الوقت- بعد عدة أشهر من التوقف في المفاوضات السياسية بين إيران والسعودية، يستعد الجانبان للجولة السادسة في العراق، وهي محادثات ليست بعيدة هذه المرة مع تنفيذ اتفاقيات إعادة فتح السفارتين.
بدأت المحادثات بين إيران والسعودية في العراق في نيسان 2019، وخلال هذه الفترة عقد ممثلو البلدين خمس جولات من المفاوضات مع بعضهم البعض لإنهاء التوترات واستئناف العلاقات الدبلوماسية.
وعلى الرغم من توقف المفاوضات منذ مايو بسبب المراشقات بين الجانببين، إلا أن الأدلة تشير إلى أن هناك انفتاحًا في هذا المجال في الأسابيع الأخيرة وأن الجولة السادسة من المحادثات ستستأنف قريبًا.
قال فؤاد حسين، وزير الخارجية العراقي، إن وزير الخارجية السعودي سيزور العراق قريباً لبحث استئناف المحادثات بين طهران والرياض. من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان، في مؤتمر صحفي مع نظيره القطري، عن تقدم المفاوضات مع السعودية، وقال: "حتى الآن، تم تبادل المحادثات والرسائل بين طهران والرياض عبر العراق. وقد أجريت عدة جولات من المفاوضات بين البلدين، ومن المفترض أن تستمر الجولة الجديدة من المحادثات بين البلدين بالشكل الذي تم الاتفاق عليه.
عقد الجولة الجديدة من المفاوضات بين طهران والرياض، فيما تم في الجولات الخمس السابقة التي استمرت لمدة عام بحث مختلف القضايا الثنائية والإقليمية. في الجولة الأولى من المفاوضات في أبريل من العام الماضي، تألف الوفد السعودي من 6 أشخاص، من بينهم المستشار الأمني رفيع المستوى لولي العهد السعودي برئاسة خالد بن علي الحميدان، رئيس جهاز المخابرات السعودية.
والوفد الإيراني المؤلف من 5 أعضاء برئاسة مسؤول حكومي رفيع المستوى وممثلين عن الحرس الثوري، وفيلق القدس وممثل وزارة الخارجية. وحسب تقارير إعلامية، فإن أجواء المفاوضات كانت إيجابية وتجاوزت التوقعات، كما تمت مناقشة القضايا الثنائية والإقليمية في هذه المحادثات.
ولم يعلن مسؤولو الجانبين عن الجولات الأولى إلى الثالثة من المفاوضات بين ممثلي البلدين، وذكرت بعض وسائل الإعلام تفاصيل حول عملية هذه المحادثات. نقلاً عن مصادر مطلعة، تحاول إيران والسعودية عدم الإفصاح عن تفاصيل هذه المحادثات إلى أن يتوصلا إلى حل أساسي لحل الخلافات السياسية والأمنية.
وعقدت الجولة الثانية بعد أسبوع من الجولة الأولى، وبعد انتهاء المباحثات وافقت السلطات العراقية على عقد الجولة الثالثة، كما قالت مصادر عراقية. في 2019، نوقشت القضايا العالقة بين البلدين على أساس خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها سابقا، بما في ذلك إعادة تفعيل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
في الوقت نفسه الذي عقدت فيه الجولة الثالثة من المفاوضات، أعرب الملك سلمان ملك المملكة العربية السعودية، خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن أمله في أن يؤدي استمرار المفاوضات مع إيران إلى نتائج ملموسة في اتجاه بناء الثقة والتعاون المتبادل بين البلدين. وصرح سعيد خطيب زاده المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية، أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، كانت الاتصالات بين طهران والرياض أكثر انتظامًا، وأكد أنه جرت محادثات جيدة حول القضايا الثنائية.
الجولة الرابعة والدخول في المناقشات الرئيسية
الجولة الرابعة لم يتم الإعلان عن موعدها بالضبط، لكن حسب تقارير إعلامية، عقدت في بغداد في كانون الأول 2019، وأعلنت السلطات الإيرانية بعض التفاصيل التي أظهرت أن عملية المحادثات كانت إيجابية وبناءة.
وقال الأمير عبد اللهيان بعد فترة من الجولة الرابعة، في الجولة الأخيرة من المفاوضات، قدمنا سلسلة من المقترحات العملية والبناءة للجانب السعودي، وسيجتمع وفدا البلدين في بغداد في القريب العاجل وسيتخذان الإجراءات المتعلقة بتنفيذ المرحلة التالية من الاتفاقات.
وكان وزير الخارجية قد قال إننا مستعدون لزيارة الوفود الفنية من البلدين للسفارتين لاتخاذ الترتيبات اللازمة لعودة العلاقات إلى حالتها الطبيعية. وحسب أمير عبد اللهيان، تم في الجولة الرابعة تقديم سلسلة من المقترحات العملية والبناءة للجانب السعودي.
كما كان لإجراء المحادثات إنجازات طفيفة، حيث وافقت المملكة العربية السعودية العام الماضي على إصدار تأشيرات لثلاثة دبلوماسيين إيرانيين كان من المفترض أن يعملوا كدبلوماسيين في منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة.
افتتاح الجولة الخامسة
وفي الجولة الخامسة التي رافقتها تطورات في المجالين السياسي والأمني ، تسربت تفاصيل أكثر عن أجواء التفاوض، كما تحدث مسؤولون إيرانيون رسميًا عن هذا الموضوع. حيث أعربت كل من إيران والسعودية عن أملهما في استمرار المحادثات الثنائية والآفاق المحتملة لتحسين العلاقات.
كان من المفترض أن تعقد الجولة الخامسة من المحادثات نهاية شهر مارس من العام الماضي، ولكن قبل عقد هذا الاجتماع، أعلنت إيران إلغاء هذه الجولة من جانب واحد، وربط البعض ذلك بإعدام 80 شيعيًا في السعودية. ومع وساطة العراق بعقد الجولة الخامسة في مطلع مايو / أيار من العام الجاري، فقد تم إيقافها بسبب بعض الخلافات الجوهرية ولم يتم حتى الآن تحديد موعد لعقد الجولة السادسة.
في الجولة الخامسة من المحادثات، تم رسم آفاق أوضح لاستئناف العلاقات بين البلدين. واتفق الجانبان على استئناف العلاقات بين البلدين وإمكانية عقد اجتماع مشترك على مستوى وزراء الخارجية. ووفقًا لمصادر مطلعة، تم فحص معظم الحالات في المنطقة إضافة إلى حالة العلاقات الثنائية والأمن في المنطقة والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
وقال وزير الخارجية العراقي، عقب انتهاء الجولة الخامسة، إن الجانبين توصلا إلى اتفاق بشأن مذكرة تفاهم تتضمن 10 بنود. وأكد فؤاد حسين أن محادثات إيران مع السعودية تضمنت أيضا موضوع استمرار وقف إطلاق النار في اليمن.
كما تم الاتفاق على أن تكون الجولة القادمة من المحادثات على المستوى الدبلوماسي. وحسب مصادر مطلعة على عملية المفاوضات، اقترحت إيران في الجولة الخامسة إعادة فتح سفاراتها في العواصم، لكن الجانب السعودي لم يوافق على هذا الطلب وأكد أن السفارات لن تفتح حتى يتم الاتفاق على جميع القضايا.
في العام الماضي، إضافة إلى المحادثات بين مسؤولي البلدين في العراق، كانت هناك محادثات بين ممثلين عن إيران والسعودية على مستويات مختلفة، وادعت وسائل الإعلام في 2022 أن لقاءً أمنيًا بين إيران والسعودية. وعقد خبراء في العاصمة الاردنية وناقش الجانبان قضايا المنطقة على وجه الخصوص الامن وتعزيز الاستقرار الاقليمي.
كما التقى الأمير عبد الله في الوقت نفسه بنظيره السعودي فيصل بن فرحان على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في باكستان. وفي الاجتماع الأخير لبغداد 2 الذي عقد مؤخرا في العاصمة الأردنية، أجريت محادثات قصيرة بين وزارتي خارجية البلدين، وقال أمير عبد اللهيان إن وزير الخارجية السعودي أعرب في هذا الاجتماع عن ثقته في استعداد بلاده لمواصلة المفاوضات مع إيران.
أفق مشرق
بعد هذا القول، تسير عملية التفاوض في الاتجاه الصحيح ويمكن أن تكون الجولة التالية حاسمة في هذا الصدد. وقد صرح المسؤولون الإيرانيون مرارًا وتكرارًا أنه إذا كان الجانب السعودي جادًا في المفاوضات، فإن التفاهم على جميع القضايا ممكن، لكن البلدين، إضافة إلى القضايا السياسية، لديهما خلافات في الرأي حول القضايا الإقليمية بما في ذلك اليمن ولبنان، وطريقة الوصول لاتفاق في هذا المجال يتطلب تعاون الجانبين.
المملكة العربية السعودية، العالقة في مستنقع عصامي في اليمن، تدرك جيدًا أنه كلما استمرت المحادثات، زادت تكاليفها في هذه الحرب، لأن حركة أنصار الله تزداد قوة يومًا بعد يوم واستمرارًا للحركة.
إن النهج العدائي تجاه صنعاء واستمرار الحصار اللاإنساني لليمن يمكن أن يكون لهما تهديدات خطيرة لمصالح المملكة العربية السعودية.
في السنوات الثماني الماضية، لطالما اتهمت السلطات السعودية إيران بالتدخل في شؤون اليمن وزعمت الولايات المتحدة أن إيران ترسل أسلحة إلى جماعة أنصار الله، وهو ادعاء لم تؤكده الأمم المتحدة. وبخصوص الأزمة اللبنانية، فرضت السعودية عقوبات مالية على لبنان بالتعاون مع الغرب لمواجهة نفوذ حزب الله وإيران في البلاد، ما أدى إلى تفاقم الأزمات المعيشية في السنوات الثلاث الماضية.
قال المسؤولون الغربيون مرارًا وتكرارًا إنه لا يمكن حل القضايا في المنطقة دون مساعدة إيران، وإذا كان لدى السعوديين حقًا الإرادة للخروج من هذه الأزمات، فعليهم أن يتصالحوا مع إيران ويذعنوا لتزايدها كقوة في المنطقة.
ونظرا لاستعداد السلطات الإيرانية والسعودية لمواصلة المحادثات ومحاولة حل المشاكل السياسية والأمنية، يبدو أن الجولة السادسة، التي من المحتمل أن تعقد في العراق خلال الأسابيع المقبلة، ستكون على مستوى وزارة الخارجية، ويمكن أن تخلق فرصة أساسية في هذا المجال.