الوقت- على الرغم من أن الکیان الصهيوني يقدم نفسه على الدوام كحكومة رائدة في استخدام التقنيات المتقدمة في المجالين العسكري والأمني في العالم، وبهذه الطريقة يعتبر نفسه يمتلك قدرات موثوقة لتلبية الاحتياجات الدولية شركاء وعملاء، ومع ذلك، تظهر نتائج بحث جديد أن إسرائيل تعتمد إلى حد كبير على تعاون الشركات الأجنبية الكبيرة متعددة الجنسيات في تطبيق مثل هذه التقنيات والاستفادة من خدمات ومعرفة هذه الشركات.
وحول هذا السياق، نشر مركز أبحاث في الأراضي المحتلة يُدعى "من يربح"، يعمل في مجال تحديد تعاون شركات القطاع الخاص مع أنشطة الاحتلال الإسرائيلي، تقريرًا في أيار من هذا العام حول دور شركات التكنولوجيا المتعددة الجنسيات في خدمة مصالح وسياسات النظام الصهيوني، والتي إضافة إلى تعزيز قدرة الشركات الاقتصادية التي تعتمد على البيانات الإسرائيلية، تساعد أيضًا في خطط هذا النظام لقمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم ومراقبتهم في جميع الأراضي المحتلة.
وحسب هذا التقرير الذي نُشر على موقع "ميت برس نيوز"، فإن الجيش الإسرائيلي نصب سلاحا آليًا يتحكم فيه الذكاء الاصطناعي في نقطة تفتيش عسكرية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة في أيلول / سبتمبر 2022. الآن، يتم استخدام التكنولوجيا نفسها عند مدخل مخيم عايدة للاجئين في بيت لحم، كما تم وضع كاميرات مراقبة في جميع أنحاء القدس الشرقية المحتلة في زوايا شوارع المدينة وتم نشرها بشكل أساسي لمراقبة الفلسطينيين.
ومن ناحية أخرى، غالبًا ما تكون المواجهات الفلسطينية مع الجنود الإسرائيليين في جميع أنحاء الضفة الغربية مصحوبة بمواجهات عنيفة من قبل الجيش الصهيوني وإجراء مسح للوجه لتسجيل المعلومات الشخصية للأشخاص.
وأصبحت هذه التقنيات القمعية الآن جزءًا لا يتجزأ من حياة الفلسطينيين، وهي أداة تعمل على تكثيف سيطرة النظام على أنشطتهم. بينما يشارك عدد لا يحصى من شركات التكنولوجيا الدولية في مخططات الاحتلال الإسرائيلي، حدد تقرير Who Profits أربعة عمالقة تكنولوجيا أمريكيين: Microsoft و IBM و Cisco Systems و DELL. وفي القائمة المذكورة، تعتبر شركة مايكروسوفت أشهر وأهم شركة ناشطة في مجال تكنولوجيا المعلومات، لما لها من تاريخ طويل من التعاون مع الصناعة العسكرية الإسرائيلية.
وبرنامج "المناسك" المثبت على الهواتف المحمولة والموجود على منصة مايكروسوفت، تم تصميمه وبناؤه من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية لإدارة إصدار تصاريح الدخول والخروج للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 1948 ويمكن لبرنامج التجسس هذا الوصول إلى عنوان IP الخاص بالهاتف المحمول والكاميرا والملفات والموقع. ولا تقتصر خدمات مايكروسوفت إلى تل أبيب على الموافقة على برامج التجسس للنظام، بل إنها تساعد في إجراء دورات ذكاء اصطناعي لضباط وحدة "أساليب القتال العسكرية والابتكار" في الجيش الصهيوني. ووفقًا لهذا التقرير، عقدت Microsoft مؤخرًا دورات تدريبية مجانية في مجال الأمن السيبراني لطالبات المدارس الثانوية ليتم تجنيدهن في وحدات التكنولوجيا الفائقة في الجيش.
وتم الإعلان عن معظم تعاون مايكروسوفت التجاري مع الجيش الإسرائيلي، لكنها تقدم أيضًا خدمات للمستوطنين، بما في ذلك طلبات الطلاب والمعلمين في مدارس مستوطنة معاليه أدوميم، وهي واحدة من أكبر المستوطنات الإسرائيلية في الغرب. وتتعاون Microsoft أيضًا مع جامعة أرييل، الجامعة الإسرائيلية الوحيدة الموجودة في المستوطنات الصهيونية بالضفة الغربية، وقد قدمت خدمات مجانية للطلاب لاستخدام برامجهم وبريدهم الإلكتروني، على سبيل المثال، الدورة التدريبية لبرنامج شركاء الحلول المعتمدين.
كما أنشأت Microsoft فرعًا محليًا في إسرائيل، والذي لديه حاليًا عقد مع شرطة النظام لتقديم "خدمات سحابية" لمدة ستة أشهر، إضافة إلى ترخيص استخدام منتجات Microsoft. والخدمات السحابية هي مصطلح في صناعة تكنولوجيا المعلومات (IT) يشير إلى الخدمات التي تتيح الوصول السهل والفعال من حيث التكلفة إلى التطبيقات والموارد الأخرى دون الحاجة إلى بنية تحتية أو أجهزة داخل الشركة. وتخطط Microsoft لفتح أول مركز بيانات سحابي لها في حديقة موديعين التكنولوجية، الواقعة في منطقة بين تل أبيب والقدس. وتشير التقديرات إلى أن الشركة أنفقت مليار دولار إلى 1.5 مليار دولار على مركز البيانات. لكن إلى جانب شركة مايكروسوفت، تتعاون شركة الكمبيوتر "آي بي إم" أيضًا مع دائرة السكان والهجرة والحدود التابعة للنظام الصهيوني لإطلاق نظام إيتان المستخدم في مجال التعداد السكاني. ويسجل نظام الكمبيوتر هذا المعلومات الشخصية للشعب الفلسطيني والسوري الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، وتستخدم بيانات هذه المنصة بشكل أساسي لتنفيذ سياسات تمييزية ضد السكان المستهدفين.
كما أنشأت شركة "آي بي إم" شركات تابعة إسرائيلية بمسميات مختلفة، مثل "آي بي إم - ريد هات إسرائيل" و "آي بي إم إسرائيل"، والتي تتعاون على نطاق واسع مع الجيش الصهيوني، لا سيما في مجال الدفاع السيبراني. في عام 2020، أصبحت شركة IBM Israel المورد الرئيسي لتكنولوجيا المعلومات لثلاثة مراكز لوجستية عسكرية إقليمية جديدة لجيش الدفاع الإسرائيلي. وتعمل هذه الشركة الأمريكية متعددة الجنسيات مع الجيش ووزارة التعليم لجذب اهتمامات طلاب المدارس الثانوية للعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، وبالتالي المساعدة في تعزيز قطاع تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلي.
وتعاونت IBM أيضًا مع الشرطة الإسرائيلية منذ عام 1975 وتوفر معدات وبرامج الكمبيوتر. وفي عام 2018 ، افتتحت الشركة مركزًا للأبحاث السيبرانية في مدينة بئر السبع، الواقعة في صحراء النقب، بجوار قاعدة اتصالات الجيش، كجزء من خطة وزارة الدفاع لتوظيف ضباط الوحدات الإلكترونية في صناعة التكنولوجيا الفائقة. وسيسكو سيستمز هي عملاق تكنولوجي دولي آخر أقام مجمعات علمية وتكنولوجية كبيرة في صحراء النقب، بجوار مستوطنتين بدويتين فلسطينيتين حورة وعرارة النقب. وهذه المراكز، إلى جانب IBM Cyber Center، هي جزء من جهود إسرائيل لاحتلال صحراء النقب بالكامل من خلال طرد الفلسطينيين البدو. وفي أوقات مختلفة، سعى الصهاينة إلى بناء مستوطنات يهودية من خلال تدمير قرى السكان البدائيين في هذه المنطقة.
ومن المناطق التي ولدت مرات عديدة من رمادها قرية العراقيب في هذه المنطقة. تعيش في هذه القرية قرابة 22 عائلة فلسطينية، بيوتها مصنوعة بشكل أساسي من الخشب والمواد البلاستيكية. ورغم أن الجيش الصهيوني دمر منازل العراقيب للمرة الـ 170 في خريف 2018 بحجة قضايا أمنية، إلا أن سكان هذه القرية يعيدون بناءها في كل مرة بعد هدم منازلهم ولا يرغبون في مغادرتها. وقام الجيش الإسرائيلي ببناء أكبر مركز بيانات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحت الأرض في صحراء النقط، مكتمل بأنظمة الحوسبة والاتصالات والأمن السيبراني وموازنة الأحمال من أنظمة سيسكو. وإضافة إلى ذلك، قامت شركة Cisco Systems ببناء ثلاثة مراكز تقنية أخرى في الأراضي المحتلة في مرتفعات الجولان السورية والضفة الغربية، وتخطط لفتح خمسة مراكز أخرى في هذه المناطق.
وعلى الرغم من معرفة عامة الناس بعلامة Dell الخاصة بمنتجات الكمبيوتر، إلا أن هذه الشركة الإلكترونية العملاقة فازت بمناقصة تزيد قيمتها على 150 مليون دولار هذا العام لتقديم خوادم وخدمات الصيانة والإصلاح إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية. وفي عام 2021 أيضًا، وقعت شركة VMware Israel التابعة لشركة Dell في الأراضي المحتلة عقدًا لبيع منتجاتها للشرطة الإسرائيلية من أغسطس 2021 إلى يناير 2027. وتساعد VMware Virtual Services في تنفيذ برنامج مراقبة الشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية، المعروف باسم Mabat. وتم نصب حوالي 400 كاميرا أمنية في أنحاء البلدة القديمة في القدس، يسيطر عليها مركز القيادة والسيطرة لشرطة النظام في المنطقة.
إضافة إلى إظهار أن عمالقة التكنولوجيا الدولية متواطئون في القمع الممنهج للشعب الفلسطيني وسياسة الفصل العنصري للنظام الصهيوني، يكشف التقرير أيضًا حقيقة أن التطورات التكنولوجية لإسرائيل، التي أطلقت على نفسها اسم "أمة الشركة الناشئة". وفي الغالب جزء من دعاية مبالغة وتعتمد القوات الأمنية والعسكرية الصهيونية إلى حد كبير على شراكات مع شركات أجنبية كبيرة ناشئة واستيراد تقنيات حديثة من دول أخرى.