الوقت - ما يقرب من عام مضى على إجراء الانتخابات النيابية في العراق ورغم بعض الاضطرابات السياسية يبدو أن الآمال في تجاوز هذا الوضع المضطرب قد ازدادت. وسيلجأ الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يشغل غالبية مقاعد مجلس النواب، الى اي اجراء لإقناع التيارات السياسية واستكمال عملية انتخاب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في أقرب وقت ممكن. لهذا الغرض يسعى الإطار التنسيقي لتشكيل ائتلاف جديد بوجود حزبين كرديين (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني) وائتلاف السيادة وحركة بابليون، والذين لديهما مقاعد كثيرة ويمكنهما إنهاء الجمود السياسي المستمر منذ عام بمساعدة بعضهما البعض في الأيام المقبلة.
وفي هذا الصدد، كتب فادي الشمري، عضو المكتب السياسي لحركة الحكمة الوطنية العراقية، على موقع تويتر يوم الاثنين، أثناء إعلانه عن اتفاق الأطراف المنشودة على تشكيل ائتلاف "إدارة الحكومة"، نأمل أن تكون مشاورات اختيار المرشح الرئاسي وتحديد موعد استئناف جلسات مجلس النواب العراقي ناجحة. وحسب السومرية نيوز، فقد توصل أعضاء التحالف الجديد إلى اتفاقات مع بعضهم البعض بشأن بعض القضايا، والتي بموجبها سيظل مرشح هذا الائتلاف لمنصب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. كما أن هذا التحالف لن يجري أي مفاوضات مع التيار الصدري، لأن الصدريين رفضوا اقتراح التفاوض. وتعقد جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء 27 سبتمبر الجاري لاستئناف اعماله ومهامه. النقطة الأهم هي إعادة كتابة قانون الانتخابات وإجراء الانتخابات بعد ذلك بعام. الاتفاقات الجديدة في ائتلاف إدارة الحكومة، هي ترشيح السوداني كخيار وحيد لرئاسة الوزراء، ويمكن لأطراف أخرى تقديم مرشحين آخرين. يأتي هذا بينما أعلن بعض مسؤولي الإطار التنسيقي في الأيام الأخيرة عن استعداد الشيعة للتفاوض مع التيار الصدري من أجل منع التوترات السياسية، ولكن قالوا أيضاً إنهم لم يصروا على ذلك.
واتفقت الأطراف العراقية على ترشيح السوداني، فيما ترددت شائعات في الأيام الماضية عن تقديم مرشحين آخرين بدلاً من السوداني في وسائل الإعلام، لكن حتى الآن لم ترشح الأحزاب أي شخص آخر. ورغم أن البعض يحاول الإبقاء على مصطفى الكاظمي في منصب رئيس الوزراء، إلا أن الإطار التنسيقي يعارض هذه المسألة بشدة.
يبدو أنه مع التحالف الجديد من التيارات الكردية والشيعة والسنة العراقية، أصبح الطريق لانتخاب رئيس الوزراء سالكاً، وإذا لم تحدث أحداث معينة في الأيام المقبلة، فإن هذه الأزمة ستنتهي أخيرًا بعد عام. حيث كان السوداني قد عرض خطط الحكومة المستقبلية في الأيام الأخيرة في اجتماع مع نواب عراقيين ليتمكنوا من التشاور بشأنها قبل عقد جلسات مجلس النواب. يأتي سبب رفض "إطار التنسيق" وحلفائه أي مفاوضات مع مقتدى الصدر هو عدم استعداده للدخول في ائتلاف مع مكون يعارض بشدة اختيار "الإطار التنسيقي" لرئيس الوزراء. وقبل شهرين، احتل أنصار الصدر مبنى البرلمان بضوئه الأخضر ثم قاموا بأعمال شغب في الشوارع لعدة أسابيع متتالية لمنع الإطار التنسيقي من خيارهم المنشود من دخول قصر رئاسة الوزراء. وقد أظهر الصدر أنه غير ملتزم بأي حل سياسي، ويريد فقط حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وهو مطلب لم يوافق عليه أي من العراقيين، وحتى المحكمة العليا في العراق أبدت معارضتها له. لذلك لا جدوى من استمرار المفاوضات مع من يصر على مواقفه المعلنة ولا ينوي التراجع.
غموض في مواقف بعض التيارات السياسية
على الرغم من اتفاق الحزبين الكردي والسيادة مع برامج إطار التنسيق، إلا أنه يمكن رؤية سلوك متناقض بين قادة هذه المجموعات السياسية. أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي كان ائتلافا مع مقتدى الصدر، عن استعداده للتعاون مع الإطار التنسيقي الشيعي بعد خروج نواب هذا التيار من مجلس النواب، لكنه اعتمد هذه الأيام سياسة غير واضحة، وكان ممثلو هذا الحزب قد صرحوا مؤخرًا بأنهم انضموا إلى ائتلاف "إدارة الحكومة" الجديد الذي تم تشكيله تحت قيادة الإطار التنسيقي، لكن من ناحية أخرى، زعموا أن هذا الحزب لن يدخل أي حكومة دون قيادة الصدر. وسبق أن أعلن القادة الأكراد عن مثل هذه المواقف ويطالبون بحضور التيار الصدري في البرلمان والحكومة المقبلة. لكنهم، من ناحية أخرى، أعربوا عن معارضتهم لطلب الصدر بحل البرلمان.
معتبرا أن معظم مقاعد التيار الصدري البالغ عددها 73 حاليا تخضع لسيطرة الإطار التنسيقي وأن ممثلي الصدر لم يعودوا حاضرين في البرلمان، بالتالي فإن شرط وجود التيار الصدري في تشكيل الحكومة ليس له أي هدف. غير استمرار الأزمة السياسية. لأن الصدر نفسه أعلن بوضوح أن نوابه لن يعودوا إلى البرلمان. لذلك فإن إصرار الأكراد على مثل هذه المواقف هو فقط لوضع الحجارة في طريق تشكيل الحكومة واختيار وزير جديد.
إضافة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن حزب السيادة، الذي كان أحد حلفاء مقتدى الصدر لتشكيل الحكومة، يتحالف الآن مع الشيعة، لكنه يعيق المسار السياسي هذه الأيام. ورغم أن الإطار التنسيقي يدعو إلى عقد الجلسات البرلمانية في أسرع وقت ممكن، إلا أن محمد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب وزعيم حزب السيادة، لم يبد إرادته ويقال إنه يتأخر عن دعوة النواب للمشاركة في الجلسات البرلمانية.
وحسب مصادر عراقية، وصلت طلبات رسمية بأكثر من 200 توقيع لممثلي الفصائل المختلفة إلى رئيس مجلس النواب لاستئناف الجلسات خلال هذه الأيام بعد انتهاء زيارة الأربعين، لكن الحلبوسي يواصل تأجيل طلبات استئناف الجلسات لأسباب غير معروفة. الحلبوسي مثل تيار الصدر الذي لا يريد المرشح المنشود من قبل الإطار التنسيقي الشيعي، ويحاول ان يكون في جبهة الاكراد والصدريين، حتى يكون السبيل لحل البرلمان وعقده. الانتخابات المبكرة ستوفرها معوقات سياسية، أي المطلب نفسه الذي قاله مقتدى الصدر فيه هو السعي لتحقيقه. ورغم أن مقتدى الصدر خارج الساحة السياسية، إلا أنه ينفذ مخططاته التخريبية من وراء الكواليس بالتعاون مع حلفائه داخل البرلمان. فهو يحاول أن يكون في جبهة الأكراد والصدريين، بحيث يتم التوصل لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة من خلال هذه العرقلة السياسية. وهي نفس الرغبة التي يحاول مقتدى الصدر تحقيقها. ورغم أن مقتدى الصدر خارج الساحة السياسية، إلا أنه ينفذ مخططاته التخريبية من وراء الكواليس بالتعاون مع حلفائه داخل البرلمان.
السبب المهم الذي تسبب في عدم تمكن الأطراف العراقية من التوصل لاتفاق على تشكيل الحكومة، إضافة إلى عدم التعاون بينهم، مرتبط بحقيقة أن كل تيار يحاول فقط تحدي المخططات السياسية لتيارات خصومهم والتسبب بفشلها.. إذاً فلا يوجد ثقة بين القادة العراقيين للتوصل إلى توافق. وبما أن تيار الصدر يحاول منع مرشح الإطار التنسيقي من تولي رئاسة الوزراء بدلاً من التفكير في تشكيل حكومة تعتمد عليه، فطالما توجد مثل هذه الإرادة بين القادة العراقيين، فلا يمكنهم تشكيل حكومة قوية يمكن أن توجه سفن الأزمات إلى بحر الاستقرار.
وحسب ائتلاف الكتل السياسية الجديد، فإن العراقيين أقرب من أي وقت مضى إلى عملية اختيار الوزير والرئيس، وستكون الأيام المقبلة حاسمة بالنسبة للشعب والتيارات السياسية في هذا البلد لإظهار قدرتها على إنهاء سجل عدم الاستقرار السياسي في العراق.. أو أن تستمر هذه الأزمة من خلال عرقلة بعض التيارات المعارضة.