الوقت- بينما أصبح تسليم طائرات F-16 المقاتلة إلى أوكرانيا موضوعاً ساخناً في الأوساط السياسية والإعلامية للغرب في الأسابيع الأخيرة، إلا أن هذه الأسلحة لم تصل لأوكرانيا حتى كشفت أمريكا عن خيارها التسليحي الجديد، فبعد إرسال قنابل عنقودية محظورة إلى أوكرانيا، الأمر الذي أثار موجة من المعارضة العالمية، قرر البيت الأبيض هذه المرة تسليم القنابل التي تحتوي على "اليورانيوم المنضب" إلى حليفته.
ووفقا لمسؤولين أمريكيين، فإن مثل هذه القذائف ستستخدم لتدمير الدبابات الروسية وهي جزء من حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف، ويمكن إطلاق الذخيرة من دبابات أبرامز الأمريكية، ومن المتوقع أن يتم تسليمها إلى أوكرانيا في غضون أسابيع حسب مصدر مطلع على الأمر، وقال مسؤول أمريكي كبير إن حزمة المساعدات الجديدة ستتراوح بين 240 مليون دولار و375 مليون دولار، والولايات المتحدة هي الدولة الثانية بعد بريطانيا التي ترسل ذخائر اليورانيوم المنضب إلى أوكرانيا، وهو أمر من المرجح أن يكون مثيرا للجدل بسبب تأثير هذه الأسلحة على المدنيين والبيئة.
بينما ضعف المسؤولون الأوكرانيون خبر شحنات أسلحة اليورانيوم المنضب، ادعى المسؤولون الأوكرانيون أن لديهم القدرة على بناء وتطوير صواريخ بعيدة المدى محلياً.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي: "لقد تمكنا بنجاح من إصابة هدف على مسافة 700 كيلومتر باستخدام أسلحة بعيدة المدى"، وعلى الرغم من عدم التأكد من صحة ادعاءات زيلينسكي، إلا أن بعض المصادر قالت إن الصاروخ الذي أطلق مؤخرًا على مطار بسكوف في روسيا وألحق أضرارًا بعدة طائرات من طراز إليوشن إيل-76 قد يكون صاروخًا بعيد المدى.
هذا في حين رفضت الدول الغربية تسليم الصواريخ بعيدة المدى، رغم إرسالها كل أنواع الذخائر الحربية، لأنها حسب محللين غربيين، تخشى أن تكون نتيجة ذلك استهداف الأراضي الروسية، الأمر الذي سيؤدي إلى توسيع نطاق هذه الحرب، ويحذرون من أن إعطاء أسلحة بعيدة المدى يعتبر خطاً أحمر لموسكو.
وعلى الرغم من أن زيلينسكي نفسه قال إنه لا ينوي نقل الحرب إلى الأراضي الروسية، إلا أن عملية التطورات الميدانية والتحريض الأمريكي على الحرب قد يستفز الأوكرانيين في النهاية لاستخدام هذه الأسلحة، وهو ما سيؤدي بلا شك إلى رد حاسم من موسكو.
غضب موسكو
وأثار الإجراء الجديد الذي اتخذته واشنطن غضب الروس، وقال ألكسندر باشكين، عضو مجلس الاتحاد الروسي، إن الجيش الروسي سيدمر قنابل اليورانيوم المنضب الأمريكية بمجرد وصولها إلى أوكرانيا، تماما كما دمروا سابقا الأسلحة التي أرسلتها بريطانيا إلى كييف.
وقال باشكين: "نأسف لأن ذخائر اليورانيوم تسبب تلوثا بيئيا، لكن المسؤولية عن ذلك تقع بالكامل على عاتق الولايات المتحدة"، وقال هذا المسؤول الروسي: "إذا زودت أمريكا أوكرانيا بصواريخ اليورانيوم المنضب، فسوف تظهر مرة أخرى وجهها المتعطش للدماء، من القصف الذري على هيروشيما، إلى الحرق الوحشي للناس أحياء واستخدام قنابل النابالم في فيتنام، وستستمر هذه القصة، مثل نقل الذخائر العنقودية إلى أوكرانيا، والآن الذخائر التي تحتوي على نواة اليورانيوم، مثال آخر من التصرفات الأمريكية التي يراها العالم أجمع، والجميع في الواقع يقوم بتقييم مناسب لمن يحاول السلام ومن يلجأ إلى أبشع الطرق لصنع الحرب.
منذ بداية حرب أوكرانيا دمرت روسيا آلاف الأطنان من الأسلحة المرسلة من الغرب قبل أن تصل إلى وجهتها، كما تم تدمير عدد منها، بما في ذلك دبابات ليوبارد الألمانية، في ساحة المعركة، وربما تكون قنابل اليورانيوم المنضب لها نفس مصير الدبابات والصواريخ السابقة.
قنبلة اليورانيوم والأرض المحروقة في أوكرانيا
ويأتي هذا الإجراء في أعقاب القرار السابق لإدارة بايدن بتوفير ذخائر عنقودية لأوكرانيا، إن استخدام ذخيرة اليورانيوم المنضب، مثل القنابل العنقودية، له آثار سلبية كثيرة، ولهذا السبب حظرت العديد من الدول استخدامه، ويؤكد معارضو حظر أسلحة اليورانيوم المنضب مخاطرها الصحية الجسيمة، لأن المقذوفات التي تحتوي على اليورانيوم المنضب يمكن أن تسبب السرطان والعيوب الخلقية إذا دخلت هذه المادة الجسم، إما عن طريق الشظايا أو عند استنشاقها.
اليورانيوم المنضب هو نتيجة ثانوية لعملية تخصيب اليورانيوم المستخدمة في الذخائر لأن كثافته العالية تمنح القذائف القدرة على اختراق طبقات الدروع بسهولة والاحتراق تلقائيًا، ما يشكل سحابة من الغبار والمعادن، في حين أن اليورانيوم المنضب أقل إشعاعًا بكثير من اليورانيوم الطبيعي، إلا أن جزيئاته يمكن أن تبقى لفترة طويلة.
وهناك مخاوف بشأن المخاطر طويلة المدى لليورانيوم المنضب المتروك في ساحات القتال، والذي يمكن أن يلوث المياه والتربة والإمدادات الغذائية بشدة، ما يهدد حياة الإنسان والحيوان.
واستخدمت الولايات المتحدة ذخائر اليورانيوم المنضب بكميات كبيرة خلال حربي العراق في عامي 1990 و2003 وأثناء قصف يوغوسلافيا السابقة في عام 1999، ومن أسباب ولادة بعض الأطفال العراقيين بإعاقات جسدية وعيوب في الأعضاء أن آثار القنابل العنقودية واليورانيوم المنضب منتشرة في مناطق مختلفة من البلاد.
ويقول الخبراء إن انتشار المواد المشعة يؤدي أيضًا إلى تفاقم تحديات التنظيف الهائلة التي ستواجهها أوكرانيا بعد الحرب، وخاصة عندما تمتلئ البلاد بالذخائر غير المنفجرة من القنابل العنقودية ومئات الآلاف من الألغام الأرضية.
بداية سباق التسلح وخطوة أخرى نحو الحرب النووية
كان إشعال الحرب من جانب أمريكا ومواصلة تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا سبباً في إطلاق سباق تسلح جديد قد يواجه العالم بكارثة نووية، وحذر الروس من أن إرسال القنابل العنقودية واليورانيوم المنضب من شأنه أن يؤجج نيران الحرب ويحجب الطريق إلى السلام، لذلك، إذا ردت موسكو إذا لزم الأمر واستخدمت مثل هذه الأسلحة، فإن بدء حرب نووية لن يكون خياراً مستحيلاً بعد الآن.
وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في كلمة أمام الغربيين السبت: "إن امتلاك الأسلحة النووية هو لحماية روسيا من التهديدات الأمنية، والتي يقوم حلف شمال الأطلسي بتكثيفها، لذا فإن امتلاك الأسلحة النووية هو الرد الوحيد الممكن على بعض تهديدات الأجانب لأمن بلادنا".
من ناحية أخرى، أعلنت وكالة الفضاء الروسية، الجمعة، أنها وضعت صواريخها الباليستية العابرة للقارات، القادرة على حمل ما لا يقل عن 10 رؤوس نووية، في وضع الاستعداد.
وقبل نحو شهرين أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن صواريخ "سارمات" ستكون قريبا في حالة تأهب قتالي.
وفي العام الماضي، اختبرت روسيا لأول مرة صواريخ سارمات، التي تعتبر أقوى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في العالم. وقد أطلقت الدول الغربية على هذا الصاروخ لقب "الشيطان" لأن قوته التدميرية عالية جدًا، وسبق أن هدد بوتين باستخدام الأسلحة النووية إذا تعرضت سلامة أراضي بلاده للتهديد، وربما تؤدي تصرفات واشنطن الاستفزازية والمتدرجة إلى دفع الروس في النهاية إلى هذا المسار الخطير.
إن دعاة الحرب لدى إدارة بايدن لها منتقدون أكثر حتى في الداخل، حيث حذر المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية روبرت كينيدي جونيور، يوم السبت، من أن بلاده متواطئة في تدمير أوكرانيا من خلال إرسال قذائف اليورانيوم المنضب وتعهد بوضع حد لهذه السياسة المتهورة".
يرسل الأمريكيون كل أسلحتهم إلى أوكرانيا على أمل أن يتمكنوا من تحقيق النجاح في الميدان، لكن الحقيقة هي أن تسليم أكثر من 170 مليار دولار من المساعدات المالية والأسلحة خلال هذه الفترة، لم يفشل فقط في شفاء آلام الأوكرانيين، ولكن أيضًا نتج عن ذلك خسارة 15% من أراضي هذا البلد، وقد يؤدي استمرار هذه الحروب إلى تدمير أوكرانيا من خريطة العالم، كما زعم ديمتري ميدفيديف.