الوقت - وصل الرئيس الإيراني سيد إبراهيم رئيسي إلى دمشق يوم الأربعاء على رأس وفد رفيع المستوى للقاء ومناقشة كبار المسؤولين السوريين. حيث انعكست هذه الزيارة، التي تزامنت مع العام الثاني عشر للأزمة السورية وعودة الدول العربية إلى أحضان دمشق، على نطاق واسع في وسائل الإعلام الغربية والصهيونية.
وذكرت وكالة "رويترز" للأنباء أن هذه هي الزيارة الأولى لرئيس إيران إلى سوريا منذ بداية الحرب في هذا البلد، وكتبت: "زيارة رئيسي تجري فيما تعيد إيران والسعودية بناء علاقاتهما بعد سنوات من التوتر.
وبدعم عسكري واقتصادي من إيران وسوريا، استعاد الأسد مرة أخرى السيطرة على معظم الأراضي السورية من المعارضة التي كانت مدعومة من دول المنطقة التي تسعى الآن لاجراء مباحثات معه.
وقالت رويترز إنه سيتم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الجانبين خلال هذه الزيارة، وأضافت، "لقد خصصت طهران سابقا خطوط ائتمان للحكومة السورية وأبرمت عقودا تجارية مربحة ، بما في ذلك في صناعات الاتصالات السلكية واللاسلكية والتعدين".
ونشرت وكالة "أسوشيتيد برس"، صور وصول رئيسي إلى دمشق، وأشار إلى الدور الرئيسي الذي لعبته إيران في النجاحات العسكرية لسوريا في مواجهة الإرهابيين، وتزامن هذا اللقاء مع تحسن العلاقات بين إيران والسعودية من جهة والدول العربية ودمشق من جهة أخرى.
واعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أنه بعد اجتياز الأزمة حان الوقت لإعادة إعمار سوريا، وكتبت عن تأثير إيران على حليفها القديم، وقالت: إن زيارة رئيسي تحمل رسالة أننا ابقينا بشار الأسد في السلطة. وسنواصل وجودنا القوي في المنطقة.
وتحت عنوان "بدأ الرئيس الإيراني زيارته التاريخية إلى سوريا"؛ أعلنت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" أن هذه الزيارة مهمة بعد 12 عاما. كما أفادت وكالة الأنباء عن تزيين الطريق من مطار دمشق إلى مرقد السيدة زينب عليها السلام بعلمي إيران وسوريا.
كما نشرت وكالة أنباء دويتشه فيله تقريراً مفصلاً عن الوفد المرافق وأهداف زيارة رئيسي إلى دمشق وكتبت: "إيران لعبت دوراً كبيراً في الدفاع عن الحكومة السورية".
اصداء زيارة رئيسي في الإعلام العبري - العربي
بالإضافة إلى وسائل الإعلام الغربية، غطت وسائل الإعلام العربية والعبرية أيضًا زيارة رئيسي إلى دمشق ولقائه بالمسؤولين السوريين. وفي تغطيتها لهذا الحدث التاريخي، كتبت قناة الجزيرة نقلاً عن النائب السياسي للرئيس الإيراني، "ان هذه الزيارة علامة على انتصار إيران الاستراتيجي في المنطقة".
ووصفت وسائل إعلام الكيان الصهيوني، التي تعتبر أي نشاط إقليمي لإيران أنه يتعارض مع مصالحها، زيارة رئيسي هذه المرة بأنها مثيرة للقلق. وأعلنت القناة 13 في تلفزيون الكيان الصهيوني في تقرير لها: "زيارة رئيسي لسوريا حدث خاص واستثنائي للغاية ويجب أن تقلق تل أبيب ، وخاصة أنها أول زيارة لمسؤول رئاسي إيراني إلى سوريا منذ بداية الحرب في هذا البلد ".
وجاء في هذا التقرير: "خلال هذه الزيارة التي تستغرق يومين، سيعقد رئيسي سلسلة لقاءات مع بشار الأسد. بالإضافة إلى ذلك ، وبغض النظر عن البروتوكولات المعتادة في هذه الاجتماعات ، سيزور أيضًا المناطق العسكرية في سوريا.
وأضافت هذه قناة الصهيونية: ان "إيران تريد دمج المحور الممتد من إيران إلى حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي ، وتعزيز هذا المحور يتماشى مع استراتيجية طهران الجديدة فيما يتعلق بسياسات الشرق الأوسط لهذه دولة."
كما خصصت صحيفة "هآرتس" تقريراً مفصلاً عن زيارة رئيسي إلى دمشق ولقائه بشار الأسد، وكتبت: "هذه الزيارة تتم في وقت فتحت فيه بعض الدول العربية ، بما في ذلك مصر والسعودية ، أبواب الصداقة أمام الأسد ".
كما نقلت صحيفة "يسرائيل هوم" تصريحات رئيسي في حديث مع شبكة الميادين، وكتبت: "رئيسي هدد إسرائيل بتصريحاته وقال عن استئناف العلاقات مع السعودية أن الأعداء غاضبون من إعادة العلاقات ومنهم الكيان الصهيوني ".
كما كتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت": "اليوم زار الرئيس الإيراني سوريا ، ولم يكن الرد المهم على غزة ضروريًا فحسب ، بل كان أيضًا فرصة عظيمة لاستعادة قوة الردع المتضررة في الجبهة الشمالية ؛ لكن الفرصة ضاعت ما يعني ان العمل لا يدار بشكل صحيح ".
ووصف روعي كايس، رئيس قسم الوطن العربي بقناة "كان"، في تغريدة تصريحات رئيس إيران بالمقلقة، وكتب: "قال رئيسي عن زيارته إلى سوريا ، من الواضح أننا نؤيد كل جبهات محور المقاومة ، وزيارتي إلى سوريا هي أيضا في إطار نفس الدعم؛ نعمل جاهدين على تقوية جبهة المقاومة ولن نتردد في ذلك.
وشرح يوني بن مناحيم، الخبير في الشؤون الاستراتيجية للكيان الصهيوني ، لسياسة عزل الكيان الصهيوني الإيرانية، وقيم زيارة رئيسي إلى سوريا على أنها تحذير لتل أبيب.
كما نقلت وسائل الإعلام العبرية عن عاموس جلعاد ، جنرال الاحتياط في الجيش الصهيوني ، قوله عن أهمية زيارة رئيسي لسوريا: "الإيرانيون يشعرون بضعف إسرائيل ؛ لا يصدقون ويفركون عيونهم ويتساءلون ماذا حدث لليهود الذين اضعفوا انفسهم ".
ووصفت وسائل الإعلام الصهيونية زيارة رئيسي إلى سوريا بأنها خطيرة على تل أبيب معتبرة أنها تمت في وقت اشتعلت فيه الأوضاع الداخلية في الأراضي المحتلة. ووضع المحللون الصهاينة الجوانب الاستراتيجية لزيارة رئيسي إلى دمشق على أنها مركز ثقل تحليلاتهم وتوقعاتهم ، ويقولون إن طهران تبنت أسلوباً جديداً في التفكير في سياساتها في غرب آسيا.
وحاول مسؤولو تل أبيب في الأشهر الأخيرة جر السعودية نحو تطبيع العلاقات مع هذا الكيان ، لكن السعوديين فضلوا الجمهورية الإسلامية على تل أبيب، وهذا الأمر أثار قلق مسؤولي تل أبيب بشدة. لأن استدارة مشايخ العرب نحو إيران يُنظر إليه على أنه سبب لزيادة قوة ونفوذ إيران في المنطقة، وهو ما يتعارض مع مصالح الصهاينة.
من جهة أخرى، يخشى الصهاينة من أنه مع عودة الدول العربية وتركيا إلى سوريا وتعزيز العلاقات بين هذه الدول مع الجمهورية الإسلامية ، سيبقى الكيان الصهيوني داخل سياجه الأمني وعزلته، وسيختل مشروع تطبيع علاقات هذا الكيان مع عرب المنطقة. حاول مسؤولو تل أبيب في العقد الماضي إبعاد الدول العربية عن سوريا ، لكن القادة العرب أعلنوا في الأسابيع الأخيرة موافقتهم على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ، وكان هذا الأمر بمثابة ماء بارد على جسد المتطرفين الإسرائيليين.
في المتغيرات والتطورات التي تشهدها المنطقة والتي تزامنت مع الصداقة بين إيران والسعودية وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ، فإن الخاسر الأكبر في هذا المجال هو الكيان الصهيوني الذي حاول دائما تقديم مشروع الايرانوفوبيا باعتباره السبب الرئيسي للأزمة في المنطقة وتشكيل تحالف ضد طهران، لكنه الآن بقي وحده خلف سياج الأزمات السياسية والأمنية.