الوقت - أثار إعلان الاتفاق السياسي بين إيران والسعودية ردود فعل كثيرة على الساحتين الإقليمية والدولية. في غضون ذلك، اتخذت وسائل الإعلام والمسؤولون في الكيان الصهيوني مواقف عدة بخصوص هذا الاتفاق، ما يدل على أهمية هذا الاتفاق لمصالح هذا الكيان. بحث الدكتور جواد معصومي الباحث في الدراسات الدولية في حوار خاص لـ "الوقت" أبعاد اهتمام الصهاينة الخاص بالاتفاقية بين إيران والمملكة العربية السعودية.
من وجهة نظر معصومي، فإن العلاقة الجيدة بين إيران والسعودية ضارة للغاية بإسرائيل. كما رأينا، أعرب بعض مسؤوليهم عن قلقهم بشأن هذه العلاقة. في السنوات القليلة الماضية، استغلت إسرائيل العلاقات المتوترة بين إيران والسعودية مع الإمارات والبحرين، ورأينا أنها أقامت علاقات سياسية مع الإمارات والبحرين، بينما لم تجرؤ على ذلك في السابق.
في الواقع، استغلت إسرائيل عزلة إيران ونفذت هذه الأعمال بحجة العداء لإيران، حيث تمكنت إسرائيل من تكوين علاقات وثيقة مع الدول العربية وغير العربية في المنطقة. وبناء على ذلك، فإن تقارب علاقات إيران مع السعودية اليوم يزعج الصهاينة.
المؤكد أن الاتفاق بين إيران والسعودية على استئناف العلاقات الدبلوماسية أثار غضب السياسيين والمسؤولين في الكيان الصهيوني. أعرب نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الأسبق للكيان الصهيوني، عن غضبه وحزنه للاتفاق بين إيران والسعودية على استئناف العلاقات الثنائية، وقال بينيت إن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران هو تطور خطير بالنسبة لإسرائيل، وانتصار سياسي لإيران. وأضاف إن هذا الاتفاق يشكل هزيمة ساحقة وكبيرة لحكومة نتنياهو، ما يدل على الإهمال السياسي والضعف العام والفتنة الداخلية في الحكومة الإسرائيلية.
ووصف "لابيد" رئيس الوزراء الأسبق للكيان الصهيوني الاتفاق بين إيران والسعودية بأنه فشل في السياسة الخارجية لهذا الكيان. ورداً على الاتفاق بين إيران والسعودية على استئناف العلاقات، أكد "يائير لبيد" أن هذا الاتفاق هو فشل كامل للكيان الصهيوني. منتقدًا سياسات نتنياهو، وقال إن هذه الاتفاقية دمرت جدار الدفاع الإقليمي الذي بنيناه ضد إيران.
وقال إن الاتفاق بين طهران والرياض يشكل خطرا على سياسة إسرائيل الخارجية. قال يولي أولستين، رئيس مجموعة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الصهيوني، عن استئناف العلاقات بين إيران والسعودية: العالم لا يتوقف ونحن منخرطون في صراع على السلطة هنا. وأضاف: إيران والسعودية اتفقتا الآن على استئناف العلاقات، وهذا الآن أسوأ وضع لإسرائيل في العالم الحر! وقال أولشين: "حان الوقت للجلوس حول طاولة وحل خلافاتنا لنتحد ضد التهديد الذي يهدد وجودنا".
الإعلان عن إحياء العلاقات بين إيران والسعودية جاء بعد يوم واحد فقط من مقابلة بنيامين نتنياهو مع شبكة "إيران إنترناشيونال" والتي كانت عمليا وسيلة إخبارية وإعلامية قوية، والتأثيرات المتتالية لهذه الاتفاقيات ستلقي بظلالها على المنطقة لفترة طويلة. كتب "كان إبري" في تحليله أن الكارثة التي حلت بنا اليوم هي خطأ أمريكا، لم يفعل الأمريكيون شيئًا عندما هاجم أنصار الله اليمنيون أرامكو.
كما أدركت السعودية أن السبيل الوحيد لتأمين بلادها هو الاتفاق مع إيران. هذا هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث في هذا الوقت. انهارت "المصادر العبرية" للتحالف الإسرائيلي ضد إيران، والآن حتى أمريكا لا تهتم بإسرائيل!!! ورد بن كاسبيت، الصحفي الإسرائيلي الشهير، على الاتفاق بين إيران والسعودية بنشر كلمات نتنياهو في حفل تنصيب حكومته، وردا على أنباء إعادة العلاقات الإيرانية السعودية، كتب لنتنياهو " لقد رميت شبه الجزيرة العربية في أحضان إيران! "
يمكن أن يكون منع التأثير المتزايد للصهاينة في مختلف شؤون المنطقة، بما في ذلك الشؤون الأمنية والسياسية والإعلامية والثقافية، أحد نتائج استئناف العلاقات بين إيران والسعودية. صحيح أن أمريكا وبعض الدول الأوروبية تحاول زيادة نفوذ الصهيونية في المنطقة من خلال دعم الكيان الصهيوني، أو على الأقل شراء الوقت لاستمرار الحياة المغتصبة للكيان الصهيوني غير الشرعي، لكن هذا الجهد يأتي في الوقت الذي تتمكن إيران من استخدام قدراتها السياسية، للرجوع في العلاقات مع مع المملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة، لذا فإن الجهود الأوربية ستكون بالتأكيد غير فعالة. على جمهورية إيران الإسلامية أن تمنع زيادة نفوذ الكيان الصهيوني غير الشرعي في المنطقة من خلال تعزيز العلاقات مع الدول العربية والإسلامية.
من المحاور المهمة الأخرى المتعلقة بالعلاقات الإيرانية السعودية خفض التصعيد في المنطقة. عانت دول المنطقة في العقد الماضي الكثير من المعاناة بسبب انعدام الأمن الناجم عن عدم وجود علاقات جيدة بين دول الشرق الأوسط. إن تنامي الإرهاب، وتعتيم علاقات سوريا مع الدول العربية، وانعدام الأمن على المدى الطويل في العراق ولبنان وأفغانستان، كلها تنبع من تكدر العلاقات بين الدول العربية والإسلامية في المنطقة.
تستفيد الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من هذا الظلام، وتتكبد الدول الإسلامية خسائر فادحة، أهمها انعدام الأمن وقتل الأخوة. ويمكن أن يكون استئناف العلاقات بين إيران والسعودية خطوة مهمة نحو استقرار المنطقة وأمنها وتحقيق تطورات إيجابية في المنطقة.
من الآثار الجانبية السلبية لاستمرار العداء بين إيران والسعودية استمرار الحرب في اليمن. الدولتان، إيران والمملكة العربية السعودية، لهما نفوذ في اليمن، ويمكن أن تساعد العلاقات الجيدة بين هذين البلدين في إنهاء هذه الحرب. خلال التسعينيات، بذلت جمهورية إيران الإسلامية جهودًا كثيرة لإنهاء الحرب في اليمن، لكنها لم تنجح. وكانت العقبة الرئيسية هي قطع العلاقات بين البلدين. كما تسبب استمرار هذه الحرب، إضافة إلى إلحاق خسائر بشرية ومالية كبيرة بالأمة اليمنية المظلومة، باستغلال بعض دول المنطقة لأجزاء من أراضي اليمن ومواردها الوفيرة.
هذه الإساءات جعلت من الممكن حتى للكيان الصهيوني أن يطمع في بعض مناطق اليمن، بما في ذلك جزيرة سقطري، ومهد الطريق للنفوذ الصهيوني في اليمن. إن استئناف العلاقات بين إيران والسعودية يمكن أن يضع حداً لهذه التلاعبات والجشع وأن ينقذ اليمن من أخطار جمة.
تشير أنباء الاتفاق النهائي بين إيران والسعودية لإعادة العلاقات الثنائية بعد سبع سنوات إلى تغيرات كبيرة في العلاقات الإقليمية والأحداث العالمية. فسرت "نيويورك تايمز" التعاون بين إيران والسعودية لاستعادة العلاقات انه سيؤدي إلى تغيير جوهري في الشرق الأوسط.
والحقيقة أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يعتبر فشلًا كبيرًا للكيان الصهيوني والسياسة الأمريكية القائمة على خلق الانقسامات والخلافات في المنطقة بهدف إضعاف موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية. الآن، توصلت المملكة العربية السعودية، التي حاولت دائمًا الظهور كذراع لأمريكا في المنطقة للضغط على إيران، إلى اتفاق مهم لإعادة العلاقات. وهو اتفاق تم الحصول عليه بإصرار إيران والتخطيط الدقيق لحكومة جمهورية إيران الإسلامية لتعزيز سياسة الجوار واستبعاد أمريكا من عملية تشكيلها. تمت استعادة العلاقات الإيرانية السعودية نتيجة وساطة الصين خسارة للمصالح الأمريكية. وهذا يدل على أن السعوديين لا يثقون في دعم واشنطن وأن إيران مازالت قوة إقليمية مهمة.