الوقت- أدى عدم اهتمام قادة إقليم كردستان العراق بتحذيرات إيران من کبح جماح الجماعات الإرهابية الكردية في هذه المنطقة، إلى أن القوات المسلحة الإيرانية نفسها بدأت في التعامل مع تهديدات هذه الجماعات.
وفي هذا الإطار، قام الحرس الثوري الإيراني، الذي کان قد نفذ عدة هجمات على مقري جماعتين كومليه وبيجاك في إقليم کردستان خلال الشهرين الماضيين، بجولةً جديدةً من العمليات الصاروخية ضد مواقع هذه الجماعات صباح الاثنين الماضي.
وحسب العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني، فقد تعرض الإرهابيون لضربات وأضرار شديدة في هذه الهجمات. وقد زادت تهديدات هذه الجماعات لدرجة أن القادة العسكريين الإيرانيين قالوا إنهم سيلجؤون إلى العمليات البرية، إذا لزم الأمر.
من أجل النظر في أبعاد الهجمات الصاروخية للحرس الثوري الإيراني على الإرهابيين، أجری "الوقت" حواراً مع السيد حسين رويوران، الخبير البارز في شؤون غرب آسيا.
الوقت: شهدت الأسابيع الأخيرة هجمات شنها الحرس الثوري الإيراني على مقار الجماعات الإرهابية في إقليم كردستان. ما هي أهداف هذه الهجمات وماذا حققته لإيران حتى الآن؟ وهل حققت أهدافها؟
السيد حسين رويوران: في القانون الدولي هناك مجموعة من القواعد الإلزامية، أولها احترام سيادة الدول، وثانيها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. للأسف، ما يفعله إقليم كردستان، سواء فيما يتعلق بإيران أو فيما يتعلق بتركيا، هو انتهاك للأنظمة الدولية.
إن عدم احترام قادة أربيل لسيادة الدول والتدخل في شؤونهم الداخلية يعود إلى نوع من التضامن العرقي، وهذه المسألة غير مقبولة، واستمرار هذه الممارسة والسلوك أدى في الواقع إلى رد فعل إيران وترکيا. هل كان الرد العسكري الإيراني مشروعًا؟ نعم هو كذلك.
وفقًا للقانون الدولي، إذا كانت دولة أو هيكل ما غير فعال، ولا يمكنه منع الجماعات من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فيمكن للطرف الآخر أن يتعامل مع هذا العنصر المهدِّد. لذلك، فإن ما تفعله إيران مشروع تماماً.
والقضية الأخرى هي مدى فعالية هذه الهجمات. أنا لست عسكرياً حتی يمكنني تقديم تقييمي لدقة الضربات ومقدار الضرر الذي لحق بالجماعات الإرهابية، ومقدار خسائر العدو. ومع ذلك، إذا لم يكن لدى الحرس الثوري الإيراني معلومات عن المواقع المحددة، لما قام باستهدافها. تنتمي المناطق المستهدفة إلى الجماعات الإرهابية العنصرية والمعادية للجمهورية الإسلامية، وجاء استهداف الحرس الثوري الإيراني للإرهابيين دفاعاً عن المصالح الوطنية وسلامة أراضي البلاد.
الوقت: مؤخراً، وخلال زيارته إلى بغداد، التقى العميد قاآني، قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، مع كبار المسؤولين العراقيين وتحدث معهم. ما هي أجندة هذه المحادثات؟
السيد حسين رويوران: قال السيد قاآني للسلطات العراقية إن توفير الأمن على الحدود هو مسؤولية الحكومة العراقية، وإذا لم يفعل إقليم كردستان ذلك، فعلى الحكومة المركزية أن تفعل ذلك. إذا كانت الحكومة المركزية في العراق غير قادرة على التعامل مع الجماعات الإرهابية وتوفير الأمن على الحدود، يمكن لإيران مساعدة العراقيين على الوجود بشكل قانوني على حدودهم، حتى تختفي هذه التهديدات.
حالياً، أكراد الإقليم لا يسمحون للحكومة المركزية أن تكون حاضرةً على الحدود حتى يتمكنوا من فعل ما يريدون. لذا، فمن الطبيعي أن تقترح إيران علی الحكومة العراقية أنه إذا لم تكن قادرةً على الوجود على الحدود، فيمكن أن تساعد في إعادة الأمن إلى الحدود، حتی تتمکن الحكومة العراقية من منع أي تدخل من هذه الجماعات، وانتهاك سلامة أراضي إيران.
الوقت: ما هو موقف السلطات العراقية الجديدة، وخاصةً رئيس الوزراء، تجاه مطالب إيران؟ هل سيتعاونون مع طهران أم يتقاعسون مثل الحكومة السابقة؟
السيد حسين رويوران: السيد محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، شخص منطقي للغاية، وهو مع ضرورة الحفاظ على أمن الحدود. حالياً، أوصل إقليم كردستان الظروف مع إيران وتركيا إلى وضع ضيق. وفي رأيي، هناك الآن فرصة للحكومة المركزية لإظهار سيادتها على الحدود.
في أي حكومة فيدرالية، تخضع الحدود لسلطة الحكومة المركزية، ولدى الحكومة العراقية فرصة جيدة لفعل الشيء نفسه، إما بشكل مباشر وإرسال قوات لتتمركز على الحدود، أو يمكنها نشر قوات حكومية في هذه المناطق بمساعدة إيران وتركيا.
الوقت: ماذا سيكون السيناريو المستقبلي لإيران مع استمرار تورط الإرهابيين في أعمال الشغب وعدم تعاون سلطات الإقليم؟ لقد حذر قاآني من أنه إذا لم يتم نزع سلاح الإرهابيين، فسوف تقوم إيران بهجوم بري غير مسبوق. هل هذا الهجوم ممكن في الوضع الحالي؟
السيد حسين رويوران: إيران تسامحت کثيراً مع هذه الجماعات حتى الآن. تركيا دخلت حالياً في عمق 40 كيلومترًا في العراق، وقد احتلت هذه المناطق. أقامت تركيا قاعدةً عسكريةً في منطقة بعشيقة، على بعد 50 كيلومترًا من الحدود، لكن إيران لم تتخذ مثل هذه الإجراءات حتى الآن، وتستهدف مواقع الإرهابيين وقواعدهم في إقليم كردستان بالصواريخ والطائرات المسيرة.
لكن الوضع تغير الآن، وفي الأسبوعين الماضيين فقط، صادرت قوات حرس الحدود الإيرانية أكثر من 10 آلاف قطعة سلاح مهربة تم إرسالها إلى البلاد من إقليم كردستان، ولا يُعرف عدد الأسلحة الأخرى التي دخلت إيران وأعطيت للمعارضين. وهذا يعني أن الإرهابيين تجاوزوا الخط الأحمر للجمهورية الإسلامية، ويهددون بشكل مباشر أمن الحدود والساحة الداخلية، ويمكن أن تكون هذه القضية ذريعةً لإيران لمهاجمة إقليم كردستان وتوفير الأمن في المناطق الحدودية، لمنع أي تهديد للأمن القومي.
الوقت: مع ذلك، برأيكم هل ستجرى عمليات برية ضد الجماعات الارهابية في الإقليم؟
السيد حسين رويوران: في رأيي، إذا لم تتخذ الحكومة العراقية إجراءً في هذا الصدد ولم تنفذ مطالب إيران، فإن إيران نفسها ستتخذ الإجراء المناسب.
الوقت: لماذا لا يقوم إقليم كردستان بأي عمل في هذا الصدد، بل يترك الجماعات الكردية الإرهابية والعناصر الصهيونية في هذه المنطقة تعمل بحرية؟
السيد حسين رويوران: في إقليم كردستان، هناك أحزاب مثل كومليه والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وبيجاك وحزب العمال الكردستاني "بي كي كي"، والعديد من الأحزاب الأخرى، ويقول قادة الإقليم إنهم لا يستطيعون السيطرة على هذه الجماعات.
لا أعتقد أن حكومة الإقليم غير قادرة على السيطرة على هذه الجماعات. أربيل لديها القدرة على السيطرة، لكنها لا تريد السيطرة عليها لأسباب سياسية وفكرية، وبما أن هذه القضية تعتبر تهديدًا لإيران وتركيا، فمن الطبيعي أن تردّ إيران عسكريًا على هؤلاء الإرهابيين. وتركيا قصفت قرابة 80 موقعًا في العراق يوم الأحد الماضي، ما يدل على أن السلطات التركية سئمت الوضع ولا يمكنها تحمل تهديدات هذه الجماعات.
لكن فيما يتعلق بوجود القوات الصهيونية في الإقليم، ينبغي القول إن قادة الإقليم يقولون إننا بحاجة إلى مساعدة الصهاينة لتحقيق الاستقلال عن العراق. لذلك، مهما كانت "إسرائيل" تريد أن تفعله في الإقليم، فإننا نسمح لها بتنفيذ خططها بسهولة. لکن هذا النوع من النظرة هو تهديد لإيران.
لا يمكن لإيران أن تسمح للقوات الإسرائيلية بالوجود على حدودها وإرسال مجموعات إرهابية لاغتيال علماء إيرانيين وخلق حالة من انعدام الأمن، وهذا أمر غير مقبول بالنسبة لطهران. والأشخاص الذين تم اعتقالهم مؤخرًا في مدينة أصفهان الإيرانية هم أساسًا من مجموعة كومليه، لكن تم تنظيمهم من قبل منظمة الموساد وكانوا يريدون تفجير أحد مراكز الأسلحة في إيران.
لم يعد هذا مقبولاً وإيران قد نفد صبرها، ولن تبقى صامتةً في وجه تهديدات هذه الجماعات والصهاينة. إذا سيطر الإقليم على الجماعات الإرهابية وطرد الكيان الصهيوني من هذه المنطقة، فسيتم تأمين مصالح إيران، لكن إذا استمرت سلطات إقليم كردستان في الإجراءات الحالية ولم تتخذ إجراءات ضد الإرهابيين والکيان الإسرائيلي، فإن إيران ستعمل بنفسها، وبدخولها إقليم كردستان ستقضي على هذه التهديدات وتضمن أمن حدودها.