والضفة الغربية قبل فوات الأوان، وإلا فإن هذه الصراعات ستمتد إلى المستوى الإقليمي، وستصل نارها إلى قادة واشنطن الذين لم يقدروا صبر محور المقاومة، وعليهم أن يدفعوا ثمناً باهظاً لدعم الکيان الصهيوني.