الوقت- تجمع مئات من الإندونيسيين في العاصمة جاكرتا، الاثنين، لمطالبة حكومة بلادهم بمنع المنتخب الإسرائيلي من المشاركة في بطولة العالم للشباب التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا. وتستضيف إندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة كأس العالم “فيفا تحت 20 سنة” في الفترة الممتدة من 20 مايو/ أيار حتى 11 يونيو/ حزيران في 6 مدن رئيسية بالبلاد.
وكان من المقرر أن تقام البطولة عام 2021 إلا أن إجراءات كوفيد-19 الصحية حالت دون انعقادها، ما دعا الاتحاد الدولي إلى منح التنظيم في نسخة 2023 للبلد نفسه. وتجمع المحتجون وسط جاكرتا، ورفعوا أعلام بلادهم وأعلام فلسطين، هاتفين “الله أكبر” و”أخرجوا إسرائيل من مونديال تحت سن 20.″
وقال المنظمون إن الاحتجاج يأتي ردا على “سنوات طويلة من سياسة الاحتلال الظالمة ضد الفلسطينيين”. ولا تقيم إندونيسيا علاقات رسمية مع إسرائيل، وتعد الدولة داعما قويا للفلسطينيين، إلا أن المسؤولين أكدوا أن الحكومة لن تمنع المنتخب الإسرائيلي من دخول أراضيها والمشاركة في البطولة. وتوسعت دائرة الرفض لتشمل أحزابا من أطياف مختلفة، حيث جاء الرفض ابتداء من حزب العدالة والرفاه المعارض، الذي أكد أن موقفه ليس دينيا، لكنه متعلق بالاحتلال والجانب الإنساني، وبأن إندونيسيا لا تعترف رسميا بوجود إسرائيل. كما بعثت كتلة حزب العدالة والرفاه بخطاب إلى حاكم إقليم جاوا الغربية رضوان كامل، طالبت فيه بتبني قرار رفض لحضور الفريق الإسرائيلي.
وانتقل الرفض أيضا إلى جمعية المحمدية كبرى مؤسسات المجتمع المدني في البلاد، التي أشادت بوعي الإندونيسيين ودعت الحكومة إلى عدم التقليل من شأن هذا الأمر على أنه رياضي فقط، فيما أكد رئيس المحمدية حيدر ناصر ضرورة الحفاظ على الانسجام بين كل المجالات، بما في ذلك كرة القدم وسياسات الدولة. الموقف ذاته جاء على لسان محيي الدين جنيدي نائب رئيس المجلس الاستشاري لمجلس العلماء الإندونيسي، وكذلك مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس سودارنوتو عبد الحكيم الذي اعتبر استضافة فريق إسرائيلي أمرا حساسا بالنسبة للشعب الإندونيسي الذي يدرك حقيقة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي وقت سابق، امتنعت السلطات الماليزية عن السماح لعدد من الرياضيين الإسرائيليين بالدخول إلى أراضيها، من أجل المشاركة في بطولة العالم لرياضة الإسكواش المقرر انطلاقها، الحادثة أكدتها أيضا مواقع إعلامية إسرائيلية التي استنكرت ما حدث وحثت سلطات الاحتلال على مقاضاة الجانب الماليزي واللجوء إلى هيئة التحكيم الرياضي الدولي بل المطالبة بنقل فعاليات المسابقة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. المسابقة كان من المقرر إقامتها بدولة نيوزلندا لكن تشديد إجراءات الحجر الصحي بهذا البلد في إطار الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا، حكم بنقل المسابقة إلى ماليزيا. من جانبه علّق جيرارد مونتيرو، رئيس الاتحاد الماليزي للاسكواش على الحادثة فقال إن بلاده غير قادرة على ضمان سلامة ورفاهية اللاعبين الإسرائيليين ولا سيما أن ماليزيا بلد مسلم وشعبه لا يساوم بخصوص القضية الفلسطينية.
معايير الفيفا المزدوجة
جرد الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" جمهورية اندونيسيا من حق استضافة وتنظيم فاعليات كأس العالم للشباب بكرة القدم تحت سن 20 عاماً، وذلك لرفض سلطات الجمهورية الاندونيسية استضافة منتخب الكيان "الإسرائيلي" المشارك في البطولة المزمع انطلاقتها يوم 20 أيار/ مايو المقبل. الرفض الاندونيسي بدأ من جزيرة "بالي" التي رفض حاكمها "وايان كوستير" استضافة المنتخب "الإسرائيلي" على أرض الجزيرة الموضوعة ضمن 6 مدن اندونيسية كان من المقرر أن تجري فيها فعاليات البطولة. ووجه حاكم الجزيرة، خطاباً لوزير الرياضة والشباب في بلاده، يؤكد رفضه نزول "الإسرائيليين" في جزيرته، وبرر رفضه بـ "عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين."
"الفيفا" بدورها أعلنت انه، "سيتم الإعلان عن مضيف جديد في أقرب وقت ممكن، مع بقاء مواعيد البطولة حالياً دون تغيير"، على أن تعاد قرعة المباريات التي كانت مقررة يوم غد الجمعة قبل سحب البطولة من اندونيسيا. ولوح "الفيفا" بعقوبات محتملة ضد الاتحاد الإندونيسي للعبة، دون الخروج ببيان تفصيلي حول أسباب سحب البطولة وما نوعية العقوبات المتوقعة ضد الاتحاد الاندونيسي. وبدا موقف حاكم ولاية "بالي" واتحاد الكرة الاندونيسي، منسجماً مع الرأي الشعبي، حيث شهدت عدة مدن اندونيسية خلال اليومين الفائتين، مظاهرات ووقفات تندد بمشاركة الفريق "الإسرائيلي" في البطولة على الأراضي الاندونيسية.
الجدير بالذكر أن روسيا تعرَّضت هذا العام لواحدة من أقصى العقوبات الرياضية، عقب عمليتها العسكرية في أوكرانيا. عاشت روسيا حالة عزلة رياضية وكروية على الصعيدين القاري والمحلي، تمثلت في حرمان منتخبها من خوض تصفيات الملحق المؤهل لكأس العالم "قطر 2022"، وتعليق مشاركة جميع الأندية الروسية في البطولات القارية والدولية، فضلاً عن نقل إقامة نهائي النسخة الماضية لنهائي دوري أبطال أوروبا من أراضيها إلى الأراضي الفرنسية. وبعد انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وانقسام أوروبا إلى معسكر داعم لأوكرانيا من جهة، وآخر مؤيد لروسيا من جهة أخرى، وقف "الفيفا" و"اليويفا" في صف حلف شمال الأطلسي وتماهى معه وأقرَّ عدداً من العقوبات الرياضية الجائرة على مضيف النسخة الماضية من كأس العالم.
وعلى مستوى المباريات المؤهلة، سارعت الدول التي كان مقرّراً أن تواجه روسيا في المرحلة الأولى والأخيرة (بولندا، السويد، التشيك) إلى إصدار بيان مشترك رفضت فيه خوض المباريات على الأراضي الروسية. وعلى الرغم من عدم إبداء روسيا أيّ موقف مباشر تجاه البيانات والمطالب التي تقدمت بها المنتخبات المنافسة، فقد أصدر الاتحادان الدولي والأوروبي قراراً قضى بحرمانها من المشاركة في الملحق المؤهّل لكأس العالم، واعتبار بولندا متأهلة رسمياً إلى المرحلة النهائية من التصفيات، من دون انتظار الحكم النهائي الصادر عن محكمة التحكيم الرياضي "كاس"، وهو قرار حمل في طياته كثيراً من الظلم وعدم الإنصاف بحق الرياضيين الروس الّذين حرموا المشاركة في البطولة الأغلى والأهم في مسيرتهم، على الرغم من تقديمهم مستويات جيدة خلال مشوار التصفيات. كشفت حملة العقوبات الرياضية على روسيا عموماً، وفي مجال كرة القدم خصوصاً، زيف الادعاءات التي ينادي بها الأوروبيون عن الحريات ومعايير السلام. وقد كُشف الغطاء عن نفاق "الفيفا" و"اليويفا" لتظهر ازدواجية المعايير.
ترحيب فلسطيني واسلامي
ولاقى الموقف "الكروي" والشعبي والرسمي الاندونيسي، ترحيباً فلسطينياً وعربياً، ولا سيما من قبل المنظمات المنضوية في إطار حركات مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها. وأصدرت "تنسيقية مقاومة التطبيع" إشادة بالموقف الرسمي والشعبي الاندونيسي الرافض لمشاركة فريق الكيان الصهيوني في البطولة، وثمنت "الموقف المشرف الذي يعبر عن نبض الشعب الاندونيسي المناصر لفلسطين وشعبها والرافض للكيان الصهيوني." كما عبرت التنسيقية عن تضامنها مع اندونيسيا ضد قرار "الفيفا" باستبعادها من التنظيم، واستنكرت قرار الاستبعاد، واعتبرته أنه لصالح الكيان الصهيوني، ويعكس ازدواجية "الفيفا" التي "تمنع استقبال الفرق الروسية، وتعاقب اندونيسيا لأنها رفضت استقبال الفريق الصهيوني"
ومن جانبه، أدلى المعلق الجزائري بالتعليق التالي في نفس السياق: حافظ الدراجي وقال في تغريدة على حسابه على تويتر: “الفيفا تنسحب من إندونيسيا تنظيم بطولة العالم للشباب تحت 20 سنة ، المقرر لها صيف 2023 ، بسبب رفض الحكومة تجنيد المنتخب الإسرائيلي”. فريق وممثليه “.وقال دراجي “الحياة تدور حول المواقف ، وعقد حدث رياضي مع وفد من دولة محتلة لا يكرم الشرفاء في إندونيسيا. سيجد الفيفا بالتأكيد من يحتضنه”. كما علق المعلق الرياضي العماني خليل البلوشي وقال على حسابه على تويتر: “موقف إندونيسيا الرائع يستحق الإشادة ، لأن هذا الوجود لا مكان له بيننا ويجب رفضه في كل مكان وزمان”. كما قال ابراهيم كدرة مراسل فلسطيني على القنوات الفخامة الرياضية وأضافت القطرية للرياضة: “شكرا لإندونيسيا على عدم فتح الباب أمام منتخب الفريق الغازي في مونديال الناشئين ، حيث إن مبادئها غير قابلة للتجزئة ، رغم ضغوط الفيفا وانسحاب الاستضافة”. وعلق قائد المنتخب المصري محمد أبو تريكة في تغريدة على جهاز الكمبيوتر الخاص به على موقع “تويتر” قائلاً: “إندونيسيا موقف مشرف وقوي نشكره عليه”.