الوقت- تحدث رئيس مكتب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد محمدي کلبايكاني عن مشاهداته حول حياة وشخصية سماحة السيد آیة الله خامنئي المرشد الأعلى للثورة، وإليکم قراءة أجزاء مما قاله:
بسم الله الرحمن الرحیم. أنا حقًا لا أعتبر نفسي أهلاً للتعبير عن هذا الموضوع، وأنا أصغر من أن أصف أبعاد حياته وشخصيته. لدي مقدمة يجب الانتباه إليها، وهي قيادة سماحته للثورة. حقًا، كان اختيار مجلس الخبراء هذا من نعم الله تعالی.
تعلمون أنه نفسه کان ضد ذلك وصوت ضد نفسه، وقال إنني ضد ذلك، لكن السادة أصروا والآن هو يتولی هذه المسؤولية لأكثر من ثلاثة عقود. أولاً، علينا أن نرى أين كنا وأين نحن الآن في جميع الاتجاهات والمجالات. بلادنا ليست في ظروف طبيعية. منذ البداية واجهنا العداوات والعقوبات الأشد. لقد فعل الأعداء كل ما في وسعهم لإسقاط هذه الثورة والنظام، والآن يفعلون نفس الشيء. لكن هذه الثورة وهذا النظام بقيا وإن شاء الله سيصلان إلی صاحب الزمان(عجل الله فرجه).
خلال الحرب المفروضة، واجهتنا مشاكل حتى في الحصول على الأسلاك الشائكة، ولم يعطونا الأسلاك الشائكة. لكن ماذا الآن؟ الآن نحن أنفسنا ننتج بل ونصدر جميع أنواع المعدات الصناعية والعسكرية. هل هذا شيء صغير؟ نقوم بتصدير جميع أنواع السلع الصناعية والأدوية حتی لقاح كورونا إلى دول مختلفة، وحتى إلى الدول المتقدمة.
هذه التطورات تحققت بتوجيهات وإرشادات من؟ لم يكن صعود إيران في مختلف المجالات ممكناً إلا بتأكيد وتوجيهات المرشد الأعلى للثورة. وعلى الرغم من ذلك، فقد ظلت العديد من أعمال القائد مخفيةً عن الجمهور بسبب بعض الاعتبارات التي لا ينبغي للعدو أن يعرف عنها.
تعود معرفتي الوثيقة بالسيد القائد إلى ما بعد انتصار الثورة الإسلامية، أي خلال إمامة الجمعة. كنت مسؤولاً عن القاعدة العسكرية الثامنة في أصفهان(قاعدة الشهيد بابائي). كان هناك العديد من المشاكل والقضايا. من هناك، كنت آتي إلى منزله من وقت لآخر، ولأنه كان أيضًا في وزارة الدفاع، فقد أعطاني تعليمات مفيدة للغاية. وكنت أذهب أحيانًا إلى وزارة الدفاع لمقابلته.
بعد عام انتقلت من أصفهان إلى طهران. خلال تلك الفترة كانت القيادة الأيديولوجية والسياسية للجيش مع سعادة السيد صفائي. بعد العمل معه لفترة من الوقت، رأيت أن أسلوبه لا يسمح لي بالاستمرار في التعاون؛ لذلك عدت إلى قم وقلت لنفسي أنه من الأفضل أن أواصل الدراسة في الحوزة العلمية.
بعد مرور ليلتين أو ثلاث، اتصلوا بي من مكتب الإمام وأخبروني أن علي الذهاب إلى طهران. جئت ورأيت أن الاجتماع قد عقد. وحضر الاجتماع السيد القائد والمغفور له الحاج أحمد والمغفور له السيد موسوي أردبيلي. قالوا: من قال لك أن تترك محل الخدمة؟ قلت: لقد قلت مرات عديدة إنني لا أستطيع العمل هناك، لكن لم يستمع إلي أحد. رأيت أن الأمور لا تسير على هذا النحو، ولهذا السبب عدت إلى قم. قال الحاج أحمد: "أمرك الإمام بالعودة إلى مكان خدمتك". قلت: سمعاً وطاعةً ولكن على الأقل غيّروا مسؤوليتي وأعطوني وظيفةً أخرى.
هنا، جاء السيد القائد لمساعدتي. كان القائد ممثل الإمام الخميني(ره) في المجلس الأعلى للدفاع، ولهذا السبب كان لديهم مكتب تمثيلي في هيئة الأركان المشتركة للجيش. كلفني بمسؤولية مكتب تمثيل الإمام في القوات الجوية. قبلت وذهبت إلى هناك.
السمات الشخصية للمرشد الأعلى
النفور من زخارف الدنيا هو من أهم صفاته. الدنيا بكل جاذبيتها، والتي نرى ما يفعله بعض الناس من أجلها، هي تحت تصرف القائد، لكنه لا يعير اهتماماً أبداً بالدنيا.
في بعض الأحيان يجلبون له هدايا قيمة للغاية إما أنه لا يقبلها أو لا يحتفظ بها على الإطلاق، ويتركها في مكان ما. وجميع أبنائه مستأجرون ويدفعون الإيجار، وهذه هي الطريقة التي ربی بها أبناءه.
والسمة الأخرى هي أنه عطوف ورؤوف للغاية. لا يمكنه حتى تحمل رؤية طفل يبكي. يشعر بالحزن عندما يری رضيعًا يبكي بين ذراعي أمه. والميزة الأخرى هي سعة صدره. في كثير من الحالات، رأيت أنه يرد على قساوة البعض باللطف والرحمة.
لكن الشيء الأكثر أهميةً وإثارةً للاهتمام هو أنه عندما تم انتخابه كقائد، سمعته بنفسي يقول: لقد تجاوزت عن كل شيء من الماضي؛ لقد مسحت كل شيء من ذهني. من جفاني تجاوزت عنه، بل إنه ذهب أحيانًا ليرى أولئك الذين اضطهدوه كثيرًا، وحتى دعا بعضهم للعمل وتحمل المسؤولية.
ولا يملك من الدنيا سوی منزل في المدينة اشتراه بعد قدومه إلى طهران من مشهد. القائد ليس لديه أي شيء آخر من الدنيا، لأنه ليس لديه حب الدنيا. حتى أنه لا يستخدم الأموال الدينية في حياته وعائلته. وكونه مقتصدًا، فهو يغطي الحد الأدنى من نفقات الأسرة، وينفق الفائض في أقصر وقت ممكن بين المحتاجين، وخاصةً سكان المناطق المحرومة.
وإضافةً إلى ارتباطه الشديد بأسر الشهداء، فإنه يری ضرورة تكريم عوائل الشهداء. وبهذا السلوك يريد أن يقول إن كل ما لدينا هو بسبب تضحياتهم. إنه يعلم الناس والسلطات أنه يجب احترام أسر الشهداء.
ربما لم يتواجد أي مسؤول في البلاد في منزل عوائل الشهداء بقدر ما تواجد السيد القائد. حتى أثناء رحلاته إلى مشهد، حيث كنت معه أحيانًا، كان يقابل عائلات الشهداء. طبعاً العائلات التي قدمت شهيدين أو ثلاثة لها حق الأسبقية. وفي بعض الأحيان، عندما يعود من المرقد وهو متعب، كان يزور عائلات الشهداء حتى وقت متأخر.
بالإضافة إلى تصريحاته الرسمية، أود أن أذكر نقطتين فقط. بادئ ذي بدء، فإن الطلب الأهم هو للمسؤولين في مختلف أجزاء النظام والمؤسسات ذات الصلة، في مجال التعامل مع الناس وحل مشاكلهم ومعيشة الناس وتوظيفهم. ونادراً ما يكون هناك لقاء لا يتحدث فيه عن غلاء الأسعار ولا يأمر بالاهتمام بأوضاع الناس.
ثانيًا، كما ذكرت من قبل عن الهدايا التي تقدَّم للقائد، فإنه لا يستخدمها في حياته الشخصية سوی الحد الأدنى، ويتم إرسال الباقي إلى منازل الناس عبر أشخاص وقنوات موثوقة، إلى أطراف المدينة، لكن المتلقين ليس لديهم فكرة من أين تمت مساعدتهم.
لكن اهتمام القائد بالناس أكبر من ذلك جدًا. سواء في الحكومات السابقة أو الآن، لا أعرف أنه جاء المسؤولون من الدرجة الأولى لخدمته ولم يأمرهم بالاهتمام بالناس ومعيشة الناس. وهمه الأهم هو رعاية الناس، وخاصةً المحتاجين والضعفاء.
الأعمال العبادية
القائد لديه جدول زمني محدد. يتناول العشاء في وقت مبكر جدًا، والذي عادةً ما يکون بسيطًا، ويستريح أيضًا في الساعة العاشرة.
من ناحية أخرى، يستيقظ قبل أذان الصبح بساعتين. لا أريد أن أقول الأشياء التي أعرفها عن تهجده، فهو يقرأ القرآن كثيرًا. يستأنس بالقرآن کثيرًا، وعندما يرفع آذان الصبح يصلي. إنه يحتاط وعادةً ما يصلي صلاة الصبح بعد عشرة دقائق من الأذان.
کما يقرأ زيارة آل ياسين بانتظام، ويحب كثيرًا دعاء الکميل. سألته ذات مرة: أي دعاء تحبه أكثر؟ قال: دعاء الکميل. بالطبع، يستأنس کثيراً بدعاء أبو حمزة الثمالي. ولا يستبدل الصلاة في وقتها بأي شيء، وعادةً ما يقيم جميع صلواته اليومية في المنزل بالجماعة مع أسرته وأقاربه.
ويلعب القائد دورًا أساسيًا في الترويج للقرآن بطرق مختلفة، وليس في إيران فحسب. إنه يستأنس بالقرآن لدرجة أنه يمكن القول إنه يعشق القرآن حقًا. منذ البداية، في كل عام يخصص اليوم الأول من شهر رمضان المبارك لاجتماع قرآني. في بعض الأحيان، يشاركون من دول أخرى، وفي ذلك اليوم يقضون عدة ساعات قبل الإفطار ويقرؤون القرآن. ولديه حتى آراء دقيقة حول طريقة التلاوة حسب محتوى الآيات.
حب أهل البيت(عليهم السلام)
القرآن وأهل البيت(علیهم السلام) وجهان لحقيقة واحدة. إن إتقانه لسيرة أهل البيت وتاريخهم یفوق التصور، وکأن كتابًا مفتوحًا أمامه وهو يقرأ منه. واهتمامه بطقوس محرم والفاطمية واضح للجميع.
بالإضافة إلى ذلك، في المناسبات الخاصة داخل منزله، لديه مراسم التوسل وقراءة حديث الکساء. أيضًا، بمناسبة أيام استشهاد الأئمة، يقيم العزاء في المكتب، وفي كل مرة يلقي أحد رجال الدين خطابًا متعلقًا بالمناسبة نفسها، وعادةً في النهاية يقدم القائد النقاط التکميلية والإصلاحية. وفي الواقع، إنه اجتماع لذكر أهل البيت(عليهم السلام)، واجتماع علمي وتاريخي أيضًا.
حب الإمام الرضا(عليه السلام)
إذا أردت أن أقول في كلمة واحدة، فهو يعشق الإمام الرضا(عليه السلام). لطالما كان حب الإمام الرضا(ع) حاضرًا في مختلف جوانب حياته. على أي حال، هو يحب الإمام الرضا(ع) بشکل لا يوصف.
وعندما يزور الإمام الرضا (ع)، لأنه لا يريد إزعاج الأشخاص الذين يزورون، هناك مكان يذهب إليه ويزور الإمام.
الإلمام بالقضايا الداخلية والخارجية والشؤون الجارية للبلاد
قنواته المعلوماتية ليست واحدة أو اثنتين. لديه قنوات مختلفة غالبًا ما تتجاوز المعلومات والتقارير التي يتم تقديمها من خلال المكتب. وهناك معلومات كثيرة جديدة علينا وللمرة الأولى نسمع منه شيئًا لا نعرفه نحن ولا أي شخص آخر من أين أتى.
إن نضج مواقفه وكلماته التي تفاجئ الجميع، مبنية على معلومات شاملة عن قضايا المجتمع. لقد لاحظنا مرات عديدة في قضايا مختلفة أن السيد القائد قد أعطى آراءً بنظرة واحدة، وهو ما كان مخالفًا لما كنا نعتقده وقد أدهشنا ذلك.
الالتزام بالقانون
سماحة القائد صارم للغاية لدرجة أنه يجب تطبيق القانون في جميع الأمور. كان هناك أحد أصدقائه ارتكب ابنه جريمة وحكم عليه بالسجن. كان يتوقع أن يتدخل القائد حتى لا يذهب الشخص إلى السجن. جاء أيضًا لمقابلة سماحته، لكن القائد أصر على تنفيذ أمر المحكمة.
هناك العديد من الأمثلة على التزامه بالقانون. حتى في بعض الأحيان، عندما کنا نذهب معه إلى مكان ما، كانت إشارة المرور حمراء، فلم يسمح للسيارة بالمرور حتى تتحول الإشار إلى اللون الأخضر.
بمعنى آخر، فإن ولي الفقيه هو أكثر الأشخاص التزامًا بالقانون فيما يتعلق بالقانون، بقدر التزامه بالعمل فيما يتعلق بفتاواه. کما أنه حريص جدًا في استهلاك الماء والكهرباء والغاز وفي نفقاته الشخصية، ويدفع الفواتير في موعدها.