الوقت - أفادت صحيفة جزائرية بأن اجتماعا على أعلى مستوى عقد في إسرائيل، ضم أجهزة مخابرات إسرائيل وفرنسا والمغرب، وفي جدول أعماله نقطة واحدة تخص “زعزعة الاستقرار في الجزائر وحتى تونس”.
ونقلت صحيفة “الخبر” الجزائرية، الثلاثاء، عن مصادر موثوقة لم تسمها، قولها “إن معلومات مؤكدة تشير إلى انعقاد اجتماع في إسرائيل، الإثنين، جمع أجهزة مخابرات إسرائيل وجهاز المخابرات الفرنسية ممثلا في خمسة مسؤولين رفيعي المستوى و12 مسؤولا من الاستخبارات المغربية، وقد حدد جدول أعمال الاجتماع نقطة واحدة تتناول زعزعة الاستقرار في الجزائر وخلق الفوضى في أربع ولايات جزائرية”، وفقا للصحيفة.
وحسب الصحيفة، فإن المصادر ذاتها تكشف أن “مخطط زعزعة الاستقرار يشمل خلق بؤر توتر ونزاع وفتن في ولايات عديدة، أبرزها الجزائر والعاصمة وهران وتيزي وزو وبجاية، في محاولة لضرب الوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي الذي يتميز به الجزائريون ويضرب به المثل في العالم، من خلال الصورة الجميلة التي يقدّمها الشعب الجزائري في فترات المحن والشدائد”.
وأكدت مصادر “صحيفة الخبر” أن “تونس لم تسلم هي أيضا ولا شعبها من مخططات زعزعة الاستقرار، حيث أطلقت الاستخبارات الإسرائيلية والفرنسية والمغربية عملية ضد تونس بعنوان (لوب)، بدأت في 20 أيار/مايو الجاري، وذلك عبر خلق موجات من الاحتجاجات العنيفة والفوضى، الغرض منها إضعاف وعزل الرئيس التونسي قيس سعيّد”.
وليست هذه المرة الأولى التي تكشف فيها الجزائر عبر أجهزتها المحاولات المستمرة لزعزعة الأمن والاستقرار في الجزائر وخلق بؤر فوضى وتوتر عبر مختلف الوسائل والوسائط، إذ سبق أن كشف الرئيس عبد المجيد تبون، في اللقاء الصحفي الإعلامي الدوري شهر فبراير الماضي، أن "الجزائر تتعرض كل خمس سنوات تقريبا لمحاولات زعزعة استقرارها، وهو الأمر الذي تقف له بالمرصاد، بفضل مؤسساتها والنضج السياسي لمواطنيها الذين لن يسقطوا في هذا الفخ".
وأشار تبون إلى أن الجزائر "مستهدفة من كل الجوانب لأنها دولة لا تقبل الانبطاح، والمواطن الجزائري يفتخر بدولته التي تسير برأسها مرفوعا بين الأمم"، مؤكدا أن "هذه الأطراف ليس باستطاعتها المواجهة المباشرة، وهي تعمل تحت غطاء منظمات غير حكومية، بعضها تابع لمخابرات بلدانها".
وقبل ذلك، كشف رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنفريحة، في زيارة عمل وتفتيش إلى الناحية العسكرية الخامسة، عن "إحباط محاولات كل المناورات التي تستهدف نشر الفوضى بين صفوف الشعب الواحد ومحاولة تهديد وحدته الترابية والشعبية وضرب أركان دولته الوطنية خدمة لأجندات مشبوهة ومرام مغرضة، وذلك دليل قاطع آخر على تماسك شعبنا وتفطنه الدائم لمكائد هؤلاء الأعداء المتربصين".
وقد أكد حقيقة التآمر الفرنسي والمغربي في مناسبات كثيرة من يمتلكون المعطيات وبنك المعلومات الدقيق مثل الرئيس تبون والفريق أول شنقريحة بإشارتهم الدائمة إلى “المؤامرات الخارجية” التي تستهدف أمن واستقرار الجزائر.
يرى محللون أن هذا التحالف الثلاثي مهما امتلك من خبث ودهاء، لن يكون بمقدوره فعل شيء للجزائر، إلا إذا وجد من بين الجزائريين خونة وعملاء، يكملون ضلع المربع، من أمثال الخائن الإرهابي فرحات مهني، الذي ذهب إلى “إسرائيل” ليقول لهم “إن لدينا العدو نفسه وهو الجزائر”.
ويؤكدون أن الجزائر مستهدفة والأدلة على ذك كثيرة جدا، وعواصم دول كبرى تتحرك في المحيط لوقف الصعود الجزائري وتَشَكُّلِ قوتها الضاربة في المنطقة، وللأسف إن نسبة مرتفعة من الجزائريين لا يصدقون ذلك، ويساهمون عبر التشكيك في كل هذه المعلومات، في إنجاح مخططات الأعداء.
ويشير باحثون إلى أن جذور التوترات بين المغرب والجزائر تعود إلى عدة عوامل: التاريخ من خلال الموقف من قضية الصحراء، فمباشرة بعد إعلان استقلال الجزائر طالب المغرب بالصحراء الشرقية عام 1963. ومن ثم، كانت المواجهات العسكرية الأولى التي أطلق عليها “حرب الرمال” بمثابة بداية حرب مفتوحة على جميع الجبهات: السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والعسكرية (حرب العصابات).
تلا ذلك عدة أحداث غيرت العلاقات بين البلدين، وتحديدًا “المسيرة الخضراء” التي أطلقها العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، الذي استطاع حشد أكثر من 350 ألف مواطن مغربي في مسيرة سلمية، ما أسفر عن قطيعة دبلوماسية بين الرباط وجارتها الشرقية، ولا سيما بعد المساندة التي حظيت بها جبهة “البوليساريو” من الجزائر وليبيا.
بعث إنشاء “اتحاد المغرب العربي” عام 1989 الأمل في التقارب بين البلدين، لكن هذا الاتحاد المكون من الجزائر والمغرب وليبيا وتونس وموريتانيا، لم يتمكن من تحقيق الأهداف المتوقعة المتمثلة في توطيد العلاقات الأخوية بين الدول الأعضاء وبين شعوبها وتحقيق التقدم والرفاهية لمجتمعاتهم.
تدهورت العلاقات بين البلدين في أعقاب الهجمات في مراكش عام 1994. وقرر المغرب طرد المواطنين الجزائريين الذين لا يملكون تصريح إقامة، وفرض تأشيرات لدخول أراضيه. ردًّا على ذلك، أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وكان اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء خلال الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس دونالد ترامب بمثابة “انتصار” للرباط، فقد كان هذا الاعتراف الأمريكي مشروطًا بتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل على شكل “اتفاقات إبراهيم” الموقعة في 22 كانون الأول/ ديسمبر 2020.
وترى الجزائر هذا الإعلان وهذا التحالف بين تل أبيب وواشنطن والرباط بمثابة استراتيجية لزعزعة الاستقرار موجهة ضدها.
وبعد أشهر من التوترات المتصاعدة بين هذين البلدين المغاربيين اللذين تربطهما علاقات تقليدية صعبة، قررت الجزائر في آب/ أغسطس 2021 قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، متهمة جارتها بـ”الأعمال العدائية” تجاهها. إن هذا القرار “الأحادي” الذي استنكرته الرباط ووصفته بأنه “غير مبرر” هو دليل على تدهور العلاقات. من جهتها، اتهمت الجزائر المغرب بالمناورة لزعزعة استقرارها، مدعية أنه يستخدم أموال المخدرات لمهاجمتها، وأنه يشعل الحرائق ويدعم انفصال “القبائل” وما إلى ذلك.