الوقت- فشل الأمم المتحدة في إرسال مساعدات لسوريا ليس أمرا جديدا، فقد تم تأجيل عدة محاولات للإرسال بسبب الصعوبات التي تواجهها المنظمات الإنسانية في الوصول إلى المناطق المتضررة في البلاد، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم تنجح مساعي الأمم المتحدة في تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة إلى سوريا؟، ومن الواضح أن هناك عدة عوامل تساهم في فشل الأمم المتحدة في إرسال المساعدات إلى سوريا، من بينها الوضع الأمني غير المستقر في البلاد، والتدخل الخارجي من قبل بعض الدول والجماعات المتشددة، وتعقيدات البيروقراطية في عملية توزيع المساعدات، ومن بين العوامل الرئيسية التي تعرقل عملية إرسال المساعدات إلى سوريا هي موقف روسيا حاليا، فقد عارضت روسيا عدة محاولات لإرسال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، وتعتقد أن هذه المساعدات تعطى لأعداء الحكومة السورية والتي لا يصل إليها شيء، وبالتالي، فإن روسيا ترغب بوصول المساعدات إلى كل المدنيين الذين يعانون من نقص حاد في الإمدادات الغذائية والطبية.
مساعدة شاملة
من المؤسف أن هذا الوضع يؤدي إلى معاناة كبيرة بين السكان السوريين، وخاصة الأطفال والنساء والمسنين، الذين يحتاجون بشكل عاجل إلى المساعدات الإنسانية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، ويجب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحمل مسؤولياتهم والعمل بجدية لتقديم المساعدات اللازمة إلى سوريا، وإنهاء معاناة الشعب السوري، وليس التحيز في ذلك كما يقول الروس ودول أخرى، حيث يعاني الشعب السوري بشكل كبير من عدم وصول المساعدات الإنسانية إليهم، ما يؤدي إلى آثار إنسانية واضحة وخطيرة، ومن بين هذه الآثار النقص حاد في الإمدادات الغذائية حيث يواجه الكثيرون في سوريا نقصًا حادًا في الطعام، ما يؤدي إلى نقص التغذية وزيادة معدلات الجوع والمجاعة بين السكان.
من ناحية أخرى، نقص الرعاية الصحية حيث يعاني الكثيرون في سوريا من نقص حاد في الرعاية الصحية، ما يؤدي إلى تفاقم الأمراض والإصابات وزيادة معدلات الوفيات، إضافة إلى تفاقم الوضع النفسي حيث يعاني الكثيرون في سوريا من آثار نفسية سلبية، مثل التوتر والقلق والاكتئاب، نتيجة للظروف الصعبة التي يعيشونها، ناهيك عن تردي الأوضاع المعيشية حيث يتعرض الكثيرون في سوريا لظروف معيشية صعبة، مثل نقص السكن والمياه والكهرباء، ما يؤدي إلى تردي الأوضاع المعيشية بشكل عام، ومع تزايد الفقر والبطالة يزداد عدد الفقراء والعاطلين عن العمل في سوريا، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ما أجبر العديد من السكان في سوريا على الهجرة والنزوح بحثًا عن الأمان والحماية، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة اللاجئين في المنطقة.
آثار مدمرة
إن هذه الآثار الإنسانية المدمرة تعكس حقيقة مؤسفة، وهي أن النزاع الدائر في سوريا يتسبب في معاناة بشرية كبيرة، ويتطلب إيجاد حلول سريعة وفعالة لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية، لكن ما هي الخطوات التي يمكن للمجتمع الدولي اتخاذها لتحسين الوضع في سوريا؟، ببساطة تحسين الوضع في سوريا يتطلب تنفيذ إجراءات شاملة ومتنوعة من المجتمع الدولي، ومن بين الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحقيق ذلك، الضغط الدبلوماسي، يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام، الضغط على بعض الأطراف التي تحارب سوريا وعلى رأسها الولايات المتحدة لمساعدتها إلى حل سلمي للصراع، وتشجيعها على التعاون مع بعضها البعض من أجل تحسين الوضع في البلاد.
أيضًا، توفير المساعدات الإنسانية لكل السوريين وعلى كامل التراب السوري، ويجب على المجتمع الدولي توفير المساعدات الإنسانية اللازمة فورا للمدنيين في سوريا، والتي تشمل الغذاء والدواء والمأوى والرعاية الصحية، وذلك من خلال تعزيز الجهود الإنسانية وتقديم المساعدات من خلال المنظمات الإنسانية المعتمدة، إضافة إلى دعم الجهود الإنسانية، حيث يجب على المجتمع الدولي دعم الجهود الإنسانية المبذولة في سوريا من خلال توفير الدعم المالي والفني للمنظمات الإنسانية المحلية والدولية، وتنظيم المؤتمرات والاجتماعات لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات والتجارب.
من ناحية أخرى، من المهم تعزيز الأمن والاستقرار، ويجب على المجتمع الدولي تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا من خلال تنظيم الحوارات والمفاوضات بين الأطراف، وتشجيع الحوار بين الأطراف السياسية والمجتمع المدني، وتقديم الدعم اللازم لبناء مؤسسات ديمقراطية والعمل على إعادة إعمار البلاد التي أنهكتها العقوبات والحصار، وبشكل عام، ودون أن يقوم المجتمع الدولي بالعمل بشكل متكامل وتنفيذ الإجراءات المذكورة أعلاه وغيرها من الإجراءات اللازمة لتحسين الوضع في سوريا وإنهاء معاناة الشعب السوري، فكل المشاريع والمساعدات الإنسانية "حبر على ورق".
ماذا عن إعمار سوريا؟
تدعي الأمم المتحدة وجود خطط لإعادة إعمار سوريا وتوفير فرص عمل للمواطنين، وتقول ان هذه الخطط جزء من الجهود المبذولة لتحسين الوضع في سوريا، وعلى المستوى الدولي، تم تشكيل اللجنة الدولية لإعادة إعمار سوريا (IRC) التي تهدف حسب زعمها إلى تقديم الدعم المالي والفني لإعادة إعمار البنية التحتية والخدمات الأساسية في سوريا، بما في ذلك إعادة بناء المدارس والمستشفيات والطرق والمياه والصرف الصحي. كما تهدف اللجنة إلى توفير فرص عمل وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
وعلى المستوى المحلي، هناك جهود مبذولة لإعادة إعمار المدن والقرى التي تضررت بشدة خلال الحرب، وتوفير فرص عمل للسكان المحليين. ومن أمثلة هذه الجهود، برنامج "إعمار قلعة الحصن" الذي يهدف إلى إعادة بناء وتطوير القلعة الأثرية وتوفير فرص عمل للمواطنين في المنطقة.
لكن والأهم من كل شيء، أن العملية الكاملة لإعادة إعمار سوريا وتوفير فرص عمل للمواطنين ستستغرق وقتًا طويلاً وتتطلب جهودًا متنوعة من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والمفاوضين المحليين وحتى الحكومة السورية، ومن المهم أن يتم التنسيق بين جميع الأطراف المعنية وتوفير الدعم اللازم لتحقيق هذه الأهداف في سوريا، لكن دون تسييس المساعدات وهذا ما نشاهده حاليا، فروسيا صدقت في اعتقادها بأن هذه المساعدات تُعطى فقط للمجموعات المعارضة لدمشق ولا يصل للسوريين شيئٌ منها.
بالاستناد إلى كل ما ذكرناه في المقال، يجب أن تكون الحكومة السورية القناة الرئيسية لإدخال المساعدات، باعتبارها المسؤولة عن توزيع المساعدات الإنسانية في سوريا إلى السكان المحتاجين، حيث إن المنظمات الدولية التي تقوم بعمليات توزريع تعسفيّة ومحددة في بعض المناطق لا غير، وهي ليست مستقلة ومتورطة في السياسة، وتعمل بشكل غير مستقل وغيرمهني فيما يجب عليها توزيع المساعدات بطريقة عادلة ومتوازنة، لا تدعم بعض الأطراف المعارضة، ما يجعل توفير المساعدات الإنسانية لجميع السكان المحتاجين دون تمييز، أمرا غير وارد بالنسبة لهم.