الوقت- بينما كان لدى اللبنانيين آمال كبيرة في حل قضية الرئاسة في بلادهم في اجتماع اللجنة الخماسية (أمريكا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) الذي عقد في الدوحة أمس، لكن البيان الصادر في الختام أظهر أن هذا الاجتماع كان في الواقع بمثابة مراسم جنازة للمبادرة الفرنسية، حيث قرّبت من إنهاء مهمة الممثل الخاص لباريس جان إيف لودريان في قضية انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان.
الاجتماع غير الحاسم للجنة الخماسية في قطر حول لبنان
وفي هذا الصدد، أفادت مصادر لبنانية مطلعة بأنه على الرغم من أنه كان من المفترض أن يقوم لودريان برحلته الثانية إلى هذا البلد قريباً لبحث ملف الرئاسة اللبنانية، إلا أن هناك شكوكاً بهذا الصدد، وليس من الواضح أن الممثل الفرنسي سيأتي إلى بيروت في اليوم التالي أم لا. من جهة أخرى، من الممكن أن تؤدي عودة لودريان إلى بيروت إلى تصعيد التوترات في الأجواء السياسية اللبنانية. لأن التهديدات الواردة في بيان اجتماع الدوحة تظهر أنه حسب أعضاء اللجنة الخماسية المذكورة، فإن التطورات الإيجابية التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة كان لها نتائج معاكسة وسلبية على لبنان.
وعلى الرغم من أن إعلان لقاء الدوحة كان متوقعا أن يتضمن مبادرة شاملة لحل الأزمة السياسية ومسألة انتخاب رئيس لبناني، إلا أنه تضمن سلسلة من التهديدات والشروط للبنانيين والمشاركين في الاجتماع المذكور. وشدد على خيارات منها عقوبات ضد من يتسبب بمعوقات في عملية انتخاب رئيس للبنان داخل هذا البلد.
وجاء في هذا البيان أن على لبنان أن ينتخب رئيساً يجسد الوحدة ويوحد هذا الوطن ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه. كما يجب أن يكون هذا الرئيس قادراً على تكوين تحالف واسع وشامل لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وفقاً لتوصيات صندوق النقد الدولي.
وأكد المشاركون في اجتماع الدوحة في بيانهم أن على الحكومة اللبنانية تنفيذ الاتفاقات والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية والالتزام بوثيقة الاتفاق الوطني التي تضمن الحفاظ على الوحدة الوطنية والعدالة المدنية في لبنان.
معالجة الأزمة أم إعلان وصاية جديدة على لبنان؟
ونقلت صحيفة الأخبار عن مصادر مطلعة في هذا الصدد أن جان إيف لودريان تحدث في بداية اجتماع الدوحة عن نتائج رحلته الأخيرة إلى بيروت والخلافات العديدة الموجودة بين القوى السياسية اللبنانية وأكد أنه لا يمكن التوصل لاتفاق بخصوص انتخاب رئيس لهذا البلد دون تدخلات دولية. لكن في هذا الاجتماع، أعرب الجانبان الأمريكي والسعودي عن معارضتهما لاقتراح مندوب باريس إجراء حوار بين اللبنانيين تحت إشراف جهات أجنبية، وقالا إن هذا العمل غير مجد وستكون النتيجة تغييرات جذرية في النظام اللبناني، وهي قضية تعارضها السعودية بشدة.
وأوضحت هذه المصادر أن البيان الختامي لاجتماع الدوحة هو في الواقع صيغة سعودية، حتى أن ممثل الرياض طرح فكرة فرض عقوبات من جانب الولايات المتحدة وفرنسا ضد الأطراف اللبنانية المعنية.
من جهة أخرى، أعلنت بعض القوى السياسية عقب قمة الدوحة أن البيان الصادر عن أعضاء اللجنة الخماسية يعني في الواقع إعلان وصاية جديدة على لبنان:
- بيان اجتماع الدوحة هو في الواقع تكرار للتصريحات القوية السابقة ضد لبنان التي صدرت في وقت سابق عن اللجنة الثلاثية الأمريكية - السعودية - الفرنسية، ويظهر الأجواء السلبية وعدم فاعلية الجهود التي بذلتها باريس في الأشهر الماضية.
- واضح أن هذا البيان صيغة سعودية ـ أمريكية، وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ القرارات الدولية ومن الواضح أنها تستهدف جهة معينة في لبنان.
- تضمن هذا البيان مجموعة جديدة من الشروط والأحكام الخاصة بلبنان، وبهذه الطريقة، إذا أراد اللبنانيون مساعدة أعضاء اللجنة الخماسية المذكورة أعلاه، فيجب أن يخضعوا لشروطهم.
- كما أكد بيان اجتماع الدوحة على التواصل والتنسيق بين الدول الخمس المذكورة للتعامل مع الحالة السياسية للبنان، وهذا يعني أن مهلة باريس للعب دور أحادي الجانب في القضية الرئاسية اللبنانية وتقديم مبادرة لحلها قد انتهت.
خلال رحلته إلى بيروت قبل أسابيع قليلة، أعلن جان إيف لودريان في لقاء مع جميع المسؤولين والشخصيات السياسية اللبنانية أن المشكلة في الواقع مرتبطة بالداخل اللبناني واللبنانيين أنفسهم. وهذا يعني أن مشاكل لبنان الداخلية تمنع الجهات الأجنبية من إقناع اللبنانيين بحل الوضع في بلادهم. الواقع أن التيارات والأحزاب اللبنانية هي الآن في وضع لا يستطيع فيه أي منهم الفوز أو السماح للطرف الآخر بالفوز.
وعليه، نصحت بعض المصادر الدبلوماسية الإقليمية المسؤولين اللبنانيين بعدم التفاؤل بالمواعيد المحددة لحل الأزمة السياسية في لبنان. لأنه لا توجد معلومات حقيقية وجادة حول حل هذه الأزمة في المستقبل القريب. وتشير الدلائل بشكل خاص إلى أنه في ظل استمرار الخلافات الداخلية، فإن الجهات الأجنبية الفاعلة في لبنان، ولا سيما الولايات المتحدة، لا ترغب في حل الأزمة الرئاسية في هذا البلد وتسعى فقط إلى فرض شروطها على اللبنانيين.