الوقت- انهارت محاولات التوصل إلى تسوية حول التعديلات القضائية الإسرائيلية بين الائتلاف الحكومي الذى يتزعمه بنيامين نتنياهو وأحزاب المعارضة، وصوّت الكنيست الإسرائيلي، يوم الإثنين الماضي، على تعديل قانوني يهدف إلى إلغاء ذريعة عدم المعقولية بتأييد 64 عضو كنيست دون أي صوت معارض، في ظل مقاطعة كتل المعارضة جلسة التصويت بعد إغلاق الباب أمام مساعي الوساطة التي تواصلت حتى اللحظة الأخيرة.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي “مكان”، أنه بعد الإعلان عن انهيار جهود التسوية بين المعارضة والائتلاف، صوتت الهيئة العامة للكنيست قبل قليل على 140 تحفظا على مشروع قانون تقليص حجة المعقولية.
تعقيب المعارضة
وفي أعقاب ذلك، قال زعيم المعارضة يائير لبيد إن جهودا جمّة بذلت خلال اليومين الماضيين للتوصل إلى تفاهمات واسعة، لكن يبدو أنه من المستحيل التوصل إلى اتفاق مع هذه الحكومة يحافظ على الديمقراطية.
وأضاف لبيد: إن الحكومة تحاول تفكيك الدولة والديمقراطية والأمن ووحدة الشعب وعلاقات "إسرائيل" الدولية.
ومن جهتها، قالت مصادر في الليكود، وفق ما ذكرته هيئة البث الإسرائيلي، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أراد التوصل إلى تسوية مع المعارضة لكنه استسلم للضغوط التي مارسها عليه وزير العدل ياريف ليفين.
وذكرت المصادر أن وزير الجيش الإسرائيلي يؤاف غالانت حاول إقناع نتنياهو بالتصويت لمصلحة أحد التحفظات، لإبقاء الباب مفتوحا أمام استئناف المفاوضات مع المعارضة.
وشددت المصادر على رفض ليفين لهذه المساعي وإصراره على المضي قدما في إقرار التشريع القضائي بصيغته الحالية.
وأوضحت هيئة البث الإسرائيلي، أن وزير المالية بتسالئيل سموتريتش قاد محاولة للتوصل إلى حل وسط في اللحظة الأخيرة، من خلال إرجاء التشريع الخاص بتعيين القضاة لمدة تزيد على 6 أشهر، لكن الوزيرين ياريف ليفين وايتامار بن غفير عارضا ذلك بشدة.
ارتفاع الدولار أمام الشيكل
وفي ظل فشل محاولات التوصل إلى حل توافقي بشأن التشريع والتهديدات بالإعلان عن إضراب في المرافق الاقتصادية، تشهد المؤشرات الرئيسية لسوق الأسهم انخفاضا خلال الساعات الأخيرة، كما ارتفع سعر الصرف الرسمي للدولار مقابل الشيكل، كذلك شهدت المؤشرات الرئيسية لسوق الأسهم انخفاضًا خلال الساعات الأخيرة، وارتفاعاً بسعر الصرف الرسمي للدولار مقابل الشيكل.
وخارج مبنى الكنيست تتواصل الاحتجاجات المناوئة للتشريعات القضائية، واعتقلت الشرطة الإسرائيلية حتى الآن 12 من المتظاهرين خلال محاولتهم سد الطرق المؤدية إلى الكنيست لعرقلة وصول النواب.
استقالات جماعية
استقال مئات الطيارين في سلاح الجو الإسرائيلي رسميًا عن الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الإثنين، في أعقاب المصادقة النهائية على قانون "عدم المعقولية" الذي يهدف إلى تقويض سلطة المحكمة العليا، وذلك بعد سلسلة من التحذيرات شديدة اللهجة.
ووفقًا لما أوردته القناة العاشرة الإسرائيلية، أبلغ العشرات من الطيارين في سلاح الجو الإسرائيلي قادتهم، الاثنين، أنهم قرروا التوقف عن الخدمة بشكل نهائي، وقبل أيام، وقع مئات الطيارين عريضة تفيد بخروجهم من الخدمة، حال إصرار الحكومة على المضي قدمًا في الإصلاحات القضائية، وجاء ذلك في أعقاب تمرير البرلمان الإسرائيلي للقراءتين الثانية والثالثة من قانون "عدم المعقولية"، وهو المرحلة الأولى من خطة "الإصلاح القضائي" التي تتبناها الحكومة الإسرائيلي المتطرفة.
التشريعات الجديدة في "إسرائيل" ترفع “القبة الحديدية” القضائية عن ضباطها أمام الجنايات الدولية
حذّر عضو الكنيست الإسرائيلي رون كاتس (حزب “هناك مستقبل” المعارض) من تَبعات إضعاف المحكمة الإسرائيلية العليا على ملاحقة العسكريين الإسرائيليين في العالم، مؤكدا أن قوانين “خطة الإصلاحات القضائية” تؤدي إلى صِدام مع محكمة الجنايات الدولية، داعياً للاحتفاظ بـ “قبّة حديدية” قضائية لهم.
وقال رون كاتس، في مقال نشرته صحيفة “معاريف”، إن حكومة الاحتلال رفعت راية تغيير المنظومة القضائية، ونرى اليوم أن هدفها بسيط؛ إضعاف المنظومة القضائية، ومنح الحكم قوة غير محدودة، وإنه بسبب عدم وجود نقاشات عميقة بشأن إسقاطات هذا على مقاتلي الجيش ومقاتلاته، فمن المهم التوضيح للإسرائيليين ما ينتظرهم، منبهاً إلى أن المحكمة الدولية في لاهاي (محكمة العدل الدولية) تملك الصلاحية لتصنيف جرائم على أنها جرائم دولية، يمكن بسببها محاكمة مشتبه بهم في لاهاي، استناداً إلى مبدأ التكامل.
ويضيف: «عادة، في الدول التي تكون فيها منظومة قضاء مستقلة وأجهزة فرض القانون تفحص الشبهات بصورة جذرية، وتكون نظيفة وصادقة، فإن صلاحية القضاء الدولي لا تفعّل.
حتى اليوم في "إسرائيل"، سمح هذا المبدأ للجيش بأن يقوم بمهامه خلال المعركة، وفي الأيام العادية، وهذا بسبب البند ذاته في دستور محكمة الجنايات الدولية، الذي يتطرّق إلى استقلالية القضاء في الدولة التي يحدث فيها القتال».
ويقول عضو الكنيست كاتس إن حكومة نتنياهو تُبدي امتعاضها من ظاهرة “رفض الخدمة العسكرية”، ويتساءل بالقول "صحيح أنه يتوجّب على الإسرائيليين الدفاع عن الدولة، لكن عندما لا يجري نقاش معمّق، كيف ستفهم الحكومة أنها بعد تقليص حجة المعقولية التي تشكّل أحد أهم الكوابح في المنظومة القضائية، لن يكون في إمكانها الدفاع عن جنودنا وجندياتنا أمام المحاكم الدولية؟".
ويتابع: “سابقاً، كانت هناك محاولات لمحاكمة جنود الجيش في محاكم دولية، وقامت المنظومة القضائية في "إسرائيل" بمواجهة هذه المحاولات والتدخلات الأجنبية، حيث إن الضرر الذي سيلحق باستقلالية المستشارين القانونيين وبحجم صلاحياتهم، إضافة إلى قانون تقليص حجة المعقولية، سيدفع بجهات دولية إلى عدم الاعتماد على الرقابة الداخلية الإسرائيلية”.
هل يمكن الطعن في التصويت؟
الإثنين الماضي تم بالفعل تقديم عدة التماسات إلى الحكمة العليا ضد التشريع الجديد المصنف في "إسرائيل" كقانون أساسي.
القوانين الأساسية في "إسرائيل" أشبه بالدستور، وتقول نافوت “لا يمكن للقانون الأساسي أن يلغي أو يتعدى على القيم الجوهرية لـ"إسرائيل" كدولة يهودية وديموقراطية”.
وأشارت إلى أن “البرلمان غير مخوّل بتغيير جوهر البلاد وإذا فعل ذلك فستكون المحكمة قادرة على إعلان عدم قانونية القانون الأساسي”، وهي خطوة لم تقدم عليها المحكمة العليا من قبل.
والأربعاء، أعلنت المحكمة أنها ستنظر في الملف ولن تجمد التشريع أثناء الإجراءات القانونية، ومن المقرر انطلاق جلسات الاستماع في أيلول/سبتمبر المقبل، ومن المرجح أن تبث عبر شاشات التلفزة ما يمنح الجمهور فرصة لسماع جميع الأطراف.
ماذا بعد الإصلاح القضائي؟
مع اقتراب العطلة الصيفية للبرلمان ليس من المتوقع أن يتم تقديم أي من البنود الأخرى التي تشملها خطة الإصلاح المقترحة للنقاش قبل عدة أشهر.
والإثنين، وعد رئيس الوزراء بإجراء مباحثات مع المعارضة، وقالت أستاذة السياسة في جامعة بار إيلان (قرب تل أبيب) جوليا إلعاد سترينغر إن تصويت هذا الأسبوع كان “فوزا كبيرا للائتلاف وخططه الإصلاحية”.
وأضافت “بمجرد إقرار القانون الأول وسط مثل هذا الاحتجاج فسيكون تمرير القانون التالي أسهل”.
وتشمل البنود الأخرى المقترحة منح الحكومة صلاحيات أكبر في نظام تعيين القضاة وخفض رتبة المستشارين القانونيين الملحقين بالوزارات، وبالنسبة لكلاين فإن “عملية تعيين القضاة هي أهم جزء في الخطة”.
ما تأثير ذلك على "إسرائيل"؟
يشكك ساسة المعارضة والمتظاهرون الذين يحتشدون أسبوعيا بعشرات الآلاف بصدق الحكومة في إجراء مباحثات.
وحسب إلعاد سترينغر هذه “إشارة ربح وليس خسارة”، ومن المتوقع أن تتعمق الانقسامات في الأشهر المقبلة عندما تمضي الحكومة قدما في حزمة الإصلاح التي أدت إلى انقسامات كبيرة، وبالنسبة لكلاين فإن الوضع لا يقل عن كونه “أكبر أزمة تشريعية في تاريخ البلاد”.