الوقت- مؤخراً، أعلنت سوريا إلغاء اعتماد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في خطوة اعتبرت نادرة من نوعها ضد وسائل الإعلام الدولية في البلد الذي مزقته الحرب خلال 12 عاما، وقالت وزارة الإعلام السورية في بيان "نتيجة عدم امتثال القناة للمعايير المهنية وإصرارها على تقديم تقرير سياسي ومضلل، تقرر إلغاء اعتماد مراسل القناة والمصور".
من جانبه، قال متحدث باسم بي بي سي إن "بي بي سي العربية نيوز" تمارس صحافة مستقلة ومحايدة وتتحدث إلى الناس "من مختلف الأطياف السياسية لإثبات الحقائق" دون التعليق مباشرة على الإجراء السوري، وتعتبر القناة "عدوة شعوب المنطقة" لأنها هي التي حاولت جاهدة طوال سنوات عملها تأجيج الأوضاع في منطقتنا بما يخدم مموليها، ومن ينسى أنّها عززت محاولات إفشال الصلح فى اليمن وصبت البارود على النار في حروب سوريا وليبيا والسودان والعراق ولبنان، باعتبارها تعكس توجهات المملكة المتحدة واستراتيجيتها فى العلاقات الدولية، فعلى مدار تاريخ هذه القناة الشهيرة كان هناك تعمد مقصود فى تغطية أوضاع المنطقة بشكل متحيز وبطريقة ذكيّة للغاية حيث يشعر البعض بأنّها حياديّة لكنها تدس السم في عسل كل خبر يُحرر فيها، بما يخالف معايير المهنة الحقيقيّة.
أخبار متحيزة
"سنواصل تقديم أخبار ومعلومات غير متحيزة لجمهورنا العالمي في العالم الناطق بالعربية"، هكذا أوضح المتحدث باسم "بي بي سي"، التي تدعي دائما المهنية والالتزام بقواعدها وأصولها التي باتت مفقودة في السوق الإعلاميّ، إلا أنّها أثبتت للشارع العربيّ منذ تأسيسها أنها بعيدة كل البعد عن هذه المهنية، كيف لا وهي تابعة لـ "بلاد الحرية والديمقراطية" التي استعمرت العالم لدرجة أنّها سُميت الامبراطوريّة التي لا تغيب عنها الشمس، وقامت بتشويه الحقائق ودعم جماعات إرهابيّة إعلاميّاً، وروجت لمعلومات كاذبة أو مغلوطة، عن حقيقة الأوضاع العالم العربي والمنطقة، ودعمت تنظيمات متشددة بشكل واضح ومتعمد فى كل تغطياتها.
وعلى الرغم من أنّ خدمات بي بي سي متنوعة وحرفية للغاية، إلا أنها في النهاية تتبع لسياسة الممولين في لندن، وتحافظ “بي بي سي” على دورها في تقديم الأخبار بسياسة بريطانية وخاصة في البلدان التي تعاني من نقص المعلومات حسب ادعائها، لتصيغ الواقع كما يرغب الساسة البريطانيون، كما تقدم للجمهور الخدمة الإعلامية بأكثر من 40 لغة كما قالت ليليان لاندور مديرة الخدمة العالمية، رغم أنّ القناة تُتهم بعرض تفاصيل وأكاذيب تزلزل البلدان، كما يقول منتقدوها، حيث إنّ قناة بي بي سي وأخواتها في العالم يفقدون ثقة الدول والشعوب بدورهم رويداً رويداً نتيجة كشف خبثهم ودهائهم، مع تطور عقلية المشاهد بشكل كبير نتيجة تحليله العميق للواقع والمشهد، وإنّ الدليل والبرهان الأكبر على ذلك هو تحليلهم الواضح لأخبار وسائل الإعلام أخرى كانت تتدخل في شؤون البلدان وتزعزع استقرارها، وباتت علاقاتها حميمية معها اليوم.
لكن في المقلب الآخر، يقول مؤيدوا القناة إنّ هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قد نشرت الشهر الماضي تقارير تتعلق بملفات حساسة أزعجت دمشق وجعلتها تتخذ هذه الخطوة، مستشهدين بأن سوريا تحتل مرتبة متدنية في مؤشر حرية الصحافة، الذي أنشأته منظمة "مراسلون بلا حدود"، ويعتبرون الإعلام في البلاد حكوميّا للغاية مع فرض قيود على التغطية الإعلامية، لكن وزارة الإعلام السورية قالت إنه منذ اندلاع الحرب في عام 2011، "تعمدت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، في بعض الأحيان، تقديم معلومات وتقارير موضوعية ومزيفة عن الواقع في سوريا، وأضافت الوزارة إن القناة " تم تحذيرها عدة مرات لكنها استمرت في بث تقارير مضللة بناء على تصريحات ومعلومات من إرهابيين وأطراف معادية، ونادرا ما يتم إلغاء اعتماد ممثلي وسائل الإعلام الدولية في دمشق، حيث غادر العديد من الصحفيين الأجانب البلاد مع اشتداد الصراع، وبالتالي يعمل بعض المراسلين المحليين مع عدد صغير من وسائل الإعلام الأجنبية المتبقية.
سياسة قذرة
كل فترة، تواجه بي بي سي موجة غضب عارمة تجاه إحدى القضايا، لدرجة اتهامها من قبل البعض بالتحيز القذر لبعض مؤسسات الحكومات الغربيّة، وانصياعها لأوامر القيادات السياسيّة وانخراطها في محاولة تشويه الحقائق، وحرف البوصلة نحو ملفات عادة ما تُستخدم للضغط السياسيّ، أي مثلها مثل الكثير من وسائل الإعلام الغربيّ، وكأن ثمة رغبة في تشويه الصورة وحرف الأنظار نحو ملفات الضغط بين الحكومات، وإن عبارة "ازدواجية المعايير" رافقت تعليقات كثيرة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعيّ، بالاستناد إلى أنّ "أخلاق بي بي سي" لم تظهر إلا في أشياء وغابت عن أشياء كثيرة.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أنّ بي بي سي صاحبة التاريخ القديم والطويل من الأكاذيب والاتهامات والادعاءات ونشر الشائعات والترويج سلباً بما يتناسب مع مصلحة المؤسسين والممولين، أيّ ضد المنطقة والوطن العربي بأكمله، لخدمة مصالح بريطانيا الخاصة، يرى خبراء بالشأن الإعلاميّ النفاق وازدواجية المعايير لدى للإعلام الغربيّ، حيث إن "بي بي سي" تمارس فشلاً ذريعاً في الرسالة الإعلاميّة المخادعة للقناة التي زعمت الحياديّة لعقود طويلة، وقد حاولت تلك المؤسسة الإعلاميّة جاهدة طوال سنوات عملها تأجيج الأوضاع في منطقتنا بما يخدم مموليها، ومن ينسى أنّها عززت محاولات إفشال الصلح فى اليمن.
نتيجة لما أشير إليه، أثبتت بي بي سي أنّها لا تملك أدنى معايير المهنيّة، كيف لا وهي تابعة لـ "بلاد الحرية والديمقراطية" التي استعمرت العالم لدرجة أنّها سُميت الامبراطوريّة التي لا تغيب عنها الشمس، وقامت بتشويه الحقائق ودعم جماعات إرهابيّة إعلاميّاً، ومن غير الطبيعيّ أن تتصرف البي بي سي بعكس إرادة مموليها في دائرة الاستخبارات البريطانيّة، بغض النظر عن ضرورة انفتاح سوريا اعلاميا، فالمواجهة تكون بالإعلام نفسه، وليس عبر اتخاذ اجراءات تعطي سلبية أكبر تجاه هذا الموضوع.