الوقت - بعد أيام قليلة من قيام الولايات المتحدة بإرسال حاملات طائرات إلى المنطقة، وإعلانها فتح ترسانتها من الأسلحة للصهاينة لقصف غزة، وهو ما حدث بعد الزيارات المتكررة لقيادات واشنطن العسكرية والسياسية إلى الأراضي المحتلة، طالت موجة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة، خلال الأيام الماضية، قواعد مختلفة لهذا البلد في العراق وسوريا.
من جهة أخرى، تأتي هذه الهجمات بالتزامن مع تحذيرات مختلفة من زعماء الدول والمجموعات الأعضاء في محور المقاومة، حول إمكانية اتساع نطاق الصراع ونيران الأزمة في حال واصل الکيان الصهيوني هجماته الوحشية ضد المدنيين في غزة، والتخطيط لغزو بري واسع النطاق عليها.
في جزء من هذه الهجمات التي اعترف البنتاغون بها، في الخميس الماضي تعرض خط أنابيب النفط والغاز المتصل بمعمل "كونيكو" للغاز قرب القاعدة العسكرية الأمريكية في دير الزور السورية، لهجوم من قبل مهاجمين مجهولين.
وحسب وكالة الأنباء السورية "سانا"، يقع خط أنابيب الغاز الذي استخدمته القوات الأمريكية وما تسمى قوات سوريا الديمقراطية لسرقة الغاز من محطة كهرباء كونيكو، في منطقة صحراء أبو خشب على أطراف مدينة كونيكو.
ويأتي هذا الهجوم الناجح بينما قامت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة بتعزيز التحصينات الدفاعية حول محطة الطاقة هذه، وحقل الغاز التابع لها، ويقع حقل غاز كونيكو على بعد 13 كيلومتراً شرق دير الزور ويخضع لسيطرة القوات الأمريكية، ومن ناحية الموقع الجغرافي فهو قريب من حقول النفط المهمة مثل حقل العمر والتنك.
خلال العامين الماضيين، تم بناء جدار دفاعي بطول 4 كيلومترات حول حقل غاز كونيكو، وإضافة إلى ذلك، تم إنشاء منصات إيواء ومنشآت عسكرية مختلفة في الأجزاء الشمالية والوسطى من هذه المنطقة.
كما تم إنشاء مركز لإدارة بالونات المراقبة على ارتفاع 4000 متر فوق سطح الأرض، ومن بين المهام الرئيسية لبالونات المراقبة هذه، التصوير الجوي والمراقبة الإقليمية والاتصالات الآمنة والحرب الإلكترونية والأنشطة المضادة للطائرات دون طيار.
لكن الهجوم على التحصينات الأمريكية حول محطة كونيكو للطاقة لم يكن نهاية القصة، وحسب وكالة سانا السورية للأنباء، فبعد ساعات من القصف بقذائف الهاون على هذا الحقل الغازي، استهدف هجوم صاروخي آخر حقل العمر النفطي، حيث تقع قاعدة القوات الأمريكية.
وبعد ذلك أيضًا، تعرضت قاعدة أخرى في منطقة التنف في المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، للقصف بطائرات مسيرة هجومية، وبعد هذا الهجوم، أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن الهجوم بطائرات مسيرة على القاعدة الأمريكية في التنف، وأضافت في بيانها: إن "المجاهدين استهدفوا قاعدة التنف بثلاث طائرات مسيرة أصابت أهدافها بشكل مباشر ودقيق".
في غضون ذلك، تحدثت وسائل إعلام محلية من دير الزور، نقلاً عن مصادر محلية، عن مؤشرات على تصاعد هذه الهجمات خلال الأيام المقبلة، وبشكل خاص، وحسب تلك المصادر، قامت فصائل المقاومة السورية بنقل المدفعية والطائرات الانتحارية المسيرة من مدينة دير الزور، إلى مواقعها في مدينة الميادين القريبة من القواعد الأمريكية.
وبعد ساعات من تعرض بعض قواعد أمريکا في العراق لهجمات مماثلة، اعترف المتحدث باسم البنتاغون، العميد بات رايدر، في مؤتمر صحفي، الخميس، بأن طائرتين مسيرتين قصفتا قاعدة عين الأسد الجوية، ما أدى إلى مقتل مقاول مدني بأزمة قلبية، كما أعلن رايدر عن الهجوم بطائرات دون طيار على قاعدة باشور الجوية في شمال العراق.
وقالت الشرطة العراقية، الخميس الماضي، إن عدداً من الصواريخ أصاب قاعدةً عسكريةً أخرى تستضيف قوات أمريكية قرب مطار بغداد الدولي، لكنها لم تقدم مزيداً من التفاصيل حول الحادث.
من ناحية أخرى، قال مصدر أمني عراقي، فضّل عدم الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس الجمعة، إن "ثلاث قذائف كاتيوشا سقطت في محيط معسكر للتحالف الدولي"، يضم قوات أمريكية قرب مطار بغداد ليل الخميس.
لم تقتصر موجة الهجمات علی سوريا والعراق، حيث أكد البنتاغون، الخميس الماضي، أن المدمرة الأمريكية يو إس إس كارني أسقطت 3 صواريخ وعدة طائرات مسيرة أطلقتها حرکة أنصار الله اليمنية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون إنه لا يستطيع في هذه المرحلة أن يحدد على وجه اليقين الأهداف التي أطلقت عليها الصواريخ والطائرات دون طيار، لكنه أضاف: "هذه الصواريخ انطلقت من اليمن وكانت تتحرك على طول البحر الأحمر شمالاً، وربما باتجاه أهداف في إسرائيل".
لكن في حين أعلن المتحدث باسم البنتاغون أنه لا يرى أي صلة بين هذه الهجمات المتتالية والصراع بين الکيان الإسرائيلي وحماس، يرى العميد أحمد رحال، الخبير في الشؤون العسكرية، في حديث مع "عربي 21": أن "هذا الموضوع يأتي في إطار قواعد الاشتباك، وخاصةً أن الولايات المتحدة وجهت رسائل إلى إيران عبر إرسال سفن حربية إلى المنطقة، وحذرت من التدخل المباشر في طوفان الأقصى".
كما يرى حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، في حديث مع "المركز الفلسطيني للإعلام"، خلافاً لهذا الموقف الأمريكي، أن توسيع موجة نطاق المواجهة بين محور المقاومة والمحور "الأمريكي الإسرائيلي"، هو إحدى نتائج طوفان الأقصى.
وحسب هذا الخبير، لا تزال هناك بوادر تصاعد التوتر، ويعتمد حدوثها على تطورات حرب غزة، وبالتالي فإن هذه الهجمات على أهداف أمريكية في سوريا والعراق، هي نوع من رسالة المقاومة لأمريكا لتقول: إذا استمرت واشنطن في دعم الکيان الإسرائيلي أكثر، فهي مستعدة لتصعيد التوتر.
فرصة المقاومة العراقية لطرد الجنود الأمريكيين
تكثفت الهجمات العديدة على مختلف القواعد التي تستضيف قوات الاحتلال الأمريكي في العراق خلال الأيام الماضية، فيما تستغل فصائل المقاومة العراقية، وخاصةً كتائب حزب الله، بقبولها المسؤولية عن جزء من هذه الهجمات، الوضع الحالي كفرصة لتنفيذ مطلب شعب هذا البلد منذ فترة طويلة بطرد القوات الأمريكية.
واتهمت كتائب حزب الله، في بيانها بعد قبولها المسؤولية عن الهجمات على القاعدة الأمريكية في التنف، الولايات المتحدة بدعم الکيان الصهيوني في "قتل الأبرياء"، وشددت على أن قواتها يجب أن تغادر العراق.
رغم القرار القانوني لمجلس النواب في كانون الثاني 2019، الذي دعا إلى "إنهاء وجود القوات الأجنبية في هذا البلد ومنعها من استخدام المجال الجوي والبري والبحري العراقي"، إلا أن حكومات العراق لم تتمكن من تنفيذ هذا القرار، وقد أثار ذلك استياء الأهالي وفصائل المقاومة.
لكن نتيجةً لضغوط هذه المطالب، أعلنت الحكومة العراقية انتهاء العمليات القتالية للقوات الأجنبية في هذا البلد حتى نهاية عام 2021، وتحويلها إلى مهمة استشارية وتدريبية.
ووفقاً لوسائل الإعلام الأمريكية، لا يزال حالياً 2500 جندي أمريكي و1000 جندي من قوات التحالف متمركزين في ثلاث قواعد عسكرية عراقية، تحت غطاء المهمة الجديدة.