الوقت - يوم الجمعة الماضي، حدثت إهانة جديدة للقرآن في أوروبا. حيث أحرق أعضاء جماعة يمينية متطرفة تعرف باسم الوطنيين الدنماركيين، نسخةً من القرآن في كوبنهاغن، عاصمة الدنمارك. والإجراء المذكور هو آخر نقطة في سلسلة حرق المصاحف في القارة الأوروبية.
كما ارتكب سلوان موميكا العمل الشنيع المتمثل في حرق القرآن وتدنيس الكتاب المقدس للمسلمين مرتين في استوكهولم، عاصمة السويد. أي تدنيس القرآن في أقل من 30 يومًا.
من يقف خلف الستار؟
أصدرت وزارة المخابرات الإيرانية بياناً أعلنت فيه أن "سلوان موميكا" عمل في جهاز التجسس الإسرائيلي عام 2019، وبعد أن لعب دور التجسس على تيار المقاومة ودفع مشروع تفكك العراق، استقر في السويد.
كما قال السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله في لبنان، بعد إهانة هذا الشخص للمرة الثانية للقرآن في خطابه في ليلة محرم الثالثة: "يبدو أن الموساد وراء هذه الفتنة".
ما هو هدف الكيان الصهيوني من حرق القرآن؟
عاد نتنياهو إلى رئاسة الوزراء عام 2022، وشكّل الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان. وقد أدى ذلك إلى تحول الصراع بين الصهيونية وفلسطين إلى صراع بين الصهاينة في الأراضي المحتلة عام 1948.
مرت سبعة أشهر تقريبًا على امتلاء شوارع تل أبيب بالمظاهرات لمئات الآلاف من الصهاينة ضد خطة "مراجعة وإصلاح قوانين القضاء"، وهي الخطة التي يعتقد المحتجون أنها تهدف إلى توسيع ديكتاتورية رئيس الوزراء.
مظاهرات غير مسبوقة في مناطق القدس المحتلة
في فترة من الفترات، بلغ عدد المتظاهرين 700 ألف شخص، وهو رقم كبير بين سكان فلسطين البالغ عددهم 7 ملايين نسمة. ووصلت عملية عصيان حكومة نتنياهو، إلى درجة أن 350 طيارًا من سلاح الجو الإسرائيلي تمردوا وانضموا إلى المحتجين.
کما أرسل ما مجموعه 1142 من جنود الاحتياط في الجيش الصهيوني، رسالةً إلى رئيس الأركان ووزير الحرب في هذا الکيان، وأعلنوا أنهم سيرفضون الخدمة في حال الموافقة على القانون.
ويضم الموقعون الطيارين المقاتلين وطياري المروحيات ومشغلي الطائرات دون طيار، وضباط مراقبة الحركة الجوية وكوماندوز وحدة شالداغ. وحدة شالداغ أو "5101" هي وحدة كوماندوز تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
يقول باردو، الرئيس السابق للموساد(أحد مصممي حملة اغتيال العلماء الإيرانيين): "إننا نواجه الآن أكبر خطر وجودي منذ عام 1948"(عام تشكيل الکيان). كما اعترف هرتسوغ، رئيس الكيان الصهيوني، بأن "إسرائيل تواجه أزمةً تاريخيةً تهدد بتدميرها من الداخل. إننا نواجه أصعب اللحظات التي مرت بها إسرائيل على الإطلاق".
ويضاف إلى ذلك تفعيل جبهة المقاومة في الضفة الغربية. والآن يواجه الکيان احتجاجات صهيونية حاشدة مناهضة لنتنياهو في أراضي عام 1948، والمقاومة الفلسطينية في أراضي عام 1967. ويبدو أن الکيان دخل مرحلة التنفيذ لحل الأزمة على مرحلتين:
المرحلة الأولى: في 12 تموز زحف الجيش الصهيوني إلى منطقة جنين في الضفة الغربية (الأراضي المحتلة عام 1967). والآن، ما يقرب من 70٪ من جيش الکيان البالغ قوامه 315 ألف جندي متورط في هذه المنطقة.
ويمكن تحليل أهداف انتشار هذا العدد من القوات في ثلاثة مجالات: "قمع قوات المقاومة"، و"توفير الأمن العسكري لتطوير المستوطنات الصهيونية" و"تصدير أزمة الکيان الداخلية من مناطق عام 1948".
وأدت عملية جنين الوحشية إلى أسر 120 فلسطينياً واستشهاد 12 وإصابة أكثر من 140 آخرين. وبالطبع، ردّت فصائل المقاومة على الکيان في الضفة الغربية بشکل صارم.
حدثت العملية الوحشية التي نفذها الکيان في جنين، بالضبط بين حرق مصحفين قام بهما عملاء الموساد في السويد. وتقدر أجهزة المخابرات الإيرانية أن "سلوان موميكا" نفّذ مشروع حرق القرآن، في أعقاب خطة الکيان لقمع المقاومة الشعبية المشروعة في المناطق المحتلة عام 1967 والضفة الغربية.
وكان الهدف صرف أذهان مسلمي العالم عن أخبار الجرائم المروعة التي ارتكبها الکيان الصهيوني في الضفة الغربية، وخاصةً في جنين. وهو إجراء مألوف تم تنفيذه بطريقة مماثلة في 2014، حيث هاجم الکيان قطاع غزة بالتزامن مع كأس العالم 2014.
المرحلة الثانية: الآن قام شخص آخر في الدنمارك بمشروع حرق القرآن. وجاء هذا الإجراء بعد أن أدانت الدول الإسلامية بالإجماع إهانة القرآن تحت مظلة قوات الأمن السويدية.
بلغ رد فعل العالم الإسلامي إلی درجة أدانت الحكومة السويدية نفسها حرق المصحف أيضًا. ويأتي استمرار هذا المشروع في الدنمارك وربما دول أوروبية أخرى في المستقبل، بهدف خلق حاجز ضد رد الفعل الموحد للعالم الإسلامي على مشروع إهانة المصحف في بلد معين مثل السويد.
من ناحية أخرى، فإن الصراع بين أتباع الديانتين الرئيسيتين في العالم، الإسلام والمسيحية، هو لصالح الصهيونية. وقال "مهدي محمدي" مستشار رئيس مجلس النواب الإيراني للشؤون الاستراتيجية في هذا الصدد:
"من الطبيعي جداً ويمكن التنبؤ بأن الکيان الإسرائيلي يبحث الآن عن طرق لإجبار الدول الغربية على استئناف دعمها الكامل لتل أبيب ... ويتطلب تحقيق الهدف النهائي للکيان، استمرار هذه الحركة البشعة وأن تصبح أكثر راديكاليةً. فقط في حال حدوث مواجهة دينية كبيرة مع العالم الإسلامي، من المرجح أن يكون الغرب مستعدًا للتخلي مؤقتًا عن خلافاته العميقة مع نتنياهو، ودعمه في مواجهة التحدي غير المسبوق ضده. لذلك، من واجب الحكومات الإسلامية، بما في ذلك الحكومة الإيرانية، بذل كل ما في وسعها لوقف هذا المشروع وإجبار السويد على إنهاء مثل هذه الأحداث قبل فوات الأوان".