الوقت - أعلنت مصادر إخبارية عن مقتل 40 عنصراً من قوات قبائل المنطقة و"قوات سوريا الديمقراطية" ومسلحي حزب العمال الكردستاني، و15 مدنياً حتى الآن خلال الاشتباكات المتفرقة التي بدأت الأسبوع الماضي شرق سوريا (محافظة دير الزور/شرق الفرات).
وفي الأيام الأخيرة، استمرت الصراعات بوتيرة متزايدة في شرق سوريا، وسيطرت قوات العشائر ومجلس دير الزور العسكري على مواقع ومراكز وجود إرهابيي حزب العمال الكردستاني و"قسد" في مدنهم وقراهم الواحدة تلو الأخرى، وفي السابق، لم يكن هناك سوى مرتزقة "قسد" في هذه المنطقة، ولكن منذ بعض الوقت انضم إليهم إرهابيو حزب العمال الكردستاني أيضًا بأمر من الولايات المتحدة.
ومن أسباب اشتعال تلك الصراعات، اعتقال "أحمد الخيل" الملقب بـ "أبي خولة" من القادة العرب في مجلس دير الزور العسكري، من قبل إرهابيي قوات سوريا الديمقراطية.
وفي كانون الثاني/يناير 2020، أدى اغتيال "الشيخ اطليوش الشتات"، أحد شيوخ قبيلة "العكيدات" المشهورين، في منزله شرق سوريا، إلى دخول المنطقة في صراعات حادة لعدة أسابيع، وكان الشيخ اطليوش من أبرز المعارضين للاحتلال الأمريكي في محافظة دير الزور.
کما تظاهر المئات من أبناء عشائر شرق سوريا، في تموز الماضي، وسط مدينة البصيرة بمحافظة دير الزور، وطالبوا بطرد قوات الاحتلال الأمريكي ومرتزقته.
وبعد اتساع نطاق الصراعات بين قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني مع العشائر العربية في شرق سوريا، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة، الخميس الماضي، أنها تراقب عن كثب الأحداث الجارية في شرق سوريا، وتواصل التعاون مع الميليشيات الكردية.
وسافر الجنرال "مايكل إريك كوريلا"، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بشكل غير قانوني إلى سوريا مرةً أخرى في سبتمبر الماضي، وقام بزيارة مخيمات لعائلات تنظيم "داعش" الإرهابي، بما في ذلك مخيم الهول شمال شرق البلاد، كما التقى بشكل سري مع قادة قوات سوريا الديمقراطية، وبعد ذلك تم إملاء المؤامرة الأمريكية الجديدة على قوات سوريا الديمقراطية.
تنبع حساسية أمريكا في شرق سوريا من حقيقة أن هذه الصراعات تدور حول حقل "كونيكو" للنفط والغاز (بالقرب من مدينة دير الزور شرق الفرات)، و"النفط" هو أحد الأسباب الرئيسية للاحتلال الأمريكي في سوريا؛ كما توجد إحدى القواعد العسكرية الأمريكية في محيط هذا الحقل الغازي.
منذ هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي باعتباره الذراع العسكري الأمريكي في سوريا في ديسمبر 2016، حلّ الجنود الإرهابيون الأمريكيون محلّ هذه الجماعة الإرهابية بشكل مباشر، ومنذ ذلك الوقت بالضبط، بدلاً من "داعش"، بدؤوا باستخراج وسرقة النفط السوري وقتل أهل هذا البلد.
منذ عام 2017، أنشأت الولايات المتحدة 22 قاعدة غير قانونية رئيسية و4 قواعد فرعية وإجمالي 26 قاعدة في سوريا لتنفيذ أغراضها الشنيعة، وفي هذا الاتجاه تستخدم أيضاً قوات "قسد"، ومؤخراً اشتدت هذه القضية مع نقل قوات حزب العمال الكردستاني إلى شرق سوريا.
تخضع حالياً أجزاء كبيرة من أراضي محافظات "الحسكة و"دير الزور" و"الرقة" (شرق وشمال شرق سوريا) التي تتمتع بموارد النفط والطاقة، لسيطرة الأمريكيين وقوات سوريا الديمقراطية (أكراد وعرب سوريون مدعومون من الولايات المتحدة/قوات سوريا الديمقراطية(.
كما أنشأ الأمريكيون قاعدتين في منطقة التنف جنوب سوريا على الحدود مع الأردن والعراق، حيث تم تدريب عشرات الآلاف من الإرهابيين وإرسالهم إلى مناطق مختلفة في سوريا للقيام بأنشطة إرهابية، والآن يدعم الأمريكيون عدداً كبيراً من الإرهابيين من خلال هاتين القاعدتين.
وبعد الزيارة الأخيرة للجنرال كوريلا (قائد القيادة المركزية) إلى شرق وشمال شرق سوريا، كان من الواضح أن الأمريكيين أعدوا خطةً جديدةً لهذه المنطقة، وقد توصلوا إلى نتيجة مفادها بأنه ينبغي عليهم إعطاء هذه المناطق لقوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني، وجعل هذه المنطقة موحدةً في المستقبل.
في الوقت نفسه، فإن العشائر العربية في هذه المنطقة، الذين كانوا حلفاءً للولايات المتحدة في هذه السنوات القليلة ويشكلون الأغلبية الساحقة من السكان، يشعرون بالانزعاج الشديد وقد حملوا السلاح لأن الأمريكيين باعوهم للأكراد مجاناً.
وعلى عكس توقعات الأمريكيين، تكبدت قوات حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، على الرغم من امتلاكهم الكثير من المعدات والمرافق، خسائر فادحة في المعركة مع العشائر السورية، ولم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم.
الإرهابيون متعددو الجنسيات من حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، الذين اعتقدوا أنه مع الدعم والمعدات الثقيلة والعناصر العسكرية المدربة من قبل الأمريكيين، يمكنهم الاستيلاء على جميع المناطق على طول نهر الفرات ونهر الخابور في شرق سوريا من سيطرة العشائر في المنطقة في غضون ساعات، أدركوا أن العشائر أقوى بكثير مما كانوا يعتقدون.
فلا التدريب الأمريكي، ولا المعدات الأمريكية، مثل المدافع والدبابات والمدرعات، ولا حتى الرشوة والتهديدات، جعلتهم ينتصرون، وفي الأسبوع الماضي، رأينا أن إرهابيي حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية قد تركوا العديد من مواقعهم في شرق سوريا، وفضّلوا الفرار.
وحسب الأخبار الواردة، فإن عدد السكان العرب في شرق سوريا يزيد 3 إلى 4 مرات عن الأكراد في هذه المناطق، والمسعى الأمريكي لتغليب الأكراد ليس سوی غباء.
وقد دارت الاشتباكات في شرق سوريا بين الأكراد والعشائر العربية في المنطقة، فيما فشل قادة حزب العمال الكردستاني في نقل عدد كبير من عناصرهم من العراق وشمال سوريا إلى شرق سوريا، وهذه القضية تسببت في هزيمة الأكراد في شرق دير الزور.
إن جماعة حزب العمال الكردستاني في سوريا في حالة يرثى لها من حيث عدد الأشخاص، لأن معظم عناصرها متواجدون في العراق، ولهذا السبب دخل عدد من العناصر العراقية والإيرانية (بيجاك) إلى سوريا، واستقروا في مدن القامشلي والحسكة والرقة وعين العرب، وحسب الأنباء الواردة، فإن بعض هذه العناصر تم نقلها من جبل قنديل إلى شمال وشمال شرق سوريا، وهي تنظم صفوفها للدخول في المعركة مع العشائر العربية شرق الفرات.
وفي هذا الصدد، تم الإعلان عن أن الولايات المتحدة تبحث عن نقل إرهابيي "كومله والديمقراطيين" من شرق العراق(قرب الحدود الإيرانية) إلى شرق سوريا، لاستخدامهم لتنفيذ مؤامرته الشريرة في شرق سوريا (مع الحفاظ على سلامتهم)، (اتفقت حكومتا إيران والعراق على أنه بحلول نهاية سبتمبر، سيتم إخراج إرهابيي كومله والديمقراطيين من حدود إيران).
المخطط الشرير لأمريكا والصهاينة في شرق سوريا
الأمريكيون والصهاينة لديهم خطط شريرة في شرق سوريا، وأهمها قطع خط المقاومة بين العراق وسوريا، من خلال الاستيلاء على الحدود بين قاعدة التنف غير الشرعية في جنوب شرق سوريا وحدود البوكمال شرق هذا البلد.
وفي هذا الصدد، هاجم الأمريكيون مراراً وتكراراً الشاحنات الإيرانية التي تحمل المعدات الطبية والعلاجية والوقود وغيرها من الضروريات للسوريين، بقاذفاتهم وطائراتهم دون طيار، وهم يحاولون قطع الاتصال البري بين سوريا والعراق، من خلال جعل هذا الطريق غير آمن أولاً ثم قطعه.
ومن القضايا الشريرة الأخرى والهدف الأمريكي في شرق سوريا، هو حكم الأكراد متعددي الجنسيات مثل حزب العمال الكردستاني، وکومله، والديمقراطيين، وبيجاك في شرق سوريا.
إن كل المدن والقرى الممتدة على طول نهر الخابور ونهر الفرات، من مدينة منبج شمال سوريا إلى الحدود العراقية، وحتى مدن وقرى محافظة الحسكة (شمال شرق سوريا) بمسافة تصل إلى 30 كيلومتراً عن الحدود التركية، كلها يسكنها العرب، لكن الأمريكيين يحاولون جعل إرهابيي حزب العمال الكردستاني وغيرهم من الجماعات الإرهابية الكردية متعددة الجنسيات التي ليست من سوريا، تحكم مصير سکان شرق هذا البلد، وذلك لمواصلة سرقة الموارد النفطية لهذا البلد، وإنقاذ حياة الإرهابيين من خلال إبعادهم عن حدود العراق وإيران.
ومن المشاكل التي ظهرت في الأيام الأخيرة للأمريكيين في شرق سوريا، انفصال العرب عن "قسد" وانضمامهم إلى عشائر دير الزور، وهذا ما دفع الأمريكيين إلى محاولة تعويض هذا النقص، من خلال نقل الإرهابيين الأكراد متعددي الجنسيات مثل حزب العمال الكردستاني إلى جانب كومله والديمقراطيين، وفي الوقت نفسه جعلهم يصطدمون بالقوات الإيرانية في شرق سوريا، وهو الإجراء الذي ينتظره المقاتلون الإيرانيون للقضاء علی الإرهابيين في سوريا بشکل نهائي هذه المرة.
وفي الختام، لا بد من التأكيد على أن المخطط الأمريكي في شرق سوريا سيتحول إلى كابوس، ولا يوجد مصير سوی الهزيمة للمرتزقة والإرهابيين الذين تدعمهم أمريكا في سوريا، والطريق الوحيد أمام الإرهابيين وأمريكا في سوريا، هو مغادرة هذا البلد وتسليمه لشعبه وحكومته.