الوقت_ مؤخراً، حذّرت حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين “حماس”، من التداعيات المترتبة على استمرار اعتداء المستوطنين الصهاينة على الممتلكات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلّة التي يمكن أن تشهد أو تتسبب بـ "انفجار أمنيّ" كبير لردع العدوان الهمجيّ الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مقدساتهم وتهديد أرواحهم، بعد أن أوصل الصهاينة وآلتهم العسكريّة للعالم بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه، وذلك مع تصاعد أساليب المقاومة والمواجهة في المنطقة المهددة من قوات المحتل الباغي، وقالت الحركة الإسلاميّة: “نُحذّر حكومة الاحتلال من مغبّة الاستمرار في الجرائم ضد أبناء فلسطين والتي ستُقابل بمزيد من المقاومة"، فيما يدرك أبناء الضفة الغربيّة كما غيرهم من الفلسطينيين، أنّ العصابات الصهيونيّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وعنصريّتها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وأكبر دليل على ذلك هو تصرفات حكومة العدو الفاشية التي باتت شهيرة جداً بـ"فاشيتها" الشديدة.
رسالة تحذيريّة شديدة اللهجة
"لن تنكسر إرادة الشعب"، رسالة فلسطينيّة جاءت عقب الحملة الصهيونيّة الغادرة على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهي حملة شنّها المستوطنون بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي في أنحاء مختلفة أنحاء الضفة والتي استهدفوا خلالها عشرات المركبات والمحال التجاريّة الفلسطينية وغيرها من الممتلكات، ما يجعل المنطقة بأكملها على صفيح ساخن، في ظل حالة عارمة من الغضب الشديد على الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة التي تتصاعد يوماً بعد آخر بحق أهالي الضفة الغربيّة المحتلة منذ عام 1967، ناهيك عن أنّ الساحة الفلسطينيّة بأكملها تعيش أوضاعاً متوترة للغاية بالتزامن مع مواصلة سياسة الاعتداء والاستيطان والقتل المروع التي تنتهجها الحكومة الإسرائيليّة بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يشي باحتماليّة كبيرة لأن تفجر الأوضاع في أي لحظة نتيجة التمادي الإسرائيليّ الذي بات ملموساً على كل المستويات.
وفي الوقت الذي حمّلت حماس الحكومة الإسرائيليّة مسؤولية التداعيات المترتبة عن جرائم المستوطنين في الضفة، دعت أبناء الشعب الفلسطينيّ لمواجهة تلك الجرائم بكل قوة ووحدة في الميدان، حيث أحرق مستوطنون قبل أيام منزلاً واعتدوا على مركبات ومتاجر فلسطينيّة وسط وشمالي الضفة الغربية، ويعيش في الضفة المحتلة حوالى 3 ملايين فلسطينيّ، إضافة إلى نحو مليون محتل إسرائيليّ في مستوطنات يعترف المجتمع الدوليّ بأنّها "غير قانونية"، ومنذ أواخر آذار/مارس تشن قوات الأمن الإسرائيلية عمليات شبه يومية في الضفة الغربية، وذلك بغض النظر عن اعتداءات المستوطنين الذي يعتبرون أبناء فلسطين ضيوفاً في بلادهم.
وفي هذا الشأن، تحدث مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية (جهة حكومية)، غسان دغلس، أنّ المستوطنين نفذوا عشرات الاعتداءات على الممتلكات الفلسطينية في عدة قرى بمحافظة نابلس، أوضح أنّ مجموع اعتداءات ليلة الأحد الفائت تجاوز 140 اعتداء، بينها حرق 6 مركبات وتحطيم زجاج 120 مركبة أخرى، ومهاجمة أكثر من 20 محلا تجاريا وتحطيم محتوياتها، وفي العام 2022 وحده نفذ مستوطنون إسرائيليون 849 اعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، وفي 228 منها وقعت إصابات وفي 621 وقعت أضرار في الممتلكات، وفق معطيات للأمم المتحدة نشرتها مواقع إخباريّة.
وعقب سنوات طويلة من الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ لهذه الأرض بدعم من دول الاستعمار، يعلم الفلسطينيون وفصائل المقاومة باستثناء السلطة الفلسطينيّة التي رأسها محمود عباس أنّ التحرر من استعباد وطغيان المحتل الأرعن لا يكون إلا مع التحرير ولو بأبسط الوسائل، فما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها، والمسبب الأوحد لتلك الحوادث والجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة بنظرهم هو الخنوع الكامل من قبل حركة فتح التي ستشهد مع حليفتها تل أبيب بلا شك وقوع "ثورة غضب عارمة" بالقريب العاجل، لأنّ التصدي لهجمات المستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، بما يقطع الطريق أمام قوات الاحتلال والمستوطنين ويوقف عربدتهم وتغولهم في أراضي الفلسطينيين، لمحاولة إنهاء الوجود الفلسطينيّ عبر كل الوسائل، وخاصة أنّه يتوزع نحو 666 ألف مستوطن في 145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وفق بيانات لحركة “السلام الآن” الحقوقية الإسرائيلية.
وفي الفترة الأخيرة، تشهد الأراضي الفلسطينية توترا متصاعدا، بسبب استخفاف السلطات الإسرائيلية بأرواح الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم، ويبدو أنّ "حماس" التي تمتلك جناحاً عسكريّاً هو الأقوى على الساحة الفلسطينيّة بالنسبة للمقاومين "كتائب القسام" هي جادة للغاية في رسالتها لتل أبيب، حيث شكلت رأس حربة في الدفاع عن أبناء فلسطين التي ترزح تحت نير الإجرام الصهيونيّ، وإذلال العدو الغاصب، رغم مشاركة بقية قوى وفصائل المقاومة الفلسطينيّة في صناعة الإنجاز الفلسطينيّ الكبير، لكن في الواقع تبقى حماس الفصيل الفلسطينيّ الأكبر والأكثر تسليحاً وتنظيماً، والذي قادت مواجهات شرسة مع الكيان المستبد بكل قوة وحكمة واقتدار، وبالتأكيد فإنّ انتصاراتها التاريخيّة الكبيرة مع المقاومة والشعب الفلسطينيّ لا يمكن أن تُمحى من ذاكرة أبناء فلسطين ولا سيما أنّها أذهلت قادة الكيان المجرم وتصريحاتهم أكبر شاهد على ذلك.
إسرائيل وأبواب جهنم
لا يمكن أن تتخلى حماس عن هدفها في صفع الاحتلال ورد الصاع صاعين كما هو هدف كل فلسطينيّ، وإنّ خلاصة الرسالة التي وجهتها حماس للصهاينة، أمام ما يجري من عمليات استهداف مستفزة ومتعمدة من قبل جيش العدو الإسرائيلي مستوطنيه، أنّها ستفتح أبواب جهنم على الكيان الغاصب الذي اختار تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، ويبدو أنّ "حماس" تنظر بقلق شديد لما يجري من تصعيد إسرائيليّ، حيث إنّ استمرار هذه الأوضاع قد يعيد ترتيب أوراق الحركة من جديد، ويجبرها على تفعيل كل أشكال المقاومة الشعبية على حدود قطاع غزة المدمر والمحاصر منذ عقد ونصف العقد، وعلى رأسها وحدة الإرباك الليليّ التي توقفت منذ شهور طويلة، وبالتالي ستكون تل أبيب قد تسببت بتوتر أكبر مما تتخيل في المنطقة التي تعيش أساساً أوضاعاً مشحونة للغاية.
"فصائل المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزة جاهزة تماماً لأي جولة تصعيد جديدة مع الاحتلال"، والذي يغيب كل القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطينيّ والعربيّ وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزل، في إصرار واضح من حكومة العدو الفاشية على قتل آخر رمق للاستقرار، ولا شك أنّ الفلسطينيين بشكل عام وعلى وجه الخصوص "حماس" منزعجون بشدّة من جرائم الاحتلال المتصاعدة في مدينة القدس المحتلة وأحيائها وعمليات الاعتداء والإعدام الميدانيّة في الضفة الغربية، حيث تتحدث الحركة أنّ ما يجري سيغير الأوضاع بشكل كامل طالما التصعيد مستمر، وخاصة مع تنامي المقاومة الشعبية والعسكرية لأبناء فلسطين.
وكلنا نعلم أن مدن الضفة المحتلة والقدس خلال الفترة الأخيرة تشهد حملة مسعورة من قبل الآلة العسكريّة للعدو، والتي شملت مئات الاعتقالات وأكثر من عملية قتل ميدانيّ واغتيال برصاص قوات الاحتلال وهدم عشرات المنازل للفلسطينيين وممتلكاتهم، وتصعيد بناء المستوطنات، والانتهاكات المتكررة في القدس والمسجد الأقصى، فيما تُظهر حماس من خلال رسالتها الأخيرة أنّها " لا يمكن أن تستسلم لواقع الاحتلال البغيض، وستواصل نضالها المشروع حتى انتزاع حرية الفلسطينيين وتحرير أرضهم واسترداد مقدساتهم".
بالاستناد إلى ما ذكر، تهدف "حماس" من هذه الرسالة إلى إظهار أن جرائم الإسرائيليين هي التي ستشعل النار في المنطقة و“إسرائيل تعلم جيدًا أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة" حسب توصيفها، وهذا ما أشارت إليه بالفعل مؤسسة الأمن التابعة للعدو، والتي توقعت أن تشهد الأشهر المقبلة احتمالية تصاعد التوتر في جميع المناطق الفلسطينية، فمنذ تولي حماس السلطة في غزة عام 2007، خاضت أربعة حروب ضد "إسرائيل"، كان آخرها معركة “سيف القدس” التي ألحقت هزيمة عسكريّةً ومعنويّة غير مسبوقة في جميع الأوساط الإسرائيليّة وأدت بشكل كبير إلى إسقاط حزب "الليكود" المتطرف وزعيمه نِتنياهو من الحكم، فيما تبدو جولة التصعيد القادمة قريبة للغاية باعتقاد كثيرين، مع عودة المتطرف نتنياهو مجدداً، كما أن الفصائل الفلسطينيّة سترد بشدّة على العدوان الإسرائيليّ المستمر في حال تعنت تل أبيب، ويالتالي ستشعل كل نقطة يتواجد فيها جنود الاحتلال وعصابات مستوطنيه، ولن يسكت الفلسطينيون على الاعتداءات الإسرائيليّة الجبانة.