الوقت- منذ 105 أعوام يعيش الفلسطينيون صراعاً معقداً أشعلت جذوته رسالة رسمية من 67 كلمة أرسلها وزير بريطاني إلى أحد زعماء الحركة الصهيونية، وزعمت لليهود حقاً في "وطن قومي في فلسطين".
هذه الرسالة، المعروفة بـ"وعد بلفور"، شكّلت حجر الأساس في إقامة كيان إسرائيل في أيار 1948 على أراض فلسطينية محتلة.
فها هي اليوم بريطانيا تجدد وعد بلفور على لسان رئيس وزرائها، ريشي سوناك، حيث إن المملكة المتحدة ستصوت ضد محاولة فلسطينية للحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة ، هذا الموقف البريطاني إضافة إلى المواقف التاريخية والمتمثلة في وعد بلفور المشؤوم ضمن سجل بريطانيا الأسود تجاه القضية الفلسطينية.
حيث قال سوناك بأنه سيزور إسرائيل في العام المقبل، وهذا يتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس كيان الاحتلال.
وأكد ريشي في خطاب أمام غداء العمل السنوي للأصدقاء المحافظين لإسرائيل نية المملكة المتحدة التصويت لعرقلة هذه الخطوة، قائلاً إنه “سيعارض أي إجراءات من شأنها الإضرار بعملية السلام وحل الدولتين”، وفقاً لصحيفة “جويش كرونيكل”.
وألقى رئيس الوزراء كلمة أمام حشد كبير ضم الحاخام الأكبر لليهود في بريطانيا، وسفيرة إسرائيل في المملكة المتحدة تسيبي حوتوفلي، ومجموعة من أعضاء البرلمان والشخصيات البارزة، وأشاد بعلاقة المملكة المتحدة مع إسرائيل التي “لم تكن أقرب من أي وقت مضى”.
وحسب ما ورد، أشاد سوناك بأسلافه تيريزا ماي وبوريس جونسون وليز تروس – الذين كانوا جميعًا في مأدبة الغداء – على “التزامهم المبدئي- بما وصفه- بإنهاء التحيز ضد إسرائيل في المحافل الدولية” ، وتعهد بمواصلة هذا الموقف.
ومن المقرر أن تجري الجمعية العامة للأمم المتحدة تصويتًا على ما إذا كانت ستطلب من محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا بشأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
يطلب مشروع القرار من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري، يحدد التبعات القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واحتلالها الطويل الأمد واستيطانها وضمها للأراضي واعتمادها تشريعات وإجراءات تمييزية.
وفي أول تصويت أجرته لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) الشهر الماضي لإحالة القرار إلى الجمعية العامة، صوتت 98 دولة لصالحه، وصوتت 17 ضده، وامتنعت 52 عن التصويت.
وكانت بريطانيا من الدول التي امتنعت عن التصويت، بينما صوتت ضدها الولايات المتحدة وأستراليا وألمانيا.
قبل أسبوعين، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته يائير لابيد رسالة إلى أكثر من 50 رئيس دولة للضغط على السلطة الفلسطينية لمنعها من الترويج للقرار في الجمعية العامة.
من جانبه أكد خالد البطش عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، أن الشعب الفلسطيني لن يستجدي العدل من ظالم ردا على تصريحات ريشي سوناك.
وقال البطش خلال تصريحات ان دماء الصحفية الكبيرة شيرين أبو عاقلة والطفلة جنى زكارنة لم تهز ضمير" ريشي سوناك " رئيس حكومة المملكة المتحدة ، ما يجعله شريكاً في المسؤولية عن إراقة دماء شعبنا الفلسطيني في كل مكان، معتبراً ان إصرار الرئيس "ريشي سوناك" على عرقلة توجه الفلسطينيين للمحاكم الدولية رسالة للاحتلال في مواصلة قتل الصحفيين والمدنيين العزل من الفلسطينيين.
وأضاف : "على ما يبدو بأن دماء الطفلة "جنى زكارنة " وصرخات الصحفية الكبيرة/ شيرين أبو عاقلة ناهيكم عن ضحايا الاحتلال الصهيوني من أطفال ونساء الشعب الفلسطيني من عائلتي الكولك وأبو العوف، وغيرهم الالاف من الشهداء الحصار الظالم والجائر الممتد منذ العام 2007 وعلى الفقراء من أبناء شعبنا في غزة لم يغير من مواقف رئيس وزراء بريطانيا " ريشي سوناك " الذي يصر على إبقاء حكومة بلاده وحزبه الحاكم في الخندق المعادي للشعب الفلسطيني .
وشدد على أن موقف "سوناك" يأتي استكمالا لجريمة سلفه وزير خارجية بلاده " جيمس بلفور التاريخية عام 1917" التي أعطت فلسطين العربية هدية للصهاينة كي يقيموا عليها وطنهم القومي عبر إعلانه بأن المملكة المتحدة ستصوت ضد محاولة فلسطينية للحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة
من هنا يمكن القول إنه أصبح من الواضح أن دعم بريطانيا للمشروع الصهيوني كان ثابتًا منذ نشأته الاستعمارية، وقد عكست السياسة الخارجية البريطانية ذلك باستمرار.
حيث سهّلت السلطات الاستعمارية البريطانية هجرة عشرات الآلاف من يهود أوروبا إلى فلسطين ودعمت إقامة المؤسسات الصهيونية مقابل قمع المقاومة الفلسطينية للحكم البريطاني والاستعمار الصهيوني.
وبعد قيام "إسرائيل" سنة 1948 والاستحواذ على أكثر من 80 بالمئة من أراضي فلسطين التاريخية، واصلت بريطانيا دعم المشروع الصهيوني.
وفي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ساعدت الكيان الإسرائيلي بشكل سري على تطوير أسلحة نووية. وحافظت المملكة المتحدة على مبيعاتها من الأسلحة للكيان الإسرائيلي على مدار عقود رغم جرائم الحرب المستمرة وانتهاكات حقوق الفلسطينيين. وقد استُخدمت العديد من مشتريات الأسلحة والتقنيات البريطانية في الهجمات المميتة للنظام الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي يرزح تحت الحصار العسكري منذ أكثر من 15 سنة.
وينعكس تأييد بريطانيا المستمر للمشروع الصهيوني في توجهات السياسة الخارجية الحالية، ولعل ذلك ما أكده وبكل وقاحة ريشي سوناك ، فدون أدنى شك سيبقى ما ارتكبته بريطانيا بحق أبناء الشعب الفلسطيني محفور بذاكرة الفلسطينيين ينتقل من جيل إلى جيل منذ اللحظات الأولى لدخول المستوطنين إلى فلسطين إلى هذا اليوم و دور بريطانيا التاريخي وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في دعم وإنشاء "إسرائيل"، وكل من ساهم في دعم الاحتلال يتحمل المسؤولية إلى جانب "إسرائيل"، وما ترتكب من جرائم وإرهاب ومجازر وحشية بحق الشعب الفلسطيني.