الوقت - طغت الأزمة الاقتصادية والمعيشية في لبنان على رمضان هذا العام، وهو وضع له تأثير سلبي على عادات هذا الشهر وموائد الإفطار. وقدرة معظم اللبنانيين لا تسمح لهم بقضاء هذا الشهر كالمعتاد، بسبب الأزمة المعيشية التي يتعاملون معها.
هذه الأزمة وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من الأزمات العالمية الثلاث الكبرى منذ منتصف القرن التاسع عشر، وهذا الأمر يدفع المواطنين اللبنانيين إلى الاکتفاء بالحد الأدنى من ضروريات العيش، هذا في حين أن هناك عائلات لا تستطيع حتى إعداد الطعام اللازم لموائد رمضان.
في لبنان، لا يمر يوم من دون أن يظهر جانب آخر من الأزمة الاقتصادية والمعيشة. هذا بينما يبلغ سعر رغيف الخبز 50 ألف ليرة لبنانية.
وتأتي هذه الزيادة في الأسعار مع استمرار انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، حيث إنها فقدت 80٪ من قيمتها حتى الآن، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني. ومن ناحية أخرى، انخفضت القوة الشرائية للبنانيين بسبب انخفاض قيمة رواتبهم.
عماد عكوش، الخبير في الشؤون الاقتصادية والأسواق المالية، يقول: وجود هذا الوضع طبيعي، لأن العوامل التي أدت إلى هذه الأزمة الاقتصادية والانهيار ما زالت ساريةً، سواء كانت عوامل سياسية، مثل عدم انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة، أو عوامل مثل انهيار البنك المركزي، وعدم القدرة التجارية، وعدم القدرة على سداد المدفوعات.
وعليه، بسبب عدم قدرة مصرف لبنان المركزي على دعم الليرة اللبنانية، من المتوقع أن تنخفض قيمة العملة اللبنانية مرةً أخرى، ما لم يدخل مصرف لبنان المركزي السوق لدعم العملة الوطنية بشكل كامل من خلال المبادلات، وعندما يتوقف التدخل سترتفع قيمة العملة الوطنية.
ما يواجهه اللبنانيون اليوم ليس بقضية جديدة، لكنهم لا يستطيعون قبولها. حاليًا، وصل معدل الفقر في لبنان إلى 65٪، ولا أمل لدى الناس في حكومتهم وسياسييهم.
ومع ذلك، بمساعدة المتطوعين الشباب لخدمة الأسر ذات الدخل المنخفض، والمجموعات الخيرية الموجودة والفاعلة في مناطق مختلفة من لبنان، يتم تنفيذ برامج خاصة بشهر رمضان وتوزيع وجبات الإفطار على الأسر المحتاجة وتلبية احتياجاتهم، وهذا يلعب دورًا مهمًا في مساعدة هذه الأسر وتلبية احتياجاتها خلال شهر رمضان وبعد الشهر الفضيل.
يقول محمد علي درويش، مدير دار ضيافة في بيروت: خطة بيت الضيافة هذا هو تقديم وجبات الإفطار على أساس يومي وأسبوعي، وخاصةً في ليالي القدر. ينصب تركيزنا على شهر رمضان المبارك، حيث نقوم بتوزيع سلال غذائية تشمل الدجاج واللحوم والخضروات، بما في ذلك الخس والنعناع والفجل والخبز والتمر والزيت، والتي يتم توزيعها أسبوعياً خلال شهر رمضان المبارك.
وفي حين أن الحلويات والعصائر من الأطعمة الأساسية لموائد رمضان في لبنان، إلا أنها إما تستهلك بشكل أقل، أو أن بعض الناس يتوقفون عن شرائها تمامًا بسبب ظروفهم المعيشية وعجزهم المالي.
ماذا يقول شعب لبنان؟
يقول مواطن لبناني: "لا شك أننا في أزمة، واليوم يتاجر معظم اللبنانيين ويشترون ويبيعون بالليرة، وهناك قلة ممن يشترون بالدولار. لقد تغير الوضع الآن، الشخص الذي كان يشتري 3 كيلوغرامات، اليوم يشتري كيلو ونصف، ومن كان يشتري كيلو ونصف يشتري كيلو. القوة الشرائية للناس تأثرت بهذه الظروف.
ويقول مواطن آخر: لقد ارتفعت الأسعار وأصبحت السلع باهظة الثمن، والناس لا يملكون القوة الشرائية التي اعتادوا أن يمتلكوها، يشترون ولكن بشکل قليل، ربما هناك أثرياء بينهم ولكننا نتحدث عن عامة الناس، الناس هنا يشترون الحد الأدنى.
ويقول شخص آخر: بعض رجال الأعمال أزعجوا الناس، رغم أن سعر الدولار ينخفض، فإنهم يرفعون الأسعار، ولا أفهم لماذا يفعلون ذلك.
ورداً على سؤال "هل تحضرون نفس الموائد للشهر الفضيل هذا العام كما کنتم تحضرونها في رمضان السابق؟"، تقول ربة منزل لبنانية: کلا، الأمر مختلف عن الماضي، حيث يتم إعداد موائد أبسط. حقيقة الأمر أن رمضان هذا العام ليس مثل الأعوام السابقة التي اعتدنا عليها، فهناك غلاء وتضخم، ولكننا نتعامل مع الموضوع.
ومواطن آخر يقول: الناس يعدون الموائد حسب مقدرتهم، لكن الوضع الذي نحن فيه صعب. ويقول آخر: هذا العام ليس مثل السنوات السابقة على الإطلاق، لا يوجد بيت يعيش نفس الأجواء السابقة، هناك أشياء کان يمكنني شراؤها في السنوات الماضية، ولکن لا يمكنني شراءها هذا العام.
ويقول شخص آخر: ليس كالسنوات السابقة، ولكن بحمد الله وبعونه سيتحسن، وبيروت لن تموت بإذن الله فلا داعي للقلق طالما أن الله موجود.
وتقول امرأة أخرى: لا شك أن الوضع ليس كما كان من قبل. رمضان هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، ففي رمضان الماضي كنا نصنع الحلويات كل يوم، لكن هذا العام لم يعد كما كان من قبل.
هذا العام، شعب لبنان غير سعيد بقدوم رمضان كما في السنوات السابقة. لقد أثرت الأزمة حتى على أموال المساعدات العامة لمساعدة الأسر المحتاجة، بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار وارتفاع الأسعار.