الوقت -أثارت دار الإفتاء المصرية، حفيظة السعوديين، بنشرها تغريدة هاجمت فيها الوهابية بشدة.
حيث أعادت الصفحة الرسمية لدار الإفتاء عبر "فيسبوك" و"تويتر" نشر منشور من صفحة "الإرهاب تحت المجهر" التابعة لها، جاء فيه أن "الوهابية فرقة إسلامية خالفت أهل السنة والجماعة في مسائل، أشهرها: عدم جواز التوسل والاستغاثة والتبرك بالمنتقلين من الأنبياء والصالحين، وأن فاعل ذلك مشرك شركا أكبر".
وأضاف المنشور إن "البعض شبههم بالخوارج، إذ إنهم كفّروا عموم الأمة".
وبعد الهجوم السعودي في مواقع التواصل على دار الإفتاء، تم حذف المنشور من "فيسبوك" و"تويتر".
وفي وقت لاحق، قالت صفحة "الإرهاب تحت المجهر" التابعة لدار الإفتاء، إنه جرى اختراق موقعها، ونشر "منشور مسيء لم تتطرق له دار الإفتاء، وذلك بغرض الإساءة للدار".
وشكك ناشطون في تبرير الصفحة، قائلين إن نشرها في "تويتر" أيضا على شكل صورة من قبل صفحة دار الإفتاء، ينفي وجود أي اختراق.
ولم تعلق الدار على سبب حذف التغريدة التي أثارت عاصفة من التعليقات بين مؤيد ومعارض.
فالمؤيدون يرون الوهابية منبعا للفكر الديني المتشدد، وأن الفكر الذي تعبر عنه دار الإفتاء المصرية يستند إلى مرجعية الأزهر ، والتي ترفض كثيرا من التشددات الفقهية للوهابية.
أما المعارضون فيرون دار الإفتاء المصرية “بوقا مسيسا” للنظام الحاكم في مصر، الذي دأب على استخدام المؤسسة الدينية لأغراضه السياسية، عبر توظيف التيار الصوفي داخلها وتسليمه مقاليد إدارتها.
بينما ربط آخرون بين التغريدة المحذوفة وبين استخدام سياسي آخر يتعلق بالتراشق المتبادل بين وسائل إعلام مصرية وسعودية على خلفية خلافات بين الحكومتين على شروط ومعايير بيع بعض أصول الدولة المصرية لشركات وصناديق تابعة للمملكة.
ويبدو أن هذه التدوينة المحذوفة قد جاءت في إطار المناكفة الإعلامية التي اشتعلت مؤخراً بين مصر والسعودية عقب قرار المملكة بأنها لن تقدّم مساعدات غير مشروطة كما كانت تفعل في السابق، حيث اعتبر مراقبون بأن السعودية استهدفت في قرارها هذا مصر وليس أحداً غيرها.
وكان وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، قد كشف مؤخراً عن اتباع بلاده أسلوباً جديداً لتقديم المساعدات التنموية لدول الجوار وغيرها، مؤكّداً بأن تقديم المساعدات والمنح المجانية قد ولّى.
وقال محمد الجدعان خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الأربعاء، إن المملكة تغيّر طريقة تقديم المساعدات لحلفائها وتشجّع دول المنطقة على إجراء إصلاحات اقتصادية.
وأضاف: “اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط، ونحن نغير ذلك. نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات”.
وأشار “الجدعان” إلى أن السعودية تقوم بفرض ضرائب على شعبها وتتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه وأن يبذلوا جهداً، قائلاً: “نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم”.
وفي الأسابيع الأخيرة، أصبحت الحكومة المصرية والجيش المصري القوي – الذي تعتبره دول مجلس تعاون الخليج الفارسي تقليدياً ضامناً رئيسياً للأمن والاستقرار الإقليميين – في مرمى الانتقادات التي انهالت عليهم من قِبل العديد من المُعلّقين السعوديين والكويتيين على صفحات التواصل الاجتماعي.
وكان الأكاديمي السعودي تركي الحمد قد انتقد، في سلسلة تغريدات (تم حذفها لاحقاً)، إخفاقات مصر التنموية – إضافة إلى البطالة والأزمات السياسية والاقتصادية – والتي تعاني منها البلاد منذ عام 1952، وهو العام الذي يمثل بداية الحكم العسكري في مصر بعد الإطاحة بالملك فاروق وإلغاء الملكية، ومن ثَمَّ بروز دور الجيش المصري في الهيمنة على الاقتصاد.
“ما الذي حدث لمصر الغنية بثرواتها وقدراتها، والتي كانت تُقرض المال وتساعد المحتاج؟” تساءل الحمد في إحدى تغريداته، وأضاف: “وها هي اليوم، أسيرة صندوق النقد الدولي، مشرئبة العُنق لكل مساعدة من هنا أو هناك.”
وقد قوبلت تصريحات الحمد بتوبيخ لاذع جاء من عبد الرازق توفيق، رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية المملوكة للدولة.
حيث كتب توفيق في مقال رأي تم حذفه لاحقاً من موقع الجمهورية بعد ساعات من نشره: “ليس من حق اللئام والأنذال ومُحدَثي النعمة أن يتطاولوا على أسيادهم (مصر)”. وعلى الرغم من أنه وصف منتقدي مصر بـ “اللئام”، لكنه لم يصل إلى الحد الذي وصلت إليه الأوصاف التي ساقها الحمد ومعلقون سعوديين آخرون في ثنايا تعليقاتهم اللاذعة حول سيطرة الجيش على الاقتصاد.
وبينما توحد المصالح السياسية والمخاوف الأمنية المشتركة مصر والسعودية، فإن الدولتين تتنافسان منذ فترة طويلة على القيادة الإقليمية. وبينما تشعر مصر بالاستياء من اعتمادها المستمر على المساعدات المالية الخليجية لإبقاء اقتصادها على قيد الحياة، فإن المملكة العربية السعودية تشعر بالاستياء من حقيقة أن القاهرة لا تزال تعتبر نفسها قيادة إقليمية على الرغم من تبعيتها الاقتصادية لدول الخليج الفارسي.