الوقت- مؤخراً، تم اتخاذ قرار جديد من قبل الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين السوريين في لبنان، حيث يتم الآن الإبقاء على اللاجئين السوريين في لبنان من قبل الاتحاد الأوروبي، وقد أثار هذا القرار ردود فعل حادة من قبل اللبنانيين، الذين يعتبرون اللاجئين السوريين من الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها البلد، فيما يعيش اللاجئون السوريون في لبنان واقعًا مزريًا يتفاقم يومًا بعد يوم، فهم يعانون من ظروف صعبة ومعاناة إنسانية شديدة، وتعتبر أزمة اللاجئين السوريين في لبنان واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، حيث يوجد حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، وهذا يعني أن اللاجئين السوريين يشكلون أكثر من 25% من السكان اللبنانيين، ويتعرض اللاجئون السوريون في لبنان للعديد من المشاكل والتحديات، بما في ذلك الفقر والعوز، وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء والرعاية الصحية، ويعاني اللاجئون السوريون في لبنان أيضًا من قلة فرص العمل، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على عمل مدفوع الأجر، كما يتعرضون للاستغلال والتمييز في بعض الأحيان.
تسييس قضية اللاجئين
تحدث البعض عن أن الأوروبيين يستخدمون قضية اللاجئين، وهي قضية إنسانية بالكامل، كأداة سياسية لخلق خلافات بين اللبنانيين والسوريين، وللحكومة السورية الحق في مطالبة الأوروبيين، الذين دعموا الإرهابيين وتسببوا في هذا الدمار الواسع، بالمشاركة الجادة في إعادة إعمار البنية التحتية، لأنهم تسببوا في هذا الدمار الواسع، وإن الابتعاد عن حل هذه المشاكل يساهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية لللاجئين السوريين في لبنان، وتتسبب في ارتفاع معدلات الفقر والتشرد والمرض والجوع والعوز، وبسبب عدم توافر الخدمات الأساسية، يعيش اللاجئون السوريون في ظروف غير صحية وغير آمنة، حيث يتعرضون للكثير من المخاطر والمشاكل الصحية، بما في ذلك انتشار الأمراض والأوبئة.
وتتسبب أزمة اللاجئين السوريين في لبنان أيضًا في تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حيث تؤثر سلبًا على الاقتصاد اللبناني وعلى سوق العمل والموارد الحكومية، بسبب الأعباء الكبيرة التي تضعها على الدولة اللبنانية، وتزداد المشاكل والتحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة في المنطقة، والتي تؤثر على حياة اللاجئين السوريين وتجعلهم أكثر عرضة للخطر والتهديد، وفي ظل هذا الوضع المزري، يتعين على المجتمع الدولي والحكومات المعنية بالأزمة السورية واللاجئين السوريين العمل على توفير الدعم اللازم للبنان واللاجئين السوريين، وتوفير الخدمات الأساسية لهم، وتحسين ظروفهم المعيشية والإنسانية، وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية لهم. كما يتعين على الحكومة اللبنانية تبني سياسات وبرامج تساعد على تحسين الأوضاع المعيشية لللاجئين السوريين، وتعزيز التعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني في هذا الصدد.
موقف رسميّ حاد
من ناحية الموقف الرسمي من قرار الاتحاد الأوروبي، أعلن عصام شرف الدين، وزير الهجرة وشؤون اللاجئين في الحكومة اللبنانية المؤقتة، أن قرار البرلمان الأوروبي لدعم الاحتفاظ باللاجئين السوريين في لبنان، يهدف إلى الضغط على بلدنا للامتناع عن إرسال وفد رفيع من مجلس الوزراء إلى سوريا لتوفير آلية لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، كما أبدى جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر اللبناني، رد فعل قويًا على قرار البرلمان الأوروبي وقال: "ما هو حق الأوروبيين في التعليق على بقاء اللاجئين السوريين في لبنان؟" البت في هذا الأمر يخص اللبنانيين وهو شأن سيادي لبلدنا، ولماذا تفرض دول الاتحاد الأوروبي على لبنان ما لا نقبله؟، لا يتجاوز حد الهجرة إلى أوروبا 30 ألف شخص، بينما يستضيف لبنان 2 مليون لاجئ، هل تجرؤ أوروبا على التحدث مع تركيا باللهجة نفسها؟.
وفي هذا الشأن، أسهب في الحديث عن أن ابتزاز لبنان بوقف المساعدات للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين أمر غير مقبول، وأن لبنان عانى أربعة أضعاف أكثر من أي دولة تساعد اللاجئين، ولم يخف أن الأوروبيين من لبنان أن يكون حرس بسواحلهم وألا نسمح للقوارب التي تنقل اللاجئين إلى أوروبا، وإذا أرادت الدول الأوروبية حل أزمة اللاجئين، فعليها المساعدة في توفير الأموال المالية لعودتهم إلى بلادهم أو نقلهم إلى أوروبا، كما ذكر جميل السيد، عضو مجلس النواب اللبناني، أنه وفقًا للاتفاقية الموقعة عام 2003 بين الحكومة اللبنانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن لبنان ليس بلدًا للاجئين، وإذا كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لا يمكن إيجاد دولة ثالثة لتوطين اللاجئين والنازحين في لبنان، فللحكومة الحق في إعادة أي لاجئ أو نازح إلى بلده، وهذا ما أشار إليه "أمين سلام"، وزير الاقتصاد بالحكومة اللبنانية، معتبرا أن الاتفاقية بين لبنان والمفوضية السامية للأمم المتحدة عام 2003 طبقت على اللاجئين العراقيين، لكن الحكومة اللبنانية لم تنفذ قط الاتفاق المذكور منذ وصول اللاجئين السوريين.
في غضون ذلك، اعتبر قاسم هاشم، عضو حركة أمل للتنمية والحرية، قرار البرلمان الأوروبي بإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان تدخلاً في الشؤون السيادية للبنان، وأكد أن هذا القرار لا علاقة له بالإرادة الوطنية للبنانيين، كما أعلن "سيمون أبي رمية"، عضو الفصيل اللبناني القوي المحسوب على التيار الوطني الحر، أن صانع القرار الأول والأخير بشأن قضية اللاجئين السوريين في لبنان هو اللبنانيون أنفسهم، رافضا أي محاولة لدمج اللاجئين في المجتمع اللبناني، وأعلن النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي تييري مارياني الأسبوع الماضي أن البرلمان الأوروبي سيصادق على قرار يدعم الاحتفاظ باللاجئين السوريين في لبنان بأغلبية الأصوات، ونقل هذا القرار إلى اللبنانيين عبر رسالة فيديو، وفي نهاية عام 2022، دخلت المرحلة الأولى من خطة العودة الطوعية للاجئين السوريين من لبنان مرحلة التنفيذ، حيث عادت مجموعتان منهم إلى بلادهم بأمان تام واستقبلهم السوريون، وحصلت تحركات على دعم الامم المتحدة بأن تعاون الغرب وبعض الاطراف الداخلية في لبنان يمنع استكمال هذه الخطة، فيما أكد المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة وممثلها في لبنان مرارًا أنهما ضد عودة اللاجئين السوريين، كما أصدرت هذه اللجنة ومنظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة بيانات تحذيرية بعنوان "سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين" وتحاول تشجيع اللاجئين السوريين على البقاء في لبنان، وفقط حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وافق على قرار أصدقائه الغربيين إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان.
أمر معقد بالنسبة للبنان واللاجئين
لا شك أن الأمر يعتبر معقدًا بالنسبة للاجئين والجانب اللبناني، حيث يشعر اللاجئون السوريون بالقلق والتوتر إزاء قرار الاتحاد الأوروبي الجديد، حيث يعتبرون أنفسهم في حالة عدم اليقين والاستقرار، ويؤكدون على حقهم في العيش الكريم والحرية والأمان، ويطالبون بحقوقهم كلاجئين وحماية المجتمع الدولي لهم، وفي الوقت نفسه، اللبنانيون أنفسهم مضطرين للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين الضخمة التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، وهي أزمة تتطلب موارد كبيرة وتأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد والبنية التحتية، ويعتبر قرار الاتحاد الأوروبي لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، بمثابة ضغط سياسي جديد على الحكومة اللبنانية لمنعها من التعامل مع الحكومة السورية في إعادة المهجرين إلى سوريا.
ومن المهم الإشارة إلى أن الأزمة السورية لا تزال مستمرة، وأن الحل السياسي للأزمة هو الأساس لحل جميع المشكلات المتصلة باللاجئين السوريين، وعلى الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي في المقام الأول، تقديم المساعدة اللازمة للحكومة اللبنانية لإيجاد حل دائم لأزمة اللاجئين السوريين، وذلك من خلال تقديم الدعم المالي والإنساني اللازم للبنان، وتحسين ظروف اللاجئين في لبنان وتعزيز الحلول الدائمة لإعادتهم إلى بلادهم بأمان وكرامة.
الخلاصة، إن قرار الاتحاد الأوروبي بتأجيل عملية إعادة اللاجئين السوريين قد أثار ردود فعل حادة من قبل اللبنانيين، ولا يمكن اعتباره خطوة أولى نحو حلول أكثر فعالية واستدامة للأزمة السورية واللاجئين السوريين في لبنان، وعلى الأوروبيين، على سبيل المثال، ضرورة العمل على إيجاد حلول سياسية دائمة للأزمة السورية، بدلاً من استخدام قضية اللاجئين كأداة سياسية، ويجب عليهم أيضاً تقديم الدعم اللازم للحكومة السورية لإعادة إعمار البلاد وحاليا للحكومة اللبنانية لتحسين ظروف اللاجئين في لبنان وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما أنه من الضروري على الحكومة اللبنانية إيلاء الأولوية لمشكلة اللاجئين السوريين وتحسين ظروفهم في البلاد، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية والحماية والرعاية اللازمة لهم، ويعتبر الحل الدائم لأزمة اللاجئين السوريين في لبنان والأزمة السورية بشكل عام هو إعادة إعمار سوريا وتحقيق الاستقرار الكامل فيها، ويتطلب ذلك التعاون الدولي والتضامن الإنساني والجهود المشتركة لإيجاد حلول فعالة واستدامة لهذه الأزمة الإنسانية الخطيرة.