الوقت - ضرب التغير المناخي أوروبا في الصميم العام الماضي مع أدنى مستوى لمنسوب الأنهر والطبقات الجوفية وصيف حار جداً وحرائق ضخمة على ما جاء في تقرير جديد يوفر توضيحات جديدة حول تحديات القارة.
ترتفع درجة حرارة العالم بسبب تراكم غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري، خصوصا ثاني أوكسيد الكربون والميثان الذي وصل تركيزه العام الماضي إلى أعلى مستوى تسجله الأقمار الاصطناعية، وفقا لبيانات خدمة كوبرنيكوس الأوروبية لمراقبة تغير المناخ.
وجاء في تقريرها السنوي أن السنوات الثماني الماضية كانت الأكثر حراً على الإطلاق، مؤكدة البيانات الأولية التي نشرت في كانون الثاني الماضي.
من جهتها، شهدت أوروبا حيث ترتفع درجة الحرارة أسرع مرتين من المتوسط العالمي، أكثر مواسم الصيف حراً على الإطلاق منذ بدء تسجيل البيانات في العام 1950.
ارتفعت حرارة القارة 2,2 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الثورة الصناعية مقارنة بـ1,2 درجة مئوية في سائر أنحاء العالم.
وقال مدير خدمة كوبرنيكوس كارلو بوونتمبو في مؤتمر صحافي: يضيء التقرير على اتجاهات مقلقة، فما زال العام 2022 عاما قياسيا من حيث تركيزات غازات الدفيئة ودرجات الحرارة القصوى وحرائق الغابات ونقص المتساقطات، وكلها لديها آثار ملحوظة على الأنظمة البيئية والمجتمعات في كل أنحاء القارة”.
من جهتها، قالت نائبة مدير الخدمة سامانثا بورغيس في كل أنحاء العالم، إنه “سيكون هناك بعض السنوات الأكثر دفئاً وبعض آخر أكثر برودة. لكن احتمالات وجود سنوات أكثر دفئا تتزايد”.
تعرضت أوروبا لجفاف واسع النطاق العام الماضي، مع تساقط ثلوج أقل من المعتاد خلال شتاء 2021-2022 وهطول أمطار أقل من المتوسط في الربيع على جزء كبير من القارة. وفقدت الأنهر الجليدية في جبال الألب ما يعادل خمسة كيلومترات مكعبة من الجليد.
كذلك، ساهمت موجات الحر التي ضربت القارة الأوروبية في الصيف في “جفاف واسع النطاق وطويل الأمد” أثر خصوصاً على الكثير من القطاعات مثل الزراعة والنقل النهري والطاقة.
عكست الكثير من المؤشرات التي ذكرها التقرير أمس الخميس هذا الوضع الاستثنائي. فقد كان تدفق الأنهر الأوروبية ثاني أدنى تدفق على الإطلاق، “مع العام السادس على التوالي من التدفقات دون المتوسط”.
وحددت “كوبرنيكوس” أن 63 % من الأنهر الأوروبية تراجعت تدفقاتها عن المتوسط، وهو رقم قياسي.
بالنسبة إلى هذه السنة، أصبح من المعروف أن الزراعة ستعاني في جنوب أوروبا، حتى في حال هطول أمطار متأخرة. وأعلنت فرنسا حالة تأهب قصوى مع فرض قيود مبكرة على استخدام المياه كما هي الحال في إسبانيا حيث مستويات المياه في الخزانات منخفضة جداً.
وقالت سامانثا بورغيس، “على الأرجح سيكون محصول هذه السنة أقل بسبب الشتاء الجاف والربيع الذي شهدناه”.
كانت هذه الظروف الجافة والحارة الصيف الماضي مواتية للحرائق التي ولدت أعلى نسبة انبعاثات كربونية في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي منذ العام 2017، وفق كوبرنيكوس.
وأشارت الخدمة إلى أن “ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وسلوفينيا شهدت أيضاً أعلى انبعاثات ناجمة عن حرائق الصيف منذ 20 عاماً على الأقل، فيما شهد جنوب غرب أوروبا بعضاً من أكبر الحرائق المسجلة”.
وأوضحت بورغيس أن “الحد من انبعاثات غازات الدفيئة أمر حتمي للتخفيف من أسوأ آثار تغير المناخ”.
ودعا خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أخيراً إلى اتخاذ تدابير طموحة لمواجهة ظاهرة احترار المناخ. ووفقا لتقريرها المنشور في آذار الماضي، سترتفع الحرارة 1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية اعتباراً من السنوات 2030-2035.
وأشارت بورغيس كذلك إلى أن “فهم التغيرات ومواجهتها والتنوع في موارد الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس أمر ضروري لدعم انتقال الطاقة نحو تحييد الكربون”.
حول هذه النقطة، لفتت كوبرنيكوس إلى أن أوروبا تلقت العام الماضي أعلى مستوى من الإشعاع الشمسي منذ 40 عاماً، وهي أنباء جيدة على الأقل لإنتاج الكهرباء الكهروضوئية.