الوقت- اتخذت العلاقة المصرية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة نمطاً من البرود، جاء آخر منعطفاتها كما زعمت أوساط إسرائيلية أن السلطات المصرية تضع صعوبات أمام مواطنيها لزيارة دولة الاحتلال بطريقة تتجاوز بكثير إصدار تأشيرة عادية، دون توضيح الأسباب.
وحسب صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، على الرغم من اتفاقية التطبيع بين القاهرة وتل أبيب، إلا أن السلطات المصرية تضع العراقيل أمام مواطنيها لزيارة دولة الاحتلال بطريقة تجعل الأمر مستحيلا، و تتعدى هذه العراقيل والصعوبات إصدار تأشيرة عادية، حيث يتطلب الأمر من كل مواطن مصري يرغب بزيارة دولة الاحتلال الإسرائيلي أن يقدم سببا للزيارة، وحتى في هذه الحالة ليس من المؤكد على الإطلاق أن تتم الموافقة عليه.
و ذكرت الصحيفة في تقريرها "أنه حتى و إن استطاع المواطن المصري الحصول على إذن للسفر إلى دولة الاحتلال من سلطات بلاده إلا أنه ينبغي أن يضع نفسه تحت المراقبة الخاصة من قبل جهاز الأمن المصري وقد تستمر هذه المراقبة، وفقا لشهادات مختلفة، لسنوات عديدة، وفي ظل هذه الظروف، فلا عجب أن السياح ورجال الأعمال والزوار المصريين لا يأتون لإسرائيل على الإطلاق".
وحسب الصحيفة فإن التضييق على سفر المصريين لاسرائيل له أبعاد كثيرة على النشاط الاقتصادي فرغم التطبيع إلا أن حجم التبادل التجاري بينهما قليل نسبياً بالمقارنة مع بلدان أخرى مطبعة مع الكيان الاسرائيلي حيث لايتجاوز التبادل التجاري بين مصر و دولة الاحتلال 100 مليون دولار سنوياً.
وقالت الصحيفة إن "السلام البارد" مع مصر يظهر جلياً في نواح أخرى منها أن الإسرائيليين الذين يرغبون في دخول سيناء بمركباتهم يتعرضون للمضايقات عند المعبر الحدود فلا يسمح المراقبون المصريون عند الحدود بدخول كاميرات المركبات لأنها قد تستخدم للتجسس، ولذلك يقومون بتفكيك الكاميرات على الفور.
رصد لأهم محطات توتر العلاقات
يوما بعد يوم نرى براعم التوتر تتفتح في العلاقات المصرية الاسرائيلية لكن على ماذا تتغذى؟ بعد ساعات فقط من انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، بدأ الحديث عن أزمة متفاقمة مع مصر، حيث تسببت بإلغاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل زيارة مقررة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، فيما توجه رئيس جهاز الأمن العام- الشاباك رونين بار إلى القاهرة في محاولة لنزع فتيل التوتر، و كشف هذا التوتر عن إخفاقات إسرائيلية أدت إلى الوضع القائم حاليا.
أوفير فينتر الخبير الإسرائيلي في الشؤون المصرية أكد حينها أن "تسريبات هذه الأزمة ظهرت بشكل رئيسي من خلال وسائل إعلام إسرائيلية، رغم أن المسؤولين الأمنيين في القاهرة وتل أبيب سعوا لتقزيم الأزمة، وتقليل أهميتها، لكن التوتر الأساسي حصل بسبب عدم استجابة إسرائيل لطلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في محادثته مع رئيس الوزراء يائير لابيد لتقليص النشاط الاستباقي للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية بشكل مؤقت بعد العدوان على غزة، كي تتمكن مصر من تثبيت وقف إطلاق النار".
وأضاف في تقرير نشره موقع "زمن إسرائيل"، أن "براعم التوتر كانت واضحة حتى أثناء العدوان نفسه، خاصة إثر اغتيال قادة الجهاد الإسلامي، التي أضرت بجهود القاهرة في تحقيق التهدئة، فضلا عن اعتراضها على إسقاط مسيّرة مصرية دخلت إسرائيل من سيناء، ووجود مقبرة جماعية لجنود مصريين في إسرائيل، مع العلم أن هذه الأزمة أتت في وقت تزدهر فيه العلاقات بينهما، وتشمل تعاونا أمنيا واستخباراتيا وثيقا، بجانب توسيع العلاقات الاقتصادية والطاقة والسياحة".
وأوضح تقرير لصحيفة هآرتس إن التوتر في العلاقات والذي تسبب في غضب مصر وقع على خلفية إنهاء العملية الأخيرة على قطاع غزة التي استمرت 3 أيام، موضحة أنه “بعد التوصل لوقف إطلاق النار عبر وساطة مصرية، قامت إسرائيل بالدوس على أصابع قدم القاهرة”.
وأشارت الصحيفة إلى اتصال رئيس حكومة الإسرائيلية يائير لابيد، عقب دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي”ولفت التحليل إلى أنه “في الوقت الذي تحدث فيه السيسي مع لابيد، كانت هناك عملية أخرى في الطريق للتنفيذ، تستهدف المطارد إبراهيم النابلسي“، حيث تم اغتياله من طرف الجيش الإسرائيلي، بعد حصاره في أحد المنازل في نابلس والاشتباك معه لساعات.
وأكدت الصحيفة أن عملية اغتيال إبراهيم النابلسي” تسببت بغضب مصري كبير، حيث توقعت القاهرة أن المحادثة بين السيسي ولابيد، ستؤدي إلى توجيه تعليمات منظمة للجيش الإسرائيلي، ولكن هذا ما لم يحدث، و"عملية نابلس فسرت مثل غرس أصبع في عين السيسي".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الغضب في القاهرة أضيف إلى شكاوى مصرية أخرى كانت متعلقة بالأيام التي سبقت عملية ’الفجر الصادق’ في غزة، عندما هددت الجهاد بالانتقام على اعتقال بسام السعدي قام الجيش بإغلاق الشوارع في غلاف غزة أمام الحركة، واستعد في الوقت نفسه لإيقاع ضربة بالحركة، لكن رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، كان يتوقع أن تعطيه سلطات الاحتلال المزيد من الوقت لتهدئة النفوس"، وفق الصحيفة.
من المفترض أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي أشرفت القاهرة على إبرامه بين طرفَي جولة القتال الأخيرة، قد تضمّن، كما ذُكر رسميًّا وإعلاميًّا، أن تضطلع الأجهزة المصرية بالتدخل لدى الاحتلال للإفراج عن المعتقلَين البارزَين من حركة الجهاد في الضفة الغربية، خليل العواودة وبسام السعدي، وهو البند الذي ساعدَ في إخراج وقف التصعيد بشكل مرضٍ لجميع الأطراف، في ظلِّ تحقيق الجيش الإسرائيلي نقاط عسكرية مهمة في تلك الجولة.
إلّا أن قيادات رفيعة في مؤسسة الجيش في "إسرائيل"، ردّت على هذه الأخبار للصحافة الداخلية بالنفي، مشيرة إلى أن ما تعهّد به الإسرائيليون للقبول بوقف إطلاق النار بعد إنجاز العملية، التي أطلقَ عليها الجيش اسم "الفجر الصادق"، معظم أهدافها، هو الهدنة المجردة، دون التزامات أخرى.
أدّت تلك الخطوة كما تتحدث المصادر العبرية، إلى إحراج شديد للوسيط المصري أمام الرأي العام المحلي في مصر، وأمام الفصائل العسكرية في قطاع غزة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار ما يتردد كثيرًا عن أن الجانب الإسرائيلي يستخدم ثقل الوسيط المصري لدى الجانب الفلسطيني لإنجاز أهدافه السياسية والعسكرية بشكل حصري.
تبلور ذلك الغضب المصري في صورة تصريحات من أحد المسؤولين الأمنيين رفيعي المستوى في المؤسسة الأمنية المصرية، لم يذكر اسمه، لإذاعة جيش الاحتلال، والتي قال في مضمونها إن القاهرة تشعر بانزعاج ممّا يبدو أنه تعمُّد بالتلاعب بها، في خضمّ الصراع السياسي الداخلي قبل الانتخابات البرلمانية المرتقبة في "إسرائيل".
قناة بن غوريون
وفي آخر فصول توتر العلاقات، جاء إعلان إسرائيل بدء العمل في "قناة بن غوريون" القناة البديلة لقناة السويس مايمثل خطر اقتصادي ومكيدة صهيونية لضرب مقدرات الإقتصاد المصري الذي يعاني اصلا عبر شق قناة اسرائيلية منافسة لقناة السويس .
فقد اعلنت دولة الاحتلال النية ببدء العمل في شق قناة اسمتها قناة بن غوريون التي سبق واُعلن عنها قبل حوالي عامين، هذه القناة ستربط ما بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وستقلص المسافة التي تعبرها السفن لدى اجتيازها قناة السويس , اضافة الى ان قناة بن غوريون ستكون عبارة عن قناتين واحدة من البحر الأحمر الى البحر المتوسط للذهاب والثانية للإياب من البحر المتوسط على البحر الأحمر بعكس قناة السويس الممر البحري الذي تبحر عبره السفن من اتجاه إلى آخر، وفي اليوم الثاني في الاتجاه المعاكس.
سد النهضة ويد "إسرائيل" الخفية
الدّور الإسرائيلي في ملفّ سد النهضة كان مستتراً إلى حد ما خلال الفترة الماضية، واقتصر بشكل كبير على معلومات غير موثوقة نشرتها بعض المواقع الإسرائيلية في تموز/يوليو 2019، حول وجود منظومات دفاع جوي إسرائيلية قصيرة المدى من نوع "سبايدر" حول سد النهضة، لكن هذا الدور اتضح بشكل أكبر من خلال تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، قال فيها إن بلاده من الممكن أن تبيع الطاقة الكهربائية والمياه الفائضة عن حاجتها لأي طرف - بما في ذلك "إسرائيل" - وهو ما ألقى مزيداً من الضوء على نيات تل أبيب في هذا الصدد حيث عملت تل أبيب على توظف أزمة سد النهضة لتعزيز نفوذها في أفريقيا.
إذ عززت تل أبيب نفوذها السياسي والعسكري والاستخباراتي خلال أزمة سد النهضة، في ظل أزمة سد النهضة ولأول مرة في التاريخ، تحافظ إسرائيل على علاقات دبلوماسية كاملة أو اتصالات سرية بمستوى واحد مع جميع بلدان البحر الأحمر، باستثناء اليمن.