الوقت- رحب النظام الصهيوني، يوم الثلاثاء 10 تشرين الثاني، بانتخاباته الوطنية الخامسة خلال الـ 44 شهرًا الماضية، في وضع لم يشهد أبدًا نشوء مثل هذه الأزمة في أي مكان في العالم. ومنذ نهاية عام 2018 وحتى اليوم، لم يشهد النظام الإسرائيلي استقرارًا سياسيًا. ومن وجهة نظر الناخبين، فإن السلوك السياسي لـ "بنيامين نتنياهو" زعيم حزب الليكود ورئيس الوزراء الأسبق، هو العامل الأساسي في عرقلة وإدامة الأزمة السياسية في الأراضي المحتلة. وبعد 12 عامًا من رئاسة الوزراء وملاحقتل في 3 قضايا قضائية، ما زال نتنياهو البالغ من العمر 73 عامًا لا يريد أن يودع عالم السياسة، وفي غضون ذلك، فرض تكلفة قدرها 2.8 مليار دولار على جيوب سكان الأراضي المحتلة من خلال 5 انتخابات. ومنذ عام 2019، أضيفت فجوة كبيرة في المجال السياسي الإسرائيلي، طغت على الفجوات السابقة؛ فجوة "تأييد أو معارضة نتنياهو".
2019 إلى 2020؛ جانتس وبيبي من المنافسة إلى الشراكة
تعود الانتخابات الأولى التي أجريت في هذه الفترة الحاسمة التي استمرت 4 سنوات إلى أبريل 2019. وفي هذه الانتخابات، دخل "بيني غانتس" لتوه ميدان المنافسة السياسية وبعد سنوات، ظهر كمنافس جاد ضد نتنياهو المخضرم. واستطاع حزب الليكود في هذه الانتخابات تجاوز حاجز منافسه الاساسي بفارق 15 الف صوت. ومع ذلك ، أثناء تشكيل الحكومة، عارض حليف نتنياهو السابق أفيغدور ليبرمان، وهو السياسي الإسرائيلي الأكثر علمانية، أخيرًا المشاركة في حكومة نتنياهو بسبب زيادة قوة الأحزاب الدينية، من أجل تأخير الانتخابات الثانية على التوالي.
وفي الانتخابات الثانية في سبتمبر 2019، تمكن حزب أزرق أبيض بقيادة غانتس من الفوز بمقعد واحد أكثر من الليكود، لكن هذه المرة لم يتفق أي من الفصيلين على التعاون مع بعضهما البعض، ما أدى إلى الانتخابات الثالثة على التوالي في مارس 2020، وسط ارتفاع حصيلة المصابين بفايروس كورونا في الاراضي المحتلة. وبعد إعلان النتائج وتوقع استمرار أزمة تشكيل الحكومة في إسرائيل، قرر غانتس هذه المرة الموافقة على شراكة مع نتنياهو وتشكيل حكومة وحدة وطنية في مايو 2020.
وفي حين تم تشكيل هذه الحكومة بدعم من حوالي 70 نائبا، إلا أن السلوك السياسي لنتنياهو، الذي وضع المصالح الشخصية مرة أخرى على رأس الشؤون، تسبب في انهيار هذه الحكومة في نوفمبر من نفس العام بسبب عدم الموافقة على الميزانية. ومن أجل عدم إجباره على تسليم رئاسة الوزراء إلى غانتس بناءً على موافقته السابقة، رفض نتنياهو تمرير قانون الميزانية بحلول الموعد النهائي، حيث ذهبت إسرائيل إلى الانتخابات الرابعة على التوالي.
انتخابات 2021 وتغيير وزاري لمدة عام!
في الانتخابات الرابعة في مارس 2021، بينما بدا أن نتنياهو ، كان لديه مهمة أسهل في تشكيل حكومة جديدة بسبب الخلافات في الفصيل المنافس، فقد عانى من صدمة كبيرة من خصومه، الذين كان لديهم مطلب واحد وهو إنهاء كابوس 12 عاما من حكم نتنياهو. وفي الحكومة الجديدة التي بدأت بتقسيم رئاسة الوزراء بين نفتالي بينيت ويائير لابيد في يونيو 2021، كان هناك 8 أحزاب، و 3 أحزاب يمينية، وحزبان معتدلان، وحزبان يساريان، وحزب عربي واحد. وكانت الحكومة ذات الأغلبية الهشة وتتألف من 61 شخصًا. وعلى الرغم من الاتفاق بين نفتالي بينيت ويائير لابيد على تقاسم رئاسة الوزراء مع بعضهما البعض، فقد عانت هذه الحكومة أيضًا من أزمة في أبريل 2022 وبسبب استقالة العديد من أعضاء حزب اليمينة، فقد سقطت من الأغلبية خلال عام واحد فقط بعد ذلك. ولقد أجريت الانتخابات المبكرة الخامسة على التوالي.
وبهذه الطريقة، رحب النظام الصهيوني بالانتخابات الخامسة على التوالي في أقل من 5 سنوات، في حين لم تظهر الاستطلاعات توقعات إيجابية لانتهاء المأزق السياسي في السنوات الأخيرة، واعتبر استمرار الأزمة هو السيناريو الأكثر ترجيحًا بعد انتخابات 10 نوفمبر. لكن مع إعلان النتائج النهائية، اتضح أنه بعد 4 سنوات، عاد الصهاينة مرة أخرى إلى الالتفاف باسم نتنياهو ووافقوا على تشكيل حكومة مكونة من أحزاب عنصرية ومتطرفة برئاسة نتنياهو.
خلال هذه الانتخابات، تمكن فصيل نتنياهو من الحصول على 64 مقعدًا في البرلمان باستخدام أخطاء الفصيل المنافس، وأمام فصيل يسار الوسط بقيادة لبيد، وافق على الفوز بـ 51 مقعدًا فقط، حتى يعود نتنياهو مرة أخرى على رأس الهيكل السياسي لهذا النظام. بالطبع، من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، أمام زعيم الليكود الآن مهمة صعبة للتوصل إلى اتفاق مع الأحزاب الصهيونية المتطرفة والعنصرية، وبعضها مدرج في قائمة عقوبات الحكومات والأحزاب الأوروبية وحتى الأمريكية.
إن فوز نتنياهو الحاسم في الانتخابات النيابية الأخيرة للنظام الصهيوني، بعد فترة أزمة سياسية داخلية أدت إلى انهيار الحكومة أربع مرات وحل مجلس النواب، إضافة إلى قدرته على إعادته إلى السلطة مرة أخرى عندما اعتقد القليلون أنه لن يكون قادرًا على النهوض من وابل الاتهامات والقضايا المرفوعة ضده، أعطت اليمين المتطرف أيضًا نجاحًا مدويًا غير مسبوق في العقدين الماضيين. ولأول مرة في تاريخ إسرائيل، من المرجح أن تتكون الحكومة بشكل أساسي من أحزاب دينية، مع 33 مقعدًا في الائتلاف المتوقع المكون من 64 عضوًا لمصلحة "الصهيونية الدينية وشاس ويهدوت هتوراة"، أي أكثر من حزب الليكود بمقعدين.
ومع ذلك، فإن هذا النجاح للأحزاب اليمينية المتطرفة التي يمكنها تشكيل الحكومة بمفردها لا ينبغي اعتباره نتاج أشهر قليلة من الحملة الانتخابية، ولكن بالنظر إلى نتائج انتخابات الكيان الصهيوني، يمكن الاستنتاج أنه قد ألقى انتشار اليمين على التطورات السياسية والاجتماعية للأراضي بظلاله، وتمت عملية قبول أيديولوجية هذه الأحزاب من قبل مواطني هذا النظام. وتقوم هذه الأيديولوجية على تفسيرات أرثوذكسية للصهيونية الدينية، واندماج الدولة القومية لإسرائيل على أساس العرق اليهودي الواحد، وتهميش المجتمع العربي الداخلي كحليف للعدو، وعسكرة مسألة الأمن، والمستوطنات الدائمة.
ويرى مارتن إنديك السفير الأمريكى الأسبق فى إسرائيل، أن حكومة نتنياهو قد يكون لها علاقة مضطربة مع إدارة بايدن، وإذا ضم نتنياهو متطرفين إلى حكومته فإن طريق هذه العلاقات سيكون وعرا. ووصف نتنياهو علاقته مع بايدن بأنها قديمة ومنفتحة وودودة، وإنما في حدود. وقال رئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتية، إن صعود الأحزاب اليمينية الدينية المتطرفة فى الانتخابات الإسرائيلية، نتيجة طبيعية لتنامى مظاهر التطرف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، والتي يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ سنوات، تقتيلا، واعتقالا، وتوغلا استيطانيا، واستباحة للمدن والبلدات، وإطلاق العنان للمستوطنين وجنود الاحتلال لارتكاب جرائمهم، وتقويض حل الدولتين، مستفيدين من المعايير المزدوجة التي تسمح للجناة بالإفلات من العقاب. وأكد أن الشعب الفلسطيني لن يتوقف عن نضاله المشروع لإنهاء الاحتلال وإقامة دولته أيا كان الفائز في الانتخابات الإسرائيلية، وأنهم لم يكن لديهم أي أوهام لأن تفرز الانتخابات شريكا للسلام.