الوقت- مؤخراً، تم اتخاذ قرار جديد من قبل الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين السوريين في لبنان، حيث يتم الآن الإبقاء على اللاجئين السوريين في لبنان من قبل الاتحاد الأوروبي، وقد أثار هذا القرار ردود فعل حادة من قبل اللبنانيين، الذين يعتبرون اللاجئين السوريين من الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها البلد، فيما يعيش اللاجئون السوريون في لبنان واقعًا مزريًا يتفاقم يومًا بعد يوم، فهم يعانون من ظروف صعبة ومعاناة إنسانية شديدة، وتعتبر أزمة اللاجئين السوريين في لبنان واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، حيث يوجد حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، وهذا يعني أن اللاجئين السوريين يشكلون أكثر من 25% من السكان اللبنانيين، ويتعرض اللاجئون السوريون في لبنان للعديد من المشاكل والتحديات، بما في ذلك الفقر والعوز، وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء والرعاية الصحية، ويعاني اللاجئون السوريون في لبنان أيضًا من قلة فرص العمل، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على عمل مدفوع الأجر، كما يتعرضون للاستغلال والتمييز في بعض الأحيان.
لبنان تدين قرار الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين السوريين
أدان وزير الخارجية اللبناني، عبد االله بو حبيب، الأربعاء، قرار البرلمان الأوروبي الصادر، في 12 يوليو/ تموز الجاري، الذي ينص على استمرار دعم بقاء النازحين السوريين في لبنان. ووجّه بو حبيب رسالة إلى مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، شجب خلالها قرار البرلمان الأوروبي. وأكد الوزير اللبناني على "ضرورة إطلاق حوار بناء وشامل بين لبنان والاتحاد الأوروبي حول كل الملفات، وبالأخص ملف النزوح السوري".
وأوضح أن "هذا الملف بدأ يشكل تهديدًا ليس فقط على التركيبة الاجتماعية اللبنانية والاستقرار الاقتصادي، بل أيضا على استمرار وجود لبنان ككيان". وأشار الوزير إلى تمسك لبنان بحقوقه ومسؤولياته في تسهيل عودة النازحين السوريين إلى ديارهم. وشدد بو حبيب على "استعداد لبنان لإطلاق حوار مع الاتحاد الأوروبي يهدف إلى وضع خارطة طريق للعودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين إلى بلدهم". وكان البرلمان الأوروبي صوّت، قبل أيام، بأغلبية ساحقة على قرار يدعم بقاء النازحين السوريين في لبنان.
تفاصيل محادثات "عودة اللاجئين" بين لبنان والحكومة السورية
أعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عصام شرف الدين أن زيارته إلى دمشق، التي بحثت ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، "كانت إيجابية وموفَّقة في ظلِّ ثقة كاملة بين الطرفَيْن، وجهوزية للبدء باستقبال أعداد كبيرة من النازحين قد تصل في المرحلة الأولى إلى 180 ألف لاجئ". وقال شرف الدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه يمكن اعتماد خريطة العودة "في حال العمل بمنهجية جديدة تقوم على مبدأ الإعادة الآمنة، مع متابعة شخصية وإشراف مباشر، بحيث تجرى زيارات إلى المخيمات، ومقابلات مع النازحين لوضعهم بالأجواء الإيجابية التي تضمن عودتهم، في ظلّ حملة تضليل يقودها الغرب".
وحسب الأمن العام اللبناني، يقدر عدد اللاجئين السوريين في لبنان بمليونين و80 ألف لاجئ. وتداول وزير المهجرين اللبناني في لقاءاته مع مسؤولين في الحكومة السورية مسألة تشكيل لجنة ثلاثية قوامها لبنان وسوريا والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان. وقال إن بإمكان مثل هذه اللجنة حل مشاكل كثيرة باعتبار أن لجاناً فرعية تنبثق عنها عملياً في قرى العودة لمتابعة أوضاع اللاجئين، اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، وتأمين سلامتهم العامة، ما يعزز عملية التشجيع على العودة. ولفت شرف الدين إلى "أننا نتابع مع المفوضية إمكانية تسديد المساعدات داخل الأراضي السورية". وقال إن "الوضع ربطاً بالملف عامة إيجابي"، ولا سيما بعد مؤتمرات "القمة العربية، عمان وأستانة"، التي كان فيها توجّه حول التطبيع مع الحكومة السورية وعودته إلى الجامعة العربية وتحريك ملف اللاجئين بشكل جدي مع إمكانية إعادة الأعمار أيضاً.
وأشار الوزير اللبناني إلى أن المباحثات تطرقت إلى قضية السجناء السوريين في لبنان الذين يريدون استكمال الفترة المتبقية من أحكامهم في سورية. وقال إن "هذا الملف متابع من قبل وزيري العدل والداخلية"، مع الإشارة إلى أنه حسب أحدث أرقام الصادرة عن وزارة الداخلية اللبنانية، فإن نسبة السوريين في السجون اللبنانية تبلغ 29.2%، وهم يعانون مع السجناء اللبنانيين من وضع مأساوي كبير، مع تفاقم المشاكل الصحية والدوائية والغذائية وارتفاع حالات الوفاة والمرض والانتحار. ولفت شرف الدين إلى أن مجلس الوزراء كلّف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، على رأس وفد قوامه 8 وزراء، بالتواصل مع الحكومة السورية والهيئات المعنية لتحديد موعدٍ للبحث في ملف النازحين. وقال: "على أمل أن نتلقى قريباً معلومات جيدة وإيجابية بهذا الشأن".
وترتفع شكاوى لبنان في الفترة الأخيرة من أعباء اللاجئين وبعدم قدرته على تحمّل اللجوء، وخصوصاً في غياب أي خريطة دولية لعودتهم، مطالباً الاتحاد الأوروبي بالمساعدة على إيجاد حلّ سريع لهذه المسألة، علماً أن هذا الملف دخل أيضاً البازار الرئاسي ويعدّ ورقة مهمة في أيدي المرشحين، ولا سيما مرشح "حزب الله" والفريق المؤيد له، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الرجل المقرب جداً من الحكومة السورية، ويأتي ذلك في وقتٍ تكثف الأجهزة الأمنية اللبنانية من حملات توقيف وترحيل اللاجئين التي رفعت الصوت بوجهها 20 منظمة لبنانية ودولية لانتهاكها مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتعريض مئات السوريين لخطر الاضطهاد أو التعذيب، في حين عرقلت حكومة تصريف الأعمال أخيراً برنامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتوزيع مساعدات نقدية بالدولار الأميركي على اللاجئين، في ظل رفض قاطع لـ"دولرتها"، ما دفع المفوضية إلى تعليق خطوتها، وإبقاء المساعدات النقدية فقط بالليرة اللبنانية.
تسييس قضية اللاجئين
تحدث البعض عن أن الأوروبيين يستخدمون قضية اللاجئين، وهي قضية إنسانية بالكامل، كأداة سياسية لخلق خلافات بين اللبنانيين والسوريين، وللحكومة السورية الحق في مطالبة الأوروبيين، الذين دعموا الإرهابيين وتسببوا في هذا الدمار الواسع، بالمشاركة الجادة في إعادة إعمار البنية التحتية، لأنهم تسببوا في هذا الدمار الواسع، وإن الابتعاد عن حل هذه المشاكل يساهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية لللاجئين السوريين في لبنان، ويتسبب في ارتفاع معدلات الفقر والتشرد والمرض والجوع والعوز، وبسبب عدم توافر الخدمات الأساسية، يعيش اللاجئون السوريون في ظروف غير صحية وغير آمنة، حيث يتعرضون للكثير من المخاطر والمشاكل الصحية، بما في ذلك انتشار الأمراض والأوبئة.
وتتسبب أزمة اللاجئين السوريين في لبنان أيضًا في تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حيث تؤثر سلبًا على الاقتصاد اللبناني وعلى سوق العمل والموارد الحكومية، بسبب الأعباء الكبيرة التي تضعها على الدولة اللبنانية، وتزداد المشاكل والتحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة في المنطقة، والتي تؤثر على حياة اللاجئين السوريين وتجعلهم أكثر عرضة للخطر والتهديد، وفي ظل هذا الوضع المزري، يتعين على المجتمع الدولي والحكومات المعنية بالأزمة السورية واللاجئين السوريين العمل على توفير الدعم اللازم للبنان واللاجئين السوريين، وتوفير الخدمات الأساسية لهم، وتحسين ظروفهم المعيشية والإنسانية، وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية لهم. كما يتعين على الحكومة اللبنانية تبني سياسات وبرامج تساعد على تحسين الأوضاع المعيشية لللاجئين السوريين، وتعزيز التعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني.
إن قرار الاتحاد الأوروبي بتأجيل عملية إعادة اللاجئين السوريين قد أثار ردود فعل حادة من قبل اللبنانيين، ولا يمكن اعتباره خطوة أولى نحو حلول أكثر فعالية واستدامة للأزمة السورية واللاجئين السوريين في لبنان، وعلى الأوروبيين، على سبيل المثال، ضرورة العمل على إيجاد حلول سياسية دائمة للأزمة السورية، بدلاً من استخدام قضية اللاجئين كأداة سياسية، ويجب عليهم أيضاً تقديم الدعم اللازم للحكومة السورية لإعادة إعمار البلاد وحاليا للحكومة اللبنانية لتحسين ظروف اللاجئين في لبنان وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما أنه من الضروري على الحكومة اللبنانية إيلاء الأولوية لمشكلة اللاجئين السوريين وتحسين ظروفهم في البلاد، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية والحماية والرعاية اللازمة لهم، ويعتبر الحل الدائم لأزمة اللاجئين السوريين في لبنان والأزمة السورية بشكل عام هو إعادة إعمار سوريا وتحقيق الاستقرار الكامل فيها، ويتطلب ذلك التعاون الدولي والتضامن الإنساني والجهود المشتركة لإيجاد حلول فعالة واستدامة لهذه الأزمة الإنسانية الخطيرة.