الوقت- هزيمة اخرى مني بها المغرب، إثر إخفاقه في مراهناته لتحييد نجاح الرئيس الصحراوي الأمين العام لجبهة البوليساريو، ابراهيم غالي،أمينًا عاماً للجبهة من جديد.
تحت شعار: “تصعيد النضال من أجل انسحاب المحتل وفرض السيادة الكاملة”، انعقد المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو ، حيث انتخب السيد إبراهيم غالي أمينا عاما لجبهة البوليساريو لعهدة جديدة تدوم ثلاث سنوات عقب عملية التصويت التي جرت يوم الجمعة الماضي حسب ما أعلنت عنه لجنة الانتخابات للمؤتمر ال16 للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بالداخلة بمخيمات اللاجئين الصحراويين.
وأعادت جبهة بوليساريو، الساعية للحصول على حق تقرير المصير في الصحراء الغربية، ثقتها بإبراهيم غالي ليكون زعيما لها، وذلك للتخفيض من حدة التوتر بين الجزائر والمغرب.
وقال ابراهيم غالي خلال المؤتمر أن قرار الحرب كان قراراً مفروضاً على الشعب الصحراوي .
وأوضح خلال عرضه للتقريرين الأدبي والمالي أمام المؤتمرين، أن الصحراويين ليسوا هواة حرب، بل دعاة سلام ، واستئناف الكفاح المسلح كان قراراً مفروضاً على شعبنا، إزاء انتهاك خطير وصارخ لاتفاق وقف إطلاق النار من طرف الجيش المغربي.
فالكفاح المسلح – يضيف الأمين العام للجبهة – حق تكفله المواثيق الدولية للدفاع عن النفس للشعوب الواقعة تحت نير الاستعمار والاحتلال .
وأضاف قائلا ” لطالما جنحنا للسلم وقدمنا في سبيل ذلك التضحيات والتنازلات الكثيرة. لكننا في المقابل تعرضنا للظلم والاستهانة والتغاضي والتجاهل من طرف مجلس الأمن الدولي، بتأثير من أطراف معروفة، وفرت الغطاء والحماية والتشجيع لتعنت دولة الاحتلال المغربي وسياساتها التوسعية العدوانية” .
وأعيد انتخاب غالي (73 عاما)، لولاية جديدة بعد حصوله على 1253 صوتا من إجمالي 2097، متقدما على منافسه البشير مصطفى الذي نال 563 صوتا فقط.
وبدأت جبهة البوليساريو، الجمعة، الماضية مؤتمرها الـ16 لتجديد قياداتها، في سياق توترات شديدة بين حليفتها الجزائر، والمغرب الذي يسيطر على 80 في المئة من هذه المنطقة.
وعقد المؤتمر بحضور أكثر من 2200 عضو في الجبهة، و370 ضيفا أجنبيا على بعد 175 كيلومترا جنوب مدينة تندوف الجزائرية، في مخيم اللاجئين بالداخلة، الذي يحمل اسم بلدة ساحلية في الصحراء الغربية، وهي منطقة غنية بالفوسفات والثروة السمكية في قلب صراع متواصل منذ نصف قرن.
ويدور نزاع منذ عقود حول الصحراء الغربية التي يسيطر المغرب على جل ترابها ويعتبرها جزءا لا يتجزأ من أراضيه مقترحا منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر باستقلالها.
وهي سبب رئيسي لتوتر العلاقات بين البلدين المغاربيين حيث قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط منذ صيف 2021 بسبب الخلافات العميقة حول هذا الملف والتقارب الأمني بين الرباط وإسرائيل.
وتزعم غالي جبهة البوليساريو منذ يوليو 2016 خلفا لزعيمها التاريخي محمد عبد العزيز والذي توفي قبل أسابيع قليلة. وغالي هو فضلا عن ذلك رئيس "الجمهورية العربية الصحراوية"، المعلنة من طرف واحد في عام 1976.
ويقول محمد يسلم بيسات، ممثل الصحراويين في جنوب أفريقيا، إن "هذا أول مؤتمر منذ استئناف الكفاح المسلح" نهاية العام 2020.
أما من جانبه يرى المتخصص في القانون الدولي طاهر الدين العماري، أنه أعيد انتخاب غالي على رأس جبهة البوليساريو لأنه "إذا قرر المؤتمر استبداله، فسوف يضعف التمثيل الصحراوي". وقال إنه "خيار منطقي لاستمرار القتال الصحراوي".
من ناحية أخرى، يجب على الجبهة أن "تتكيف مع السياق الدولي الجديد"، في تقدير العماري، مستشهدا على وجه الخصوص بتغيير موقف إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة، والذي أصبح يتماشى الآن مع موقف المغرب.
وشهدت سنة 2022 انتصارات متتالية على الصعيدين الدبلوماسي والقضائي للقضية الصحراوية، رغم سعي المغرب انكار حقيقة شعب يناضل من أجل حقه المشروع في تقرير المصير وبسط سيادته على جميع ربوع الجمهورية الصحراوية.
واتحدت كلمة أبناء الشعب الصحراوي في التصدي للاحتلال المغربي ومؤامرته لتكريس مطامعه التوسعية وفرض الأمر الواقع في الصحراء الغربية، كما التفوا حول ممثلهم الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، في مسيرة ظفروا في إطارها بالكثير من المكاسب النضالية.
ويمضي الشعب الصحراوي متجندا وراء جبهة البوليساريو في نضاله التحرري، في ظل واقع يتميز باستمرار الكفاح المسلح الذي فرض عليه نهاية عام 2020 بعد نسف المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار بالثغرة غير الشرعية بالكركرات وبتشبثه بممارسة حقه في تقرير المصير على أساس اللوائح الأممية والشرعية الدولية.
وما يزيد هذا الشعب عزيمة وإصرارا تلك المكاسب الدبلوماسية والقضائية التي حققتها الجمهورية الصحراوية، وفي مقدمتها الاعتراف الدولي المتزايد بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وحضورها في العديد من المحافل القارية والدولية المهمة.
وتأتي هذه الانتصارات لتضاف إلى قائمة المكتسبات الدبلوماسية الصحراوية التي حققتها جبهة البوليساريو على المستوى الأممي، وخاصة ترسيخ قضية النزاع في الصحراء الغربية باعتبارها قضية تصفية استعمار، وعلى المستوى الأوروبي، ولا سيما في خضم المعركة القانونية لحماية ثروات الشعب الصحراوي من النهب.
نهاية اذا أخذنا بعين الاعتبار أن محاولة المغرب إنهاء موضوع الصحراء ببقاء احتلالهم له لا يقل البتة عن عزم الجزائر عدم التخلي عن "القضية" الصحراوية، مهما كلف الثمن، فإن مستقبل العداء المستحكم بين البلدين، اللذين لم يعد يجمعهما من الجيرة غير حدود ملتهبة قابلة للانفجار في أي لحظة، مرشح للاستفحال في ظل تجاهل تام للقوى الدولية والإقليمية لجوهر الصراع، واكتفائها بانتظار ساعة الصفر إن لم تكن مبادرة لإشعال فتيلها.
الرومانسية السياسية فقدت أي تأثير ممكن في تخفيف حدة الخلافات بين البلدين بعد أن تحولت فعليا لعقيدة لا يمكن تحريكها إلا بحرب أو مناوشات لا أحد يمكنه التنبؤ بمداها. ومفردة الحرب التي ظن الكثيرون أنها أفلت بلا عودة، عادت للتداول .
وإن كان لا بد من القتال من أجل تحرير "الصحراء الغربية"، فالأولى بالقتال لصاحب الحق في الأرض والحق في الانتماء وهم الشعب الصحراوي .
