الوقت- رد لبنان بقوّة على الدول التي تناصر "إسرائيل" بشأن قضية خيام حزب الله، ورداً على طلب دبلوماسيي الدول الخمس الكبرى تفكيك خيام حزب الله، قال وزير خارجية الحكومة اللبنانية المؤقتة عبد الله بو حبيب، إنه إذا كان هناك نقاش، فيجب أن يكون حول احتلال "إسرائيل" لحقول شبعا، وليس حول خيام حزب الله، حيث رد لبنان بحزم وقوّة، بعد أن ردت الحكومة اللبنانية على طلب تل أبيب بخصوص الخيم التي أقامها "حزب الله" أو المقاومة اللبنانية، والتي يرغب كيان الاحتلال الصهيوني بإزالتها، والتي تدعي تل أبيب أنها داخلة في حدود احتلالها، وذلك تجنباً للدخول في الحرب مع الإسرائيليين، في ظل عدم قدرة "إسرائيل" ورغبتها على المواجهة مع حزب الله، وتآكل الردع الإسرائيلي ضد هذا الحزب، وتحول المقاومة اللبنانيّة إلى قوّة حقيقية صادمة للقيادات الصهيونيّة، لكن رد لبنان السابق والحالي جاء على عكس ما تشتهي القيادات العسكرية الإسرائيلية، وجاءت التصريحات الحكومية في لبنان بمثابة "صفعة" قاسية على وجه الإسرائيليين ومن يدعمهم.
موقف لبناني شجاع
بعد أن تطرّق وزير الخارجية في الحكومة اللبنانية قبل فترة إلى ردّ بيروت على طلب الكيان الصهيوني بخصوص الخيام التي أقامها حزب الله اللبناني، وقوله: "إن اليونيفيل نقلت طلب إسرائيل تفكيك الخيمة التي أقامها حزب الله في حقول شبعا المحتلة"، وما ذكره في كلمة عقب الاجتماع بين رئيس الوزراء اللبناني المؤقت وقائد القوات الدولية في جنوب لبنان حول أنه تم فحص الوضع الأمني في جنوب لبنان ونقلوا إلينا طلب الجانب الإسرائيلي بتفكيك خيمة حزب الله ، مشدّداً على أن رد لبنان على مثل هذا الطلب هو "نريدهم أن ينسحبوا من شمال الغجر وهي أرض لبنانية"، في صفعة شديدة وذات أهمية كبيرة، تدعم موقف المقاومة الرافض لأي تنازل أمام محتل الأرض وقاتل الأبرياء.
والصفعة التالية كانت بعد أعلن وزير الخارجية في الحكومة اللبنانية المؤقتة، خلال تصريحاته حول التوترات الأخيرة على الحدود مع فلسطين المحتلة: "لقد طلبنا من اليونيفيل (قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المتمركزة في لبنان) إظهار حدود لبنان وفلسطين المحتلة وتشكيل اجتماع ثلاثي، لأن القضايا المتعلقة بالخط 23 وخط وقف إطلاق النار والخط الأزرق اليوم موضع نزاع، وتجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، كان قد أعلن أن هاتين الخيمتين اللبنانيتين أقيمتا في الأراضي اللبنانية، وعلى المجتمع الدولي إجبار "إسرائيل" على تنفيذ القرار 1701، وطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الشطر الشمالي لقرية الغجر وحقول شبعا وتلال كفرشوبا.
وفي الوقت الذي أكد فيه عبد الله بو حبيب في حديث صحفيّ أن الحكومة اللبنانية لا تريد منع قوات اليونيفيل من القيام بدوريات، لكن هذه الدوريات يجب أن تكون بالتنسيق مع الجيش اللبناني، طالب مجلس الأمن بوقف العدوان الإسرائيلي البري والبحري والجوي وفقا للقرار 1701، مؤكّداً "يجب أن نتحدث عن احتلال إسرائيل لحقول شبعا وليس خيام حزب الله"، حيث شكّل موقفا الحكومة اللبنانيّة الأخيرين تكاملاً مع موقف المقاومة اللبنانية أو حزب الله، في ظل خشية كيان الاحتلال وقياداته من أيّ حرب جديدة خشية الثمن الباهِظ وبالأخص مع حزب الله، والدليل على ذلك اعترافهم بأن "إسرائيل" فقدت قوتها الرادعة ضد المقاومة اللبنانية، والدليل ما كشفته القناة 12 الإسرائيلية، حول أن البيت الأبيض قدم عرضا يتضمن قيام حزب الله بتفكيك "الخيام العسكرية" مقابل قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوقف بناء الحواجز الأمنية بالقرب من الأسوار والقرى الحدودية، حيث يعتقد حزب الله أن بناء الحواجز الأمنية في المنطقة ينتهك سيادة لبنان.
هزيمة كبيرة للكيان الإسرائيلي
وبالنسبة لخيام حزب الله في حقول شبعا، جاء سفراء خمس دول كبرى إلى لبنان للتحدث إلينا عن هذه الخيام، لكن جواب لبنان كان "إذا كنا سنتحدث، يجب أن نتحدث عن احتلال إسرائيل لحقول شبعا، وليس الخيام التي نصبها حزب الله هناك "، وردا على عدوان الصهاينة على نقطة الحدود اللبنانية، أنشأ حزب الله موقعا عسكريا يتكون من عدة خيام داخل مناطق حقول شبعا، وهو ما يعترض عليه النظام الصهيوني، وناشد الأمم المتحدة، وطالب الأطراف الدولية بالتحرك من أجل إقناع حزب الله بالانسحاب من تلك المناطق، فيما يتجاهل حزب الله هذا الطلب من الصهاينة وأنصارهم، مؤكداً التزام المقاومة بدعم سيادة لبنان واستقلاله.
وفي ظل الموقف اللبنانيّ المهم والمؤثر، أظهر التقرير العبريّ أن حزب الله سيوافق على تفكيك الخيمة إذا أوقف الجانب الإسرائيلي بناء جدار الغجر، وتجدر الإشارة إلى أن الخيم بنيت في المنطقة فوق الخط الأزرق منذ حوالي شهر، وقام حزب الله في وقت لاحق بتفكيك واحدة والحفاظ على واحدة أخرى، داعيا "الدولة اللبنانية والشعب اللبناني إلى اتخاذ إجراءات لمنع توطيد الاحتلال الإسرائيلي للجزء اللبناني من قرية الغجر الحدودية"، وهذا بالفعل ما قامت به الحكومة اللبنانية وأجهزتها الدبلوماسية، وخاصة أنّ الخيمة التي تعيش فيها العناصر العسكرية لحزب الله أصبحت رمزا للحزب، ويرى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنها فرصة، وفقا لتقارير عبرية، لكسر شوكة لبنان.
ويزعم الإعلام العبريّ أن نصر الله لاحظ أن وضعا جديدا قد تشكل في المنطقة التي يمكن أن يحاول الاستفادة منها، وفي الوقت نفسه، تبذل "إسرائيل" جهودا لحل القضية من خلال" الوسائل الدبلوماسية" وسط شكوك حول فرص نجاحها في القضية، واعتبر محللون صهاينة أن غمر" إسرائيل" في الخيام في منطقة مزرعة شبعا المحتلة يعتبر نجاحا كبيرا لحزب الله، ما يعني أن" احتمال التصعيد يزداد بمرور الوقت "، حيث وقفت قوات الاحتلال الإسرائيلية وقوات الأمن " عاجزة عن مواجهة ردود حزب الله على الاستفزازات الإسرائيلية، ويدعي الجانب الإسرائيلي أنه منح حزب الله فترة محددة لتفكيك الخيام (التي لم يتم الإعلان عنها)، وأكدت الدوائر العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية أن تل أبيب ستزيل الخيام حتى لو كان ذلك على حساب معركة قد تستمر لأيام، على حد زعمها، وقال حزب الله إن "إسرائيل" اتخذت مؤخرا إجراءات "تمثلت في بناء أسوار من الأسلاك الشائكة وبناء جدران خرسانية حول القرية بأكملها"، ما أدى إلى "فصلها عن البيئة التاريخية الطبيعية داخل أراضي لبنان وفرض سلطتها عليها".
وكما تحدثت وزارة الخارجية اللبنانية، أشار حزب الله إلى أن هدف ما حدث هو "الاحتلال الكامل للقسم اللبناني بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع"، وقد لبت الدولة اللبنانية وجميع مؤسساتها إجراءات منع إجراءات هذا الاحتلال المقيت، ودعت وزارة الخارجية اللبنانية، في الفترة الماضية، المسؤولين الدوليين إلى الضغط على تل أبيب للتراجع عن قرارها بمنع دخول اللبنانيين إلى القرية، متهمة إياها "بالسعي لضم القرية في انتهاك واضح لقرار مجلس الأمن رقم 1701"، ليُخلق واقع جديد على الأرض، فيما دعت اليونيفيل كلا من حكومة الاحتلال ولبنان إلى " التزام الهدوء "ووصفت الإجراءات بالقرب من الخط الأزرق الذي يفصل بين لبنان وفلسطين بأنها "حساسة للغاية.
وبالتالي، أزمة جديدة تضاف إلى أزمات الكيان الصهيونيّ الغاصب للأراضي العربية، تضاف إلى هزائمه الكبيرة، وخاصة في ظل الأزمات الداخلية التي وقع فيها الإسرائيليون بشدّة في الأيام الماضية، واعترافهم بأنّ "قوة الردع الإسرائيلية ضد حزب الله تضررت وفشلت بشكل كبير"، وكأن الحزب –بتأكيد الإعلام العبري- ينتصر على جميع المستويات، بطريقة كشفت تآكل الردع الإسرائيلي وأثبتت أن حزب الله لا يخشى الرد العسكري الإسرائيلي، ومن ناحية أخرى إن الرد اللبناني الحازم يدل على أن "إسرائيل" باتت في موقف أضعف اليوم، فيما تعلم قوات الأمن والجيش الصهيونيّ أن أي عملية عسكرية ضد حزب الله سيكون لها رد قاسٍ من الحزب وسينفذ حزب الله عملية ستوجه ضربة كبيرة لجبهة "إسرائيل" الداخلية، وخاصة أنّ المقاومة اللبنانيّة المتمثلة في "حزب الله" حققت انتصارات كبيرة على الصهاينة، وفرضت معادلاتها وغيّرت المحاور القتالية بشكل كبير.
وبما أن "إسرائيل" لا تفهم سوى لغة القوة، فإن قوة الحزب مبنية على كمية ونوعية الصواريخ التي يمتلكها، وتَستخدم استراتيجية الحزب عادةً القذائف والصواريخ كأسلحة هجومية، إضافة إلى وحدات المشاة الخفيفة والدروع المضادة للدروع، فضلاً عن الطائرات المسيّرة، لذلك، تؤثر حقيقة أن "حزب الله لا يأبه الإسرائيليين" على الكيان الصهيوني الذي انخفض صوت تهديده كثيرا عن السابق، وبات يعترف بأن الموقف الاستراتيجي والردع لكيانه آخذان في التآكل التام، ناهيك عن أنه يمر بأزمة خطيرة، سببها الرئيسي هو تمزقه وتعميق الانقسامات الداخلية للصهاينة، وهي فجوة يدركها أعداء "إسرائيل" جيدًا، وعليه تتجنب القيادات الإسرائيلية الدخول في حرب مع لبنان ربما تتحول إلى حرب واسعة النطاق، وهي معركة تضر بالإسرائيليين أكثر مما يتخيلون.