الوقت - من المفارقة أن حفل تتويج تشارلز الثالث بصفته الملك الأربعين لإنجلترا، قد مهّد الطريق لظهور نزعات مناهضة للملكية، وهو ما يمکن ملاحظته في الحركة المعروفة باسم "الجمهورية" في بريطانيا.
السبت الماضي، قبل ساعات من مراسم التتويج في إنجلترا، ألقت سكوتلاند يارد القبض على زعيم الجماعة المناهضة للملكية، جراهام سميث، بينما كان في دائرة أنصاره، ليصل الجدل حول طبيعة النظام الملكي في هذا البلد إلى ذروته.
كان سميث يوزع المشروبات واللافتات على المتظاهرين المناهضين للنظام الملكي في ميدان ترافالغار (مكان الاحتجاج)، قبل ساعتين من وصول الملك تشارلز الثالث البالغ من العمر 73 عامًا إلى وستمنستر، عندما اعتقلته سكوتلاند يارد مع خمسة من أنصاره.
ونُشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للشرطة وهي تتجادل مع أحد الموقوفين ، قال فيه أحد ضباط الشرطة: "لا أنوي الخوض في جدال حول هذا الموضوع، لقد تم القبض عليهم؛ انتهی الأمر." وجاء اعتقال سميث في الوقت الذي قال فيه المتظاهرون الجمهوريون، إنهم اتفقوا مع سكوتلانديارد على التظاهر سلمياً قبل المسيرة.
اتهم بيتر تاتشيل، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، الشرطة البريطانية باعتقال المتظاهرين على الرغم من تأكيداتهم بأنهم سينظمون مظاهرات مناهضة للملكية.
وقال تاتشيل: "باعتقال رئيس (الحركة) الجمهورية والاستيلاء على اللافتات ومكبرات الصوت ورصد الصور وبناء جدار بشري أمام التظاهرة، تجاهلوا التأكيدات التي قدموها، حتى لا يرى الملك مثل هذه الاحتجاجات وهو في طريقه للقصر". وكتب سميث على تويتر بعد إطلاق سراحه من حجز الشرطة "لا تخطئوا. في بريطانيا، لم يعد هناك حق في الاحتجاج السلمي. لقد قيل لي مرات عديدة إن الملك موجود هنا للدفاع عن حرياتنا، (ولكن) حرياتنا الآن تتعرض للهجوم باسمه."
75٪ من الشباب ضد الملكية
في بريطانيا، غالبًا ما يتم تقديم الملك على أنه قوة رمزية. لكن أحداث السبت الماضي، بالتزامن مع تتويج تشارلز، الذي كشف عن ظهور الحركة الجمهورية، أظهرت أن الإنجليز، وخاصةً الجيل الجديد، ليس لديهم رغبة في الملكية.
وأظهر استطلاع جديد لشبكة سي إن إن، أن البريطانيين أصبحوا سلبيين أكثر من أن يکونوا إيجابيين بشأن النظام الملكي خلال العقد الماضي. وفي استطلاع أجرته سافانتا، قال أكثر من ثلث البالغين في إنجلترا (36٪)، إن رأيهم في العائلة المالكة أصبح أكثر سلبيةً مما كان عليه قبل 10 سنوات.
وبينما قال 21 في المئة فقط إن وجهات نظرهم تجاه العائلة المالكة أصبحت أكثر إيجابيةً خلال العقد الماضي، يعتقد 41 في المئة آخرون أن رأيهم العام في النظام الملكي لم يتغير.
ووفقًا للاستطلاع نفسه، قال ثلاثة من كل عشرة بريطانيين إن اهتمامهم بمتابعة الأخبار عن العائلة المالكة قد انخفض، بينما قال 22 في المئة إن اهتمامهم قد زاد. وتظهر استطلاعات أخرى تراجع التأييد للنظام الملكي البريطاني.
کما أظهر استطلاع أجرته شركة "يوجوف" الشهر الماضي، أن 64 في المئة من البريطانيين قالوا إنهم لا يهتمون أو يهتمون قليلًا بالتتويج. ويظهر الاستطلاع نفسه أن 75 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا لا يوافقون على النظام الملكي، وهو ما تقول سي إن إن إنه يشير إلى أن "الملك تشارلز الثالث يواجه تحديات خطيرة".
تحدث مراسل "بوليتيكو" ماثيو كارنيتشينيغ، الذي سافر إلى لندن لتقييم تتويج تشارلز، في تقرير مفصل عن عدم مبالاة البريطانيين بحفل الجمعة الماضي. وقال: "بالنظر إلى مشهد التتويج الماضي وحقيقة مرور سبعة عقود على آخر مرة، كنت متأكدًا من أن المدينة ستكون مليئةً بالإثارة، لكن ما شاهدته كان اللامبالاة". وأضاف نقلاً عن أحد ركاب يوروستار: "معظم الناس لا يهتمون بالتتويج".
لقد سلبتم حق البريطانيين
على ما يبدو، تسبب هذا الأمر في اصطفاف مؤيدي ومعارضي النظام الملكي أمام بعضهم البعض بشكل أكثر علنًا.
في مسيرة الاحتجاج يوم السبت الماضي، رفع بعض المتظاهرين المناهضين للنظام الملكي لافتات كتب عليها "ألغوا النظام الملكي وليس الحق في الاحتجاج"، و"(هو) ليس ملكي".
في المقابل، يعبر مؤيدو الملكية، الذين يبدون قلقين أكثر من أي وقت مضى بشأن الوضع الصعب في بريطانيا، عن آرائهم الراديكالية بصراحة أكبر.
وفي هذا الصدد، قال لي أندرسون، نائب زعيم حزب المحافظين البريطاني في بيان، إن على النشطاء المناهضين للملكية مغادرة بريطانيا بدلاً من استخدام حقهم في حرية التعبير للاحتجاج على تتويج تشارلز الثالث.
وفي إشارة إلى شعار "أنت لست ملكي" للجمهوريين، كتب أندرسون على تويتر: "أنت لست ملكي"؛ إذا كنتم لا تريدون أن تعيشوا في دولة ذات نظام ملكي، فإن الحل لا يكمن في الظهور بلافتاتكم الغبية. بل الحل هو الهجرة".