الوقت - في الأيام الأخيرة، بدأت سلطات جمهورية أذربيجان ووسائل الإعلام الرسمية في هذا البلد تنتقد أمريكا وفرنسا.
قبل أيام قليلة، عينت الولايات المتحدة الرئيس المشارك الجديد لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي توسطت في نزاع ناغورنو كاراباخ منذ سنوات(أمريكا وروسيا وفرنسا هم الرؤساء المشتركون لهذه المنظمة).
ردت وزارة خارجية جمهورية أذربيجان بقوة على هذا الإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة، وأعلنت: "لقد انتهى الصراع في ناغورنو كاراباخ، وقد تؤدي الجهود المبذولة لإحياء مجموعة مينسك المنحلة إلى ابتعاد الولايات المتحدة عن عملية تطبيع العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا."
رفضت وزارة الخارجية الأمريكية هذا الانتقاد، وقال "فيدانت باتيل"، النائب الأول للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: "نحن ملتزمون بتسهيل الحوار المباشر بين أذربيجان وأرمينيا على أساس ثنائي ومتعدد الأطراف ومع الشركاء ذوي التفكير المماثل، من أجل تحقيق حل سلمي شامل بين البلدين."
مساعد رئيس أذربيجان يتهم الغرب
أعلن "حكمت حاجييف" مساعد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، في 27 أغسطس، أن السفيرين الأمريكي والفرنسي لم يأتيا إلى مدينة "شوشا" رغم الدعوة، وذلك تقويضًا لوحدة أراضي أذربيجان. وأضاف: لن تتم دعوة هذه الدول لزيارتها مرةً أخرى.
أمريكا ترد على حكمت حاجييف
في هذا الصدد، قالت السفارة الأمريكية في أذربيجان: "لا يوجد بلد يدعم استقلال أذربيجان وسيادتها مثل الولايات المتحدة، حيث زار موظفو السفارة الأمريكية جميع مناطق أذربيجان، بما في ذلك أغدام وزانجيلان وفوزولي، وهناك يقوم موظفو السفارة بزيارة جميع مناطق أذربيجان للتواصل مع أذربيجان، بشأن قضايا مهمة مثل الأمن والصحة والطاقة والتنمية الاقتصادية."
كما قال أيدين ميرزازاده، نائب حزب أذربيجان الجديدة الحاكم(YAP) لوكالة توران للأنباء: "هناك جهود تبذلها الولايات المتحدة وفرنسا لإحياء مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لكن مجموعة مينسك لم تعد موجودةً بالفعل. لقد رفضت روسيا ذلك وتقول أذربيجان إن هذه المجموعة غير ضرورية. وفي هذه الحالة، ليس من الواضح ما الذي ستفعله المجموعة."
وأشار ميرزازاده إلى أن جمهورية أذربيجان محقة تمامًا في احتجاجها على عدم حضور ممثلين أمريكيين وفرنسيين في حدث شوشا الدولي، وقال: أمريكا وفرنسا ليستا دولتين عاديتين، وهما أحد العوامل الرئيسية المحددة للسياسة العالمية. إنهم من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتربط أذربيجان علاقات وثيقة معهم. القضية ليست أن السفراء يجب أن يشاركوا في هذا الحفل، بل يمكن أن يحضر ممثل السفارة أيضاً."
يعتقد نائب الحزب الحاكم في أذربيجان، أن مثل هذا الموقف يمكن أن يضر بالصورة الدولية لأمريكا وفرنسا، ويقول: نودّ بشدة أن يتم لفت انتباه وزارتي الخارجية الأمريكية والفرنسية إلى استياء أذربيجان هذا. وعلى مسؤولي هذين البلدين الأجنبيين أن يفكروا بجدية في كلام مساعد رئيس أذربيجان الذي قال لن "ندعوهم مرةً أخرى".
وقال بختيار حاجيف، خريج جامعة هارفارد في أمريكا وناشط اجتماعي من أذربيجان، في هذا الصدد: من الخطأ اعتبار عدم سفر السفارات إلى شوشا انتهاكًا لوحدة أراضي أذربيجان.
وأضاف: قبل شهر واحد فقط، بعث رئيس أذربيجان برسالة إلى الرئيس الأمريكي بمناسبة عيد استقلال هذا البلد. وفي تلك الرسالة، قال الرئيس الأذربيجاني بوضوح إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت من الدول التي دعمت سيادة أذربيجان وسلامتها الإقليمية منذ الأيام الأولى لاستقلالها.
وأكد "بختيار حاجيف": "ليس من قبيل المصادفة أن تتزامن الانتقادات الموجهة لأمريكا وفرنسا في الأيام الأخيرة، مع حضور رئيس وزراء أذربيجان اجتماع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. أعتقد أن أذربيجان تريد إحداث تحول في سياستها الخارجية لمصلحة روسيا، وتهيئ الرأي العام لذلك. إنهم يخلقون رأيًا عامًا مناهضًا للغرب، وبعد ذلك سيدمجون أذربيجان في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الروسي." (إضافة إلى روسيا، يشمل هذا الاتحاد بيلاروسيا وأرمينيا وقيرغيزستان وكازاخستان).
جدير بالذكر أن الرئيس الأذربايجاني إلهام علييف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقعا في موسكو يوم 22 فبراير الجاري بياناً حول "التعاون المتبادل بين جمهورية أذربيجان والاتحاد الروسي". وتشير هذه الوثيقة إلى التعاون بين البلدين في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
يذکر أن نزاع ناغورنو كاراباخ بدأ في عام 1988، حيث كانت منطقة ناغورني كاراباخ الأذربيجانية والمناطق السبع المجاورة لها، تحت احتلال أرمينيا منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في عام 1994. لكن في عام 2020، ونتيجةً للحرب التي استمرت 44 يومًا، سيطرت أذربيجان على جزء من منطقة ناغورنو كاراباخ(بما في ذلك مدينة شوشا) وسبع مناطق محيطة بها.
ووفقًا لاتفاقية 10 نوفمبر من نفس العام(بين أذربيجان وأرمينيا وروسيا)، توقفت الأعمال العدائية وانتشرت قوات حفظ السلام الروسية في ممر لاتشين وعلى خط التماس مع كاراباخ، وأفادت الأنباء بأن معظم إقليم ناغورنو كاراباخ المتمتع بالحكم الذاتي، يخضع لسيطرة جمهورية ناغورنو كاراباخ المعلنة ذاتياً وقوات حفظ السلام الروسية.