الوقت_ في إشارة جديدة على قلق العدو الصهيونيّ الغاشم من فضح جرائمه الإباديّة على الساحة، أوضح مكتب رئيس الوزراء الصهيونيّ، يائير لابيد، أنّ الأخير حث زعماء العالم مؤخراً على إعاقة المساعي الفلسطينيّة في منظمة الأمم المتحدة للحصول على رأيّ استشاري من محكمة العدل الدولية حول الاحتلال الإسرائيليّ، ما يكشف أكثر فأكثر طريقة طريقة التعاطي الصهيونيّة مع أصحاب الأرض والمقدسات، حيث تدرك تل أبيب أنّ آلتها العسكريّة وإجراءاتها الشنيعة ترتكب أشنع الجرائم بحق هذا الشعب وتخشى بالفعل من تأثير أيّ تحرك فلسطينيّ في هذا الإطار، ما يفضح الصهاينة من جديد أمام العالم ضمن الساحة الدوليّة التي يُتهم فيها الكيان أساساً من قبل منظمات حقوقية بانتهاج سياسات غير شرعيّة في الضم إضافة إلى التمييز العنصريّ والاضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة الرازحة تحت نير الاستعمار وداعميه.
لا يخفى على عاقل أنّ الآلة العسكريّة الإسرائيليّة ترتكب بشكل يوميّ متصاعد جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، ولأن كشف تلك الحقيقة على المنابر الدوليّة يكشف حقيقة العدو الإسرائيليّ ويضعه أكثر فأكثر في دائرة اللاشرعيّة والعنصريّة التي يتميز بها، كشفت مواقع إخباريّة أنّ لابيد وجه رسالة طلب فيها من أكثر من من 50 زعيم دولة بينها المملكة المتحدة وفرنسا للضغط على السلطة الفلسطينية، التي تمارس حكما محدوداً للغاية في الضفة الغربية المحتلة، وبالتالي محاولة منعها من الحصول على دعم للقرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
"محاولات لابيد محكوم عليها بالفشل"، تصريح صدر عن المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رغم أنّ ثمار علاقاته مع العدو واستمراره بالتنسيق الأمنيّ معه يعود على الفلسطينيين بالموت بشتى الطرق الوحشيّة، إضافة إلى وقوفه في وجه توحيد الصف الفلسطينيّ لمنع تحدي الاحتلال الغاصب وعرقلة مقاومة التطبيع والتهويد والضم والاستيطان المتصاعد، ما يعني أنّ التصريحات الصادرة عن السلطة الفلسطينية لجرائم الاحتلال لا يعدو عن كونه كلاما لا طائل منه، وخاصة أن السلطة تخدم أجندة العدو الاستعماريّة كما لو أنها العدو ذاته، والأدلة لا حصر لها.
ويسعى الفلسطينيون لإجبار "إسرائيل" على الكف عن عمليات الهدم أو الطرد القسرّي في القدس الضفة الغربية المحتلة، في ظل ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين، فيما يطلب القرار، الذي وافقت عليه لجنة من الأمم المتحدة في أوائل نوفمبر تشرين الثاني الفائت، من محكمة العدل الدولية الإدلاء برأيها "بشكل سريع" في "احتلال الكيان الغاصب طويل الأمد واستيطانه وضمه للأراضي الفلسطينية، والذي أكّد بحسب الوقائع أنّ تل أبيب تنتهك حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، حيث استباحت قوات العدو في حرب عام 1967 الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وهي مناطق يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم، لكنّ الاحتلال العسكريّ والبطش الاستعماريّ يحول بشكل كامل من حدوث ذلك.
وعلى هذا الأساس، زعم لابيد في رسالته التي وزعها على وسائل الإعلام أنّ هذا القرار هو نتيجة لما أسماها "جهود منسقة لاستهداف إسرائيل" على نحو خاص وإنكار مخاوف تل أبيب الأمنية ونزع الشرعية عن وجود الصهاينة، متناسيّاً التاريخ الأسود القاتم للكيان الصهيوني ونتائج إقدامه الخطير على خطوات الضم في أجزاء من الضفة الغربية التي باتت قاب قوسين أو أدنى من انفجار “انتفاضة عارمة” ربما تقلب الطاولة على رؤوس المسؤولين الصهاينة، حيث إنّ خيار انتشار المقاومة المسلحة في الضفة الغربية بشكل كامل بات ممكناً جداً ووشيكاً للغاية، ويمكن أن يكون أقرب مما يتخيل البعض، باعتبار أن التعامل مع الكيان الصهيوني لا يمكن أن يعود بالنفع على الشعب الفلسطيني بل العكس يساهم في تدميره ومحو وجوده، وقد بات الشعب الفلسطينيّ بمختلف شرائحه يؤمن بأنّ المقاومة الشاملة هي الخيار الوحيد أمامهم، ولن يغيّر هذا الشعب من قناعته وموقفه بأنه لا يقبل هذا الاحتلال، وسيقاومه حتى اقتلاع سرطانه.
وفي محاولة يائسة لمحاربة الشعب الفلسطينيّ وإظهار الإسرائيليّ على أنّه الحمل الوديع وكأن الفلسطينيون هم المستعمرون، أوضح رئيس وزراء العدو أن ّوضع الأراضي المتنازع عليها يجب أن يخضع لمفاوضات، نعم مفاوضات يحدد موعدها الاحتلال بعد أن يلتهم أراضي هذا الشعب الذي لا يؤمن بأيّ مفاوضات أو اتفاقات مع عدو همه الأول والأخير القضاء على القضيّة الفلسطينيّة ومن يساندها، وإنّ الجرائم الإسرائيليّة المستمرة منذ يوم الاحتلال الأول خير دليل على أنّ أرواح الفلسطينيين ليست مهمة بالنسبة للمحتلين، وأنّ "الأبارتايد الإسرائيليّ" أو نظام الفصل العنصريّ سيبقى تهديداً حتى إنهاء وجوده، إضافة إلى أنّ كل الاتفاقات التي يوقعونها مع السلطة الفلسطينيّة لا تعدو عن كونها حبر على ورق العدو المسيطر، في الوقت الذي يجب أن يكون التنسيق بين السلطة وبقية الفصائل الفلسطينيّة من أجل تحدي الاحتلال القاتل ومقاومة التطهير العرقي التهويد والضم والاستيطان.
وفي الوقت الذي تعوّل السلطة الفلسطينيّة –حسب تصريحاتها- على الزعماء العالميين الذين برأيها وقفوا دائما إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة ولن يتراجعوا عن مواقفهم، من الضروريّ على الحكومات النظر بعين الإنسانيّة في عمليات الطرد الجماعي والمجازر والاغتيالات وعمليات الإعدام الميداني التي تنفذها سلطات العدو، باعتبارها دلائل وبينات دامغة على نهج ما تسمى "دولة إسرائيل" القائمة منذ إنشائها عام 1948 على سفك دماء الشعب الفلسطينيّ، باعتبار أن إغفال المجتمع الدوليّ لقضية اخضاع المنظومة الصهيونيّة للقانون الدوليّ، يشجعها على ارتكاب المجازر تلو الاخرى بحق الفلسطينيين.
ختاماً، يتبع الإسرائيليون سياسة "اكذب اكذب حتى تصدق"، فعن أيّ مفاوضات أو سلام يتحدثون بعد عقود طويلة حرقوا فيها الأخضر واليابس من تاريخ وحاضر ومستقبل الشعب الفلسطينيّ، وقد وصلت المفاوضات بين العدو والفلسطينيين برعاية الولايات المتحدة إلى طريق مسدود منذ عام 2014، واليوم يعارض أعضاء كبار بالحكومة الائتلافية المرجح تشكيلها في الكيان إقامة دولة فلسطينية، ما يعني أنّ الجرائم الصهيونيّة بحق الفلسطينيين لن تتوقف، بسبب صمت العالم والمنظمات الدوليّة المعنية بحقوق الإنسان، على الانتهاكات البشعة للعدو الباغي، وهذا ما يدفعه إلى التمادي في سلب الأرض وارتكاب الجرائم الوحشيّة بحق الأبرياء.