الوقت- 13 حزيران / يونيو هي ذكرى يوم تأسيس الحشد الشعبي العراقي في عام 2014، حيث توجه عشرات الآلاف من الأشخاص، استجابة لفتوى آية الله السيد علي السيستاني، مرجع الشيعة الأعلى، إلى جبهات القتال لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي. وفي النهاية استطاعوا أن يركعوا هذه المجموعة على ركبتيها ويقتلعوها من هذه الأرض المقدسة. واحتفل العراقيون هذا العام، كما في الماضي، بالذكرى التاسعة لتأسيس هذه القوة الشعبية، برفع علم الحشد الشعبي وإطلاق احتفالات سعيدة.
وفي هذا السياق، ثمنت السلطات العراقية الخدمات التي يقدمها الحشد الشعبي. وهنأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مستذكراً الملاحم البطولية لقوات الحشد الشعبي، وأكد أن الحكومة تصادق على قانون التقاعد العسكري لضمان حقوق عناصر القوات الأمنية بما في ذلك قوات الحشد الشعبي. كما أشاد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد بأبطال الحرب ضد الإرهاب، وقال إن تشكيل الحشد الشعبي كان نقطة تحول مهمة في توحيد صفوف المقاومة وطرد داعش وتحرير المدن والقرى العراقية في ظروف صعبة للغاية. وقال السيد عمار الحكيم زعيم "تيار الحكمة" العراقي: " جعلت فتوى آية الله السيستاني الشعب العراقي يتصرف تحت راية واحدة وبالرأي نفسه لكسر الظلام وتدمير تنظيم داعش الإرهابي".
كما أكد خالد الملا، رئيس علماء السنة في العراق، في كلمته: " "فتوى الجهاد الكفائي (التي أطلقها المرجع الديني اية الله السيد علي السيستاني)، حولت مطر داعش الارهابي إلى غيث من الخير تمثل بالحشد الشعبي". وتابع: لو استمرت غيمة داعش بالمسير لما بقي البرلمان والعراق؛ مبينا ان "فتوى الجهاد وحدت العراقيين في ساحات القتال لإيقاف داعش الإرهابي".
كان الحشد الشعبي في البداية جماعة مكونة من الشيعة والسنة، ولكن ظهرت منه مجموعات جديدة في الآونة الأخيرة، والآن بلغت 67 جماعة تدعي أداء واجباتها تحت قيادة مشتركة. خلافا للأعداء الذين يدّعون أن الحشد الشعبي يضم الشيعة العراقيين فقط ولا توجد فيه أعراق وديانات أخرى، لكن "الحشد الشعبي" يضم قوات سنية و "لواء بابل" المسيحي، وكذلك كتائب صغيرة من الأيزيديين والشبك والتركمان، والذين هم أعضاء في هذه المجموعة المنظمة.
تتزايد شعبية الحشد الشعبي في أوساط العراقيين، بينما يدعى المسؤولون الأمريكيون، الذين رأوا في صعود جماعات المقاومة تهديدًا لطموحاتهم، أن الحشد الشعبي قد انتهى عمله ويجب حله، لكن البرلمان العراقي في كانون الأول / ديسمبر 2016، أقر قانون دعم قوات الحشد الشعبي، والذي بموجبه أصبحت هذه المجموعة رسميًا كيانًا رسمياً، وتعتبر جزءًا من هيكلية الجيش.
حاليا، تم تكليف قوات الحشد الشعبي بتوفير جزء كبير من أمن العراق، وتزداد قوة هذه المجموعة يوما بعد يوم، ومع الإنجازات التي حققتها في المجال العسكري، أصبحت تتمتع بسلطة قوية كجيش كامل ما أزعج البيت الأبيض كثيرا. وقد حذر قادة الحشد الشعبي الأمريكيين مرارًا وتكرارًا من أنهم إذا لم يغادروا أراضي العراق سيلجؤون إلى القوة لطرد الغزاة، ونفذوا عدة هجمات صاروخية على قواعد القوات الأمريكية. لهذا السبب، يستخدم مسؤولو البيت الأبيض أدوات الضغط الخاصة بهم حتى يتمكنوا من إجبار حكومة بغداد على تقليص قوة الحشد الشعبي، لكن هذه الجماعات متشابكة للغاية مع الهياكل الأمنية في العراق لدرجة أنه يستحيل التخلص منهم.
وبصرف النظر عن القوة العسكرية، فإن ممثلي الحشد الشعبي يحظون بغالبية مقاعد مجلس النواب، وفي الساحة السياسية بسطوا مظلة دعمهم على العراقيين، والخروج من المأزق السياسي الطويل كان نتيجة جهود التيارات السياسية الشيعية التي نجحت بمبادراتها لانتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
انتصارات لا تنسى
على الرغم من أن أمريكا وحلفاءها في المنطقة حاولوا دائمًا إظهار الحشد الشعبي على أنه سبب الفوضى داخل العراق، فإن سجل تضحيات هذه الحركة الشعبية ضد الجماعات الإرهابية رائع لدرجة أن التاريخ لن ينساها.
على الرغم من رجم الجبهة العبرية العربية الغربية بالحجارة في طريق تحرير الأراضي العراقية المحتلة من داعش، فإن قوات الحشد الشعبي قمعت هذه المجموعة المدعومة من الغرب لمدة ثلاث سنوات، والآن لا توجد أخبار عن هذه الجماعة الإرهابية في العراق، والأمن متوفر نسبياً في هذا البلد، وقد ترسخ بفضل جهود وشجاعة الرجال الذين ذهبوا إلى جبهات القتال ضد التكفيريين طاعة لفتوى مرجعهم الديني. رغم إعلان نهاية داعش في كانون الأول / ديسمبر 2017، لم تتوقف قوات الحشد الشعبي عن الفعالية وتواصل محاولة اكتشاف المخابئ الخفية لداعش، وحققت العديد من النجاحات في العامين الماضيين.
وخلال هذه الفترة نفذت قوات الحشد الشعبي عمليات مكثفة في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى قُتل خلالها المئات من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، وتم القبض على بعض قيادات هذه المجموعة الإرهابية ومنهم "ضرغام أبو حيدر" المعروف بجزار جريمة سبايكر.. حتى أن عملية الحشد الشعبي قد امتدت إلى عمليات التفتيش من منزل إلى منزل في بعض مناطق العراق حيث توجد احتمالية لوجود داعش، وهي تظهر أن قوات الحشد الشعبي عازمة على تخليص العراق من التكفيريين إلى الأبد.
بفضل إجراءات الحشد الشعبي هذه على مدار الساعة، لم يعد إرهابيو داعش يجدون مكانًا للتجول في المدن العراقية، وحتى في زيارة أربعين الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث يذهب الملايين من أنصار أبي عبد الله الحسين إلى كربلاء كل عام، لم يستطيعوا إزعاج أو إرهاب هذا الحشد الهائل، وتنفيذ عمليات إرهابية، لأن أي تحركات للتكفيريين يراقبها الحشد الشعبي بدقة، وكل المخططات الإرهابية يتم اكتشافها وتحييدها قبل تنفيذها.
التجربة الناجحة الوحيدة ضد الإرهاب
الحشد الشعبي هو التجربة الناجحة الوحيدة في العالم التي استطاعت القضاء على إرهابيي داعش المتوحشين، ونجاحه يمكن أن يكون نموذجًا للدول الأخرى. ارتفع عدد الإرهابيين في أجزاء كثيرة من العالم في العقد الماضي، وكانت الحكومات المحلية عاجزة ضد هذه الجماعات على الرغم من امتلاكها معدات عسكرية. اليوم، يعود فرع تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان في أفغانستان إلى الحياة من جديد، ما يتعارض مع ادعاء سلطات طالبان بتدمير الإرهابيين، لكن هذه المجموعة وسعت نطاق عملياتها الإرهابية.
في نيجيريا، انتزع إرهابيو بوكو حرام الذين بايعوا داعش، السلام من شعب هذا البلد لسنوات، والحكومة غير قادرة على مواجهة هذه المجموعة الصغيرة. في سوريا، رغم أن المقاومة نجحت في هزيمة داعش، إلا أن عشرات الجماعات الصغيرة والكبيرة لا يزال لها معقل في محافظة إدلب، ولم يتم إنهاء الإرهاب بشكل كامل في هذا البلد. لذلك فإن محاولة العدو لإفشال الحشد الشعبي واتهامه بتقويض الأمن في العراق غير مقبولة، حيث إن وجود هذه القوات ضروري حتى لأمن المنطقة.