الوقت_ بالتزامن مع إقرار المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي تضم ما يزيد على 150 بلداً وإقليماً، بأن الكيان الصهيوني هو "أبرتهايد" أيّ نظام فصل عنصريّ يرتكب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وقّع أكثر من 250 أكاديميا ومتضامنا مع فلسطين وشعبها، على بيان صدر عن الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال و”الأبرتهايد” الإسرائيلي، ما يزيد عزلة الصهاينة بشكل أكبر على الساحة الدوليّة التي تتهم فيها تل أبيب أساساً بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، الشيء الذي يضع العدو الغاشم أكثر فأكثر في دائرة العنصريّة المقيتة والعزلة الدوليّة.
مقاطعة واسعة
تركّز حملة المقاطعة الثقافيّة على مقاطعة الكيان العنصريّ أكاديميا، ومنع المشاركة في برامج التبادل الأكاديمي والإعلامي مع أكاديميين إسرائيليين، وعدم استخدام مطارات الاحتلال، في ظل الإجرام المتصاعد لـ "إسرائيل" التي لا تكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين، مع قلق إسرائيليّ عارم من الانتشار الأكبر لوصف دولتهم المزعومة بـ ”العنصرية”، حيث تنجح الجهود الفلسطينية في عزل الكيان الغاصب وربما تحرمه مستقبلا من المشاركة في الفعاليات الدولية كنوع من العقاب على جرائمه تجاه الفلسطينيين، في أعقاب المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي بشكل دائم من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ برهان على ذلك.
وفي ظل الجرائم الكثيرة التي تنفذها قوات العدو، التي لا تكف عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، وتأكيد تقارير دولية أنّ "قوات العدو في فلسطين تريد الهيمنة على الفلسطينيين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة الإسرائيليين اليهود"، ووقّع الأكاديميون والمتضامنون، على بيان مقاطعة الكيان الصهيوني، الذي جاء ردا على انتهاكاته المتصاعدة بحق الفلسطينيين، حيث يمثلون نحو 28 دولة في العالم، وهي: الأردن، وتونس، ومصر، والكويت، وقطر، ولبنان، والعراق، وغوتاتيمالا، وجنوب افريقيا، والمغرب، والسعودية، وبريطانيا، والسويد، والولايات المتحدة الأميركية، واستراليا، وهولندا، وفرنسا، وألمانيا، واسبانيا، وكندا، وموريتانيا، وبلجيكا، وتشيلي، وماليزيا، والمكسيك، وتركيا، وروسيا.
وفي هذ الخصوص، رحب الأمين العام للحملة رمزي عودة بهذا القرار، مؤكدا أن الحملة الأكاديمية الدولية بكل كوادرها وأعضائها ملتزمة بتفعيل المقاطعة الأكاديمية بين أعضائها، ومنع استخدام مطارات الاحتلال الصهيوني، فمنذ يوم 14 أيار عام 1948، عندما صُنع هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته قيد أُنملة، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة، وإنّ الصهاينة لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق منهج "القبضة الحديديّة" وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة.
قلق صهيونيّ
تزداد دائرة مقاطعة العدو الغاشم نتيجة ممارسة الفصل العنصريّ والاضطهاد، لهذا ومع كل مقاطعة جديدة يزداد الخوف والقلق الصهيوني، باعتبار المقاطعة تعني شهادة إجماع دولية قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، ما يعني ضرورة أن يتحمل المجتمع الدوليّ مسؤولياته الإنسانيّة أولاً تجاه فلسطين، ومساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ.
وإنّ المقاطعة الأخيرة يمكن اعتبارها تذكيراً مهما ومؤثراً للدول بالتزاماتها القانونيّة والأخلاقيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي، باعتبار أنّ المواقف الدوليّة ستصل بالتأكيد إلى إجراءات عقابيّة واضحة وعمليّة، وستفضح الممارسات العدوانيّة للكيان عقب سنوات طويلة من التستر عليها بدعم أمريكيّ لامحدود، وبالتالي مقاطعة الكيان الغاصب بقوة وحرمانه من التنفس الذي يضمن استمرار سرطانه في الجسد الفلسطينيّ والعربيّ والإسلاميّ، والدليل ما ذكره لابيد رئيس وزراء الكيان في وقت سابق بقوله: "إن إسرائيل ستواجه اتهامات بالفصل العنصري في عام "2022، وإنّ الجهود الفلسطينية لفضح الإجرام الإسرائيلي ستؤدي على الأرجح لنتائج مهمة يترقبها الصهاينة.
ومن لا يعرف أن الصهاينة يقومون ما بوسعهم لإخفاء الجنايات الصهيونيّة، وخاصة جرائم الحرب التي ارتكبها الكيان الباغي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، وهذا يُعتبر بالفعل “تهديدا مباشرا” لتل أبيب الدمويّة، والتي لن يألو مسؤولوها جهداً في محاولة عرقلة أو إلغاء أيّ مقاطعة تحقيق أو وصف بخصوص جرائم الحرب الموثقة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وبالأخص في قضايا الاستيطان، والأسرى، والعدوان على الشعب الأعزل، لمنع ملاحقة الكيان المجرم ووضع حد لتماديه بارتكاب الجرائم بحق صاحب الأرض، والغدر بدماء الضحايا والأطفال.
وإن الرعب الذي يدب في قلوب الصهاينة ينبع من أن الاحتلال الغاشم وأعوانه يرتعبون من أدنى مقاطعة لهم نتيجة مخالفتهم الشنيعة للقانون الدوليّ والإنسانيّ، لأنّهم يُدركون جيداً أنّ الشرعيّة التي يحاولون إضفاءها على كيانهم، هي شرعيّة زائفة تُشتتها الحقيقة في كل لحظة، رغم المبالغ الخياليّة التي تُزود بها تل أبيب من واشنطن وغيرها إضافة إلى ما ينهب من أرض فلسطين وتصرف لخلق الشرعيّة للمحتل، حيث إن كلمة الحق مسموعة ومرعبة مهما ارتفعت أصوات الجنات والعنصريين القتلة.
نهاية القول، تزداد عزلة الكيان الصهيونيّ يوماً بعد آخر، رغم أنّه يحاول التستر على جناياته بكل ما أوتي من قوّة عبر عبر وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها، وإنّ التزايد الكبير لحملات مقاطعة الكيان الصهيونيّ تؤتي أُكلها بشكل جيد وفي أكثر من منحى وهذا ما يعتبره العدو تهديداً استراتيجيّاً لاحتلالهم الأراضي الفلسطينيّة، وقد أقرّ الاحتلال مراراً بفشل جهود وزارة الشؤون الاستراتيجيّة في حكومة العدو بالقضاء على حركة المقاطعة العالميّة المناهضة لكيانهم العنصريّ، والتي ستساهم بشكل كبير في فضح قذارة ودمويّة الكيان الصهيونيّ، وخاصة أكاديميّاً وثقافيّاً وسياسيّاً.