الوقت - عاد الرئيس الإيراني، السيد إبراهيم رئيسي، الذي سافر إلى "فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا" في جولة استغرقت خمسة أيام منذ الاثنين(21 حزيران / يونيو)، إلى طهران بمجموعة من اتفاقيات التعاون مع هذه الدول، ولدى وصوله إلى طهران وصف نتائج هذه الرحلة بأنها مثمرة.
وأوضح رئيسي أن علاقات إيران مع دول أمريكا اللاتينية اتسعت بشكل عام بعد انتصار الثورة الإسلامية، لكن في العقد الماضي، ولأسباب ما، واجهت مشاكل؛ وقال: "كان لابد من إعادة النظر في العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية كمركز مهم واستراتيجي في العالم، وإزالة العوائق أمام تفعيل وتوسيع العلاقات".
وأكد الرئيس الإيراني أنه في مجال الدبلوماسية، فإن نظرتنا إلى الشرق والغرب في العالم متوازنة، وقال: "في السنوات التي تلت الثورة الإسلامية، كان للجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقات جيدة مع جميع دول منطقة أمريكا اللاتينية، ولكن هذه العلاقة لم تكن نشطةً طوال العقد الماضي لبعض الأسباب، وتسببت في صعوبات في التعاون".
وشدد رئيسي: "أي دولة في العالم تريد أن تكون لها علاقة بناءة مع إيران تقوم على احترام المصالح المشتركة، سنقيم بالتأكيد علاقةً جيدةً معه، وإذا أراد أحد أن يكون عدواً لنا فسياستنا هي الصمود والمقاومة".
تظهر زيارة الرئيس الإيراني لدول أمريكا اللاتينية، أن الجمهورية الإسلامية مستعدة للتفاعل مع العالم كله، وأن جهود الأعداء لعزل هذا البلد لن تحقق أي نتيجة.
اتفاقيات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات
إضافة إلى تعزيز العلاقات السياسية، ركزت زيارة رئيسي إلى أمريكا اللاتينية بشكل أكبر على القضايا الاقتصادية، وتم التوصل إلى العديد من الاتفاقات في هذا المجال بين الجانبين.
وفي هذا الصدد، وقعت سلطات إيران وفنزويلا على 19 وثيقة ومذكرة تعاون، في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والتأمين والنقل البحري والتعليم العالي والزراعة والطب والتبادلات الثقافية، وكذلك تطوير التعاون التعديني. أيضًا، خلال هذه الاتفاقيات، ستقوم الشركات الإيرانية بتصدير الأدوية والمعدات الطبية إلى فنزويلا.
يظهر اتفاق مسؤولي البلدين على زيادة حجم التجارة الثنائية إلى مستوى 20 مليار دولار في المستقبل القريب، أن الجانبين يستعدان لتعاون استراتيجي في المجال الاقتصادي.
وفي كوبا أيضًا، وقع مسؤولو البلدين 6 وثائق ومذكرات تعاون في المجالات القضائية والتعاون السياسي الشامل والعلاقات الجمركية، والتعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات.
كوبا هي إحدى الدول الرائدة في مجال الطب والأدوية، ويمكنها تحييد العديد من القيود الناتجة عن العقوبات المفروضة على البلدين. خلال زيارته إلى كوبا، زار الرئيس الإيراني خط إنتاج اللقاحات في مصنع ،CIGB واطلع على آخر الإجراءات والتعاون المشترك لهذا المصنع مع الشركات الإيرانية.
وخلال زيارة الرئيس الإيراني، عرض مديرو مصنع CIGB لقاح التهاب الكبد B وسرطان الرئة ووحدات إنتاج لقاح مضاد لفيروس Covid-19 تسمى "عبدالا"، وأعلنوا عن التعاون المشترك لإنتاج اللقاح مع معهد "باستور" الإيراني.
من ناحية أخرى، وقع المسؤولون رفيعو المستوى من إيران ونيكاراغوا 3 وثائق ومذكرات تعاون، في مجالات القضاء والتعاون الاقتصادي والتجارة والمعدات والتجهيزات الطبية.
ومن أجل تسهيل التجارة بين إيران ودول أمريكا اللاتينية، تم إبرام اتفاقيات لإزالة الحواجز واللوائح الجمركية المرهقة قدر الإمكان، حتى يتمكن التجار من تصدير البضائع واستيرادها بسهولة. كما كان استخدام العملات الوطنية بدلاً من الدولار، من القضايا الأخرى التي تم الاتفاق عليها لتسهيل التجارة مع دول أمريكا اللاتينية.
زيارة رئيسي؛ طفرة في علاقات طهران مع أمريكا اللاتينية
كان تطوير العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية وتعزيز موطئ قدم اقتصادي في هذه المنطقة، من بين أهم أهداف الزيارة الدورية للرئيس الإيراني إلى فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا.
وقال رئيسي عن الإجراءات التي اتخذت خلال هذه الجولة لتحقيق هذا الهدف: "أولوياتنا فيما يتعلق بهذه البلدان كانت تستند إلى القدرات الموجودة، أولاً في مجال الخدمات التقنية والهندسية، وثانيًا تصدير المنتجات القائمة على المعرفة، وثالثًا توريد المواد الخام بسعر معقول، ورابعًا خلق أسواق جديدة. في مجال الطاقة، كان لدينا تفاهمات جيدة للغاية، وإذا تم تنفيذ هذه المذكرات وتشغيلها، استمرارًا للإجراءات المتخذة في العامين الماضيين، يمكن أن تكون خطوةً فعالةً في اتجاه توسيع العلاقات الثنائية".
لسنوات عديدة، هدفت إيران الانتقال من التبعية الاقتصادية على عائدات النفط من خلال صياغة خطط التنمية، وفي هذا الصدد فإن الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة مصممة على استخدام القدرة السوقية لدول أمريكا اللاتينية لتنويع الصادرات غير النفطية.
أمريكا اللاتينية، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ستمئة وخمسين مليون نسمة، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها خمسة تريليونات وخمسمئة مليار دولار، فرصة جيدة لإيران لدخول هذا السوق القوي. ووفقًا للإحصاءات، فإن وجود موارد فريدة تحت الأرض، بما في ذلك الليثيوم والفضة والنحاس والحديد، جعل أمريكا اللاتينية واحدةً من أغنى المناطق في العالم.
وفي هذا الصدد، أشار الرئيس الإيراني إلى إحياء المجمعات الصناعية للجرارات والسيارات في فنزويلا، وأكد: "هذه المجموعات، باعتبارها رؤوس أموال بلادنا، قد أغلقت أو شبه مغلقة منذ حوالي 9 سنوات، وفي هذه الرحلة تم إحياؤها وتفعيلها تماشياً مع سياسة الحكومة الثالثة عشر لإحياء وتفعيل الوحدات الراكدة".
وأوضح رئيسي أن هناك مواهب جيدة جدًا في مجال الاحتياطيات المعدنية في منطقة أمريكا اللاتينية، وتم إبرام عقود في هذا المجال خلال هذه الرحلة، وقال: "في مجال العمل القائم علی المعرفة، أبرم القطاع الخاص في البلدين في الخطوة الأولى 5 عقود قائمة علی المعرفة تجاوزت قيمتها 90 مليون دولار".
وكان تقديم الخدمات الفنية والهندسية وتعزيز التعاون في مجال الطاقة مع دول أمريكا اللاتينية، جزءًا آخر من نتائج زيارة السيد رئيسي إلى هذه المنطقة، والتي ذكرها ممثلو الحكومة الإيرانية.
ويرى الخبراء أن إيران يمكن أن تخلق سوقاً لصادراتها النفطية بـ 200-300 ألف برميل يومياً، من خلال تصدير الخدمات الفنية والهندسية، وتنشيط القدرات وبناء 3 مصافٍ "سينفويغوس كوبا" و"أرماني بوليفار نيكاراغوا" و"كاردون فنزويلا".
من ناحية أخرى، تعدّ المشاركة في القطاع الزراعي كإحدى القدرات الاقتصادية الكبرى لأمريكا اللاتينية، أحد الإنجازات التي يمكن أن تساعد في تلبية احتياجات إيران في هذا المجال في خضم أزمة نقص المياه.
وقال وزير النفط الإيراني علي أوجي: "هذه البلدان موهوبة للغاية من حيث هطول الأمطار والأراضي الصالحة للزراعة، وتنتج بعض المنتجات الزراعية التي نحتاجها، مثل الذرة وفول الصويا والسكر، ويمكننا توفير هذه المنتجات باستخدام المقاصة". ويمكن أن تكون إزالة الدولرة والمقاصة، التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة رئيسي إلى أمريكا اللاتينية، فعالةً في تحييد العقوبات الأمريكية.
لكن إضافة إلى تركيز أهداف رحلة رئيسي إلى أمريكا اللاتينية على القضايا الاقتصادية، فإن تعزيز التحالف السياسي مع دول المنطقة كان إنجازًا آخر أشار إليه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
حيث قال أمير عبد اللهيان عن التعاون بين طهران وهافانا: "إيران وكوبا رائدتان في تطوير التكامل الإقليمي، والذي يمكن أن يوفر الفرصة لبعضهما البعض في التحالفات التي تشكلت على جانبي الكرة الأرضية".
كما أكد أمير عبد اللهيان على التعاون المتوازن مع فنزويلا بموجب الاتفاقية الشاملة لمدة 20 عاماً بين البلدين، وقال: "فنزويلا هي بوابة نشاط إيران التجاري في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. نحن نتحدث عن عدد سكان يبلغ 600 مليون نسمة، وسوق بهذا الحجم تجد فيه أمريكا اللاتينية والبلدان الصديقة في هذه المنطقة ارتباطًا قويًا بأسواق غرب آسيا عبر جمهورية إيران الإسلامية".
بشكل عام، وبالنظر إلى الإنجازات العديدة التي حققتها جولة الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة إلى أمريكا اللاتينية، يبدو أنه تم تمهيد الطريق بشکل واسع النطاق لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية، ما يدل على تقدم العلاقات بين إيران وأمريكا اللاتينية.