الوقت - يبدو أن لقاء وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش نظيرها "الإسرائيلي" إيلي كوهين في روما لم يكن فعلا بمحض الصدفة وليس مفاجئا حتى للحكومة الليبية، بل كان على خلفية لقاءات جمعت أطرافا رسمية ليبية وأخرى "إسرائيلية" ولم يكن هذا الرفض الكبير للقاء المنقوش بنظيرها كوهين من قبل الحكومة الليبية إلا لتهدئة الرأي العام في ليبيا وخاصة بعد المظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها عدد من المدن والمناطق في ليبيا وهذا ما دفع بالدبيبة لإقالة المنقوش وإحالتها للتحقيق لتكون هي كبش فداء مقابل عدم خسارته التأييد الشعبي الليبي.
أما آخر تطورات المشهد الليبي هو ما نشرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية عن أن الفضيحة التي هزّت ليبيا بالكشف عن اجتماع سرّي عقدته وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش مع وزير خارجية العدو إيلي كوهين في روما، ليست سوى جزءاً من صورة أشمل لمساعي التطبيع بين أطراف الأزمة الليبية والعدو، ضمن مساعٍ تقودها الولايات المتحدة بدعم من الأردن ودولة الإمارات، على أن يشمل التطبيع أيضاً حكومة خليفة حفتر الذي أعلن وزير خارجيته عام 2019 في حديث لصحيفة "إسرائيلية" أنه يأمل «إقامةَ علاقات طبيعية مع إسرائيل».
حيث حصلت «الأخبار» على وثيقة دبلوماسية مصنّفة سرية، تتضمّن معلومات أكثر خطورة، وتكشف أن رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة عقد اجتماعاً مع مدير الموساد "الإسرائيلي" في العاصمة الأردنية.
وحسب الوثيقة، كشف السفير الليبي في عمان عبد الباسط البدري عن هذا اللقاء، وتحدّث أمام سفير دولة عربية على علاقة بملف التطبيع أن «رئيس الوزراء الدبيبة أجرى عام 2022 محادثة عبر تقنية الفيديو مع مدير الاستخبارات "الإسرائيلية" ديفيد برنيع».
وقال البدري إنه حضر الاجتماع شخصيا وإن البحث «تناول خطوات عملانية لتطبيع العلاقات بين الجانبين، مقابل حشد "إسرائيل" الدعم السياسي والعسكري لصالح الدبيبة وحكومته» موضحا أن هذه المحادثة تمّ ترتيبها بالتعاون مع الأردن والإمارات العربية المتحدة وبإشراف الولايات المتحدة وأنه جرى تكليف مدير المخابرات الأردنية اللواء أحمد حسني بالإشراف على تحضيراتها اللوجستية، وبما يضمن حصولها بسرية تامة.
وأشار البدري، حسب الوثيقة، إلى «وجود قنوات أخرى تعمل على الموضوع، وأن المغرب يقود اتصالات لإقامة علاقات بين "إسرائيل" وكل من رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري».
في سياق متصل علمت «الأخبار» أن الولايات المتحدة عبّرت عن غضبها من الكشف عن الاجتماع، وقالت مصادر دبلوماسية إن إدارة الرئيس جو بايدن أجرت اتصالات بعدد من كبار المسؤولين "الإسرائيليين" و«وبّختهم» على «هذا التصرف اللامسؤول الذي يضرّ بكل الجهود الجارية لتسريع التطبيع بين (الكيان) وعدد من الدول العربية».
وأكّدت المصادر الدبلوماسية لـ«الأخبار» أن مسؤولين كباراً في طرابلس الغرب، قالوا إن الدبيبة كان على علم بالاجتماع، وإنه اطّلع من المنقوش على تفاصيله بعد عودتها إلى ليبيا، وإن الدبيبة يجد «أن مصلحة حكومته هي في الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، لكنه يريد تنظيم العملية بطريقة هادئة خشية رد فعل الشارع الليبي الذي لا يزال بغالبيته يدعم القضية الفلسطينية، وما حصل بعد الكشف عن لقاء المنقوش وكوهين أكد له صحةَ مخاوفه، لذلك، اتفق مع المنقوش على إقالتها، على أن لا تتم معاقبتها.
وكانت خارجية الاحتلال كشفت في بيان لها في ال 27 من الشهر الماضي عن عقد لقاء تطبيعي بين وزير خارجية الاحتلال، إيلي كوهين ونظيرها في ليبيا، نجلاء المنقوش في روما رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الطرفين، الأمر الذي فجر حالة من الغضب في الأوساط السياسية والشعبية الليبية، دفعت رئيس الحكومة إلى إصدار قرار بوقف المنقوش عن العمل، ثم إقالتها وإحالتها إلى لجنة تحقيق، لكن مصادر ليبية عدة قالت إن الدبيبة كان على علم باللقاء، واطلع على تفاصيل ما جرى فيه.
يشار إلى أن الدبيبة أعلن في اجتماع لحكومته قبل أيام عن إقالة المنقوش، ورضخ لطلبات الشارع بفتح تحقيقات حول اللقاء، ما دفع بجهاز الأمن الليبي إلى إصدار قرار بمنعها من السفر، رغم تسريبات تؤكد أنها فرّت إلى تركيا – ومنها إلى لندن
ويتساءل مراقبون لمصلحة من تقوم حكومة الكيان الصهيوني بتسريب معلومات عن اللقاءات التي تصفها دائما بالسرية وتؤكد أنها تمت بالتنسيق المشترك على أعلى المستويات، هل الغاية التسريع بخطوات التطبيع بين ليبيا والكيان الصهيوني أم إن الغاية الإساءة المقصودة لحكومة الدبيبة بشكل مباشر وخاصة أن ليبيا تعاني من حالة انقسام مؤسساتي في سلطاتها التنفيذية حيث إن هناك حكومتين في البلاد، واحدة في الشرق مكلفة من البرلمان برئاسة رئيس الحكومة الليبية المكلف أسامة حماد، بعد إحالة فتحي باشاغا للتحقيق، وحكومة أخرى في الغرب الليبي وهي منبثقة عن اتفاقات سياسية رعتها الأمم المتحدة، إذ ترفض الحكومة في طرابلس غرب البلاد، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.
وفي إطار الشأن الانتخابي الليبي قال المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي إنه التقى، الأحد، مع رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة ونائبيه، وإنهم اتفقوا على ضرورة استكمال الإطار القانوني للانتخابات.
وأضاف باتيلي: "اتفقنا على ضرورة استكمال الإطار القانوني للانتخابات مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات المقدمة من قبل الأطراف الرئيسية في العملية السياسية لجعل القوانين الانتخابية قابلة للتنفيذ".
كما التقى باتيلي مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، وأكدا أيضا ضرورة استكمال الإطار القانوني للانتخابات العامة، مع التأكيد على دور المفوضية في تقديم المشورة فيما يتعلق بالمسائل الانتخابية، وفقا لقناة "الشرق" السعودية.
يذكر أن "إسرائيل" تسعى مؤخراً بشكل حثيث إلى تطبيع علاقاتها مع الدول العربية بعد توقيع الاتفاقات التي عرفت باتفاقات "آبراهام" عام 2020 والتي تهدف إلى إقناع الدول المعادية لـ "إسرائيل" بالاعتراف بسيادتها وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وقد تمكنت "إسرائيل" من ذلك مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، حتى الآن.