الوقت- ملف اللاجئين السوريين بين المد والجذر فتارة يحسم الأمر بقرار التهجير، وتارة نتفاجئ بقرار ابقاء هؤلاء الناس تحت مظلة القلق وانتظار قرار ينصفهم من حالة اللا استقرار الدائم هذه وبالذات اللاجئون السوريون في لبنان اذا صرح وزير المغتربين اللبناني في وقت سابق أن سوريا مستعدة لاستقبال 180 ألف لاجئ.
حول جدية تنفيذ هذا القرار وأبعاده والنتائج التي تترتب عليه أجرت مراسلة موقع الوقت الإخباري التحليلي حواراً مع المحلل السياسي الأستاذ أسامة دنورة وتمحور اللقاء حول التالي:
الوقت- في البداية ما رأيكم بهذا التصريح من الجانب اللبناني؟
هذا التصريح طبعاً يفترض أنه ينبع من حرص مشترك لدى الجانبين السوري واللبناني على حل ازمة اللاجئين و مضمونه يتعلق وجود جاهزية لدى الجانب السوري في مخيمات للاجئين لاستقبال العدد الذي تحدث عنه الوزير اللبناني، ثم أن تكون سوريا جاهزة لعودة خمسة عشر الف شهريا الى سورية من اللاجئين تدريجيا.
بكل تأكيد هذا الأمر يتعلق بناحية تهدف لمحاولة إظهار الجانب السوري بأنه لا يريد التجاوب مع المسعى اللبناني، وهو بالعكس تماماً الدولة السورية تبذل كل ما تستطيع للتجاوب مع جميع المساعي الهادفة الى عودة اللاجئين، وهذا يتعلق بكون هؤلاء ثروة بشرية سورية. و رغم الظروف العديدة المتعلقة بضعف البنى التحتية والمناطق المدمرة وعدم توافر الخدمات الاساسية، فالدولة السورية تبذل قصارى جهدها لكي تؤمن عودة آمنة وكريمة لهؤلاء.
طبعا بالنسبة للغرب بالتحديد لا تزال هناك اعاقة لتنفيذ ما تضمنه القرار ستة وعشرين اثنين واربعين فيما يتعلق بحث جميع الاطراف بما فيها المنظمات الانسانية الدولية على تنفيذ مشاريع التعافي المبكر أو الانعاش المبكر كما سماها نص القرار، هذا الامر لا نجده فحتى الآن لم يطبق بعد بل العكس تماماً دول الغرب تطلق " لاءات" ثلاث حول رفض تطبيع العلاقات ورفض اعادة الاعمار رفض تقديم مساعدات وتطبيع اقتصادي.
هناك دور غربي في اعاقة هذه الجهود التي تهدف لإعادة اللاجئين الى وطنهم، و المقاربة الثنائية قد تكون أكثر فعالية من ادخال المجتمع الدولي أي الطرف الغربي كطرف في هذا الامر، يعني إذا كان هناك تنسيق مباشر ما بين السوري واللبناني والسوري والتركي والسوري والاردني، بكل تأكيد سوف يكون كما يقال الطريق مختصر أو التغلب والتخلص من التداخل الدولية ذات الأجندة السياسية، ومحاولات توظيف موضوع الشأن الانساني أو شأن اللاجئين في الضغط على الدولة السورية وفي تسييس هذا الملف.
الوقت: ما هو وضع اللاجئين السوريين في لبنان حسب معلوماتكم ؟
وضع اللاجئين السوريين من الممكن القول إنه يمكن مقاربته من اتجاهين ، اولاً ما يتعلق بكون أي لاجئ خارج بلده يعني مصدر رزقه التقليدي الذي اعتاد عليه طوال عمره سوف يكون في وضع أدنى من وضعه الطبيعي مهما تم تأمين مستلزمات الحياة اليومية.
فالمساعدات الغذائية وما يتعلق بكل المتطلبات المعيشية التربية والتعليم، كل هذا على فرض أنه قد تم تأمينه بشكل يضمن الحياة فهو سوف يبقى دون مستوى الوضع الطبيعي الموجود في المناطق التي هجر منها اللاجئون نتيجة الافعال الارهابية. فإذا وضع اللجوء هو ليس بالوضع الطبيعي ويجب التخلص منه وتجاوزه وعودة المواطن إلى أراضيهم وإلى بلادهم والى أرزاقهم.
من ناحية اخرى اليوم نجد أن هذا الوضع يتردى باستمرار، ليس فقط نتيجة احجام العديد من المانحين بين قوسين عن الالتزام بما تعهدوا به سابقاً من مساعدات لكن ايضا بأن الوضع الاقتصادي اللبناني هو الاخر في حالة تردي مستمر، وبالتالي هناك ضغط من الطرفين على موضوع اللاجئين في لبنان، لذلك نجد ان هذا مبرر جديد فيما يتعلق بلبنان بالتحديد وأنه مشابه أو نفس الخطوط العريضة لما يحدث من ضغوط معيشية واقتصادية ايضا لدى الاردن وبشكل أو بآخر أيضا في تركيا، ولكن هناك خصوصية أكثر بالنسبة للبنان تجعل من موضوع حل اللاجئين مصلحة لهؤلاء نتيجة تراجع الاوضاع الاقتصادية وأيضا للجانب اللبناني الذي يتعرض لضغوط قوية و الحقيقة هو بحاجة لان يتلقى مساعدات تخص الوضع الداخلي اللبناني بغض النظر عن وجود اللاجئين.
الوقت: لماذا تريد بعض الأطراف اللبنانية عودة اللاجئين الى اراضهم بهذا التوقيت؟
يعني للأسف على الرغم من كونه شأنا إنسانيا، وعلى الرغم من كونه ضرورة وطنية بالنسبة لكل من سورية ولبنان على حد سواء فمن الواضح أن الموضوع قد دخل في اطار التجاذب السياسي وأصبح عنوانا للبازار السياسي ما بين الاطراف في لبنان والقوى المختلفة.
وطبعا نحن هنا عندما نتحدث عن وجود مبررات منطقية بغض النظر عن التوظيف المرحلي السياسي وتوظيف المصالح ان جاز التعبير لخدمة قوى سياسية لبنانية، ولكن بالصورة العامة بكل تأكيد هناك خطر يترتب على الاستقرار الداخلي اللبناني نتيجة وجود هؤلاء.
البعض يعتبرها بمثابة القنبلة الموقوتة او الخطر الداهم والكامن في لبنان لعدة اسباب، اولا أن استمرار تواجد هؤلاء يشعل اضطرابات على المستوى المعيشي والمطلبي خاصة إذا كان هناك تراجع فيما يتم تقديمه لهم من مساعدات عن طريق المنظمات الانسانية الدولية او عن طريق الحكومة اللبنانية، فإذاً هذا يهدد بأن ينتقل هؤلاء الى الاحتجاج على تردي أوضاعهم إذا ما استمر الأمر في هذا الحال. والامر الاخر هو أن استمرار وجودهم وانخراطهم في الشأن الداخلي اللبناني ويعني سوق العمل الى حد ما يتحول هؤلاء الى ان يكونوا بمثابة أقلية جديدة في الداخل اللبناني، وهذا يؤثر بشكل خطير جداً على التوازن الديموغرافي الاثني في لبنان وهو موضوع حساس كما يعلم الجميع وهو موضوع لتجاذبات مستمرة ما بين القوى السياسية اللبنانية فإذاً وبغض النظر عن التوظيف السياسي في المزايدات ما بين القوى والاحزاب على مستوى الوطن هناك فعلا مخاطر حقيقية كما قلنا تتعلق اختلال التوازن الديموغرافي الأثني ومخاطر تتعلق بحدوث اضطرابات نتيجة الضغط الذي يواجه هؤلاء معيشيا ونتيجة ما يمكن أن يمثلوه أيضاً من ضغط على الاقتصاد اللبناني والاحوال المعيشية للمواطنين اللبنانيين، هذا يجعل من حل هذا الامر ضرورة وطنية لبنانية.على اتوازي او لربما بنفس القدر التي تعتبر فيه ضرورة وطنية.
الوقت: ما مستوى التنسيق بين الجانبين اللبناني والسوري بموضوع عودة اللاجئين؟
لا أعتقد أن الموضوع يتعلق بسياسة ترحيل او كلمة ترحيل هو عودة بكل تأكيد سوف يرحب بها كل من تعرض لما تعرض له معظم اللاجئين من مصاعب حياتية، مثل تعرضهم لمواجهة خطر السيول والفيضانات أحيانا أو تأخر المتطلبات او قلة توافر المتطلبات المعيشية الأساسية وكل من يعاني من مصاعب في الحياة ضمن الخيام وليس ضمن بيوت حقيقية، ولذلك أعتقد يعني كل انسان ينبغي ان يكون مرحباً بعودته الآمنة الى المناطق التي أخرج منها، ولذلك يعني لا اعتقد ان هناك رد فعل شعبي هناك مراسيم عفو تضمن بأن لا يتضرر أحد من العائدين، هناك يعني بنية تحتية جهزت للعدد الذي تحدث عنه الوزير اللبناني على ما يبدو، هناك ضرورة لاستعادة النشاط الاقتصادي والحياة اليومية مناطق التي خرج منها هؤلاء اللاجئون، ومن جانب آخر الحكومة اللبنانية ضمن عقدها الإجتماعي وضمن تفويضها الشعبي هي ملزمة بأن تحل هذا الوضع الذي يتعرض له أو يعاني منه لبنان، وبالتالي لا اعتقد أن هناك من يمكن ان يتكون او يتشكل لديه رد فعل سلبي تجاه المسعى اللبناني، وخاصة أن الجميع يدرك ان لبنان يعاني من ضغوط اقتصادية حادة، وبالتالي لا أعتقد ان هناك اي نوع من انواع الشرخ الذي قد يحصل ما بين الشعبين الشقيقين لأن الموضوع هو بالنهاية أولا موضوع مطلب للجميع أن تنتهي هذه الحالة أي حالة اللجوء ومعاناة اللجوء، وثانياً ضرورة أن يتخلص لبنان من الاعباء الاقتصادية التي يمر بها.
هذه الضرورة طبعاً يعاني منها جميع اللبنانيين على قدم المساواة على اختلاف مواقفهم السياسية وشرائحهم الدينية والطائفية والاسمية، وبالتالي فاعتقد أن هذا الأمر هو موضع ترحيب في العديد او غالبية الاوساط اللبنانية بغض النظر طبعا عن من يريد استخدام هذا الامر في التجاذب السياسي وبغض النظر عن أنه منخرط فعلا بمشروع قد يكون موجودا محاولة ادخال هؤلاء اقحام هؤلاء في صدام مستقبلي يمكن توظيفهم ضد بعض القوى السياسية اللبنانية، هذا مشروع قد لا يكون بعيدا عن المخططات الامريكية والغربية وبالتالي فقد لا يكون بعيدا عن بعض القوى السياسية اللبنانية المتحججة بعدم الامان على الساحة السورية، وعدم انجاز الحل السياسي ولكن الحقيقة هي سوف تكون مدفوعة بأجندة غربية سرية غير معلنة استخباراتية سياسية تهدف إلى تهيئة هؤلاء اللاجئين ليكونوا وقوداً في صدام داخلي لبناني، بهدف خدمة هذه الأهداف الغربية وهذه الأجندات الامريكية الاسرائيلية.
الوقت- ما هو مصير العلاقات على المستوى الشعبي في حال نفذت السلطات اللبنانية اجراءات الترحيل ل 180 الف لاجئ سورية من اراضيها الى سورية ؟
هذه التصريحات اللبنانية توحي بأن هناك مستوى لا بأس به من التنسيق ما بين الجانبين السوري واللبناني حول هذه المسألة بكل تأكيد هو دون المستوى المطلوب، لأنه كما نعلم جميعاً هناك نوع من الخطوط الحمراء المنظورة أحيانا وغير المنظورة احيانا أخرى من قبل بعض الاطياف السياسية اللبنانية التي تحاول الحيلولة دون التواصل المستمر والفعال على كل المستويات ما بين سوريا ولبنان وخاصة على المستوى الرسمي او المستوى الحكومي.
عندما يتحدث الوزير اللبناني عن وجود استعداد سوري حول عودة عدد دفعة واحدة وثم الانتقال الى معدل خمسة عشر الف لاجئ شهريا فهذا يوحي بان هناك نوع من التنسيق والتواصل في هذا الشأن، وهو أمر مشجع بحاجة لتطوير وبحاجة الى تدعيم، وبحاجة الى أن لا يوظف سياسيا هذا التنسيق من الجانب اللبناني لأنه كما اسلفنا هو يتعلق بمصلحة وطنية مؤكدة لدى الطرفين ويجب ان تحظى هذه المصلحة بالاجماع الوطني اللبناني بغض النظر عن التجاذبات السياسية، وهي بكل تأكيد تحظى باجماع وطني سوري يتجلى بصدور المراسيم المستمرة للعفو.
